العود .. لكل المواسم والفصول

رغم أن العود كان لصيقاً بعطور الخريف والشتاء، نظراً لعُمقه ودفئه، إلا أنه الآن أصبح لكل المواسم والفصول بعد أن تم التخفيف منه، وتطورت طرق تقطيره وخلطه مع مستخلصات أخرى.


لكن الأهم أنه يستهدف أولاً وأخيراً الزبون الشرقي الذي سيتوافد على أوروبا بعد العيد. ما يُعزز هذا القول: إن أغلبها، إن لم نقل كلها، متميزة وبأسعار عالية.

فحسب شركة «يورومونيتور إنترناشيونال» (EMI) للأبحاث، فإن سوق دول مجلس التعاون الخليجي، أنفقت نحو 3 مليارات دولار على العطور في العام الماضي، وكانت السعودية والإمارات أكثرها إنفاقاً. الأولى بـ1.8 مليار دولار والثانية بـ674 مليون دولار.

وستستمر هذه السوق في النمو خلال السنوات الأربع المقبلة، وفقاً لتقديرات «يورومونيتور إنترناشيونال»، حيث تقدر قيمة التجزئة للعطور في دول مجلس التعاون الخليجي وحده بنحو 3.6 مليار دولار في عام 2021، منها 2.1 مليار دولار من نصيب السعودية، و807 ملايين دولار من نصيب الإمارات.

لكن اللافت أن المستهلك العربي عندما يأتي إلى الغرب فإنه يبحث عن كل ما هو جديد، ويُذكِّره بجذوره في الوقت ذاته.

ويأتي العود على رأس القائمة، خصوصاً بعد أن أصبح له خبراؤه في الغرب، من أمثال العطار فرانسيس كوركدجيان الذي أبدع عطوراً مميزة لمصممين كبار منهم إيلي صعب، والعطار دومينيك روبيون الذي أبدع عطره الشهير «بورتريت أوف ألايدي» وغيرهما.

ورغم أن العود ليس جديداً هذا الصيف، وسبق أن استعمل بكثرة في عطور توم فورد مثلاً، إلا أنه الآن بدأ يتوخى التفرد من خلال عطور حصرية.

من هؤلاء نذكر شركة «إس آر آي لندن» (SRI London)، ومعناها بالسنسكريتية «نشر الضوء والإشراق» لصاحبتها كريستيانا سريبيتشفاندي، فقد أطلقت مجموعة مكونة من خمسة عطور تحاول تلبية كل الأذواق والمزاجات. وغني عن القول إن العود كان حاضراً فيها.

تقول كريستيانا إن طقوس الضيافة العربية ألهمتها. فكلما زارت دبي لتباشر أعمالها فيها كانت تُعجبها فكرة استقبال العرب لضيوفهم بالعطور، فضلاً عن تعطيرهم بيوتهم وملابسهم.

في هذه المجموعة تحاول أن تجمع أناقة الغرب بسحر وفخامة الشرق، حسب ما صرحت به، مضيفة أن التجربة كانت في غاية المتعة، وأشبعت فضولها ورغبتها في مخاطبة سوق تقدر كل ما هو فريد.

 وتضيف: «شعرت بأن عالم العطور يجمع في الآونة الأخيرة كل المتناقضات والمبالغات، لهذا أردت أن أغربلها لأقدم عطراً يجمع العود بمستخلصات الورد والأوركيد، لكن بجرعات خفيفة جداً، بحيث تكاد لا تشعر بوجودها مقارنة به.

فالسوق مُتخمة بالعطور ما يجعل شريحة مهمة من الناس تطمح لأنواع لا تتوفر في أي مكان ومهما كان الثمن».

بدورها طرحت علامة «كريد» عطر «رويال عود»، قائلة إنه مزيج من الخشب والجلد والذهب وعناصر فاخرة أخرى مستوحاة من حياة القصور.

وتشير إلى أن العود المستعمل فيه مستخرج من أشجار لا تنمو سوى في مناطق معيّنة من الهند، ما يؤكد ندرته ويُعزّز أهميّته كمادة خامة تجذب وتناسب الجنسين.

«غوتشي» أيضاً عانقت الموجة، وأعادت ابتكار فئة عطور العود الشرقية من خلال عطري «غوتشي غيلتي عود» و«غوتشي غيلتي أبسوليت» بإشراف مصممها الحالي أليساندرو ميشيل. غني عن القول إن العود بدرجات متعددة كان حاضراً فيهما.

يقول العطار ألبرتو مورياس الذي ابتكره أن «بنية العطر تنطلق من نزهة في غابة تلحظ بمجرد دخولها كيف تضيء أشعة الشمس أوراق الشجر والأزهار وثمار التوت».

ترجم هذه الصورة في مختبره الخاص بإضافة الورد البلغاري والباتشولي والسبريول مع نفحات من الفلفل الوردي والنعناع والعنبر لتأتي الخلطة مؤثرة.