عندما تتحول الأفلام إلى محفز للموضة

«إنديانا جونز» يزيد مبيعات القبعات، وجيمس بوند يتخصص في الساعات والسيارات
«إنديانا جونز» يزيد مبيعات القبعات، وجيمس بوند يتخصص في الساعات والسيارات

في بريطانيا يتأثر الناس بما يدور من حولهم، فالشعب البريطاني وبكل طبقاته يقرأ الصحف يوميا ويستمع لنشرات الاخبار ويتأثر بها ويكون في الكثير من الاحيان جزءا منها، فخلال زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الرسمية الاولى الى بريطانيا، انشغلت الصحافة والرأي العام البريطاني بجمال زوجة الرئيس المغنية والعارضة كارلا بروني لدرجة أن الصحافة تركت الموضوع الرئيسي الذي جاء الرئيس الفرنسي من أجل التباحث به مع ملكة بريطانيا، وصبت تركيزها على فستان كارلا وقوام كارلا وحقيبة كارلا.


وعاد الرئيس والسيدة الفرنسية الاولى الى فرنسا بعد ان انتهت الزيارة، فوجد البريطانيون انفسهم يبحثون عن موضوع مثير جديد، فجاء مهرجان «كان» السينمائي واصبح فيلم «إنديانا جونز» الذي تم عرضه الاول في كان هذا الاسبوع حديث الدقيقة والساعة في الشارع البريطاني، وهذه المرة كان البريطانيون محظوظين بجميع فئاتهم الجنسية، فالنساء هذه المرة كان لهن نصيبهن بعد ان تم العرض الاول لفيلم «سيكس آند ذا سيتي» في لندن وجاءت الممثلات اللاتي يؤدين الادوار في الفيلم المأخوذ عن المسلسل التلفزيوني الذي شغل العالم على مدة عدة سنين، وبالتالي اصبح الحديث عن الفيلم، وثياب النجمات، حديث المجتمع البريطاني، وكانت محلات بيع الالبسة سباقة الى الاستفادة من حمى هذه الموجة السينمائية، فطرحت جميع المحلات في بريطانيا ثيابا شبيهة بتلك التي اشتهرت نجمات المسلسل بارتدائها وهي ترتكز على عنصر الاناقة والاثارة والرقة، مع التركيز التام على تصميم الاحذية وحقائب اليد والاكسسوارات.

وهذه ليست المرة الاولى التي تؤثر فيها الافلام على تعاطي الناس مع الموضة، ففي عام 1955 ظهر الممثل جيمس دين في فيلم Rebel without a Cause وهو يسرح شعره بمشط عاجي، وحينها انكب الناس على شراء المشط وحققت شركات عديدة أرباحا لا تحصى بسبب تصميم المشط الذي استعمله النجم، وكان للممثل توم كروز الفضل الاكبر في انتشار نظارات «راي بان» الشمسية بعد ظهوره بها في فيلم Risky Business عام 1983، فزادت المبيعات بصورة غير مسبوقة، وعندما قام كروز بوضع نظارات «راي بان» مرة جديدة في فيلمه الشهير Top Gun عام 1986 حققت الشركة المصنعة للنظارات الشمسية ارباحا لم تشهدها في تاريخها.

أما بالنسبة للنجم الانيق ريتشارد غير فكان له الفضل الاكبر في انتشار اسم جورجيو أرماني، فبعد ان ظهر في فيلم American Gigolo وهو يرتدي بدلة رسمية من توقيع أرماني تهافت الرجال على شراء البدلة نفسها وهكذا اشتهر ارماني بتصميم البدل الرسمية المفصلة للزبائن خصيصا.

والسيارات ايضا تأثرت مبيعاتها بسبب الافلام، ففي عام 2007 استعمل منتج فيلم Ocean"s 13 سيارته الخاصة من طراز Maserati Quattroporte ومنذ ذلك الظهور شهدت شركة تصنيع سيارات فيراري مازيراتي قفزة هائلة في المبيعات، وهذا ينطبق على سيارات اوستن مارتن التي اشتهرت اكثر بسبب قيادة «جيمس بوند» لها في أفلامه.

وعندما ظهرت شوكولاتة «هيرشيز» الشهيرة في فيلم ET عام 1982 ارتفعت نسبة مبيعات الشركة وزاد الطلب على النوع الذي استعمله المخرج ستيفن سبيلبيرغ في الفيلم، وصب ظهور «هيرشيز» في الفيلم بمصلحة الشركة بعد ان رفضت شركة «مارس» للشوكولاتة السماح لسبيلبيرغ استعمال منتجاتها في الفيلم نفسه.

ولكن ظهور المنتجات في الافلام قد لا ينجح في كل مرة، وهذا يعود الى طريقة استعمال المنتج في سياق أحداث الفيلم، فعندما وافقت شركة «كوكا كولا» لاوليفر ستون باستعمال مشروبها في فيلم Natural Born Killers عام 1994، انقلب السحر على الساحر وانخفضت نسبة مبيعات الشركة بسبب سوء استعمال المنتج، فقد ظهر إعلان الـ«كوكا كولا» في سياق الفيلم بينما كانت تجري جريمة شنعاء، وهذه الصورة أثرت سلبا على المستهلك وأساءت الى نسبة مبيعات الشركة واسمها.

وفي احيان أخرى تسيء الافلام الى سمعتها عندما تبالغ في استعمال المنتجات بهدف الاعلان التجاري والربح المادي، والدليل على ذلك أفلام العميل السري «جيمس بوند»، ففي فيلم Die Another Day في عام 2002 تم استخدام واظهار 20 منتجا في الفيلم، ما جعل النقاد يسخرون من الفيلم ويغيرون اسمه الى Buy Another Day مستبدلين كلمة «داي» بـ«باي» بالاشارة الى لفظة «شراء» بعد ان تحول الفيلم الى دعاية تعدت المألوف، وتنبه المنتجون إلى هذه المسألة بعد ان زادت الانتقادات التي أساءت بصورة الفيلم، وتم تقليص عدد المنتجات التي تظهر في فيلم Casino Royal عام 2006 الى 6 منتجات فقط لا غير، وكان المشهد الابرز في الفيلم عندما سألت البطلة الحسناء جيمس بوند الذي قام بدوره الممثل الوسيم دانييل كريغ عن ماركة الساعة التي يرتديها قائلة: «أرى على معصمك ساعة غالية الثمن هل هي رولكس» ؟ فأجابها: «لا، إنها أوميغا».

وبعد ان طال انتظار فيلم «إنديانا جونز» بجزئه الثاني، طال معه انتظار شركات تصنيع القبعات التي اشتهر بطل الفيلم بارتدائها، فمن المتوقع أن تبيع شركة «ستوكتن» الاميركية وحدها أكثر من مليون قبعة بعد ان تم العرض الاول للفيلم.

ويقول المدير العام للشركة «نشكر الله ونحمده على عودة انديانا جونز الى حياتنا» مشيرا الى الربح الذي ستجنيه الشركة من وراء هذا الفيلم، خاصة ان القبعة هي العنصر الاهم فيه، وهي الرمز الاساسي له.

وشهدت الشركة أرباحا كبرى عندما تم طرح فيلم Raiders of the Lost Ark عام 1981، عندما وقع الناس في غرام فيلم «إنديانا جونز»، وارادوا التشبه بالبطل من خلال ارتداء قبعة مماثلة لقبعته. ومن المنتظر اليوم بأن تجني الشركة ارباحا تتعدى المليون دولار اميركي بعد عرض الفيلم في صالات السينما عالميا.

واضاف مدير المبيعات في الشركة مورغان مايفيلد أن «الشركة تقوم بتصدير 10 ملايين قبعة في السنة الواحدة من بينها 50 ألفا على شكل قبعة إنديانا جونز، ولكننا اليوم بانتظار بيع مليون قبعة في غضون اسابيع معدودة».

وبالنسبة لمسلسل «سيكس آند ذا سيتي» الذي تحول اليوم الى فيلم، فحدّث ولا حرج، فهو بمثابة حلم أصبح حقيقة بالنسبة لشركات تصنيع الملابس الجاهزة، خاصة ان احداث الفيلم تدور حول 4 نساء يملكن خزانة ملابس ضخمة، والاهتمام بمظهرهن هو من ضمن الاشياء الاساسية في حياتهن.

فمنذ الاعلان عن بدء تصوير مشاهد الفيلم راحت الرسائل الالكترونية ترسل الى دور الازياء العالمية لحجز العقد الذي ارتدته سارة جيسيكا باركر، والفستان الذي ارتده كريستين ديفيس والحذاء الذي انتعلته كيم كاترال والجوال الذي حملته سينتيا نيكسون.

ونالت الفنادق العالمية أيضا نصيبها من حمى المبيعات الناتجة بسبب الفيلم، فتهافت كثيرون على حجز الغرف في الفنادق التي شهدت تصوير الفيلم ما شجع السياحة أيضا في الأماكن التي تم اختيارها لتكون مسرحا لأحداث الفيلم.

ومن بين الماركات المحظوظة التي ظهرت في الفيلم، مانولو بلانيكس للأحذية، وماركة جيمي تشو العالمية للأحذية وحقائب اليد، وأوسكار دي لا رينتا وفيندي وإيف سان لوران وبرادا، وحتى سيارات المرسيدس.

وتقول سارة جسيكا باركر، إحدى بطلات الفيلم وإحدى المنتجات، إنها تعي الوقع الذي يتركه الفيلم في نفوس المشاهدين لا سيما من الجنس اللطيف، وأضافت: «لذا نحرص دائما على استعمال المنتجات التي تتناسب مع احداث المسلسل او الفيلم لتكون جزءا منه ولتظهر على انها طبيعية ومن دون أي تكلف، لدرجة ان المشاهد يظن بأنها من دواعي التصوير والقصة وليست بمثابة إعلان رخيص لا يمت للقصة بصلة».

وقامت العديد من محلات بيع الملابس بتقليد الثياب التي ظهرت بها بطلات الفيلم، ويتم بيعها حاليا بأسعار مقبولة جدا، ليتسنى للجميع شراء قطعة من حمى موضة الافلام.