«باربيرا» عائلة شهرتها هو زيت الزيتون

يؤثر زيت الزيتون على مذاق الاكل
يؤثر زيت الزيتون على مذاق الاكل

تشتهر إيطاليا بالعديد من المنتجات الغذائية اللذيذة التي تجعل منها دولة مهمة من حيث التصدير، فعندما تذكر إيطاليا يخطر على بالك الباستا والسباغيتي والاجبان والزيتون والزيت الصافي، ذهبي اللون بمذاقه المتنوع، الذي يجعلك تتساءل عن سره وعن سر تنوعه، ولكن إذا كنت تعتقد بأن كل زيت زيتون وضع في قنينة شفافة أو داكنة، كتب عليها «صنع في إيطاليا» أو «منتج إيطالي» فكر مليا، فزيت الزيتون هو حصيلة عمر وسنين من العمل الدؤوب، يحمل في طياته التاريخ ويتوارث على صيانته أجيال، ويسهر على أشجار الزيتون العجوزة عدد كبير من الايادي التي تعمل جاهدة على تدليل تلك الأشجار العتيقة التي تقف شاهدة على عصور مرت بصمت وهدوء.


توجد في إيطاليا عدة شركات خاصة بانتاج زيت الزيتون، ولكن تعتبر شركة «باربيرا» من أقدم تلك الشركات، حيث توالى على إدارتها والعمل بها ثلاثة أجيال، حافظت على زراعة اشجار الزيتون منذ أكثر من 100 عام.

وفي مقابلة معه قال مدير الشركة مانفريدي باربيرا الابن، إن الشركة هي بمثابة تراث، ووظيفته فيها هي توارث وامتداد لاسم أبيه وجده اللذين توالا على تقديم الافضل من زيت الزيتون من أرضهم الخاصة الواقعة في منطقة صقلية الساحلية.

عندما بدأ مانفريدي باربيرا بالتكلم عن تاريخ عائلته، بدا الفرح جليا في عينيه الايطاليتين الثاقبتين، فهو لا يتكلم بمنطق التجارة والتسويق والمال والاعمال، إنه يتكلم عن تاريخ طويل بناه جده مانفريدي وابنه لورينزو إلى أن جاء دوره ليحمل اسم العائلة، وعندما سألته عن لافتة كبيرة وضعت بجانبه، وصورت عليها قنينة زيت كتب عليها Lorenzo N0 5 وطفل أشقر يجلس على الأرض ومعه سلة من الزيتون الاخضر، أجاب مانفريدي إن هذا الطفل هو ابنه لورينزو وهو آخر عنقود العائلة وآخر «لورينزو» حتى الآن، لذا قامت الشركة بإطلاق « لورينزو رقم 5 « على قنينة الزيت الخاص به بعد ان كان هناك «لورينزو رقم 3» و«لورينزو رقم 1» وهذا يشير الى الاجيال الثلاثة التي توارثن عرش الشركة.

وعن سر نكهة زيت الزيتون، يقول مانفريدي بأن زراعة الزيتون هي فن بحد ذاته، فالاهم هو الموقع الجغرافي، وبعده يأتي دور العاملين، وتوقيت القطف، فمن المهم جدا قطف الزيتون باكرا قبل أن تتحول حبات الزيتون الى لون داكن، فكلما كان الزيتون يانعا كلما كان المذاق الذ، وفي حال تم قطف الزيتون لاحقا يكون الطعم حادا والمذاق مرا، كما يجب حفظ قناني زيت الزيتون بعيدا عن الضوء المباشر وفي حرارة لا تزيد عن 19 درجة مئوية وبعيدا عن الرطوبة، ومن المستحسن بأن يوضع في عبوات داكنة.

وشرح باربيرا الفرق بين أنواع زيت الزيتون، قائلا بأن شركة باربيرا تنتج عدة انواع من الزيت ولكن بكميات قليلة نوعا ما، فمن الافضل المحافظة على النوعية وليس على الكمية، فيوجد نوع من الزيت الممزوج باروما البرتقال والحامض وهذا النوع يتناسب مع السمك، ويوجد نوع آخر من الزيت الاخضر الصافي يتناسب مع اللحم الاحمر، فزيت الزيتون يؤثر على مذاق الاكل لذا يجب التمييز ما بين الاصناف للحصول على أفضل طعم مع كل أكلة مرافقة له، وتابع مانفريدي بأن الشركة تقوم بإنتاج زيت الزيتون الخاص بمطاعم خاصة، مثل سلسلة مطاعم كارلوتشيوز في بريطانيا، وهي تنتج أنواعا من الزيت، خصيصا بالمواصفات التي يطلبها انتونيو كارلوتشيو. الطاهي الايطالي الشهير وصاحب كارلوتشيوز.

قصة العائلة مع زيت الزيتون: عاش مؤسس «عائلة باربيرا» لورينزو باربيرا في «فيلا آي كولي» بمدينة باليرمو، بصقلية، في أواخر العقد الأول من القرن التاسع عشر. وورث عن أبيه فيلا رائعة بنيت عام 1600، وكان أول من امتلكها هو أمير بونفورنيلو.

وخلال هذه الفترة، انتقل الكثير من العائلات البارزة في مدينة باليرمو من وسط المدينة ليعمروا المنطقة الفسيحة التي تحيط بهذه الفيلا.

وبعد هذا، حوّل رينزو، الذي كان يتمتع بشخصية قوية، المساحة الواسعة الخاصة به إلى شركة زراعية، واهتم بزراعة الموالح وأشجار الزيتون.

ويُقال إن سمعة الموالح التي كان يزرعها لورينزو بلغت الآفاق ووصلت إلى إنجلترا، حيث كان هناك طلب عليها وكانت تحظى بالكثير من التقدير.

ومرت صقلية بالعديد من التغيرات البارزة في هذا الوقت. وانتخب رينزو في الحكومة ليعمل مع رئيس الوزراء كالاندرا عام 1910.

وكانت بجانب رينزو، زوجته وهي تنتمي لعائلة روتيلي التي تشتهر بالفنانين البارزين. وامتزج الفن بالتجارة في عروق عائلة باربيرا.

كان مانفريدي الأب، ابن رينزو وخليفته، مهتما بأنشطة العائلة، وكان له دور كبير في مجال زيت الزيتون. وكان مانفريدي مغرما بالفن كأبيه.

وعمل مانفريدي وزوجته، تحفهما السعادة، على نقل خبراتهما إلى أبنائهما التسعة.

وكان يُعوَّل على الابن الوحيد لورينزو، والذي كان يطلق عليه رينزينو، في تولي مسؤولية أنشطة العائلة.

وعلى الرغم من ارتباط رينزينو بموطنه وتقاليده، فقد كان يهتم بالفن، وتميز بكونه شاعرا ممتازا.

وكان يتغنى في شعره بأشجار النخيل وجمال بلده: صقلية. انتقلت أمور الشركة بعد هذا إلى مانفريدي الابن، ويقال إن لورينزو الأب ومانفريدي الأب ومانفريدي الابن كانوا متشابهين في المظهر والطِباع. تبدأ القصة برينو باربيرا وفيلته في سان لورينزو. ف

قد كان رينزو يشعر بالسعادة وهو يزرع الموالح وأشجار الزيتون. وعندما اختير رينزو ليشغل منصبا في الحكومة، ترك شركته الزراعية لابنه مانفريدي، ناصحا إياه بأن يدير العمل بحب وعدل.

ودفعته موهبته الكبيرة في المجال التجاري مع بديهته العالية إلى إدارة شركة ساعدته على المشاركة في مسابقة لبناء برج إيفل.

وحصل زيت الزيتون الذي ينتجه باربيرا على ميداليات ذهبية، وحصل بعدها على الجائزة الكبرى في سانت لويس بولاية ميسوري الأميركية.

ولم يأخذ مانفريدي الأب فترة طويلة حتى اندمج في عمله وبدأ في تعبئة الزيت في زجاجات، وبدأت الشركة في توصيل زيت النخيل لشركة تسمى «تيرينيا للملاحة».

وطلب مدير الطعام من مانفريدي الأب أن يدرس كيف يمكن له تقديم زجاجات الزيت للمطاعم الموجودة على الباخرة.

وتم حل المشكلة سريعا، فقد عمد مانفريدي إلى إنتاج الزيت المعبأ في زجاجات.

كان مانفريدي الأب يتمتع بموهبة الابتكار، وكما هو متوقع من العقول المبدعة التي تشتهر بها عائلة باربيرا، كان له مساهمات فريدة من نوعها خلال الازدهار الاقتصادي خلال الستينات من القرن الماضي.

وبعد فترة قصيرة، عُين مانفريدي محكما دوليا لمجلس زيت الزيتون الدولي. وساعد لورينزو، الذي كان يحظى بروح فنان وقلب شاعر، أباه في إدارة شركته.

واليوم الشركة في يد مانفريدي الابن الذي يقال عنه إنه يشبه جده في خلقته وشخصيته.

وابتكر مانفريدي الابن فكرة وجود مصنع للإنتاج على طراز عصري، ولكن مع الارتباط بالتقاليد.

وكان لدى وريث عرش باربيرا البصيرة التي تدفعه لتوسيع مبيعات الزيت الصقلي الممتاز إلى السوق العالمية. وخلف مانفريدي باربيرا أباه في المقر التاريخي الموجود في باليرمو.

وصان مانفريدي باربيرا هيبة الشركة الكبيرة مازجا القيم التقليدية بالروح الابتكارية ليصدر منتجات ذات معايير جودة من الدرجة الأولى.

بدأت حياته العملية كمستشار زراعي. ويقول إنه من أجل عمل زيت ممتاز، من المهم اختيار الرجال المناسبين لهذه المهمة، وبعد هذا يجب اختيار أفضل المناطق التي يمكن فيها زراعة الزيتون.

اختيار مناطق زراعة الزيتون: تختار شركة باربيرا أكثر المناطق المشهورة بإنتاج الزيتون في صقلية، وهي تشارك في كل مرحلة من مراحل الإنتاج بدءا من جني الزيتون حتى توزيعه في زجاجات معبأة في الأسواق الدولية الرئيسة.

وبفضل الخبرة والمهارة التي حصلت عليها الشركة على مدى 110 أعوام حفلت بالإبداع والابتكار ومن خلال المعرفة الشاملة بمناطق زراعة الزيتون، تختار باربيرا أفضل أشجار الزيتون من أفضل منتجي الزيتون في صقلية وجنوب إيطاليا.

ويتضمن تحديد أفضل المناطق الجمع بين خصائص معينة متنوعة ترتبط بمدى ارتفاع المنطقة التي يزرع فيها الزيتون وقربها من البحر ودراسة التربة ومدى تعرض الأشجار للشمس وطبيعة المناخ من رياح ونسيم وبرد وحرارة فكل هذه العناصر تلعب دورا رئيسيا في تحديد نوعية الزيتون وزيته.

وقد اختارت باربيرا أكثر من 13 منطقة في صقلية توجد بشكل أساسي في المنطقة الغربية من الجزيرة مثل تراباني وأجريجينتو وباليرمو لإنتاج الأصناف المختلفة من الزيتون.

وخلال مراحل الحصاد، بدءا من تقليم الأشجار إلى الحصاد الأساسي، يمد باربيرا منتجي الزيتون بالنصح والمساعدة، في ضوء المعرفة التي تحصل عليها على مدى سنين من الخبرة في هذا المجال والمعرفة الواسعة بمناطق زراعة الزيتون ونباتات الزيتون وثمارها لضمان أفضل إنتاجية.

كما ينصح الزراع بخصوص أفضل المناطق للزراعة وأفضل طرق تقليم الأشجار...إلخ.

وبعد أن يتم جمع ثمار الزيتون ينقل في نفس اليوم إلى أجهزة العصر الموجودة بالقرب من البساتين.

وينقل بعد هذا الزيت الذي يختاره باربيرا إلى مصنع الإنتاج في شركة باربيرا. ويكون المنتج النهائي لزيت الزيتون كاملا.

وسواء اشتمل الزيت على نوع واحد من الزيتون أو عدة أنواع، فإن منتج باربيرا يكون له مذاق خاص وطعم فريد، وبعد هذا تبدأ عملية تعبئة الزيت ليوزع في كافة أنحاء العالم.

ويوجد بالشركة معمل أبحاث داخلي، يقوم بإجراء التجارب والاختبارات بهدف تطوير المنتج بصورة مستمرة وجعل المنتج أفضل ما يمكن.

وقد اشترت الشركة مخزنا كبيرا في كوستانسي، وهي احدى أهم المناطق في صقلية.

وبدءا من حملة زيت الزيتون عام 2003، سيركز مصنع باربيرا الجديد على التجميع والتعبئة والتخزين ليتيح أفضل إشراف على عملية الإنتاج وتقوم الشركة بتصدير زيت الزيتون الى عدد من البلدان الاوروبية بالاضافة الى كل من الولايات المتحدة الاميركية والمكسيك، وهناك مناقشات حول إمكانية تصدير زيت «باربيرا» الى دبي.

للمزيد من المعلومات: www.oliobarbera.com