الأمن المغربي يشدد الرقابة على مراكز التدليك "منعاً للدعارة"

إحدى العاملات بالمهنة: تقول أن عملها يقتصر على "إنعاش الجسد"
إحدى العاملات بالمهنة: تقول أن عملها يقتصر على "إنعاش الجسد"

قررت السلطات الأمنية بالمغرب تشديد المراقبة على مراكز التدليك والحمامات العصرية بمدينة الدار البيضاء خاصة؛ لاحتضانها العديد من هذه النوادي، بسبب إثارتها للشكوك بشأن الخدمات التي تقدمها لزبائن من نوع خاص، حيث توصلت السلطات العمومية من خلال تقارير أنجزتها إلى كون هذه المراكز أضحت تأوي "نشاطات مشبوهة".


واعتبر حقوقي مغربي أن بعض هذه المراكز تخفي وراءها "دعارة مقنعة" تسيء إلى كرامة المرأة، وتقدمها على شكل بضاعة، وتجعل منها جزءا من نظام "عبودي".
ومن جانبه، أكد عالم دين أن هذه النوادي "تفضي إلى الحرام؛ لما شوهد ورُئي من تصرفات مشبوهة داخلها"؛ غير أن مسؤولة في أحد مراكز التدليك فندت هذه التهم؛ باعتبار أن مصدرها يعود أساسا إلى "جهل الناس بطبيعة هذه المهنة".

الحرص على الآداب العامة
وأكد الدكتور مصطفى الحيا، عضو مجلس مدينة الدار البيضاء، في تصريح أدلى به "للعربية.نت" على أن قرار السلطات الأمنية بتشديد المراقبة على مراكز التدليك والحمامات العصرية بالمدينة قرار صائب؛ مادام المغرب يسعى لأن يجسد "دولة الحق والقانون".

وقال الحيا إن القوانين المنظمة لمثل هذه المرافق موجودة، وما كان ينقص هو تفعليها وتطبيقها على أرض الواقع، مضيفا أنه لا يدعو إلى الأخذ بالذمة أو التعسف في استعمال السلطة تجاه هذه المراكز، لكن المراقبة مطلوبة من أجل التصدي لبعض المظاهر المخلة بالآداب العامة التي قد تحدث في تلك المرافق.

وأوضح المتحدث بأنه ما دامت هذه التحركات موجودة من طرف السلطات المعنية، فهذا له ما يبرره نظير ممارسات تدخل في إطار ممارسات مشبوهة، لهذا وجب تشديد المراقبة على هذه الفضاءات من أجل الحرص على الآداب العامة.

وحول ما أثاره البعض من كون الحملة "موسمية " فقط، أجاب عضو مجلس مدينة الدار البيضاء بأن القيام بحملات موسمية أفضل بالنسبة له من أن لا تكون حملات من الأصل، مردفا أن هذه الحملات تعني بالنسبة للمواطن أن هناك سلطة، كما أن هناك آداب يجب أن تُحترم ولا تنتهك.

"دعارة مقنعة"؟
ووصف الدكتور خالد الشرقاوي السموني، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان ورئيس الائتلاف ضد السياحة الجنسية، مبادرة السلطات الأمنية بكونها "مبادرة إيجابية" يجب أن يتم تعميمها على مجموعة من المدن مثل مراكش وأكادير، خصوصا تتفشى السياحة الجنسية.

وقال السموني في حديث "للعربية.نت" إن بعض هذه المراكز تخفي وراءها "دعارة مقنعة" تسيء إلى كرامة المرأة وتقدمها على شكل بضاعة، وتجعل منها جزءا من نظام "عبودي" يهينها جسدا وروحا.

وشدد المتحدث على ضرورة اتباع السلطات لإجراءات صارمة تجاه كل مركز للتدليك أو حمام أو أي مكان مشتبه في إيوائه لخدمات قد تُرتكب باسمها هذا النوع من الأفعال، والذي له صلة بالسياحة الجنسية، حيث قد يأوي إليه سياح أجانب وعرب.

ومن جانبه، قال الشيخ بن سالم باهشام، عضو رابطة علماء المغرب، إن هذا العمل الذي تعتزم السلطات الأمنية القيام به تجاه هذه النوادي "محمود ومهم جدا"، ويدخل في باب سد الذرائع.

وتابع باهشام كلامه مفسرا بأن الحرام نوعان: حرام لذاته مثل الخمر وغيره، وحرام لغيره والذي لا يعتبر حراما في حد ذاته، ولكنه يفضي إلى الحرام قطعا، مضيفا أن تلك النوادي المختصة في التدليك والاسترخاء والحمامات العصرية تفضي إلى الحرام؛ لما شوهد ورُئي من تصرفات مشبوهة داخلها.

وأضاف باهشام أن ما عظم ضرره وقلت منفعته فهو حرام بدليل قوله تعالى: "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما"، ومن ثَم فإن ضرر هذه المراكز أعظم من منفعتها، وبالتالي فعملها حرام وجبت مراقبته ومحاسبته.

مجرد إشاعات
ونفت "ربيعة" -وهي مسؤولة داخل مركز للتدليك بالرباط- التهم التي تُوجه لمراكز التدليك والحمامات العصرية المتواجدة بها باعتبارها وكرا للقيام بممارسات مشبوهة، قائلة إن مصدر التهم يعود إلى إشاعات مغرضة ترجع إلى "جهل الناس بطبيعة هذه المهنة، فكل مجهول يكون في نفس الوقت مرغوبا فيه، ومثيرا للتساؤلات والحذر منه".

وأضافت المسؤولة بأن مَهام العاملات بمجال التدليك تنحصر في إسداء خدمات جسدية محددة؛ تتمثل في إعطاء الجسم انتعاشه وحيويته من خلال تدليك العضلات واسترخاء البدن، والقيام بمهارات خاصة تتقاطع مع مهنة التمريض أحيانا، مضيفة أنه إذا ما طالب زبون ما بغير هذه الخدمات مما يعتبر من الأفعال المريبة، فإن العاملة ترفض بالطبع، و"لسنا مسؤولين تماما عن هذه السلوكيات".