دور الغذاء في الإصابة بهشاشة العظام

الوجبات السريعة وقلة تناول الكالسيوم تزيد احتمال حدوثها
الوجبات السريعة وقلة تناول الكالسيوم تزيد احتمال حدوثها

يلعب الغذاء، خاصة في فترة النمو، دورا مهما لبلوغ كثافة العظام مستواها الأقصى بعد سن المراهقة. وقد يؤدي عدم الحصول، في سن الطفولة، على الكمية المطلوبة من عناصر غذائية معينة مثل الكالسيوم، إلى ازدياد معدل الإصابة بالكسور سواء عند البلوغ أو عند تقدم العمر.
تعتبر العوامل الخاصة بنمط الحياة، من أكثر العوامل التي تساعد على ظهور هشاشة العظام.


ومن أهمها: نقص الكالسيوم بسبب عدم تناول كميات كافية من الحليب ومشتقاته، التدخين الذي يمكنه أن يؤثر بشكل مباشر على إعادة ترتيب العظم، الإفراط في الشاي والقهوة، ازدياد تناول البروتينات (اللحوم) والفوسفور، الوقوف أو الجلوس لفترة طويلة، عدم التعرض للشمس، عدم ممارسة الرياضة وانعدام الحركة لفترة طويلة.

الكالسيوم
أوضح الدكتور ضياء الحاج حسين الحاصل على دكتوراه في أمراض الروماتيزم، وعلى دبلوم تغذية سريرية من الأكاديمية الأميركية للتغذية، أن دراسات عديدة تبين أن الأشخاص الذين يعتمدون في طعامهم على الوجبات السريعة ويتناولون كميات قليلة من الحديد ومنتجات الألبان الغنية بالكالسيوم يصبحون أكثر عرضة للإصابة بمرض هشاشة العظام عندما يبلغون سن الشيخوخة.

ونتيجة لما طرأ على المجتمعات العربية من التغير المفاجئ في سلوك ونمط الحياة لدى الناس، إضافة إلى التغير الملحوظ في نوعية الغذاء والتي أصبحت إلى حد كبير مشابهة لما هي عليه في الدول الغربية من انتشار للمأكولات السريعة والمشروبات الغازية والحلويات والشوكولاته، فمن المتوقع أن تزداد نسبة الإصابة بهشاشة العظام لدى هذه المجتمعات بصورة مفاجئة وكبيرة.

المشروبات الغازية
وأضاف أن بعض الدراسات تعتبر المشروبات الغازية بأنها مدمرة للصحة لاحتوائها على السكر الأبيض والمحليات الصناعية الكيميائية والمواد الحافظة وثاني أكسيد الكربون. وتساعد هذه المشروبات على ازدياد فقدان الكالسيوم من العظام، وبالتالي على هشاشة أو لين العظام.

ونظرا لاحتواء هذه المشروبات على نسبة عالية من الفوسفور فإنها تؤثر سلبا على التوازن المطلوب بين الفسفور وبين الكالسيوم وتعوق امتصاصه وتزيد من طرحه في البول.

وفي دراسة قام بها باحثون من جامعة مينوستا في الولايات المتحدة على أطفال بين سن 2-18 سنة، وجدوا أن الأطفال الذين يتناولون المشروبات الغازية بكثرة قد قللوا استهلاكهم من الحليب وعصير الفاكهة، لذلك نصحوا بمنع الأطفال من تناول المشروبات الغازية.

وأظهرت دراسة طبية أخرى أجرتها جريس يشاك من جامعة هارفارد الطبية ونشرتها حديثا مجلة (Archieves of pediatrics and adolescent Medicine) أن تناول المشروبات الغازية يمكن أن يزيد من خطر كسور عظام الفتيات المراهقات في العقد الثاني من العمر. وأجريت الدراسة على 460 فتاة في الصفين التاسع والعاشر، تم سؤالهن عن طبيعة غذائهن، ونوعيته، وما إذا كن قد أصبن من قبل بكسر في العظام.

وبينت النتائج أن 80 في المائة منهن يشربن مرطبات محتوية على كربونات، و11.5 في المائة لا يشربن الكولا، وتبين أن الفتيات اللاتي يشربن المشروبات الغازية كن أكثر عرضة للإصابة بكسور في العظام بنحو ثلاث مرات من اللاتي لا يشربنها. وقد يرجع السبب إلى أن تكون الأحماض الفوسفورية في الكولا مسؤولة عن المشكلة.

وقد أشارت الدراسة إلى أن بعضا ممن تعرضوا لمواد فوسفورية قبل أكثر من قرن من الزمن، عانوا من كسور العظام.

وأشار الدكتور نيفيل جولدن من كلية ألبرت أينشتاين الطبية في نيويورك، في افتتاحية المجلة الطبية نفسها، أن النتائج التي توصلت إليها الدراسة «تقرع ناقوس الخطر» لأن نحو 40-60 في المائة من عملية بناء العظام تحدث خلال سنوات المراهقة، لذلك تعتبر هذه المرحلة الأكثر أهمية بالنسبة لجسم الإنسان.

القهوة والشاي
كما أوضح الدكتور ضياء أن باحثين، من عدة جامعات أميركية، توصلوا بعد تدقيق عدة دراسات، كانت قد أجريت على ألوف من النساء، أن تناول القهوة باستمرار يعتبر من العوامل التي تساعد على حدوث هشاشة العظام بسبب النقص المستمر في كثافة العظام، الذي يساعد على زيادة تحرير الكالسيوم من العظم، كما أنه يساعد على فقدان القشر العظمي من عظم الفخذ خاصة عند النساء اللاتي يأخذن الكالسيوم أقل من 800 ملغم في اليوم.

كما لوحظ ازدياد خطر كسور عظام عنق الفخذ في المصابين بالهشاشة وخاصة عند النساء متوسطات الأعمار.

البروتينات
كما أن تناول أغذية غنية بالبروتين يؤدي إلى زيادة الوارد الحمضي والذي قد يساهم في انحلال العظم في محاولة للتخفيف من الحمض الزائد، حيث لا يستطيع الجسم تحمل التغيرات في مستوى الحامض في الدم فيستنفد الكالسيوم من العظام. وكلما كثر تناول البروتين في الطعام، ازدادت الحاجة إلى الكالسيوم.

وفي دراسة نشرتها مجلة التغذية الأميركية وجد أن تناول 95 غراما من البروتين يوميا يؤدي إلى فقدان 58 ملغم كالسيوم، وهذا يعني خسارة 20% من نسبة الكالسيوم في الجسم خلال 10 سنوات.

وفي دراسة أخرى وجد أن تناول 50 غراما من البروتين يؤدي إلى طرح 60 ملغم كالسيوم عن طريق البول، وقد تبين أن تناول 1 غرام من الملح يؤدي إلى فقدان 20-40 ملغم كالسيوم. وعليه فإن الشخص الذي يطبق برنامجا غذائيا محتويا على كمية قليلة من الملح والبروتين يحتاج إلى نصف غرام كالسيوم في اليوم، بينما يحتاج الشخص الذي يتناول كمية عالية منهما إلى غرامين من الكالسيوم في اليوم. فمثلا الشخص الذي يتناول شطيرة (ساندوتش) برغر يفقد 22 ملغم كالسيوم مع البول.

وللأمانة العلمية فلابد من التنبيه بأن بعض الدراسات لم تجد العلاقة بين زيادة تناول البروتين وهشاشة العظام. وأخيرا، لا بد من الإشادة بإنشاء مركز التميز في مجال أبحاث هشاشة العظام في جامعة الملك عبد العزيز. ويعتبر هذا المركز أول مركز أبحاث متخصص في هشاشة العظام على مستوى المملكة والشرق الأوسط وهو يهتم بالأبحاث التي تدرس علاقة الغذاء بالهشاشة.