الوليد بن طلال يصرح " السعوديات لا يقدن السيارات ولا يوجد سينما فهل كل العالم على خطأ ؟"

 الوليد لا يتحدث عن التغيير فحسب، بل يمارسه بنفسه أيضا
الوليد لا يتحدث عن التغيير فحسب، بل يمارسه بنفسه أيضا

الشيء الاول الذي قد يصيبك بالدهشة، حال وصولك الى الطابق السادس والستين من بناية العاصمة السعودية الاشهر  والاطول، هو عمل السيدات السعوديات الى جانب الرجال، فعدد السيدات في المكتب الذي يحتل هذا الطابق قد يصل الى نصف عدد موظفيه، واغلبهن لا يرتدين العباءة السوداء المعروفة في منطقة الخليج، وهذا شيء متعارف لديهن جيداً، لأن مديرهن هو احد رموز التغيير في المملكة.. ويدير المملكة القابضة احدى اكبر الشركات في العالم.


الامير الوليد بن طلال الذي يعد واحداً من اغنى الناس على مستوى العالم، ويوصف في المنطقة بأنه اغنى العرب، ويبلغ من العمر 54 عاماً، له اليوم العديد من الحصص في العديد من المؤسسات منها سيتي بنك، ابل، نيوز كوبيريشن، وتايم وارنر، والرجل يعد اكبر مستثمرا اجنبيا في الولايات المتحدة الاميركية، وتقدر مجلة فوربس الاميركية ثروته بنحو 21 مليار دولار اميركي، وهو ما يؤهله للمركز التاسع عشر بين مليارديرات العالم.

اما في السعودية، فللامير الوليد موقعاً خاصاً، اغلب ثروته قد جمعها بنفسه دون ان يرثها من احد، وذلك بالرغم انه حفيد الملك عبد العزبز ال سعود مؤسس المملكة العربية السعودية، وابن الامير طلال وهو ما منحه مكاناً فريداً سواءً في المشهد التجاري او حتى في طرح الاسئلة عليه وأخذ اجوبة التي تثير ردود افعال قوية بين المحافظين في مجتمعه، وغالباً ما تكون حول الحياة في السعودية.

يتسائل الوليد في حوار مع صحيفة (ايريش تايمز) نشر مؤخراً "هل من المعقول ان نكون نحن البلد الوحيد في العالم الذي لا يمكن للسيدات فيه قيادة السيارة؟ هل من المعقول اننا البلد الوحيد في العالم الذي لا يمكن مشاهدة الافلام فيه في دور السينما؟..، ماذا نسمي هذا؟ كل الناس مخطئون الا نحن؟.. انسى ذلك، كل الناس يسلكون الدرب الصحيح الا نحن، لكننا سنغير ذلك، وانا اقولها لك".

خطوة الملك عبد الله الاخيرة في تعيين عدد من المعتدلين في العديد من المناصب الرئيسية في المملكة اعطت الاشارة الرسمية الى ان التغيير، وهي الاشارة التي لن يوقفها احد بحسب الوليد لأنه ببساطة "لا يمكن العودة الى الوراء" حسب رأيه.

لكن الوليد لا يتحدث عن التغيير فحسب، بل يمارسه بنفسه، فبالاضافة الى تعيين سيدات في مناصب قيادية في شركته، عين في عام 2004 اول قائدة طائرة سعودية، وفي العام التالي ساهم في ان تظهر اول متنافسة سعودية في رياضة الفروسية وساهم في ان تستطيع المشاركة في منافسة دولية في هذا المجال ويقول عن ذلك "انها رسالة للمملكة العربية السعودية، وهي ان السيدات لسن افضل من الرجل، ولسن اسوء، انها المساواة، انا لا افعل ذلك من اجل الغرب، بل من اجل المملكة العربية السعودية، لانه من غير الممكن ان يكون مجتمعك فعالاً في الوقت الذي يكون فيه 50% منه يجلس في البيت، نحن رواد التغيير، وعلينا ان ندع السيدات يصبحن جزءً من نظام البلد".

الاميرة اميرة، زوجة الامير الوليد، اثارت نفس العاصفة في يناير الماضي حينما صرحت لصحيفة سعودية انها تقود سيارتها حينما تكون خارج البلاد، مضيفة أنها مستعدة للقيادة في السعودية، ويعلق الوليد على ذلك وهو يسحب المقالة من احد الرفوف المخصصة لوضع الصحف التي تتحدث عن الزوجين بالقول "90% من الناس هنا يؤيدونها".

كان الوليد قد تصدر عناوين وسائل الاعلام كافة الشهر الماضي الى جانب الشيخ وليد الابراهيم، حينما وصفهم احد رجال الدين السعوديين بأنهم خطرون كخطر بائعي المخدرات، بسبب ما تبث من برامج على قنواتهم من افلام وكليبات موسيقية.
 
العام الماضي ايضاً افتى احد رجال الدين الكبار في السعودية بإمكانية السماح بقتل اصحاب الفضائيات التي تقدم "محتويات شيطانية" بحسب وصفه دون ان يذكر اسماء، لكن الوليد يعتبرها هجوماً مباشراً وشخصياً عليه، وقد تم اعفاء رجل الدين من منصبه خلال تغييرات الملك عبد الله الاخيرة، وهي الحركة التي يحييها الوليد بقوة.

الاسبوع الماضي مثلاً، اثار الوليد عاصفة جديدة حينما قال ان دخول الافلام الى المملكة "امر لا مفر منه" رغم المعارضة الذي يلقاها هذا الامر من المؤسسة الدينية، ولكن الشارع في المقابل يؤيده ففي ديسمبر الماضي استطاع فيلم كوميدي انتجته شركة الوليد حول مزارع سعودي يزور دبي من ان يجذب جمهوراً اشترى تذاكر الفيلم الذي امتد عرضه لمدة اسبوع في مدينة جدة.

الوليد يرى في التغييرات الاخيرة بأنها (ناعمة) بالمقارنة معه "فأنا هجومي واقتحامي، المهم الان التغيير الاجتماعي، بمعنى ان تشارك السيدات في المجتمع، وان ينفتح هذا المجتمع لا ان يتم اختطافه من قبل قلة قليلة فيه، يرفعون شعار الاسلام، ويقولون فقط : لا، لا، لا".

يقول الوليد ايضاً "هل حينما اطالب بعرض فيلم في السعودية يعني انني لست مسلماً؟!.. هل حينما اطالب بأن يكون للمرأة موقع المنافسة في المجتمع يعني انني لست مسلما؟!.. لا طبعاً، يمكنك ان تكون كلاهما، هناك وقت للاسلام، ووقت للصلاة، ووقت للتحرك الاجتماعي والتقدم في القرن الحادي والعشرين".

تعد العلاقة بين المسلمين والغرب واحدة من اهم القضايا قرباً الى قلب الوليد وخصوصاً بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث وهب الوليد مالاً للعديد من برامج الدراسات الامريكية في عدة جامعات في الشرق الاوسط، وقد تبرع بأكثر من 70 مليون دولار لضمان انشاء مراكز الدراسات الاسلامية في جامعة هارفارد، وجورج تاون، وكمبرديج، وادنبره، كما ساعد في تمويل بناء جناء خاص لتدريب الفن الاسلامي في متحف اللوفر بباريس "الامر بالنسبة لي ذو اهمية بالغة، لا يمكننا ان نحارب التمدن، لن ننتصر لأن ذلك سيعني نهاية العالم، لدينا الكثير من النقاط المشتركة، وعلينا ان نقولها مراراً ونكررها حتى يسمع الناس ويفهموا ما نريد تحقيقه".
 
ويضيف الامير الوليد ان احداث الحادي عشر من سبتمبر قد وضعت الاسلام "تحت المجهر" وان "الهجوم على الاسلام قد تم بسبب بعض معتنقي الدين للأسف، بعض الناس اختطفوا ديننا وان لم نصبح ارهابيين بنظر العالم فنحن ندعمهم، علينا العمل اكثر من اجل ان نثبت للغرب ان الاسلام هو دين سلام" ، ويؤكد ان هجمات الحادي عشر من سبتمبر بالاضافة الى مجموعة من الهجمات التي شهدتها المملكة قد غيرت من نظرة السعوديين الى الارهاب "الناس يتقدمون مع ما يريده الملك والحكومة، لانهم يفهمون الان ان الارهابيين هم ضد المملكة العربية السعودية وضد الاسلام وليس ضد اميركا فقد او اي مكان او دين اخر، لقد قمنا بعمل جيد من خلال افشال مخططاتهم والوصول اليهم قبل ان يقوموا بما يريدون القيام به".

الحديث مع الوليد لا يشمل المجتمع فقط، بل الازمة المالية العالمية ايضاً، التي تسببت في ايقاف عدد من المشاريع في البلاد او الغائها، وشركته القابضة وحدها خسرت نحو 8.26 مليار دولار كصافي الخسائر في  يناير بسبب تراجع قيم اصولها ومنها حصة في سيتي جروب " كل من يقول لك انه بعيد عن تأثير الازمة يكذب عليك، هذه ازمة عالمية تضرب الكل، وتصل الى كل أسرة، شركة، مؤسسة، وأمة في العالم، ليس السؤال ان كانت الازمة قد وصلتك ام لا، انما السؤال هو كيف تدير الأزمة، والخروج منها لتكون من الناجين، ومازالت تمتلك عدد من مشاريعك".

اغلب اهتمام الوليد بن طلال الان هو على اعماله التجارية وخصوصا تلك الموجودة في المملكة العربية السعودية التي تشهد انطلاقة عقارية رغم الازمة المالية العالمية، حيث ينمو السكان في المملكة بسرعة والتشريعات تسمح لذوي المستوى المتوسط من الحصول على قروض ويقول عن ذلك بابتسامة "نحن شركة نبحث في جميع الفرص المتاحة".. "لقد مررت بالعديد من الازمات في حياتي، وخرجت منها أكثر تجربة.. وقوة".