المصممون يضعون عملية وسلامة الحذاء في المقدمة

المصممون يتخلون عن الجنون ويطرحون أحذية مريحة وعملية
المصممون يتخلون عن الجنون ويطرحون أحذية مريحة وعملية

هناك علاقة حميمة وشخصية تربط بين المرأة والأحذية، لا تفهمها إلا امرأة مثلها. قد تصل هذه العلاقة أحياناً إلى حد الهوس، ولا تعود تعترف بالراحة أو العملية ما دامت التصميمات لافتة و«على الموضة».


لهذا ليس غريباً أن تمتلك الأغلبية منا عدة أنواع وأشكال، بعضها قد يستعمل مرة واحدة أو مرتين فقط على أكثر تقدير ثم تركن إلى جانب أخرى لها تلقت نفس المصير.

 لكن هذا لا يهم، فالمرأة تشعر بأنها بحاجة إلى وجودها معها في المكان نفسه وتتنفس معها الهواء نفسه، وبالتالي لا تشعر بالذنب عند شراء الجديد أو التوق إلى المزيد.

هذا ما يعرفه المصممون جيداً، بدليل أنهم ركزوا في السنوات الأخيرة على تزيين الأقدام بتحف فنية، لا تليق بأرض الواقع ومع ذلك لا تزال تبيع وتؤجج الخيال، بدءًا من جون غاليانو لديور إلى ماي لامور وكريستيان لوبوتان وغيرهم.

 لكن يبدو أن هناك شريحة مهمة بدأت تفيق من وهم التسويق الذكي، وتدرك أن متعة النظر شيء ومتعة المشي والاستعمال شيء آخر، بدليل أنها بدأت تعبر عن انتقاداتها بشكل علني.

آخرها ما تلقته فكتوريا بيكام، عضو فريق «سبايس غيرلز» سابقاً ومصممة الأزياء حالياً، من انتقادات بعد نشر صور لها وهي تمشي في حذاء من مصممها المفضل، كريستيان لوبوتان يصل علو كعبه إلى 14 سنتيمتراً.

إلى هنا قد يبدو الخبر عادياً، لكن غير العادي والمثير للدهشة والحفيظة هو أن المناسبة التي لبسته فيها لم تكن حفل افتتاح فيلم أو مرافقة زوجها لاعب الكرة البريطاني، ديفيد بيكام، إلى مناسبة مهمة، بل فقط مرافقة أبنائها في نزهة عائلية.

فكيف يمكنها أن تمشي أو تلعب معهم وهي بهذا العلو الخطير؟ صحيح أن أية امرأة تعرف جاذبية الكعب العالي، والإحساس الأنثوي المثير الذي يدخله إلى نفسها وعلى مظهرها، لكن أن يصل الأمر إلى أن ترتديه في إجازات نهاية الأسبوع، فهذا أمر يصعب تصوره أو تقبله إلا إذا كانت الواحدة مثل فكتوريا تعشق إثارة الانتباه أو لا تستطيع أن تمشي على أحذية عادية بعد أن «تقولبت قدماها على الأشكال الصعبة».

 والحقيقة أن الحديث عن أحذية عادية لم يعد وارداً في السنوات الأخيرة، حيث أصبح كل ما هو عادي، بمعنى مريح وعملي، «دقة» قديمة.

هذا ما رأيناه على منصات عروض العام الماضي، وفي الأسواق أيضاً. لحسن الحظ أن هناك تغييراً ملموساً، ليس في الشكل الذي لا يزال يميل إلى الابتكار والفنية، بل في السلامة على الأقل، والسبب لا شك يعود إلى الهلع الذي أصاب أعتى مواكبات الموضة وأكثرهن حماساً لها في الموسم الماضي، وهن يرين عارضات يتساقطن على المنصات مثلما تتساقط حبات الثمر من على الأشجار، بما في ذلك عرض المخضرمة ميوتشا برادا، التي تحلم غالبيتنا بالحصول على حقيبة أو حذاء من تصميمها.

كان منظر هؤلاء العارضات مؤلماً للعين، وكان دليلا قاطعاً على مخاطر بعض الأحذية، لأنه ليس من المعقول أن فتيات متمرسات، تعتمد مهنتهن على الوقوف والمشي بكل أنواع الأحذية لم ينجحن في الحفاظ على التوازن فوق منصة مسطحة ولمساحة صغيرة.

 ثم إذا كان الحال كذلك فماذا سيكون عليه حالنا نحن العاديات والعاملات اللواتي نضطر إلى المشي أو الوقوف في الطوابير وغيرها لساعات على أرضيات مختلفة؟.

ولحسن الحظ أيضاً، أننا لسنا وحدنا من استوعب الدرس؛ أن العملي والفني يجب أن يجتمعا وإلا فلا، فها هي السيدة ميوتشا هي الأخرى تستوعبه وطرحت لنا هذا الموسم أحذية معقولة بالمقارنة مع تلك التي رأيناها في المواسم الماضية، وإن كان بعضها لا يناسب كل الشرائح والأساليب، خصوصا التصميمات عالية الساق التي تغطي نصف الأفخاذ، والتي نسقتها مع قطع قصيرة.

التصميمات ليست جديدة، إذ رأيناها عند دار «شانيل» منذ بضعة مواسم، لكن الاختلاف أنها عند برادا جاءت مصنوعة من الجلد القاسي نوعا ما وبنعل رياضي، لأنها كانت تريدها للنزهات الخارجية، تماشياً مع تشكيلة أزيائها، التي قالت إنها استوحتها من الريف وأجوائه وما يتطلبه من ملابس عملية تخدم المرأة من كل الجوانب.

طبعاً لم تغب الأحذية الموجهة للمساء والسهرة أو للمناسبات العادية، إلا أن القاسم المشترك بينها هذه المرة أنها مشدودة بشكل جيد لا يؤدي إلى مشاكل، بما فيها السقوط على الأرض، إضافة إلى أنها بكعوب معقولة ومقدور عليها. لكن لم تغب الكعوب العالية في عروض أخرى وكأن مصمميها يريدون أن يتحدوا قانون الجاذبية بأي شكل.

ففي عرض فندي، مثلا، كانت هناك تصميمات ألفناها لكثرة ما تكررت أمام أعيننا في المواسم الأخيرة، وعند بوتيغا فينيتا، الدار التي عودتنا على الأناقة الراقية البعيدة كل البعد عن الاستعراض، كانت هناك أحذية لافتة خرجت عن المألوف.

ما يحسب لها أنها في غاية الأناقة والعملية، مما جعلها تترأس دور الأزياء التي جمعت كل العناصر على أحسن وجه.

 أما بالنسبة للفنية، فهي لم تغب، لكنها خفّت عما كانت عليه، ربما لأن الوقت غير مناسب لطرح قطع لن تبيع، وإلى أن تمر العاصفة، فإننا سنمشي بثقة قريبة من أرض الواقع.