أشهر قضية اختطاف في النمسا .. نمساوية اختُطفت وهي طفلة وأفلتت وهي شابة ..

فوجئ النمساويون بكشف متأخر ومثير للنقاب عن أشهر قضية اختطاف عرفتها بلادهم في العقود الأخيرة. فقد تمكنت طفلة مختطفة منذ ثماني سنوات بينما كانت متوجهة إلى مدرستها، من الإفلات من خاطفها، بعد انقطاع آثارها طوال الأعوام الماضية واشتهرت كلغز محيِّر.


 وكانت النمساوية ناتاشا كامبوش طفلة في العاشرة من عمرها، عندما اختطفها رجل مجهول الهوية بينما كانت متوجهة إلى مدرستها في فيينا سنة 1998. ولم تفلح الشرطة النمساوية في تعقب الفاعل طوال السنوات الماضية، رغم أنها أطلقت أوسع حملة بحث من نوعها دون جدوى.

 وبعد أن انتشرت صور ناتاشا كامبوش في وسائل الإعلام والأماكن العامة في عموم النمسا عبر السنوات الثمانية الماضية، على أمل تمكّن الجمهور من التعرّف عليها؛ فإنّ مصيرها بقي لغزاً محيِّراً لأسرتها ولأجهزة الشرطة، خاصة وأنه لم يُعثر طوال ذلك على أيّ أثر لها، كما لم تظهر أية دلائل تعزز فرضية مقتلها.

 وفي مفاجأة وُصفت بالأعجوبة؛ نجحت ناتاشا كومبوش التي باتت في الثامنة عشرة من عمرها، في الإفلات من قبضة خاطفها يوم الأربعاء (23/8)، والوصول إلى الشرطة.

 وبعد مطاردات واسعة للخاطف الذي اتضحت هويته مباشرة، وهو مواطن نمساوي يبلغ من العمر حالياً 44 سنة ويُدعى فولفغانغ ب. ويعمل تقني اتصالات؛ فإنه عمد إلى إنهاء حياته بالانتحار رمياً بنفسه تحت قطار سريع متجه إلى محطة قطارات شمال العاصمة النمساوية فيينا.

 واتضح في غضون ذلك أنّ الطفلة المُختَطفة، والتي باتت اليوم شابة في الثامنة عشرة من العمر؛ قد احتُجزت طوال تلك السنوات في قبو، داخل بيت الخاطف الذي ورثه عن جديه، وذلك في غرفة محكمة الإغلاق بباب فولاذي، وسط الكثير من التدابير الاحتياطية التي اتخذها.

 ومن المفارقات التي واكبت القضية المزمنة؛ أنّ ضابط الشرطة الذي كان مكلّفاً بملف الطفلة ناتاشا بدءاً من اختطفاها سنة 1998 قد بلغ سن التقاعد في سنة 2000 دون أن يتمكن من حل اللغز الكبير بشأنها، وهو ما لم يفلح فيه أيضاً من أعقبه في هذا المنصب، رغم أنّ أعداد المستجوبين الذين شملتهم تحقيقات الشرطة بلغت المئات.

 وأخذت تثور التساؤلات في غضون ذلك عن الكيفية التي يمكن لخاطف أن يحتفظ بطفلة طوال هذه المدة، في منزله الواقع في منطقة سكنية صغيرة وهادئة، دون أن يثير الانتباه أو يكترث به أحد من جيرانه أو معارفه. وقد تبيّن أنه كانت لديه دائرة ضيقة من المعارف، كما كان يتعامل باحتراس مع الآخرين.

 واتضح أنّ الخاطف كان من بين أكثر من ألف شخص استجوبتهم الشرطة النمساوية بعد اختطاف الطفلة في آذار (مارس) 1998، للاشتباه بهم بسبب حيازتهم لسيارة نقل بيضاء مزودة بصندوق (أشبه بحافلة صغيرة)، وهو نوع السيارة الذي استخدم في عملية الاختطاف وفق رواية زميلة ناتاشا في المدرسة التي شاهدت الواقعة. ويبدو أنّ الاكتفاء بالاستجواب دون مداهمة بيوت المستجوبين قد جعل الخاطف طليقاً طوال هذه المدة الطويلة.

 وبعد الكشف عن مصير ناتاشا لم يتمالك والدها نفسه فبكى بحرارة أمام وسائل الإعلام، في ما أُعلن أنّ الأم أصيبت بصدمة جراء تلقيها الخبر المؤثر وغير المتوقع، واصطحبتها الشرطة لرؤية طفلتها التي أصبحت شابة يافعة. ولم تتضح تماماً بواعث اختطاف الطفلة قبل ثماني سنوات، كما لم يتم الإعلان عما إذا كان الخاطف قد أخضعها لاعتداءات جنسية.

 وفي ظل اهتمام إعلامي منقطع النظير في النمسا بالكشف عن خيوط القضية التي تحوّلت إلى حدث الساعة؛ تنشغل الشرطة النمساوية حالياً في التحقق من احتمال ضلوع شخص متورط بمساعدة الخاطف في القضية. ويتولّى مختصون بالرعاية النفسية في أثناء ذلك إعادة تأهيل الفتاة للاندماج في حياة طبيعية لم تتعرف عليها بعد، وسط توقعات لبعض الخبراء بأن تصاحبها متاعب نفسية مزمنة جراء محنتها الطويلة.