الدليل الكامل لقياسات السمنة .. تقييم كامل لثلاث من مقاييس الدهون

يفرح كثير منا لاعتقادهم أن الخصر هو أرفع جزء في وسط جسمنا. كما أن بعض الباحثين يعتمدون على ذلك لقياس طول محيط الخصر. إلا أن جمعية القلب الأميركية ترى أن يكون القياس فوق السرّة مباشرة
يفرح كثير منا لاعتقادهم أن الخصر هو أرفع جزء في وسط جسمنا. كما أن بعض الباحثين يعتمدون على ذلك لقياس طول محيط الخصر. إلا أن جمعية القلب الأميركية ترى أن يكون القياس فوق السرّة مباشرة

الكثير منا يمتلك وسائله الخاصة لقياس البدانة أو السمنة (أو الدهون المتراكمة) لديه. إذ نشعر بأن سراويلنا قد ضاقت ـ أو أصبحت منفلتة، إن حالفنا الحظ! كما أننا نلقي نظرة إلى المرآة أو إلى ما يتراءى لنا في انعكاس صورتنا على واجهات المخازن الزجاجية.


قياس الدهون
وبالطبع، فإن هناك وسائل أكثر موضوعية للإجابة عن هذه الأسئلة. والميزان البسيط المعهود هو أحدها، إلا أنه يقدم إجابة بالإجمال، تشمل العظام والعضلات، وأعضاء الجسم، والشعر ـ وليس الدهون فقط.

كما أن هناك الوسيلة المجربة والموثوقة لقياس الدهون فقط، التي تشمل وزن الجسم أثناء غمره تماما تحت الماء. ويستخدم الفرق بين الوزن تحت الماء والوزن المعتاد لحساب كثافة الجسم، ومن ثم نسبة الدهون فيه. إلا أن عددا قليلا منا مستعد لوضع نفسه بانتظام، تحت الماء.

وهناك اختبارات أخرى أسهل: قياس المعاوقة الكهربائية البيولوجية bioelectric impedance، واختبار ثنايا الجلد بـ«المسماكة» calipers (أداة لقياس السماكة أو الثخن)، وقياس امتصاص أشعة إكس ثنائية الطاقة dual-energy X-ray absorptiometry (وهي نفس طريقة قياس كثافة العظام). وقد بدأ عدد من النوادي الرياضية في توفير بعض من هذه الوسائل. وعلى الرغم من أنها ستلبي رغبات بعض من ذوي الفضول، فإنها ليست ضرورية وعملية للاستخدامات الروتينية.

ثلاثة مقاييس شائعة
وبعد هذا، تبقي لنا ثلاثة من الخيارات الشائعة. اليوم، أصبح أغلب الناس مطلعون على كيفية حساب مؤشر كتلة الجسم. كما أصبح مقاس طول محيط الخصر، موضع مناقشات حامية بعد أن اتضح أن الدهون التي نحملها في وسط البطن هي الأكثر نشاطا في عمليات التمثيل الغذائي (الأيض)، والأكثر ضررا.

ثم أصبحت نسبة طول محيط الخصر إلى طول محيط الحوض موضع دراسات متجددة، بعد أن أظهرت الأبحاث أن الدهون الموجودة تحت جلد الجسم مباشرة، قد يكون لها بعض الفوائد. ونورد لكم دليلا بهذه المقاييس الثلاثة للسمنة، أو للدهون.

أنواع دهون الجسم
يعتقد أن الدهون الموجودة في منطقة البطن، Abdominal fat أكثر ضررا من الدهون الموجودة تحت الجلد ( الدهون تحت ـ الجلدية) fat subcutaneous مباشرة.

مؤشر كتلة الجسم
يوصف مؤشر كتلة الجسم (body mass index (BMI، أحيانا، بأنه «الإشارة الحيوية الخامسة» (بعد درجة الحرارة، النبض، معدل التنفس، وضغط الدم). وقد تحول هذا المفهوم، الذي ظل غريبا حتى قبل بضع سنوات، إلى عبارة تتداولها غالبية العائلات.

ويحسب مؤشر كتلة الجسم بقسمة الوزن بالكيلوغرامات على مربع الطول بالأمتار. وتنتشر مئات بل ربما آلاف الحاسبات لهذا المؤشر على مواقع الإنترنت. ويمكن الوصول إليها عند وضع تعبير BMI على صفحة أي محرك للبحث على الإنترنت.

ويمكن النظر إلى هذا المؤشر لمعرفة عدد الأرطال التي يحملها الإنسان لكل بوصة من طوله. وإذا كان الوزن أكبر لطول أصغر، فإن قيمة المؤشر عالية، أما إذا كان الوزن أقل لطول أكبر، فإن قيمة المؤشر منخفضة. ومن حيث المفهوم، فإن هذا المؤشر لا يختلف كثيرا عن الجداول القديمة التي وضعتها شركات التأمين في قوائم مبسطة للوزن «المرغوب» لكل طول.

ويستخدم مؤشر كتلة الجسم لعدة أسباب. فالطول والوزن يسهل قياسهما. ولأكثر الناس، فإنه يرتبط بشكل معقول مع كمية الدهون في الجسم. وأيضا، وربما هو الأمر الأكثر أهمية، فإن هذا المؤشر هو مقياس جيد للمخاطر الصحية: فكقاعدة، وعندما ترتفع قيمة مؤشر كتلة الجسم، ترتفع أيضا أعداد الوفيات بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية (النوبة القلبية والسكتة الدماغية) والوفيات عموما.

كما وجد الباحثون أيضا أن مؤشر كتلة الجسم المرتفع، يرتبط بضغط الدم المرتفع، وقلة مستويات الكولسترول عالي الكثافةHDL (الحميد) والمؤشرات الأخرى الدالة على الصحة السيئة.

إشكالات مؤشر كتلة الجسم
إلا أن مؤشر كتلة الجسم لا يلتقط سوى تلك المعلومات التي تعبر عن وزن جسم شخص ما وعلاقته بطوله. فهو لا يميز ما إذا كان الوزن ناجما عن كميات الدهون أم عن العضلات أم العظام (الكتل الخالية من الدهون).

وهذا المؤشر مقبول أثناء إجراء دراسات كبيرة. ولكن، وعلى المستوى الفردي، فإن استخدام مؤشر كتلة الجسم لتحديد الدهون قد يكون مضللا. فإن كنت مملوءا بالعضلات بشكل استثنائي، فقد يكون لديك مؤشر كتلة الجسم ذا قيمة عالية، على الرغم من أنك لست بدينا البتة.

والمشكلة الأكثر شيوعا أنه، ومع تقدم العمر، فإننا نتجه لفقدان العضلات والعظام، ولذلك فإن امتلاك قيمة مستقرة لمؤشر كتلة الجسم، يغطي في الواقع على حقيقة تراكم دهون أكثر في أجسامنا. ولا يخبرنا مؤشر كتلة الجسم عن نوع الدهون التي نحملها، وهذه نقيصة مهمة إن كانت الدهون في منطقة البطن أسوأ فعلا من الدهون تحت الجلدية.

كما إن نطاقات قيم مؤشر كتلة الجسم، وتصنيفاته، هي مشكلة أخرى. فالناس الذين لديهم قيم تتراوح بين 25 و29.9 يصنفون بأنهم بدينون، وأولئك الذين لديهم قيمة 30 أو أكثر للمؤشر، يصنفون بأنهم سمينون. إلا أن الخطر يظهر تدريجيا، أكثر مما تفترضه حدود هذه الفروقات في القيم.

وهناك تساؤلات حول احتمال اختلاف قيم هذه النطاقات بالنسبة للأعراق المختلفة. فقد وجد الباحثون أن عوامل الخطر للتعرض لأمراض القلب والأوعية الدموية تظهر لدى الآسيويين مثلا، في نطاق قيم أقل من مؤشر كتلة الجسم، مقارنة بالبيض، ولذلك فإن نطاق البدانة لدى الآسيويين ربما يبدأ من قيمة 23 وليس من قيمة 25.

طول محيط الخصر
إن قياس الخصر يضفي لمحة مختلفة على السمنة: إذ إنها لا تتجسد، بعد اليوم، في الوزن أو كمية الدهون الكلية في الجسم، بل في الدهون النشطة على مستوى عمليات التمثيل الغذائي، التي تتجمع حوالي الأعضاء في منطقة البطن.

ويمكن قياس الدهون في منطقة البطن مباشرة بأجهزة المرنان المغناطيسي، وفحوصات المسح الأخرى. ولكن، إن لم تكن تجري بحثا نادرا من نوع ما، فإن شريط القياس الذي يستعمله الخياطون، وسيلة تكنولوجية بدائية كافية لقياس طول الخصر.

إن طول محيط الخصر ليس أفضل المعايير لقياس الدهون في منطقة البطن: فطبقة الدهون تحت الجلدية تساهم أيضا في هذه المنطقة في زيادة طول الخصر. إلا أن دهون منطقة البطن تشكل النسبة الكبرى من كل الدهون فيها.

وطول محيط الخصر مؤشر أفضل للتنبؤ بمرض السكري مقارنة بمؤشر كتلة الجسم. ويرصد قياس طول محيط الخصر مجموعات كبيرة نسبيا من الناس الذين لا يمكن رصدهم بمؤشر كتلة الجسم (إذ إنهم يقعون في نطاق صحي للقيم بين 18.5 و24.9)، إلا أن طول خصرهم الكبير يضعهم في خانة المعرضين لخطر أكبر بالإصابة بمرض السكري أو أمراض القلب.

ويوصي معهد القلب والرئة والدم الوطني باستخدام مقياسي طول محيط الخصر ومؤشر كتلة الجسم سوية، لتقييم خطر التعرض لأمراض القلب، وكذلك استخدام مقاس طول محيط الخصر للتأكد من النجاح المتحقق بعد محاولات إنقاص الوزن لدى الأشخاص البدينين والسمينين.

إشكالات قياس الخصر
ومع ذلك، فإن قياس طول محيط الخصر، وبخلاف قياس مؤشر كتلة الجسم، لم يصبح جزءا من الأمور الروتينية للرعاية الطبية. وتوجد لذلك عدة أسباب.

يفرح كثير منا لاعتقادهم أن الخصر هو أرفع جزء في وسط جسمنا. كما أن بعض الباحثين يعتمدون على ذلك لقياس طول محيط الخصر. إلا أن جمعية القلب الأميركية ترى أن يكون القياس فوق السرّة مباشرة، أما الباحثون الصحيون في المؤسسات الحكومية فيفضلون أعلى عظم الحوض (عرف الحرقفة the iliac crest)، كموقع للقياس، الأمر الذي يدعو إلى وضع شريط القياس على مستوى السرة. كما أن تعريف الخصر يختلف أيضا، فهو تارة يقع مباشرة تحت موضع عظم الصدر الأدنى، أو في موضع يقع في منتصف المسافة بين هذا العظم وبين أعلى عظم الحوض.

ويلاقي القياس عند مستوى السرة، في غالب الاحتمال، أكبر الدعم، إلا أنه لا يوجد اتفاق عام حوله. وحالة اللاتعيين هذه حول موقع الخصر هي عقبة أمام أن يصبح قياسه جزءا متمما من أعمال الرعاية الطبية.

وربما يحتاج تعريف الخصر الكبير جدا، إلى إعادة نظر. وحاليا فإن الحدود هي 40 بوصة (102 سم) للرجال و35 بوصة(88 سم) للنساء. وقد توصل الخبراء إلى هذه القيم قبل سنين مضت، باعتمادهم على مقاسات الخصر للأشخاص السمينين في دراسة منفردة أجريت في اسكوتلندا، وظلت القيم معتمدة بعد أن أظهرت دراسات لاحقة أنها تتنبأ بشكل جيد بالمشكلات الصحية.

إلا أن باحثي هارفارد اقترحوا منذ سنين أن يكون من الأفضل تخفيض هذه القيم لدى الرجال إلى نحو 37 بوصة (95 سم)، بعد أن أظهرت أبحاثهم وجود علاقة قوية بين مقاس الخصر وبين الإصابة بمرض السكري.

وقال خبراء آخرين إن القيم يجب أن تخفض أكثر (35 بوصة للرجال و33 بوصة للنساء). وقدم اقتراح آخر لوضع نطاقات للقيم بدلا من قيمة واحدة، تتغير مثل نطاقات قيم مؤشر كتلة الجسم، وذلك لرصد الأشخاص الذين لديهم خصر كبير نسبة إلى وزن أجسامهم.

ومع كل المعلومات المستحصلة من المرضى حول ضغط الدم، مستويات الكولسترول، مؤشر كتلة الجسم، فإن من غير الواضح إن كانت إضافة مقياس طول محيط الخصر إلى كل تلك القياسات المذكورة، سيؤثر كثيرا على قرارات العلاج اللازم.

كما أن من غير العملي الاعتقاد بأن الأطباء سيهملون كل تلك الفحوصات المذكورة ويفضلون قياس الخصر عليها، على الرغم من أن البعض منهم اقترح إجراءها لدى تشخيص حالات اضطراب التمثيل الغذائي.

ووفقا للآراء التي طرحها غالبية الخبراء حول علاج الرجال والنساء، فإن توصيات العلاج سوف تظل هي نفسها من دون الحاجة لقياس طول محيط الخصر.

ولكن، تذكر أنه لو كانت حدود القيم أكثر صرامة، لكان لقياس طول محيط الخصر دور أكبر في تحديد القرارات الخاصة بالعلاج.

نسبة الخصر إلى الحوض
نسبة الخصر إلى الحوض (The waist-to-hip ratio (WHR ، قيمة سهلة الحساب: وهي حاصل قسمة طول محيط الخصر على طول محيط الحوض. والخصر الصغير مقارنة بالحوض الكبير سيقود إلى قيمة صغيرة، بالمقارنة مع خصر عريض وحوض صغير ـ والقيمة الأصغر لهذا المقياس أفضل من القيمة الأكبر.

هل تتذكر تلك الصور التي تقارن فيها الأجسام التي تكون على شكل الكمثرى بالأجسام التي تكون على شكل التفاحة؟ إن شكل الكمثرى صحي أكثر من شكل التفاحة، والقيمة الأصغر لنسبة الخصر إلى الحوض تقابل الكمثرى، في حين تقابل القيمة الأكبر لهذه النسبة، التفاحة.

وقياس الخصر في هذه النسبة يتم عادة في أرفع موضع في وسط الجسم. أما قياس الحوض فيتم في أعرض موضع حول الردفين، وهو موضع قد يبدو أنه ليس الموضع الأعراض عند النظر إلى الحوض من الأمام.

وللنساء، فإن خطر أمراض القلب والسكتة الدماغية، والمشكلات الصحية الأخرى تبدو وكأنها تزداد مع وصول هذه النسبة إلى 0.85، ولذا فإن هذه القيمة تمثل الحد الأعلى للنسبة «الجيدة». أما للرجال، فإن حد القيمة الجيدة الأعلى يتحدد بنسبة 0.90.

وقد غطى مقياس طول محيط الخصر على مقياس نسبة الخصر إلى الحوض، لأنه أسهل وأكثر دقة في تقييمه للدهون في منطقة البطن. إلا أن نسبة الخصر إلى الحوض تعود مجددا.

وقد أظهرت نتائج لدراسة بريطانية أجريت عام 2007 أن هذه النسبة ترتبط بحدوث أمراض القلب بقوة أكبر من مقياس طول محيط الخصر. وجاءت تلك النتائج لتدعم دراسة INTERHEART التي أجريت قبلها بعدة سنوات.

وكما أن طول محيط الخصر، هو مقياس غير مباشر للدهون في منطقة البطن، فإن طول محيط الحوض هو مؤشر مماثل للدهون تحت الجلدية.

وهناك دلائل مثيرة تشير إلى أن الدهون تحت الجلدية لا تقف مكتوفة الأيدي أمام الأضرار المدمرة التي تحدثها الدهون حول منطقة البطن، بل إن لها تأثيرات صحية ربما تقف بالتضاد مع تلك المؤثرات الضارة.

وبمعنى آخر، فإن الدهون تحت الجلدية ربما تكون «دهونا جيدة»، أما الدهون في منطقة البطن فهي «دهون سيئة»، ولذلك فإن مقياس الخصر إلى الحوض هو وسيلة سهلة لأخذ الدهون تحت الجلدية بنظر الاعتبار.

ووفقا لإحدى النظريات، فإن الدهون تحت الجلدية هي الوسيلة الصحية التي يلجأ إليها الجسم لخزن الطاقة الفائضة. إلا أنه وعندما تزداد حدودها عن سعة الجسم، فإن الزيادة تختزن بوسائل غير صحية ـ كدهون في منطقة البطن، وبقع الشحوم المغطية للكبد، والأعضاء الأخرى، والعضلات.

وتظهر الدراسات أن الدهون تحت الجلدية ترتبط بزيادة الحساسية تجاه الأنسولين، وبتدني خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

وتتمكن بعض أدوية السكري من خفض مستويات الأنسولين إلا أنها تتسبب في زيادة الوزن، ربما لأن الوزن ينجم عن زيادة في الدهون تحت الجلدية. وعندما تتم إزالة الدهون في منطقة البطن تتحسن قياسات الأنسولين وسكر الدم. إلا أن الدراسات أظهرت أن عمليات شفط الدهون التي تزيل الدهون تحت الجلدية، لا تؤثر على التمثيل الغذائي.