مصرية تتبرع بكليتها .. وتنقذ أختها من الموت

الزوج حارب الروتين لإجراء  تلك العملية
الزوج حارب الروتين لإجراء تلك العملية

كعادتها كل صباح وقفت "غادة الجرف" تعد الطعام لأطفالها الصغار، ولكن انتابها شعورٌ غير عادي؛ وهو إحساسها فجأة بألمٍ شديد في قرب ظهرها حتى سقطت على الأرض.


وبينما كان أقصى ما تنبأ به زوجها، وهو ينقلها إلى المستشفى أن يكون ذلك نتيجة مجرد إجهاد زائد لزوجته الشابة التي لم تتعد الـ28 ربيعًا، إلا أن القلق بدأ ينتابه، بعد أن طلب الأطباء مجموعةً من التحاليل العاجلة من زوجها، وكأنهم كانوا يؤهلونه نفسيًّا لتلقي صدمة.

فقد تبين أن زوجته مصابة بفشل كلوي حاد أوقف تقريبًا كليتيها عن العمل، وبات الحل الوحيد أمامها -بعد استبعاد خيار الغسيل الكلوي الذي لن يجدي مع الوقت بسبب حالتها السيئة- أن تجري عملية زرع كلية.

وعاد صالح بزوجته إلى البيت، وكأنها امرأة أخرى.. حيث بدأت تفقد وزنها بوتيرة مرتفعة، وأصبحت لا تقدر على حتى قضاء حاجتها، ومع ارتفاع تكلفة غسيل الكلية التي لا يتحملها راتبه الذي لا يكفي أصلاً متطلبات المعيشة والدراسة لأطفاله الصغار، بدأ صالح يتجه لأعيان قريته لمساعدته في علاجها على نفقة الدولة.

وبالفعل تمكن من الحصول على ذلك، ولكن المفاجأة الأخرى أن القرار صدر بتحمل تكلفة عمليات الغسيل الكلوي، وليس عمليات زراعة كلية كما كان يرجو.

وبذلك بدأت مشكلة جديدة لصالح، حيث إن الغسيل 3 مرات أسبوعيًّا يتطلب رحلة ليست بالهينة بسيارة خاصة من قرية نائية في أقاليم مصر إلى وسط القاهرة، الأمر الذي دفعه للبحث عن حلٍّ ينهي مأساته.

وبدأ الزوج يتردد على عيادات الأطباء الكبار المتخصصين في عمليات زرع الكلى حاملاً حقيبة مليئة بالتحاليل لزوجته، ولكنه اكتشف أن الأمر فائق التكلفة، وأن أقل مقابل هو 70 ألف جنيه مصري (13 ألف دولار تقريبًا) لإجراء الجراحة وهو رقم صعب أمام موظف بمصنع زجاج راتبه 500 جنيه (100 دولار تقريبًا) شهريًا.

الأمل مع الشقيقة
ولما ضاقت الأمور على صالح، جاءته في صباح يوم شقيقة زوجته حاملة الأمل له؛ حيث عرضت عليه التبرع بإحدى كليتيها لأختها.

وانفرجت أسارير صالح الذي انطلق بشقيقة زوجته لإجراء التحاليل اللازمة، لكن الأطباء وجدوا أن الوزن سيكون عائقًا لإجراء العملية، وأن المتبرعة تحتاج إنقاص وزنها البالغ أكثر من 120 كجم نحو 50 كجم.

وتحدى صالح هذا العائق حيث استدان وأدخل شقيقة زوجته مركزًا للتخسيس، وبالفعل نجح في الوصول بوزنها إلى 85 كيلو جرام، وأكد الأطباء أن هذا الوزن ملائمٌ إلى حد ما.

ولكن صالح وجد نفسه أيضًا أمام رحلةٍ من الإجراءات الروتينية والحكومية والطبية لدرجة أن الأطباء طلبوا إعادة التحاليل التي تتكلف 10 آلاف جنيها (ألفي دولار) مرة أخرى حتى يتم الاستعداد للعملية، وبعد ذلك عليه أن ينتظر 6 أشهر في قائمة انتظار حتى يتم إجراء العملية.

كما أنه خلال فترة الانتظار لا بد أن تأخذ المريضة حقن "إبريكس 4000" وهي تتكلف 4 آلاف جنيها (800 دولار) شهريًّا حتى يتم لا تتعرض لمضاعفات خطيرة.

ونجح صالح بمساعدة صحفية شهيرة في الحصول على هذه الحقن، وكذلك على مساعدة مادية ليتخطى عقبة الحقن، وتمكن عبر وساطات صحفية وصحية في تقديم موعد العملية.

وأخيرًا تم إجراء العملية بنجاح وخرجت غادة وشقيقتها وقد استردا عافيتهما، وعادت غادة لمنزلها وزوجها الذي حارب البيروقراطية واليأس على مدار عامٍ كاملٍ في أروقة المستشفيات والأطباء ووزارة الصحة والمعامل الطبية مُصرًّا على الوصول لهدفه.