قناة هندية تقوم بدور الخاطبة

أحدث صيحة في التقاليد الهندية القديمة في الزواج المدبر
أحدث صيحة في التقاليد الهندية القديمة في الزواج المدبر

في فيلم فيديو استغرق دقيقتين، وأذيع على التلفزيون في الأسبوع الماضي، ذكر أميت داروكا ووالداه صفات العروس المثالية له: حيث يجب أن تكون طويلة، وذات بشرة فاتحة اللون، وتحترم مَنْ هم أكبر منها، وتنتمي إلى العرق الذي ينتمي إليه داروكا وإلى برجه، وأن تكون مستعدة للعمل في مشروع الأسرة الخاص بالملابس.


وظهر داروكا في الفيديو وهو يتناول الطعام في منزله مع والديه، ويصلي مع والدته، ويقود سيارته «الهوندا» إلى العمل، ويمرح مع أصدقائه، ثم تحدث مذيعو البرنامج مع الأسرة في الاستوديو، وحثوا المشاهدين المهتمين على إرسال رسائل نصية.

مرحبا بأحدث صيحة في التقاليد الهندية القديمة في زواج المدبر.

لم تعد أخبار المرشحات المؤهلات تأتي عبر رجال الدين، أو عمات الأسرة، وفي العقدين الماضيين، تشتت المجتمعات الهندية وتفرقت الأسر، وبدأ الأشخاص الذين يسعون إلى الزواج في استخدام وسائل أخرى، مثل الإعلانات المبوبة في الصحف، ومكاتب التزويج، والإنترنت، وفي الوقت الحالي، تريد صناعة التلفزيون المزدهرة في الهند أن تلعب دور الخاطبة، فتوسع من عالم الزيجات المنسقة بثلاثة برامج واقعية.

ويقول داروكا، رجل الأعمال النباتي، الذي يستعين بوالديه في البحث «يبحث والداي لي عن زوجة منذ أربعة أعوام، وقد حاولنا البحث بجميع الطرق، ولكننا لم نجد ما نريد، والتلفزيون وسيلة نزيهة للغاية، ويمكنك أن تقيم مدى التوافق من خلال مشاهدة استخدام الشخص للغة الجسد، ونغمة الصوت، والمكان الذي يعيش فيه».

وقد أجرى تلفزيون «ستار»، الذي يملكه روبرت مردوخ، بحثا على الجمهور، أظهر أن هناك قضيتين رئيسيتين تقلقان الأسر الهندية، وهما تعليم أبنائهم، وتزويج بناتهم، لذا، قررت القناة، التي كانت حتى وقت قريب تذيع مسلسلات تسودها المشاحنات الأسرية والمفارقات بين الأمهات وزوجات أبنائهن، أن تساعد المشاهدين في العثور على نصفهم الآخر، وفي الشهر الماضي بدأت القناة في إذاعة برنامج «ستار فيراه»، أو «زيجات ستار»، وهو برنامج يومي يعرض بعد الظهر، وظهرت فيه أسرة داروكا.

وتقول راسيكا تياجي، نائبة رئيس البرامج على قناة «ستار تي في»: «إن برنامجنا مثل «يوتيوب» في الزيجات المنسقة»، حيث وصفت البرنامج بـ«التقدم الكبير من أربعة أسطر تنشر في إعلانات الصحف المبوبة والمقاطع التي تعرض على الإنترنت».

وتقول إنه على برنامج «ستار فيراه»، يستطيع المشاهدون أن يروا منازل شركائهم المرتقبين، «والمنظر من الشرفة والمطبخ، وكيف يرتدون ثيابهم، وكيف يعيشون، وما نوع السيارة التي يقودونها».

وتقول تياغي إنه أحيانا يستغرق الأمر من الأسر شهورا لتبادل صور أبنائها وبناتها، وتضيف «نحن نقصر من فترة هذه العملية، ونمكنهم من اتخاذ القرار».

وقد قرر صانعو البرنامج استضافة المهندسين والأطباء وحملة الماجستير في إدارة الأعمال فقط في الحلقات الأولى، لكي لا يعتقد المشاهدون أنه برنامج للفاشلين، ولكن من المفترض أن يظهر أيضا أفراد العائلة مع العرائس والعرسان المرتقبين.

وتقول تياغي «تريد المرأة الهندية الجديدة أن تعرف كيف ستبدو حماتها، وتريد أن ترى من الذي يتخذ القرارات، الابن أم الأم».

وربما تكون أكبر خدمة يقدمها البرنامج هي توجيه الأسئلة التي تخشى المرأة الشابة وأسرتها طرحها.

وتقول تياغي «إن سوق الزيجات المنسقة ينحاز بدرجة غير متساوية ضد أسرة المرأة، التي دائما ما تكون في وضع متدن، وهم يخشون من أن الرجل قد يغادر إذا ما سُئل أسئلة محرجة، ونحن نسأل كل سؤال يريدون أن يطرحوه، ولكن لا يجرؤون، عن وظيفته ودخله .. وعدد الأطفال الذين يرغب في إنجابهم».

ويهتم البرنامج بعدم الإخلال بالنظام الاجتماعي كثيرا، فيستحضر جميع أشكال الزيجات المنسقة، فيما عدا عادة دفع المهور المحظورة، ولكنها ما زالت سائدة، ويريد الرجال زوجات «بسيطات» ترتدين الساري، ويردن تحقيق التوازن بين مطالب العمل والأسر المشتركة، ويريدون زوجة عصرية، ولكنها أيضا ملتزمة بالتقاليد الثقافية الهندية.

وتقول الأمهات إنهم يردن زوجات أبناء لا تبعدن أبناءهن عنهن، وتظهر النساء في البرنامج وهن يذهبن إلى مكاتبهن ويقدن سيارات، ولكنهن أيضا يغسلن الأرز، ويكشفن في رزانة عن تفاصيل أبراجهن وأسرهن وعشيرتهن.

وبعد ظهيرة أحد الأيام، أجرى طاقم عمل «ستار تي في» مقابلة مع أسرة راشانا دالال، وهي قائدة طائرة تبلغ من العمر 25 عاما، وتحصل على 4.500 دولار شهريا، وتقود طائرات «بوينغ طراز 737»، وتعيش بمفردها في شقة في نيودلهي.

وتقول دالال، ذات الوجه الدائري المليء بالحبوب «أريد أن أتزوج من طيار، لأن الطيار فقط يمكنه أن يستوعب مواعيد عملي ورحلات الطيران الليلية»، وأضافت أنها أيضا تفضله أن يكون نباتيا، وغير مدخن، ولا يحتسي الكحوليات، وتقول أيضا «يجب أن يكون دخله أكبر من دخلي، ولا أريد أن أعيش في سكن مشترك مع العائلة، ولن أتحمل أي شخص يطلب مهرا».

وبينما كانت تتحدث بصراحة أمام الكاميرا، رسم لها أخوها صورة خجولة، حيث قال مانوج دالال «يمكنها أن تكون زوجة هندية طيبة، فهي تقوم بجميع أعمال المنزل، وتطهو جيدا، وتحترم الكبار، ونحن نريد رجلا من قبيلتنا، وإلا سيقاطع أقاربنا حفل الزفاف».

ومن أجل تصوير دالال وهي تعيش حياتها العملية والتقليدية والعصرية بسهولة، قام طاقم العمل بتصويرها في زي قائدة الطائرة، وأيضا وهي تجري على آلة الجري الرياضية، وتقود سيارتها، وتحضر دروسا لتعليم رقصة الصلصا، ولكنهم أظهروها أيضا وهي ترتدي الزي التقليدي سلوار كاميز، وتعد الشاي وتقدمه مع البسكويت لأسرتها.

وتواجه القناة مشكلة واحدة في برنامجها الجديد: وهي أن الزيجات المنسقة تماما غالبا ما تجعل مشاهدة التلفزيون مملة، وتقول تياغي «نريد أن نقدم خدمة قيمة، ولكن كلما كان الطرفان ألطف، أصبح البرنامج أقل متعة، ومعركتي الآن هي أن أكتشف ما إذا كانت مهمتي لعب دور الخاطبة، أو إمتاع المشاهدين».