أرماني يلعب على المضمون .. في اليوم الثاني من أسبوع باريس

من تصميمات جورجيو أرماني ومن عرض جورجيو أرماني
من تصميمات جورجيو أرماني ومن عرض جورجيو أرماني

اليوم موعدنا مع عروض كل من إيلي صعب وجون بول غوتييه و«فالنتينو»، لينتهي أسبوع الموضة الراقية لخريف وشتاء 2010 بباريس بنكهة لذيذة مطعمة بالترف والرومانسية المعاصرة، بلا شك.


هذا على الأقل ما نتوقعه من إيلي صعب، بحكم أنه عودنا على كل هذا منذ بدايته، وتابعنا، كمعجبات، تطوره السريع موسما بعد موسم، لا سيما في مجال الهوت كوتير.

فإيلي، من الكبار الذين تخصصوا فيه قبل الانتقال إلى الأزياء الجاهزة، وهنا أيضا أعطانا قطعا تحاكي الهوت كوتير في أناقتها ودقة تنفيذها، وهذا ما يجعل عرضه مثيرا ومشوقا في كل مرة.
 
هذا عن اليوم، أما بالنسبة ليوم أمس فقد كان مزيجا من الاحتفالات والتحديات المشوبة بالأسى، وقد يكون هذا ما طبع الأسبوع منذ بدايته، فباستثناء المصمم كريستيان لاكروا والأسى على مصيره غير المعروف، فإنه، أي الأسبوع، انطلق محملا بالترف رغم تجنب الكثير من بيوت الأزياء التبذير في الإخراج والعارضات العالميات وغيرها من التفاصيل.

هذا الأمر لم يكن واضحا بشكل كبير في عرضي ستيفان رولان بتصميماته الهندسية والمنسابة في الوقت ذاته، ولا في تشكيلة جون غاليانو لدار «ديور» التي أخذتنا إلى زمن المؤسس، السيد كريستيان، وكأنها بذلك تهرب بنا من الواقع القاتم إلى حقبة تميزت بالأناقة والرومانسية، ألا وهي الخمسينات من القرن الماضي.

لكن قد تكون هذه العروض، التي ينتظرها الحضور بلهفة رغم أنها لا تستغرق أكثر من عشرين دقيقة في أحسن الأحوال، مجرد مسكنات مؤقتة، لأن الحقيقة التي يصعب الهرب منها طوال هذا الأسبوع، هي أن يوم أمس ربما كان شاهدا على آخر تشكيلة قدمها كريستيان لاكروا، عاشق الألوان الصاخبة ومبتكر التنورة «البوف»، أي المستديرة والمنفوخة.

وما يجعل هذه التشكيلة مهمة أيضا أنها نفذت بالكثير من الحب والتحدي، الحب تجلى في أن خياطاته والمتعاونات معه عملن عليها من دون راتب حتى تخرج للنور، والتحدي تجلى في ردود فعل المصمم نفسه، فقد بدا وكأنه دون كيشوت من عصرنا يحارب طواحين الهواء والقدر، لأنه إلى يوم أمس لا يزال يردد أنه سيعود للعرض في المواسم القادمة، ويؤكد أنه لا يمكنه أن يتخلى عن اسم والديه وأجداده ليستغله غيره.

وجاءت التشكيلة لتعكس هذه الروح، فهو لم يغير من أسلوبه، لم يطوعه ولم يخفف منه حتى يرضي أحدا، بل جاءت مصبوغة بألوانه ومبالغاته الجميلة وفانتازياته التي جعلت هاويات «الهوت كوتير» يعشقنه ويحلمن بتحفه. ويقال إن مبيعاته ارتفعت بشكل واضح بمجرد إعلان إفلاسه وقرب النهاية، فاقتناء قطعة من دار قد تصبح في خبر كان، استثمار لا يضاهيه استثمار في عالم الموضة.

قبله عرض مصمم آخر لا يقل أهمية، هو اللبناني جورج شقرا، تشكيلة مفعمة بالأناقة والفخامة، غلبت عليها الفساتين الطويلة لتذكرنا بمفهوم الأسبوع وأنه يخاطب امرأة لها الرغبة والإمكانيات في امتلاك فستان لا يقل سعره عن 20.000 جنيه إسترليني، بغض النظر إن كانت هناك أزمة أم لا.

 لهذا لم يبخل على أي قطعة من قطعه بالتفاصيل التي من شأنها أن ترفعه إلى مرتبة الرقي وتجعل لابسته متألقة في أفخم المناسبات وأكبرها.

وتجدر الإشارة إلى أن شقرا أصبح من الوجوه المعروفة في أسبوع باريس للهوت كوتير بالذات، فيما يعرض خطه للأزياء الجاهزة في أسبوع نيويورك. من جهته قدم الإيطالي جيورجيو أرماني مجموعة من خطه «بريفيه» عاد فيها إلى أصوله، وبالذات إلى التايور المكون من جاكيت وبنطلون، لكنه هذه المرة أعاد صياغتهما بلغة عصرية، الأمر الذي بدا واضحا في الأكتاف المحددة والعالية بعض الشيء، والخصر الأنثوي المحدد، والبنطلونات الواسعة من دون أن تغمر الجسم أو تثقله، إلى جانب فساتين سهرة تتلألأ بالترتر والخرز وتعانق الجسد بحميمية أكبر. وهي عموما تشكيلة واقعية يسهل تسويقها، وهو ما عودنا عليه هذا المصمم السبعيني منذ أن أطلق خطه هذا.

وحتى يؤكد فهمه للسوق فقد تلا عرضه بإطلاق عطر جديد، أمر من الصعب على واحد مثل كريستيان لاكروا القيام به أو مجرد التفكير فيه، لكن هذه أحوال السوق، والبقاء، على ما يبدو، لمن يفهمه ويسايره.

بعد أرماني كان عرض مصمم دار «جيفنشي» الشاب ريكاردو تيشي، الذي يعتبر حاليا من أهم المصممين الشباب، وليس أدل على هذا من أنه مصمم الأزياء التي ستظهر بها مادونا في جولتها الغنائية المقبلة «ستيكي أند سويت».

لكن بما أن الأسبوع مناسبة لفعاليات جانبية أخرى، فإن دار «كريستيان ديور كوتير» استضافت أمس حفلا بمناسبة افتتاح معرض «عالم أندي وورهول» في «لوغران باليه»، وهو نفس المكان الذي عرضت فيه دار «شانيل» تشكيلتها للموسمين القادمين، لكن في جناح آخر وعلى الساعة التاسعة، حتى يتمكن ضيوف الأسبوع من الاستمتاع بكل الفعاليات من دون أن تتضارب الأوقات.

وتجدر الإشارة إلى أن الدار الفرنسية العريقة غيرت، لأول مرة منذ سنوات، توقيتها من الصباح إلى المساء، وهذا يعني أن ليل باريس كان حافلا أمس بالنجوم والأناقة.