تصميمات شواروفسكي .. شريك أساسي في عروض الأزياء العالمية

تتوجه أحجار الكريستال إلى أزياء الشابات والأنيقات اللواتي يتحلين ببعض الجرأة
تتوجه أحجار الكريستال إلى أزياء الشابات والأنيقات اللواتي يتحلين ببعض الجرأة

من شك أن نادجا سواروفسكي، مزهوة بنفسها وسعيدة بالنجاحات التي حققتها في عالم الموضة، وهذا من حقها، فهي الحاضر الغائب في معظم مناسباتنا، الخاصة والعامة على حد سواء، فضلا عن عروض الأزياء للملابس الجاهزة أو الأزياء الراقية، التي تطل علينا منها في كل مواسم، فقليل جدا من المصممين العالميين يمكنهم الاستغناء عما تقدمه لهم، بدءا من إيلي صعب إلى دار«بالمان» مرورا بـ«شانيل»، «ديور» وكريستيان لاكروا وهلم جرا.


لمن لا يعرفها أو يسمع بها، فإن نادجا، الرئيسة التنفيذية لشركة سواروفكسي، هي التي أمطرتنا بهذا الكم الهائل من البريق الذي نلبسه، من رؤوسنا، من خلال القبعات وإكسسوارات الشعر، إلى أخمص أقدامنا من خلال الأحذية والصنادل من دون أن ننسى بالطبع كل ما يتعلق بالأزياء والمجوهرات.

 حقها في أن تفخر بنفسها له مبرراته، فقد اكتسبته بحسها التجاري وذكائها في التسويق، فعندما ورثت الدار، كانت هذه الأخيرة مجرد شركة متخصصة في أحجار الكريستال تلاعب الموضة من بعيد جدا، وتركز على أشكال حيوانات صغيرة يمكن أن توضع في خزانات زجاجية لتزيينها.

جاءت الحفيدة فانتبهت إلى أن المستقبل يكمن في الأزياء والإكسسوارات وليس في ديكورات منزلية صغيرة، مهما بلغ حجم إبداعها وابتكارها، وهكذا بدأت تخطط لقصة غرام تربطنا بأحجار الكريستال لم تكتب نهايتها بعد.

فنحن نعشقها، وكذلك أوساط الموضة، والآن، أكثر من أي وقت مضى، لأننا نحتاج إلى أي شيء يوحي لنا بالترف وبصيص من الضوء والبريق، في وقت كل شيء فيه يدعو إلى التدبير والحذر.

 بعيدا عن عروض الأزياء وعن مغازلة المصممين العالميين، والشباب على حد سواء من أمثال كريستوفر كاين وجايلز ديكون وكريستوف ديكانين، لم تنس نادجا، شركة العائلة الأم، «سواروفكسي»، فعملت على توسيعها لتصبح لها فروع مترامية في كل أنحاء العالم بما فيها المطارات.

وسرعان ما نجحت في بيعنا حلم الماس الكريستالي، مرة من خلال مجوهرات تزغلل العين، ويمكن بسهولة أن تخدعها إذا لم تكن عارفة لتعطيها الانطباع بأنها أصلية تقدر بالآلاف، أو من خلال حقائب يد تليق بأحلى السهرات، ويفوق سعرها في الكثير من الأحيان سعر مجوهراتها، لكن ما لا يختلف عليه اثنان أن ما يحسب لها، نجاحها في إغواء كبار المصممين، وجعلهم يدمنون عليها في كل موسم لإضفاء البريق على تشكيلاتهم.

وربما يكون مصمم دار «بالمان» كريستوف ديكارنين هو أكبر صيد ورصيد لها ولشركتها، لأنه مصمم الساعة، وكل ما يطرحه يتحول إلى بضاعة ساخنة تتلهف عليها الأنيقات الشابات على وجه الخصوص، حتى وإن لم تفهم الأمهات والجدات سبب هذه اللهفة بالنظر إلى بنطلونات الجينز المقطعة التي تقدر بآلاف الدولارات أو الأحذية المرصعة وغيرها.

وربما هنا يكمن سحر دار «بالمان»، فهي تخاطب المستقبل وترسم خطوطه، وإذا كانت هناك قراءة في هذا المستقبل فإنه متألق وساطع، بدليل الصندل المرصع بأحجار الكريستال، الذي طرحته لهذا الموسم، ويقدر بأكثر من ألف دولار، ومع ذلك تفوق على أي صندل طرحه جيمي شو أو كريستيان لوبوتان بنصف السعر، حسبما تشير إليه أرقام المبيعات، كذلك الأمر بالنسبة لجاكيت بأكتاف محددة وصارمة أيضا مرصع بأحجار شواروفسكي.

وللأمانة فإن كريستوف ديكارنين ليس المسؤول الوحيد على إغراق السوق بكل ما يتلألأ بريقا كريستاليا، فهناك درايز فان نوتن وإيلي صعب ودولتشي اند غابانا وهلم جرا من الكبار، الذين لم يقتصروا على هذا الحجر فحسب، بل لجأوا أيضا إلى الترتر والعقيق أو أي شيء مشابه ما دام يعطي نفس النتيجة.

والنتيجة إطلالة تتلألأ بالذهب والماس، لكن من دون مبالغة وبطريقة مفعمة بالأناقة العصرية، لهذا اطمئني فأنت لن تكوني ضحية موضة هذا الموسم إذا سبحت في هذا البحر من البريق، على شرط مراعاة أصول تتلخص في أن البريق يجب أن يكون على شكل أشعة خفيفة وليس كشلال يغمرك بالكامل.

استمتعي به في النهار، مثلا، إذا كان يرصع كنزة مفتوحة يظهر من تحتها «تي-شيرت» عادي ومع بنطلون جينز، أو إذا كان يرصع حزام تنورة أو حواشي فستان، كما يمكنك ان تقتصري على حذاء أو حقيبة يد أو حزام أو حتى طوق شعر.

وكل هذه الإكسسوارات سهل التوصل إليها، لأن معظم بيوت الأزياء العريقة والشابة لجأت إليه في هذا الموسم.

فأنت مثلا ستجدينه عند دار «بيربيري» وعند فرساتشي في خطها «فرسيس» الذي تعاونت فيه دوناتيلا مع المصمم الشاب كريستوفر كاين. وتجدر الإشارة إلى أن هناك علاقة متينة بين هذا الأخير وبين نادجا، فقد كانت تزوده بماسها الكريستالي في بداياته كمصمم، وعندما كانت إمكاناته لا تسمح بالبذخ الكثير. بدوره طبق معها مقولة: «لا يرد الكريم إلا البخيل»، الأمر الذي تجلى في سخائه في استعماله في الكثير من تصميماته.

بالنسبة لمناسبات المساء والسهرة، فيمكن أن تطلقي لنفسك العنان، لكن هنا أيضا عليك أن تتوخي الذوق وليس الاستعراض.

النقطة الأخرى التي يجب الانتباه إليها، عدم الخلط بين الأزياء المرصعة بالأحجار والترتر، وبين البريق الذي نحصل عليه من أزياء بأقمشة مغزولة أو مطبوعة باللونين الفضي والذهبي مثل اللاميه والمقصب.

صحيح أن هذين اللونين والأقمشة حاضرة هذا الموسم، لكن ليس بنفس قوة الكريستال والأحجار البراقة، بعبارة أخرى إذا اعتبرنا أن أحجار الكريستال تتوجه إلى أزياء الشابات والأنيقات اللواتي يتحلين ببعض الجرأة، فإن الأقمشة ذات الألوان المعدنية، الذهبي والفضي، تعتبر كلاسيكية بالمقارنة، ويمكن أن تخاطب كل الأذواق بما فيها المرأة الناضجة.

الكريستال .. تاريخيا
الكريستال هو معدن له تركيبة كيمائية بلورية صلبة، يتم استخراجها من أحجار الكوارتز المعروفة بـ«الصخور البلورية» من الجبال أو باطن الأرض الصلبة، ويعد حجرا يتميز بلون أبيض شفاف شديد اللمعان، لكنه أيضاً متوافر بألوان عديدة منها الزهري والبني.

والكريستال هو كلمة مشتقة من كلمة Krustallos اليونانية القديمة، حيث كان اليونانيون القدماء يطلقون هذه الكلمة على الجليد لما يتمتع به من نظافة وشفافية، فقد كانوا يفاجئون عندما تتحول المياه السائلة إلى ما يشبه الحجر، غير أنهم اكتشفوا بعد ذلك أنه يوجد في الصخور ما يشبه هذا الثلج، أحجار من دون لون وشفافة، لكنه ليس ماء، ومن هنا أطلقوا عليه اسم الكريستال الجبلي.

لكن لصعوبة الوصول إلى هذا النوع من الكريستال الطبيعي ومعالجته فقد تم التوصل إلى طريقة أخرى من أجل الحصول على مواد بنفس هذه المواصفات ومن دون استخراجها من الجبال، ساعدت على ذلك تكنولوجيا إنتاج الزجاج.

حيث يتم صنع هذا الكريستال عن طريق اختيار نوع معين من الزجاج يتميز بالنعومة والشفافية، والاستعاضة بأكسيد الرصاص عن أكسيد الكالسيوم الموجود في المادة الأصلية، بحيث يؤدي ثقل الزجاج بمادة الرصاص إلى جعله أكثر نعومة وتصبح عملية حَفِّهِ وتشكله أفضل.

وتعد التشيك مهد صناعة الكريستال في العالم، فقد نشأت هذه الصناعة في تشيكيا منذ القرن التاسع الميلادي، خاصة في منطقة بوهيميا الشمالية، غير أن تشيكيا أصبحت مركزا عالميا لإنتاج الكريستال في نهايات القرن السادس عشر وبدايات القرن السابع عشر، فقد سيطرت بقوة على الأسواق الأوروبية والعالمية.

ويعود افتتاح أول مدرسة لتعليم هذه الصناعة في تشيكيا إلى عام 1763، حيث يتم إنتاج مختلف أنواع الكؤوس والمزهريات والأشكال الحيوانية المختلفة وصحون الفواكه الكبيرة والصغيرة والزهور الكريستالية وعقود الكريستال، ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه الصناعة أحد أهم مصادر الدخل الرئيسية في البلاد.

وحالياً يعد «سواروفسكي»، أكبر مصنع للكريستال المصقول في العالم، حيث يحظى هذا الاسم بالتقدير الكبير نظراً للابتكار المتواصل الذي يميز هذا المنتج، ويرجع تاريخ هذا الاسم إلى المخترع والفنان دانيال سواروفسكي الذي انتقل عام 1892 إلى فاتنز في تيرول النمسا، حاملاً آلة جديدة اخترعها لقطع أحجار الكريستال وتلميعها، أحدثت انقلاباً في عالم الموضة، تلاها انطلاقة قوية لسواروفسكي الذي أصبح رائداً في عالم صناعة الكريستال المصقول لاستخدامه في الموضة والمجوهرات.

وللكريستال استخدامات متعددة، أكثرها في أمور الزينة والتحف الفنية، فقد ارتبطت أحجار الكريستال والمواد المصنعة منه بأجود أنواع الحلي والملابس، خاصة في نيويورك ولندن وباريس، لما تضيفه من فخامة ووسيلة لجذب الأنظار.

 لكن الأمر لم يعد يقتصر على الملابس والإكسسوارات فقط، بل دخل أيضا مجال الديكور، مثل الوسائد المرصعة بالكريستال والمفارش وأيضا الثلاجات والأدوات الكهربائية والتكنولوجية.

هذا إلى جانب التاريخ القديم للعلاج بالكريستال، فقد اعتمد ضمن المعالجات الطبية البديلة المعترف بها عالمياً والمشهود لها بالقدرة على تحقيق الشفاء في بعض الأمراض.