للبيع منزل عاش فيه غاندي في جنوب أفريقيا .. شهد مولد فلسفة اللاعنف

غاندي اصبح اول مدعي من اصل هندي في جنوب افريقيا عام
غاندي اصبح اول مدعي من اصل هندي في جنوب افريقيا عام

تنهال على صاحبته عشرات العروض منذ أن بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن تاريخه 


احتفظ المنزل الذي عاش فيه غاندي في جنوب أفريقيا قرب كنيس يهودي بجماله الهادئ بعيدا عن ضجيج وصخب جوهانسبورغ، ويشد البيت، المعروض اليوم للبيع، الأنظار، ويتنافس الراغبون في شرائه للسير على خطى المهاتما، ولم تشهد نانسي بال حماسا لشراء هذا المنزل من قبل.

فبعد أن بحثت سنوات عن صيد ثمين، أي زبون يريد حماية الإرث التاريخي لهذا المنزل، أصبحت تنهال عليها عشرات العروض منذ أن بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن تاريخه.

وقالت صاحبة المنزل، بينما كانت جالسة في غرفة الطعام، التي نام فيها غاندي، إن «هذا المنزل أصبح ظاهرة مثل سوزان بويل (التي أصبحت نجمة منذ مشاركتها في مسابقة للأغنية)، منذ نشر هذا المقال الصغير. لقد أثار اهتماما كبيرا في الهند وغيرها».

وقالت بال: «لم أصدق حجم الاهتمام بالبيت، غير قادرة أن أحصي عدد المكالمات من المهتمين بشراء البيت، وصلت من معظم أنحاء الهند ومن ماليزيا».

وأضافت أنها تشعر أنه يجب الحفاظ عليه وتحويله إلى متحف، وسوف تقوم إحدى حفيدات المهاتما، واسمها كيرتي مينون، بزيارة المكان قريبا.

لقد أثارت بعض مقتنيات الزعيم الهندي قبل شهور، نظاراته وساعة جيبه وصندله البسيط، الاهتمام نفسه بعد عرضها في مزاد للبيع في نيويورك.

وأثار المزاد ضجة لأن ما كان يملكه هذا الرجل البسيط يجب أن يبقى كنزا وطنيا ملكا للدولة الهندية، واشترى المقتنيات رجل أعمال من بلده، وتبرع بها إلى الحكومة للاحتفاظ بها في المتاحف الوطنية.

وصل المهاتما غاندي إلى جنوب أفريقيا عام 1893، عندما كان يعمل محاميا ليترافع في قضية هناك، وأصبح أول مدعٍ من أصل هندي عام 1903 في جنوب أفريقيا، وقاد حملة من أجل المساواة عام 1908 في جنوب أفريقيا قبل أن يبدأ حملته في بلده الأصلي من أجل الاستقلال.

وبين 1908 و1910 تردد غاندي باستمرار على هذا البيت الذي بناه صديقه المهندس المعماري هيرمان كالنباخ.

ومنذ ذلك الحين تم توسيع المنزل وتحديثه. لكن نانسي، وهي فنانة أميركية، وزوجها الجنوب أفريقي حرصا على المحافظة على روح المكان منذ وصولهما في 1981، اشترت العائلة البيت بمبلغ 65 ألف راند، ويعرض البيت الآن بمبلغ 208 مليون راند (300 ألف دولار).

وقد حافظا على الحديقة والبئر والقاعدة المعدنية التي تسند السلم الذي يقود إلى الغرفة الصغيرة التي كان غاندي ينام فيها.

وأوضحت هذه السيدة التي ستنتقل قريبا إلى الكاب (جنوب شرقي) لتعيش قرب أولادها الثلاثة أن هذا المنزل أطلق عليه اسم «الكرال» (وتعني أرضا مسيجة للمواشي) لأنه «مزيج من العمارة الأفريقية والأوروبية».

وأضافت أن «الكوخين الدائريين من سمات أفريقيا، لكن هناك الجانب الأوروبي المتمثل بوجود مدخنة من الآجر».

وفي جوهانسبورغ، هذا المنزل واحد من المباني النادرة التي لم تدمر، حسبما أكدت نانسي بال.

وخلال عشر سنوات أمضاها في العاصمة الاقتصادية لجنوب أفريقيا، ترك المحامي الشاب غاندي بصمات في منزله الأول الواقع في شارع البرميل، وفي مركز إحراق الموتى الذي ساهم في تأسيسه وفي أول مركز اعتقل فيه «كونستيتيوشن هيل».

وكان غاندي بدأ نشاطه السياسي في جنوب أفريقيا حيث أمضى 21 سنة متقطعة، تخللتها رحلات أقام خلالها في بريطانيا والهند، حسبما يؤكد إيريك ايتسكين مؤلف كتاب «جوهانسبورغ غاندي».

وحتى رحيله في 1914، وضع ثم طبّق فلسفة «الساتياغراها» التي تتمحور حول اللاعنف، وعدم التعاون من أجل الاحتجاج على التمييز العنصري بحق الهنود.

ويقول ايتسكين من بلدية جوهانسبورغ، كما جاء في الوكالة الفرنسية للأنباء، «لقد بدأ معركته هنا»، موضحا أنه «آثر إلى حد كبير على حركة تحرير السود وإنشاء المؤتمر الوطني الأفريقي الذي ناضل ضد الفصل العنصري.

ويعبر ايتسكين عن الأسف لغياب الحديث عن هذا الإرث، مشيرا إلى وجود معرضين فقط حول مسيرة غاندي، وساحة تحمل اسمه في وسط المدينة.

وتابع أن سكان جنوب أفريقيا والسياح، على حد سواء، يجهلون في أغلب الأحيان أن غاندي بدأ معاركه الأولى في جوهانسبورغ، ويمكن أن يسمح عرض «الكرال» للبيع بعدما أثار اهتمام هنود نافذين، أن يروج لهذا الإرث.

وقالت نانسي بال: «إذا أصبح هذا المنزل موقعا تاريخيا حول حياته، ومكانا يمكن أن يأتي الناس للتأمل فيه سيكون الأمر رائعا».

وتحلم بال بأن يتحول منزل عائلتها هذا إلى مركز مخصص لغاندي.