دفع النساء للمهور بدلا عن الرجل .. عادة غريبة داخل المجتمع المسلم في الهند

يعود أصل دفع عائلة العروس للمهر في الهند كهدية زفاف إلى الطبقات العليا من المجتمع الهندوسي حيث تدفعه عائلة العروس إلى أهل الزوج، وعلى الرغم من تحريم العلماء المسلمين الهنود والقانون الهندي له فأن عادة
يعود أصل دفع عائلة العروس للمهر في الهند كهدية زفاف إلى الطبقات العليا من المجتمع الهندوسي حيث تدفعه عائلة العروس إلى أهل الزوج، وعلى الرغم من تحريم العلماء المسلمين الهنود والقانون الهندي له فأن عادة

تسببت عادة دفع النساء للمهور، على عكس ما توجبه الشريعة الإسلامية إلى حدوث انقسامات خطيرة داخل المجتمع المسلم في الهند، على الرغم من تحريم العلماء المسلمين الهنود والقانون الهندي لذلك.


ويعود أصل دفع عائلة العروس للمهر في الهند كهدية زفاف (إما نقدا أو منقولات) إلى الطبقات العليا من المجتمع الهندوسي، حيث تدفعه عائلة العروس إلى أهل الزوج.

وفي الوقت الذي لا يزال فيه المهر شائعا بين الهندوس، أخذت تلك الممارسات تشهد ارتفاعا متزايدا بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى أيضا.

وكما هو معروف، فإن الإسلام يقضي بأن يدفع الرجل المهر للعروس، ويلزم الرجل بأن يدفع للمرأة المهر، ما لم تتنازل المرأة عن ذلك رغبة منها.

وتشير الدراسة التي أجرتها كلية دراسات وتنمية المرأة الهندية بين المجتمعات المسلمة في مناطق أخرى من الهند، إلى أن المسلمين يؤمنون بأن تلك الصورة من تقديم المهر لا أصل لها في الشرع، لكنهم مع ذلك لا يزالون مستمرين في طلبه.

وقد أظهر البحث أن المهور لم تعد تقتصر على المال، بل امتدت إلى الحلي والأثاث والمنزل والأرض.

كما وجدت الدراسة أن المغالاة في طلب المهور زاد من انتشار عمليات إجهاض بين المسلمات.

وقالت الدراسة: «أقدمت شابة تعرضت لمضايقات من جانب زوجها بأنها لم تقدم مهرا ملائما على الخضوع لثلاث عمليات إجهاض، عندما أثبت كشف الموجات فوق الصوتية أنها تحمل بنتا».

وقد استطلع البحث آراء 63 رجلا مسلما في دلهي حول القضية، وبرر البعض ممن شملهم البحث تقديم أو قبول المهر.

عكست دراسة السيدات أن المهر عادة ما يتضمن نطاقا كاملا من البضائع الاستهلاكية مثل التلفزيون والثلاجة والغسالة والحلي والملابس ومكيفات الهواء والسيارة. وعادة ما يضطر والدا الفتاة إلى الاقتراض لتقديم المهر، وأصبح تقديم المهر رمزا على المكانة الاجتماعية.

وقال نظيم الدين سيد، البالغ من العمر 35 عاما، الذي يعمل محاسبا في دلهي، والذي لم يتزوج حتى الآن: «من الصعب أن أجد الزوجة القادرة على كل ما تطلبه أمي، ونتيجة لذلك لم أتزوج إلى الآن».

وعندما سئلت أمه عن السبب في طلب مهر من العروس، قالت: «لقد أنفقنا الكثير على ابننا على تعليمه وتربيته، وسوف نزوجه من العروس التي تدفع مهرا أكثر، فهي ستستفيد من كل الأموال التي أنفقناها عليه، ولذا يمكنهم أن يدفعوا لكي يحصلوا على ابننا».

من بين الحالات الأخرى، حالة سلطان أحمد البالغ من العمر 29 عاما، الذي يعيش في دلهي، والذي قال «أنا لا أرغب في تلقي مهر، لكني لا أستطيع أن أمنع والداي من طلبه؛ لأنهما لن يحترماني إذا ما فعلت ذلك».

ولذا في محاولة لاحترام الوالدين والتكيف مع الأعراف الثقافية، يتبع الشباب الهنود المسلمون التقاليد التي لا توجد لها أصول في الإسلام، وربما تعتبر المطالبة بالمهر والزواج أمرا مقبولا بالنسبة للبعض، لكن هل الزواج بهذه الطريقة يرضي الله؟

وقال المحاضر الإسلامي الهندي النافذ في جامعة ديوباند، شيخ الحديث مولانا طلحة: «إن المهر لعنة اجتماعية ويعارض التعاليم الإسلامية.

وعلى الرغم من انتشاره مثل الوباء في المجتمع المسلم، إلا أنه وصل إلى المجتمعات الأخرى في البلاد»، وتلك حقيقة مريرة.

وبرغم من حملات «الإصلاح الاجتماعي» و«العائلة المسلمة» التي أطلقتها المنظمات الإسلامية مثل جماعة الأمة الهندية وجماعة الإسلام على التوالي، إلا أن المشكلة تتفاقم.

وقال مولانا طلحة: «النمو السرطاني للمهر في المجتمع الإسلامي يرجع إلى الجهل والجشع من أجل المال، لكن يجب أن نسارع جهود الإصلاح الاجتماعي لكي نتغلب على هذا الخطر الشديد، كما طالب أيضا بفرض قانون قوي ضد الاستغلال باسم المهر».

وعندما اتصلنا بمولانا محمد سالم قاسمي، من جامعة دار العلوم، وقف ديوباند قال: «المطالبة بالمهر ليس إثما شرعيا، لكنه إثم اجتماعي، وهناك واجب ديني بضرورة وقف هذه الممارسة، ولذا يجب على جميعنا العمل بصورة مشتركة.

والحل الأمثل لهذه القضية هو التيسير في الزواج، فالإسلام يدعو إلى التيسير، وهو يمنع تبني كل الممارسات التي تؤدي إلى كل هذه الشرور الموجودة في المجتمع».

أما مولانا سيد محمد شهيد مزاهيري فقال: «نظرا لقلة المعرفة والجشع في الحصول على الممتلكات الدنيوية، وأن المسلمين يحولون الزواج إلى قضية مكلفة وصعبة، ومن ثم فإن المطالبة بالمهر واستغلال النساء بهذه الذريعة مناف للشريعة الإسلامية».

وتقول شهيدة صديقي، عضو اتحاد النساء الديمقراطيات الهنديات، الذي يعمل على الرفع من شأن السيدات المسلمات: «أصدر العلماء المسلمون العديد من الفتاوى على قضايا ثانوية، لكنهم ينأون عن الدخول في حملة على الصعيد الديني في خطب الجمعة، لرفض هذه الأخطاء الاجتماعية من المهور بين المسلمين».

ولا يمكن لأحد أن ينكر في الوقت الحالي حقيقة أن هناك حاجة إلى الكثير من الإصلاحات في المجتمع المسلم في الهند.

فقد أصبح في حاجة كبيرة إلى إزالة الشرور والضعف، اللذين زحفا على العادات والتقاليد والعلاقات المشتركة والثقافة وأسلوب الحياة والزواج وقيم الأسرة، كما تنبع الحاجة إلى توحيد الجهود لإصلاح المجتمع.

ويؤكد امتياز أحمد، أستاذ علم الاجتماع في جامعة جواهر لال نهرو في دلهي، على تزايد حالات الموت بسبب المهور بين المسلمات، حيث توفيت العديد من الفتيات المسلمات لأسباب غير طبيعية خلال السنوات السبع الأولى من الزواج، غالبيتهن بسبب مضايقات المهر، وتمتلئ وسائل الإعلام يوميا بمثل تلك الأخبار.

ومثال على ذلك شابة تبلغ من العمر 23 عاما، ومتزوجة، اضطرت لدفع ثمن سيارة، وشعر زوجها أن والد زوجته، الذي يملك حصة في سوق تجاري في الخليج لم يزوج ابنته بما يناسب مكانته الاجتماعية، فما كان من الفتاة إلا أن أشعلت النار في نفسها بعد ستة أشهر من الزواج.

وقد وجدت الدراسة أنه في الوقت الذي لا تزال فيه قيمة المهور منخفضة بين أوساط الطبقة المتوسطة العاملة والفقيرة (ما بين 125 إلى 500 روبية) وصلت بين الطبقة الميسورة إلى 300,000 روبية. وأظهرت الدراسة أن بعض الفتيات اعتقدن خطأ بأن المهر سيضمن لهن معاملة جيدة من والدي الزوج، غير أن الارتفاع الكبير في قضايا المضايقات بسبب قيمة المهر تكذب ذلك.

وقد قررت سابا البالغة من العمر 30 عاما، التي تعمل معلمة في مدرسة خاصة العزوف عن الزواج في الوقت الذي تخطت فيه الفتيات في مثل سنها سن الزواج.

رغم أن سابا متعلمة وقادرة على إعالة نفسها بصورة جيدة، إلا أن والديها يعارضان قرارها، لكن هل ستتمكن من الثبات على رأيها؟

وإن حدث ذلك فإلى متى؟

ويبدي والدا سابا قلقهما البالغ على تقدم العمر بابنتهما، التي ازداد وزنها إلى حوالي 70 كيلوغراما، الذي سيصعب معه الحصول على زوج مناسب في هذا الوقت.

ويشاع في الهند أن المهر نعمة للفتاة التي لم تولد جميلة، حيث يعتقد الآباء أنك إذا ما كنت مستعدا لتقديم مهر كبير لابنتك فسوف تتزوج بسهولة تامة.

وقد قررت ريحانة التي تبلغ من العمر 23 عاما، والتي ضاقت بمطالب أمهات أزواج أختيها الكبيرتين الزواج من شخص لا يقبل مهرا. وكان لها ما أرادت فتزوجت من ساهيل وهما الآن يعيشان معا، وقالت: «إن المهر نوع من التسول، ومن يتسولوا مرة يداوموا على ذلك إلى الأبد.

إنه أمر لا ينتهي، أما في الزواج القائم على الحب يختفي مصطلح المهر، وهو أمر صحيح للغاية».

وخلال العام الماضي قامت فتاة مسلمة ارتبطت بعلاقة حب بأحد الشباب على مدار أربع سنوات، ووجدت خلال هذه السنوات الأربع أن الشاب جشع في طلب المهر فرفضته في ليلة الزفاف.

وعاد والدا العريس خاليي الوفاض، ولكي يتجنب قضية الشرطة دفع والد العريس النفقات التي دفعها والد العروس ووعد بإعادة بعض المنقولات التي قدمت بالفعل إلى أهل العريس.

وقد سنت القوانين التي تمنع المهور في الهند عام 1961، لكن القوانين ذاتها لم تفعل شيئا لوقف تلك الممارسات الخاطئة، ولم تخرج تلك الجهود عن نطاق الكلام الشفهي، ولم تقم بمنعه.

ويشير البعض إلى أن الأزمنة تغيرت وأن المال الآن بات كل شيء، ومن ثم يجب أن يعيش الناس ويموتون من أجل المال فقط.

وللحصول على المال يطلب الأهل المهر والمال في مناسبات الزواج، وربما يأتي ضمن المهر أشياء مثل سيارة للزوج.

ويلجأ آباء الفتيات إلى الاقتراض بفوائد مرتفعة للوفاء بمتطلبات العريس، والحفاظ على وضعهم الاجتماعي في المجتمع.

لكن مطالبة العروس والديها بالمهر أمر غير إسلامي، ولا ترتضيه الشريعة الإسلامية، بل هو تقليد هندوسي يتبعه مسلمو الهند على غير هدى.

صحيح أن المسلمين لن يتوقفوا عن طلب أو أخذ المهور، لكن ما يحدث بين الأوساط المسلمة في الهند حاليا في هذا الخصوص خطأ فادح.