دوناتيلا .. المرأة التي تحاول إعادة صياغة الترف في فيرساتشي من جديد

دوناتيلا مع أخيها جياني في عام 1992، قبل مصرعه بخمس سنوات ودوناتيلا فرساتشي بعد انتهاء عرضها للخريف والشتاء الحاليين
دوناتيلا مع أخيها جياني في عام 1992، قبل مصرعه بخمس سنوات ودوناتيلا فرساتشي بعد انتهاء عرضها للخريف والشتاء الحاليين

«إنني امرأة مناضلة» بتلك الكلمات تحدثت المصممة دوناتيلا فيرساتشي خلال زيارة سريعة لها إلى نيويورك عن حياتها وتجاربها وتأثيرات الأزمة الاقتصادية على الدار، التي ورثتها عن أخيها، جياني فيرساتشي.


زيارة أعطت فيها دوناتيلا الانطباع أنه ليس هناك أي تغيير في حياتها أو في دار «فرساتشي»، فسواء ترأست الحفل الخيري الضخم لمتحف ويتني للفن الأميركي، حيث تعتبر أحد داعميه، أو التقطت لها صور مع الممثلة ليندسي لوهان أو كانت ضيفة الشرف على مأدبة غداء أقامتها على شرفها تينا براون، فإن دوناتيلا فيرساتشي تمتلك دائما هالة خاصة من الأناقة الرفيعة والهدوء.

بيد أن هدوءها ورباطة جأشها مجرد قناع تخفي وراءه العديد من المشاكل التي تمر بها دارها.

فبعد يومين من مغادرتها نيويورك باتجاه البرازيل لحضور حفل فاشون روكس، أعلنت «جياني فيرساتشي» الشركة المملوكة للعائلة، التي تتولى دوناتيلا رئاستها، أنه ستخفض نسبة 26% من العمالة الموجودة بالشركة حول العالم، أي 350 وظيفة، حيث تعرضت الشركة لخسائر بلغت 45 مليون دولار في عام 2009، ولن تتمكن من العودة إلى الربحية قبل عام 2011.

لم تكن تلك هي الإشارة الأولى على أن فيرساتشي تعاني من تراجع كبير في مبيعات منتجات الرفاهية من قبل المستهلكين حول العالم، ففي بداية أكتوبر أعلنت الشركة عن إغلاق ثلاثة من متاجرها في اليابان وهو ما يعد رحيلا مفاجئا عن السوق المربحة إلى حد كبير الذي دخلته عام 1981، إبان العصر الذهبي لـ«فيرساتشي».

وقال غيان جياكومو فيراري، المدير التنفيذي الجديد لشركة فيرساتشي في محادثة تليفونية معه من ميلانو: «في عالم الأعمال لا يمكنك أن تحلم بعودة الاقتصاد إلى سابق عهده، فهو أمر لا يستطيع أحد التأكد منه.

والمدير المسؤول يجب عليه أن يواجه الحقيقة وأن يتصرف تبعا لها، لكن فيرساتشي أيضا، كشركة متخصصة في صناعة الموضة، بحاجة لأن تكون صاحبة توجه إبداعي».

يبدو أن هذا التأكيد أثار العديد من التساؤلات. فكيف يمكن للفرد أن يضع توجهات في تجارة تعاني بدرجة كبيرة؟

هل هناك مستقبل لبيوت الأزياء الصغيرة الخاصة مثل فيرساتشي في صناعة هيمنت عليها المجموعات الضخمة مثل «إل.في.إم.إتش» وغيرها ممن لم تتوقف إبتكاراتها عند حدود الأزياء، بل تعدتها إلى منتجات مختلفة بما فيها المشروبات وغيرها؟

وتشير شركة بيان آند كومباني، للاستشارات، إلى أنه على الرغم من إشارة تقارير هذا الأسبوع إلى أن المستهلكين الأميركيين بدأوا يستعيدون بصورة بسيطة حسهم الشرائي للموضة، إلا أن السوق العالمية لمثل هذه المنتجات تراجعت بنسبة 10% منذ 2007 من إجمالي صناعة يبلغ نشاطها حوالي 221 مليار دولار.

وقد أحدث الركود الاقتصادي تداعيات خطيرة على بيوت الأزياء المستقلة مثل فيرساتشي، التي واجهت تحديا إضافيا بتمهيدها الطريق لمصممين استولوا على نقاط قوتها وعملوا على استغلالها.

فقد ظهرت أسماء مثل دولتشي آند غابانا وروبرتو كافالي وآخرين على الساحة بتبنيها منهج فيرساتشي القائم على الإثارة والتصميم للمشاهير.

وأشار رون فراستش، رئيس ومدير التسويق في شركة فيفث أفنيو، إلى أن عددا قليلا من الماركات في العالم استطاعت الحفاظ على اسمها وولاء عملائها.

أما كيف ستتمكن دار أزياء فيرساتسي من تجاوز الأزمة الحالية، فقضية لا تتمثل فقط حول كيفية إعادة تجديد أعمالها، لكن أيضا في كيفية موازنة عروضها من منظور السعر كباقي منافسيها.

بمعنى آخر ستضطر إلى استعادة بصمتها من الرفاهية في الوقت الذي ستسعى فيه إلى اجتذاب زبائن جدد ببضائع رخيصة.

وقال فراستش: «دأبت فيرساتشي على تقديم خدماتها لقطاع كبير من العملاء أكثر مما يعتقده الناس، ولا تزال علامة تجارية تحظى بالقبول لدى الكثيرين».

ربما يعود ذلك في الأساس إلى جهود مصممة، تطغى حياتها الشخصية وجراحات التجميل التي تجريها على تأثيرها المبدع على الشركة التي أنشأها أخوها في أواسط السبعينات، وتسلمت مقاليدها بعد مصرع أخيها المؤسس للدار، جياني فيرساتشي، على سلم منزله في ميامي قبل 12 عاما.

دوناتيلا، التي كانت مصدر إلهام لأخيها، تقول إنها لم تكن ترغب بالمنصب على الإطلاق، وإنها كانت دائما سعيدة بالعمل وراء الأضواء.

في جناحها بفندق والدورف تاورز، حيث أقامت تحت اسم مستعار، هو السيدة مونتيز، سعيا وراء مزيد من الخصوصية، جلست على أريكة وهي ترتدي بنطلونا ضيقا وحذاء ذا كعب عالٍ، لا تتخلى عنه إلا حين توجهها إلى النادي الرياضي، وشعرها المصبوغ أشبه بحوريات القصص الأسطورية، لتتكلم بلكنة إنجليزية ثقيلة، عن وفاة أخيها وصعودها كمصممة أولى للدار ووجها الممثل.

تقول: «لم يكن من السهل أن أؤمن بنفسي أو بالمستقبل. كان الجميع ينظرون إليَّ على أنني المخلصة، وكان عليَّ أن ألعب شخصية المرأة القوية التي لا أمتلكها».

ذلك الادعاء لا يتسق مع الصلابة التي أدت إلى مغادرة جيانكارولو دي ريزيو، المدير التنفيذي، الذي عهد إليه بإعادة ترتيب دار فيرساتشي في يونيو.

وقد أعاد دي ريسيو الشركة إلى الربحية بعد سنوات من التشرد التي نتجت، ولو بنذر يسير، عن مشكلات السيدة فيرساتشي الشهيرة مع المخدرات.

وقد تحدثت تقارير عن نزاع بينهما بشأن خفض النفقات وبعد أربعة أشهر من وضع مدير تنفيذي جديد وافقت السيدة فيرساتشي على قراره إغلاق المتاجر وتعزيز عملية التصنيع وتعهيد العمليات وإلغاء مئات الوظائف.

وقالت لم يكن لدي خيار آخر في حياتي سوى أن أصبح شخصية قوية.

كان عليَّ القيام بذلك، لأجل جياني في المقام الأول ومن أجل أولادي، مشيرة إلى ابنتها إليغرا، التي ورثت 50% من الشركة في عام 2004 عندما بلغت سن الثامنة عشرة.

وقالت عن الأيام الأولى: «لم نكن نبيع بكثرة في البداية».

لم تكن هناك حاجة للمسارعة في البيع عندما دخلت مصحة لإعادة التأهيل في عام 2004.

الحقيقة أنه كان هناك على الدوام من تشككوا في قيادة أخت المصمم للدار.

كما أثيرت تساؤلات كثيرة حول قدرة «فيرساتشي» الدار، على الصمود في محيط الموضة التي بدأت تسيطر عليها في أواخر التسعينات الشركات الكبيرة والغنية.

غير أن قوة دوناتيلا كانت دافعا كبيرا، فهي لم تساعد الدار بصورة إبداعية فحسب، بل وقادتها تجاه تحقيق أرباح، على الرغم من حياتها الباذخة وميلها للإنفاق، حيث عملت مع أخيها الأكبر، سانتو، على الإشراف على كل شيء.

وأشارت إلى أنها حتى في الأيام التي أدمنت فيها الكوكايين، وأثارت المخاوف على مصير الدار ومدى قدرتها على العطاء، كانت تطرح ثماني مجموعات في العام، وتتساءل: «إذا كانت مشكلتي كبيرة كما يقول الجميع، فكيف استطعت إدارة هذه الشركة وأن اطرح كل هذه المجموعات؟.

تجدر الإشارة إلى أن دخولها مركزاً لإعادة التأهيل في أريزونا جاء بمبادرة من مجموعة من الأصدقاء ومنهم إلتون جون، اضطروا إلى التدخل خلال أحد الحفلات في ميلانو.

تشرح: «كنت أرتدي أبهى حللي ودخلت إلى الحمام لأشم الكوكايين، ولم أدري أن هناك أمرا غريبا ألم بي، لكن عندما خرجت كان كل أصدقائي يجلسون في حلقة وصارحوني بالقول: «إنك تعانين من مشكلة. إننا نحبك، يجب علينا أن نساعدك»، تماما مثل ردة فعلها الحالية عن الركود الاقتصادي وتأثيرها، تروي السيدة فيرساتشي بلامبالاة عن هذا الحادث القديم.

فقد يشير إليها الناس كالمرأة التي مات أخوها أو المرأة التي تتعاطى المخدرات»، وربما لن تسجل الشركة أرباحا قياسية كتلك التي حققتها حينما كان الجميع، من دون استثناء، يسعى للحصول على حقائب وأحذية فيرساتشي، وهذه هي الحقيقة التي عليها مواجهتها والتعامل معها: «فسواء كانت الفكرة هي الالتزام أو إعادة تطوير نفسك وصورتك في السوق العالمية، فإن الحياة بالنسبة لي فصول «موت وولادة، ثم موت وولادة مرة أخرى. تلك هي قصة حياتي».