لماذا أصبحت جراحات التجميل أسرع التخصصات الطبية نموا في الهند؟

بعد أن أصبح لتصحيح المظهر الخارجي الأولوية عند النساء والرجال على حد سواء
بعد أن أصبح لتصحيح المظهر الخارجي الأولوية عند النساء والرجال على حد سواء

خضعت رِيا، التي تبلغ من العمر 23 عاما لجراحة تكبير الثدي، وهي نوع من الجراحات التجميلية، بأحد المستشفيات المتطورة والمميزة في دلهي بتكلفة 80 ألف روبية.


وقالت ريا: «كان لدي ثديان صغيران للغاية، وكان مستوى الهرمون لدي طبيعيا، ومن ثم لم يكن أمامي أية خيارات سوى إجراء عملية جراحية».

وأضافت: «كان ذلك ضروريا، فقد فعلته لتحسين حياتي، وقد تعززت بالفعل ثقتي بنفسي بعدها».

وتعد ريا واحدة من بين عدد متنامٍ من النساء الهنديات اللاتي لجأن إلى جراحات التجميل بهدف تحسين مظهرهن العام وتحقيق سعادتهن.

وتعد جراحات التجميل أحد أسرع التخصصات الطبية نموا في البلاد، وفقا لما ذكرته الجمعية الهندية لجراحي التجميل.

وفي السنوات الخمس الماضية ازداد اتجاه الشباب الهندي لإجراء العمليات الجراحية التجميلية بمعدلات مرتفعة، ولم يعد الأمر يقتصر على عمليات الثدي والعمليات التجميلية في الشفاه والأنف وشد الوجه، بل أصبح الشباب الهندي يسعى لمواكبة أحدث التطورات في ذلك المجال، فهم ينفقون مئات الآلاف ليس فقط من أجل الجمال، ولكن لتحسين المتعة الجنسية كذلك.

كما أنهم يجربون كافة الوسائل - بدءا من تقوية عضلات البطن والصدر عند الرجال أو إضافة الغمازات، وصولا إلى جراحات تجميل المهبل والحصول على أرداف أكثر رشاقة وجمالا. ولا يمكن أن يكون الجراحون أكثر سعادة.

«يرغب الفتيان والفتيات في سن من 18 إلى 30 سنة في إجراء هذه الجراحات، فقد أصبح للمظهر الخارجي الأولوية عند النساء والرجال على حد سواء.

وفي الماضي كان الأمر يقتصر على النساء، ولكن في الوقت الراهن تزايد لجوء الرجال إلى جراحات التجميل أكثر من أي وقت مضى».

ذكر ذلك تشارو شارما، الذي يدير عيادتين يطلق عليهما «المظهر رائع الجمال» في مناطق كايلاش الكبرى وباتيل نجار في دلهي، ويعمل أيضا استشاريا في مستشفى فورتيس ومعهد «سري بلاجي» الطبي.

وعلى الرغم من أن جراحي التجميل يقولون إن معظم الهنود الذين يلجأون إلى عمليات التجميل من الإناث في العشرينات والثلاثينات من أعمارهن، فإنهم يؤكدون ارتفاع معدل لجوء الهنود الأكبر سنا إلى جراحات شد الوجه وشفط الدهون وتصغير حجم الثدي.

وقال كيه إم كابور، جراح تجميل كان قد أنهى للتو عملية جراحية لتجميل وجه سيدة في الخمسين من عمرها: «يعتقد الناس أنه لا يجب أن تنفق مالك وأنت في الستينات من عمرك لكي تصبح أكثر جمالا، لأن شبابك قد انتهى بالفعل».

ويقول الأطباء إن مثل هذه المحظورات الاجتماعية تقود المرضى غالبا إلى الكذب على أصدقائهم وأسرهم بشأن الاختفاء المفاجئ للتجاعيد والدهون. فتقول أبها كاشياب، المديرة التنفيذية لـ«ميد سبا»، وهي عيادة للجراحات التجميلية في نيودلهي: «يدّعون أنهم خضعوا لعلاج غير جراحي للجلد، أو أنهم كانوا في إجازة استعادوا فيها شبابهم، أو أنهم خلدوا إلى النوم وحدث شيء سحري! فلا أحد يعترف بالحقيقة».

وتتذكر كاشياب أن مريضة جاءتها في وقت سابق من العام الحالي لإجراء عملية لشفط الدهون، وهي عملية تجرى في العيادات الخارجية وتتطلب ما يقرب من 24 ساعة من تصريف السوائل من الجسم في المنزل. وقد أخبرتها المريضة أنها افتعلت مشاجرة مع زوجها لكي ينام على الأريكة ولا يكتشف العملية الجراحية التي أجرتها.

ومن جهته قال أنوب دير، أحد كبار الاستشاريين في قسم جراحات التجميل بمستشفى اندرابراستا أبولو في دلهي: «قبل عشرة أعوام كان 10 في المائة فقط من مرضاي من الرجال، أما الآن فقد أصبح الرجال يمثلون 40 في المائة من مرضاي، حيث ازداد وعي الرجال، لا سيما الشباب منهم، بوجود ترهلات في أجسادهم، فهم يسعون إلى جسم متناسق يمكنهم التباهي به، خصوصا الصدر المثالي.

إن الأفكار تتغير، فالآن أصبح يأتي إلينا عدد أكبر من الرجال لتصغير حجم الثدي وإجراء جراحات تجميل الأنف».

وأضاف تشارو أن «تقليل التجاعيد حول العين عن طريق الحقن بمادة البوتوكس أصبح شائعا للغاية. وتتكلف كل جلسة من جلسات الحقن ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف روبية. وازداد طلب النساء على عمليات الماكياج الدائم، وهو ما يتكلف بين 10 آلاف و13 ألف روبية. كما ازداد طلب الرجال على عمليات تحديد اللحية وتقليل الشعر الذي ينمو في الوجه من خلال العلاج بالليزر، وهي العملية التي تتكلف نحو خمسة آلاف روبية لكل جلسة».

جدير بالذكر أن الهدف من تغيير شكل الجسم تعدى المظهر الجمالي إلى تعزيز المتعة الجنسية، فيقول دير إن «نسبة ثلاثين إلى أربعين في المائة من زبائنه من الإناث في الشريحة العمرية ما بين 25 إلى 35 عاما يرغبون في إجراء جراحات تجميلية للأعضاء التناسلية، لتعزيز المتعة الجنسية».

ومن جهته يقول الدكتور بي كيه تالوار، جراح التجميل بمستشفى ماكس الذي يجري على الأقل عملية واحدة من هذه العمليات الجراحية غير التقليدية كل شهر: «تأتي الفتيات في سن 25-32 عاما من أجل عمليات ترقيع غشاء البكارة وتضييق المهبل، قبل الزواج»، حسبما ذكر.

ومن جهة أخرى يقول الدكتور دينيش كانسال، أحد كبار الاستشاريين في أمراض النساء بمستشفى بي إل كابور ميموريال، إن «نحو ثلاث مريضات يأتون إليه كل شهر لزيادة مساحة (جي سبوت) أو نقطة غرافنبرغ (وهي نقطة معينة في الجهاز التناسلي للمرأة حساسة للغاية للإثارة)، وذلك من أجل الحصول على المزيد من النشوة الجنسية».

ولا عجب أنه في حلقة نقاشية لإخصائي الأمراض الجلدية، عقدت مؤخرا في الهند، قال طبيب شاب من لاكنو إن جراحات التجميل على وشك أن تصبح صناعة تدر عشرات الملايين من الروبيات في القريب العاجل في الهند، مضيفا أن وسائل الإعلام هي المحرك الذي قاد هذه الصناعة إلى الأمام.

وليست جراحات التجميل بالضرورة أمرا سيئا، فالأمر يعتمد فقط على ما تتوقع أن تحصل عليه منها. فتقول إحدى الممثلات التي خضعت مؤخرا لجراحة تجميلية مكلفة للغاية: «إذا كان الهدف هو الحصول على الشباب والحيوية الأبديين فستصاب بخيبة أمل».

وأضافت أن «عملية شد الوجه التي خضعت لها ليست ضمانا لحياة أفضل أو لشباب دائم، بل هي وسيلة فحسب لتساعدني على أن أعيش حياة شابة لعدة سنوات أخرى. ولا توجد حلول سريعة للتعامل مع الشيخوخة، حيث إن مواجهة التقدم في السن عملية طويلة للغاية».

ومن جهة أخرى، يقول إم إس باتيا، رئيس قسم الطب النفسي بمستشفى غورو تيغ باهادور في دلهي، إن ما يروج له الإعلام بشأن معايير المظهر الجميل تجعل الشباب عرضة للخطر. وفي بعض الأحيان يكون الأمر نتيجة لضغط الأقران، أو لرغبة الشباب في مواكبة أحدث صيحات الموضة».

ومع ذلك فإن وفاة ملكة جمال الأرجنتين السابقة سولانغ ماغنانو، 38 عاما - والتي توفيت بعد المعاناة من مضاعفات جراحة تجميلية في أردافها - لم تثنِ الناس عن مثل هذه العمليات، حيث قال الكثيرون إنه إذا كان مقدر لك الوفاة فلن يستطيع أحد وقف ذلك. إلا أنهم يتفقون جميعا على الذهاب إلى جراح مؤهل وحسن السمعة لإجراء مثل هذه الجراحات.

جدير بالذكر أن الطلب على مثل هذه الجراحات تزايد بمعدلات كبرى، وازدهر ذلك النوع من النشاط التجاري حتى إن الجراحين أصبحوا يتلقون طلبات ليس من العواصم فقط، بل من المدن الصغرى كذلك.

وتتفاوت تكلفة جراحات التجميل، فعلى سبيل المثال تتكلف عملية تجميل الأنف من 50 ألف إلى 80 ألف روبية، فيما تتكلف عملية إزالة آثار الجروح أو الحروق من 15 ألف إلى 30 ألف روبية، وعملية شفط الدهون من 50 ألف إلى 80 ألف روبية.

وحتى الآباء يؤيدون عمليات الجراحة التجميلية لفتياتهم، فأصبح الكثير من الآباء يرسلون فتياتهم لإجراء عمليات تفتيح البشرة وتجميل الأنف والشفاه لتعزيز فرصهن في الزواج. فعلى سبيل المثال، أنفقت سبيها شارما 150 ألف روبية على عمليات تجميل لابنتها ذات البشرة الداكنة والأنف الكبير.

فتقول الأم: «قبل ذلك كان الشباب الميسورون يرفضون الزواج بابنتي لأن بشرتها داكنة، لذا قررت إجراء عملية لتفتيح بشرتها وتجميل أنفها، والآن تقدم شاب طيب ومتعلم للزواج بها».