متجر الأنترنت يتحول إلى وسيلة رخيصة نسبيا لتوسيع نشاط مصممين الأزياء

بدلا من افتتاح متاجر جديدة .. أقطاب الموضة يوجهون دفتهم صوب الإنترنت ومع تطور التكنولوجيا، تمكنت المواقع من تقديم خدمات أفضل؛ مثل العروض الحية، ولقطات الفيديو، وإمكانية تكبير الصورة
بدلا من افتتاح متاجر جديدة .. أقطاب الموضة يوجهون دفتهم صوب الإنترنت ومع تطور التكنولوجيا، تمكنت المواقع من تقديم خدمات أفضل؛ مثل العروض الحية، ولقطات الفيديو، وإمكانية تكبير الصورة

يتميز موقع «مارك جاكوبس»، مصمم الأزياء الشهير الذي تقدر قيمة علامته التجارية بخمسة مليارات دولار، بكثير من السمات، مثل أفلام الفيديو التي يقوم فيها موظفوه بتقديم شرح حول وظائفهم، وبعض اللقطات لعروض الأزياء المتميزة، والحفلات، وحتى صورة لرئيس الشركة وهو يلوح على ظهر جمل في مصر.
 
لكن الموقع يفتقر إلى شيء واحد: ملابس مطروحة للبيع. فقد كانت لدى الشركات العاملة في هذا العالم المتميز للبضائع المترفة، قناعة بأن الإنترنت لا يصلح لبيع هذه البضائع الحصرية؟ وكان هناك اتفاق شريف بين المتاجر على عدم استخدام مثل هذه الوسائل للوصول مباشرة إلى العملاء الأثرياء.


لكن قدوم الكساد، حمل معه تلاشي تلك العلاقات الودية. وعمدت معه المتاجر إلى خفض أسعارها على حقائب اليد التي يبلغ سعرها 1.200 دولار، فيما تحدثت خطوط إنتاج البضائع المترفة عن قلقها من خسارة الحصرية التي تتمتع بها.

وبحلول سبتمبر (أيلول) سيدخل موقع «marcjacobs.com» عالم التجزئة، بعد 10 سنوات من بدء الشركات الكبرى عرض منتجاتها على الإنترنت.

ويقول روبرت دوفي، رئيس ونائب رئيس مجلس إدارة «مارك جاكوبس»: «كنت متضايقا العام الماضي، من أن أحدا لا يرغب في الحصول على منتجاتنا، وقد أصيبت كل المحال التجارية بالذعر وقامت بعرض تخفيضات كبيرة على منتجاتها».

وقد بدأت الماركات الفاخرة الأخرى مثل «جيمي تشو»، و«هوغو بوس»، و«فينس»، و«لانكوم»، و«ثيوري»، و«دونا كاران»، و«لا بيرلا»، أو يتوقع أن تبدأ في وقت لاحق بيع منتجاتها من خلال مواقعها على الإنترنت، وإذا كانت بذلك تثير حنق وغضب المتاجر أو تستقطب عملاء برزوا خلال الفترة الأخيرة، فمن الذي يهتم، ما دام أنهم سيدفعون السعر كاملا؟

وقال جيفري ماكس، الرئيس التنفيذي لشركة «فندا»، التي تقدم الخدمات التكنولوجية لمواقع التجارة الإلكترونية: «بدأت هذه العلامات التجارية أخيرا في ارتياد هذا النوع من التجارة للحصول على مكان لها في عالم بيع التجزئة على الإنترنت، فقد أجبرها الركود على إدراك أنها في حاجة للبحث عن الإيرادات أينما توفر ذلك».

إضافة إلى الشهرة التي نالتها المواقع، كانت الأرباح أعلى من البيع المباشر للعملاء، حيث لا يوجد وسيط يقدم الخصومات.

وبإمكان العلامات التجارية السيطرة على التسعير والتحديث في مواقعها. فعلى سبيل المثال، تستخدم شركة «هوغو بوس» الفساتين نفسها من إعلاناتها، لذا، فإن عمليات تسويقها متسقة، في الوقت الذي يقول فيه إريك باسكال، مدير المشروعات الاستراتيجية والتجارة الإلكترونية إن «(لاكوست) لن تقدم على خفض أسعارها على الإنترنت على الإطلاق».

وعندما بدأت الشركات في بيع منتجاتها على الإنترنت في التسعينات لم تلق غالبية الشركات التي تبيع السلع المترفة بالا لذلك، وبحلول منتصف عام 2000 لجأ عدد من شركات السلع المترفة إلى طرح منتجاتها بصورة مباشرة على الإنترنت، لكن الغالبية العظمى من هذه الشركات لم تهتم بذلك لقوة مكانتها.

ويقول آرون شابيرو، الشريك في شركة «هيوج» لتصميم مواقع الإنترنت: «موقع العلامات التجارية المترفة يحوي كثيرا من الصور الجميلة للسلع المترفة، لكن أحدا لا يفكر في الذهاب إليها».

لا تتمكن الشركات التجارية التي تضع متاجرها الزهور الطازجة والباعة الدمثون من أن تترجم ذلك على الإنترنت.

فيقول مارك براشير، الرئيس والمدير التنفيذي لـ«هوغو بوس» في الأميركتين، التي بدأت خدمة موقع التجارة الإلكترونية في أبريل (نيسان): «العلامات التجارية المترفة كانت مترددة ومتحفظة إلى حد ما لأنها كانت تناضل حول كيفية توصيل وخلق تجربة ثرية».

بيد أن سوق البضائع المترفة تراجع العام الماضي، مما سمح بتغير هذه التوجهات.

ومع تطور التكنولوجيا، تمكنت المواقع من تقديم خدمات أفضل؛ مثل العروض الحية، ولقطات الفيديو، وإمكانية تكبير الصورة. ومع تجميد ميزانيات افتتاح متاجر جديدة، تحول متجر الإنترنت إلى وسيلة رخيصة نسبيا لتوسيع نشاط التجار.

ويضيف ماكس: «المتجر الراقي والمتطور على الإنترنت الذي يملك أمن بيانات عالي المستوى يمكن الحصول عليه مقابل بضع مئات الآلاف من الدولارات، وربما تكون أقل من الأتعاب القانونية لعقد إيجار أحد المتاجر في الشارع التجاري الشهير (فيفث فنيو)».

وخلال عام 2009، مع انخفاض صناعة البضائع المترفة على مستوى العالم بنسبة 8 في المائة إلى ما دون 230 مليار دولار، ازدادت التوقعات بشأن ارتفاع معدلات البيع على الإنترنت بنسبة 20 في المائة، وذلك بحسب شركة «باين آند كومباني». وفجأة بدت الشركات التي كانت تزدري التجارة الإلكترونية حمقاء إلى حد بعيد.

وقال جيم ريبلي، نائب رئيس شركة «سابينت نيترو» للتسويق، التي تصمم مواقع لشركات «هوغو بوس» و«كيهل»: «الذين تبنوا أسلوب البيع عبر الإنترنت منذ البداية، باتوا الآن في وضع أفضل ويقومون بنشاطات أفضل في التجارة على الإنترنت، لكن الذين شرعوا في انتهاج هذه الوسيلة في الآونة الأخيرة بدأوا يدركون أنهم في حاجة إلى تمثيل أنفسهم بصورة جيدة».

بطبيعة الحال، لن يماثل التسوق عبر الإنترنت ذلك الإحساس باستعراض البضائع داخل المتجر.

وعلى سبيل المثال، يقوم العاملون في متجر الملابس الداخلية «لا بيرلا» بقياس صدر المرأة لمعرفة المقاس الصحيح لحمالة الصدر، أما مواقع بيع الملابس على الإنترنت فتوفر للزائرين قائمة بالمقاسات المتوافرة ورقم هاتف مجاني.

لكن هناك بعض المواقع التي تضيف أدوات أخرى: موقع «sjk.com» على سبيل المثال تسمح للعملاء بالاختيار من بين صور الحملات التسويقية وتخصص قسما للتفاعل الاجتماعي يعطي مجالا للعملاء يسمح من خلاله بإرسال رسائل إلى المصممين.

صعوبة جعل شاشة الكومبيوتر تبدو أكثر رفاهية هو أحد الأسباب التي جعلت بعض الماركات ترفض بيع منتجاتها عبر الإنترنت، لكن من أجل الدفاع عن معاقلها الأخيرة، فإن معاركها مع المتاجر دفعت بها إلى الهاوية.

فقد طلبت المتاجر كميات ضخمة من الملابس لعام 2009. إلا أن هذه الملابس لم يتم بيعها وبقيت مكدسة فيها عندما انخفض إنفاق المستهلكين.

واضطرت المتاجر إلى خفض الأسعار، وهو ما يعني انخفاضا في إيرادات صانعي الملابس، وتعرضت لمشكلة أخرى تتعلق بصورتها أمام المستهلكين وذلك عندما اضطرت إلى خفض سعر قميص من 500 دولار إلى 200 دولار فقط.

وحمل الأسبوع الماضي مزيدا من الأنباء السيئة لتجار تجزئة السلع الفاخرة، حيث أشارت البيانات الجديدة الصادرة في يونيو (حزيران) الماضي إلى أن المتاجر الفاخرة، مثل «نيمان ماركوس» و«ساكس»، كان أداؤها أسوأ من المتاجر الأخرى بشكل عام بالمقارنة مع العام السابق.

وخلافا لمحلات أحياء ماديسون أو روديوا دريف الشامخة، سترحب المواقع بالجميع. وأضاف السيد ريبلي قائلا: «لا أعتقد أنهم يحاولون استبعاد أي شخص».

وترد المتاجر عبر تعزيز برامج اجتذاب العملاء بتقديم خصومات والقيام بحملات تسويقية عبر البريد الإلكتروني.

ولكن الماركات التجارية الشهيرة تقوم بحملات مضادة، على سبيل المثال، من خلال بيع مجموعة كبيرة من الألوان أو التصميمات التي يصعب وجودها مجتمعة في متجر واحد للتجزئة أو بيع منتجات خاصة على الإنترنت فقط.

ويعلق السيد دوفي من متجر «مارك جاكوب» قائلا: «أود أن أعطي سببا للعملاء للتوجه إلى هناك، وذلك إذا كان على موقعنا المنتجات نفسها الموجودة في متاجر (نيمان) و(ساكس)».

وعندما سئل عما إذا كان يخشى غضب تجار التجزئة، قال دوفي إنه لا يعبأ بذلك، وأضاف: «كيف لهم أن يغضبوا؟ إنه لأمر مثير للسخرية. أنا الشخص الذي من المفترض أن يغضب. إنهم يبيعون المنتجات على مواقعهم على الإنترنت».