البط بالبرتقال .. طبق يتمتع بشعبية كبيرة لدى الفرنسيين

أهالي الجنوب الملاصق للبحر الأبيض المتوسط هم الأفضل في تحضيره
أهالي الجنوب الملاصق للبحر الأبيض المتوسط هم الأفضل في تحضيره

يتمتع المطبخ الفرنسي القديم بعدد من الوصفات ذات الجاذبية التي تتناقل بين العائلات على أساس أنها من الموروثات الخاصة، على الرغم من أن طريقة تحضيرها متشابهة تقريبا وكلاسيكية ومعروفة من الجميع، لكن ومع هذا، فإن لهذه الأطباق، علاقة حميمة مع الفرنسيين، الذين يتمتعون بحس مبالغ فيه أحيانا كثيرة تجاه تاريخهم وتجاه موروثاتهم العائلية، من هذه الأطباق يتربع طبق البط بالبرتقال على رأس القائمة، فلا يمكن الحديث مع فرنسية عن المطبخ، تحديدا، إلا وأخرجت من جعبتها عددا من الوصفات التي ورثتها عن جدتها.


هذه الوصفات عادة ما تكون كلاسيكية، لكنها تفترق عن غيرها في طريقة التحضير، وهنا طريقة التحضير ليست مختلفة كليا، بل من الممكن أنها مثلا تبقى لوقت أطول في الفرن، أو أنها تضيف كمية أكبر من البهارات أو أنها تضيف مكونات بطريقة مختلفة، وكل هذه الأشياء تجعل من الطبق الموروث مادة للفخر.

من دون شك، فإن طبق البط بالبرتقال يتمتع بشعبية كبيرة، تشعل من ضمن ما تشعل، المخيلة النهمة للأطباق التي لا يمكن تحضيرها يوميا أو في أي وقت، إذ إنه يحتاج إلى وقت في التحضير وإلى خبرة بكل تأكيد، لكنه إلى هذا، يحتاج إلى عين عارفة بأنواع البط وأنواع البرتقال، فلا كل أنواع البط تصلح لهذا الطبق، ولا كل أنواع البرتقال أيضا. ولهذا، فإن سكان المنطقة الجنوبية الملاصقة للبحر المتوسط هم عادة الأكثر خبرة في هذا الطبق من غيرهم، بسبب أنهم خبراء في طهي البرتقال.

لكن أيضا، فهؤلاء الذين يتمتعون بأنهم ينتجون البرتقال في مناطقهم، لا ينتجون البط في مزارعهم إلا فيما ندر، فالبط ينتج في مكان آخر قريب من الأطلسي، هناك في منطقة البيرينيه التي تلاصق إسبانيا لناحية الجنوب، والمحيط الواسع لناحية الغرب، وفيها تنتج أفضل أنواع كبد البط في العالم، إذ لا يمكن لأحد في فرنسا احتكار شيء لنفسه أو لمنطقته.

والحق، رغم كل شيء، أن غالبية الفرنسيين يتمتعون بعلاقة حب وغرام مع الأكل، تختلف عن معظم الشعوب الأوروبية الأخرى، وهذا ربما السبب في أنهم من أمهر الشعوب في فنون الطبخ، ويعد مطبخهم من أكثر المطابخ شمولية واتساعا في العالم، وهو ما يجعل كل منطقة في فرنسا تتمتع بمطبخها المحلي، وخصوصيتها بعدد من الأطباق، حيث تتربع مدينة ليون ومحيطها بالعدد الأكبر من الأطباق، وبأنها أم المطبخ الفرنسي برمته.

لكن هذا الطبق، دونا عن غيره، لا يمكن حصره في منطقة معينة، حيث يحضر في جميع أنحاء فرنسا، مع الاختلاف في طرق التحضير والتقديم بين منطقة وأخرى، لكن يمكن التأكيد، هنا، أن هذا الطبق فرنسي الهوية بكل معنى الكلمة، وهو طبق صعب التحضير مقارنة بغيره من الأطباق الفرنسية الأخرى.

وفيما يلي طريقة تحضير هذا الطبق الفرنسي الشهير وفق وصفة حصلنا عليها من سيدة فرنسية مسنة ورثتها عن جدتها التي ورثتها أيضا عن والدتها، أي أنها إرث عائلي، يحافظ عليه بحرص شديد، كما يحافظ على الدفتر الذي كتبت عليها الوصفة قديما.

وهي وصفة لأربعة أشخاص، مكتوبة على صفحة من هذا الدفتر العتيق الذي يعود إلى عام 1872، بحسب ما قالت السيدة التي أعطتني الوصفة من دون أن تتنازل بأي شكل عن الدفتر أو تسمح بتصويره.

الوصفة لتحضير البطة:
- بطة زنة كيلوغرامين من سان جوليان (هي قرية في أعالي جبال البيرينيه تابعة لمنطقة لاندز landes التي تشتهر بتربية البط).

- ملعقة صغيرة من زيت بذور العنب.

- ملح.

- 50 غراما من الجزر المقطع شرائح عريضة.

- خلطة تسمى (Mirepoix) وهي عبارة عن بصل وجزر وكرفس مقطع إلى قطع صغيرة الحجم لإضافة عطرية خاصة.

- بصلتان كبيرتان.

- أربع حبات برتقال.

الوصفة لتحضير صوص البرتقال:

- خمسة سنتيلترات من خل العنب الأحمر.

- ملعقتان من العسل المستخرج من الأكاسيا.

- عشرون سنتيلترا من عصير البرتقال الطازج.

- مرق الدجاج.

طريقة الطهي:
يحضر الفرن على درجة حرارة عالية، ثم توضع البطة في قدر وتملح لساعة وربع الساعة، على أن تقلب عدة مرات لتحصل على الاحمرار من مختلف الجوانب.

وبين التقليب يضاف إليها المرق، لكي لا تنشف. بعدها يضاف الجزر والبصل مع المرق، لكي يتمازج الخليط جيدا ويتشبع اللحم بالنكهات الأخرى.

تقشر حبات البرتقال ثم تقطع إلى شرائح رفيعة جدا، ثم تنظف الشرائح من اللب الذي علق بها وتوضع في مياه باردة جدا، لكي لا تصبح مرة أثناء الغلي.

في قدر آخر يوضع الخل والعسل على نار هادئة، ثم بعد أن يسخن جيدا وقبل أن يغلي، يضاف عصير البرتقال، ثم يضاف أيضا مرق الدجاج إلى الخليط ويحرك حتى يحصل على اللون الذهبي أو لون الكراميل، على ألا تتجاوز مدته على النار العشر دقائق. بعدها توضع شرائح البرتقال على المرق.

تقطع شرائح لحم البط، أو تقطع البطة إلى عدة قطع وتقدم بعد أن توضع إلى جانبها شرائح البرتقال، ويصب عليها المرق في النهاية.