ذوات المقاسات الكبيرة يفرضن وجودهن في أسواق الموضة

بدأ الكثير من المحلات التخصص في المقاسات الكبيرة خصوصا تلك التي تعتمد على الإنترنت مثل «بيج بلاس» والفضل يعود إلى إمكانياتهن الشرائية
بدأ الكثير من المحلات التخصص في المقاسات الكبيرة خصوصا تلك التي تعتمد على الإنترنت مثل «بيج بلاس» والفضل يعود إلى إمكانياتهن الشرائية

ارتدت غوين ديفو، عارضة أزياء سابقة ومنتجة عروض أزياء، فستانا من قماش الدنيم الأبيض بمقاس 18 وحذاء بكعب عال جعل طولها يصل إلى 6.2 قدم، ثم صعدت إلى المنصة في أحد عروض الأزياء في مانهاتن مؤخرا، في محاولة لإقناع تجار التجزئة بإعادة النظر للمقاسات الكبيرة من ملابس النساء.


«المحلات لا تعرض أزياء بمقاسات كبيرة» هكذا قالت ديفو، وأضافت: «تبا لكم، تبا لكم. كل فتاة ممتلئة تمتلك الأموال ومستعدة لإنفاق هذه الأموال». وعلى ما يبدو فإن تجار التجزئة بدأوا يدركون ذلك.

في اليوم نفسه، ذكر قسم في مراكز التحكم في الأمراض والوقاية أن 28 في المائة من تعداد السكان البالغين في الولايات المتحدة كانوا من أصحاب الوزن الزائد العام الماضي، وهي أكبر نسبة على الإطلاق.

وحسب الإحصاءات الأخيرة لهذا المركز، يمكن تصنيف ثلثي النساء الأميركيات تقريبا على أنهن إما يعانين السمنة أو الزيادة في الوزن.

وفي الوقت الذي يشجع فيه الأطباء والمسؤولون عن الصحة العامة الأميركيين على خفض أوزانهم والوصول إلى المستوى المطلوب من الرشاقة، بدأت صناعة الأزياء في أميركا تعانق كل الأحجام والمقاسات.

ويعتبر عدد من المتاجر في الأسواق الشاملة مثل «فوريفر 21» و«تارغيت»، ومصممو الملابس الغالية مثل إيلي تاهاري، أن انتشار السمنة في أميركا ما هو إلا فرصة تجارية كبيرة، تقوم بتنشيط السوق الذي تعثر أثناء فترة الركود.

فالأزياء ذات المقاسات النموذجية التي عرضتها المحلات خلال السنوات الأخيرة تناسب عددا أقل من الناس.

وفي الوقت الذي يبحث فيه تجار التجزئة عن وسائل لتنشيط المبيعات ورفعها، تعد المقاسات الكبيرة واحدة من الفئات القليلة التي من الممكن تحقيق النمو فيها.

فقد تم تسجيل ارتفاع في سوق الملابس ذات المقاسات الكبيرة بواقع 1.4 في المائة، في حين أن إجمالي مبيعات الملابس النسائية انخفض بواقع 0.8 في المائة خلال الأشهر الاثني عشر التي سبقت شهر أبريل (نيسان) الماضي، بالمقارنة بالفترة نفسها من العام الأسبق، وهذه هي أحدث أرقام متاحة، وفقا لمجموعة «إن دي بي» المتخصصة في أبحاث السوق.

وقالت ديفو، التي أقامت أسبوع أزياء لجميع المقاسات العام الماضي أطلقت عليه «Full-Figured Fashion Week» من أجل إقناع تجارة التجزئة الأساسيين بقبول المقاسات الأكبر: «من شأن ذلك أن يثري النشاط التجاري.

لقد سمعت مرات عديدة أنه لا توجد امرأة تتخيل أن تكون من بين الباحثات عن المقاسات الكبيرة، قد يكون ذلك صحيحا، لكن الحقيقة تظل أنه يتعين عليك العمل بما هو متوفر لديك».

وليس من السهل للغاية دوما بالنسبة إلى تجارة التجزئة أن يخاطروا بالدخول إلى عالم الزبونات الأكبر حجما. فبعض النساء البدينات لا يملن إلى قياس الملابس في نفس غرف القياس للنساء الأصغر حجما، كما أن الملابس ذات المقاسات الكبيرة تأخذ مساحات أكبر في التخزين، مما يحرم البدينات من نفس التصميمات التي تطرح لنظيراتهن النحيفات.

والسبب يعود إلى أن المحلات لا تستطيع، على سبيل المثال، أن تجزم أن فستانا مقاس 16 من الممكن أن يناسب كل امرأة وزنها 180 رطلا، فقد يكون المقاس عند البعض أكبر في منطقة الوسط، وعند أخريات أكبر في منطقة الفخذين، وغيرهن في منطقة الأرداف، وهكذا.

تشرح سوزان أشداون، الأستاذة بجامعة كورينل وتدرس شكل الجسد ومقاسات الملابس عن طريق إجراء مسح ثلاثي الأبعاد لجسد الشخص وهو عريان تقريبا: «هناك تباينات، ليس فقط في الشكل، لكن إذا كنت تنظر إلى السيدات الأكبر حجما، فإنك أيضا تنظر إلى الطريقة التي تتوزع بها الشحوم حول الجسم».

وبدأت صناعة الملابس ذات المقاسات الكبيرة، والتي تبدأ الآن بصفة عامة عند مقاس 14، قبل ما لا يقل عن 90 عاما، عندما قامت المهاجرة الليتوانية، لينا بريانت، بتحويل صناعة ملابس الحمل إلى اتجاه خاص بالنساء البدينات في عشرينات القرن الماضي.

وكانت هناك جهود عديدة من أجل جعل المقاسات الكبيرة أكثر توفرا، لكن، كما يشير اسم محلات المقاسات الكبيرة «المرأة المنسية» فإن هذه الشريحة من النساء تم تجاوزها في ثمانينات القرن الماضي، واقتصر وجودها في محلات صغيرة مستقلة مليئة بالقفاطين التي لا تتمتع بشكل محدد ويغلب عليها اللون الأرجواني.

وقال بيل باس، المصمم ورئيس الشبكة الاجتماعية وموقع التجزئة لملابس النساء البدينات «سونسي»، «إن إحدى المشكلات التي تواجه النساء البدينات هي أنهن في العادة يعانين من نقص الملابس المعروضة إلى حد ما، وتنسى الشركات الكبرى وجودهن أو تتجاهلهن، مما يضطرهن للجوء إلى الإنترنت لشراء ملابسهن بما أنهن لن يعثرن عليها في المحلات».

وعلى الرغم من أن عدد الأميركيات البدينات ارتفع بصورة مطردة خلال العقد الماضي، فإن الملابس ذات المقاسات الكبيرة لا تزال تشكل 17 في المائة فقط من سوق ملابس النساء اليوم، وفقا لإحصاءات «إن دي بي».

وقال مارشال كوهين، كبير المحللين في الصناعة، إنه لا توجد معروضات كثيرة أو تباين في ملابس النساء ذات المقاسات الكبيرة بعد أن ابتعد كبار تجار التجزئة تقريبا عن هذا المجال.

وأحد الأسباب وراء ذلك هو التكلفة. فتصنيع الملابس ذات المقاسات الكبيرة أكثر صعوبة وأكثر تكلفة بالمقارنة بالمقاسات التقليدية.

قد تشكل الخامات الجزء الأكبر من تكلفة الملابس، حيث تصل إلى 60 في المائة منها، فهي لا تتطلب المزيد من الخامات فحسب، لكنها في بعض الأحيان تتطلب أيضا عمليات مختلفة في الإنتاج.

وقالت ديبا نيري، المستشارة في تجارة التجزئة بشركة «إيه تي كيرني» للاستشارات، «الأمر لا يتعلق فقط بكم الأنسجة المطلوبة.

إنك تستخدم بالفعل أثوابا من القماش أكثر اتساعا، ويتطلب ذلك في بعض الأحيان ماكينات خاصة لإنتاج الملابس. وغالبا ما لا تنقل ذلك إلى المستهلك، لذا فإن هوامش الربح لا تكون مرتفعة مثلما هو الحال في الملابس ذات المقاسات المألوفة».

ومع مساحة العرض المحدودة، يقول تجار التجزئة إنه من الصعوبة، على سبيل المثال، عرض البلوزات من مقاس 0 إلى 24.

وقالت كاثي برادلي ريلي، نائبة رئيس شركة «دونغر غروب» لشؤون التسويق: لهذا السبب يتم التعامل مع سوق المقاسات الكبيرة وكأنه «منفى».

ونظرا لهذه الصعوبات، انسحبت بعض الشركات من أسواق الملابس ذات المقاسات الكبيرة. وتوقفت شركتي «أولد نيفي» و«آن تيلور» عن بيع المقاسات الكبيرة في المحلات خلال السنوات القليلة الماضية، وتقتصر حاليا على بيعها عبر الإنترنت لتخفيض التكاليف.

كما أغلقت شركة «ليز كلينبورن»، التي لا تزال تبيع بعض الملابس ذات المقاسات الكبيرة، خط إنتاج المقاسات الكبيرة إليزابيث، إلى جانب شركة «سيغريد أولسين».

لكن نظرا لارتفاع المبيعات في هذا القطاع في الآونة الأخيرة، وانتشار السمنة بين النساء، تعيد بعض الشركات النظر في سوق المقاسات الكبيرة.

وقدمت سلسة «فوريفر 21»، التي تقع في ولاية كاليفورنيا، «فيث 21»، وهي خط لإنتاج المقاسات الكبيرة. وعلى الرغم من أن المبيعات كانت أعلى مما توقعت الشركة، فإن ذلك لم يعن أنها تفوقت في هذه الفئة.

وقالت ليندا تشانغ، مديرة التسويق في سلسلة «فوريفر 21»، «إننا نعالج مواطن الخلل حتى الآن. ولا يحدث ذلك بنفس السهولة التي تحدث بها المقاسات الصغيرة».

تجدر الإشارة إلى أن سلسلة «تارغيت» بدأت في الصيف الماضي اتجاها أطلقت عليه «بيور إنيرجي»، وهو الاتجاه الذي قدم الملابس العصرية الشبابية بمقاسات أكبر، مما أضاف إلى عروضها نضجا في مجال المقاسات الكبيرة.

وقالت كاتي هاينز، المتحدثة باسم «تارغيت»، «إننا ننظر إلى هذه الاستراتيجية بكل تأكيد على أنها فرصة للنمو».

وبعد اختبار هذا الاتجاه الجديد في بعض المحلات، قررت «تارغيت» عرضه في جميع منافذ البيع التابعة لها، والتي يبلغ عددها 1740 منفذا.

كما بدأ مصمم الملابس الراقية إيلي تاهاري، بيع المقاسات الكبيرة العام الحالي، وفي أسبوع الأزياء المذكور آنفا، عرض أكثر من 25 مصمما تصميماتهم ذات المقاسات الكبيرة إلى جمهور من النساء البدينات.

أما وراء الكواليس، وقبل العرض، فقد بدا الأمر وكأنه مهرجان. كانت الأحذية في كل مكان، والماكياج مكدسا على الطاولات، ورائحة مثبت الشعر، والنساء جالسات وهن يلبسن أزياء من الحرير. وخلال العرض، أكدت ديفو أن النساء البدينات مستعدات لصرف مبالغ لا بأس بها لقاء أزياء تخاطبهن.

وفي حين هتف الحضور معبرا عن الإعجاب، قالت ديفو بصوت مرتفع: «إن جيوبي ممتلئة».