عائلات في نيجيريا تقتل أطفالها لاتهامهم بالسحر الأسود

تمتزج في قرى نيجيريا النائية حالات الجهل والأمية بالفقر المدقع، ما يترك تلك المناطق فريسة المعتقدات القديمة والخرافات الروحية، مثل الإيمان بالسحر الأسود، غير أن الخطير في إقليم "أكوا أبوم" هو قيام الكهنة في الكنائس المحلية التي يديرونها بشكل مستقل باتهام الأطفال بممارسة السحر والاتصال بالأرواح الشريرة.


وبمجرد صدور تهمة من هذا النوع، تقوم العائلات بقتل الأطفال أو إحراقهم، أو طردهم إلى الشوارع في أفضل الأحوال، نظراً للمبالغ المالية الضخمة التي يطلبها الكهنة بحجة "طرد الأرواح" من الأبناء، ما يتركهم فريسة الموت العذاب والموت البطيء، بينما ترى الحكومة المحلية أن الأمر "مبالغ فيه."

ويقول سام أكبي إيتوما، مدير جمعية "شبكة الحفاظ على حقوق الأطفال وإعادة تأهيلهم" إن الكهنة الذين يستغلون جهل الكثير من الناس وإيمانهم بالمعتقدات الخرافية يحملون الأطفال مسؤولية الجفاف والفقر موت أفراد في العائلة عبر اتهامهم بممارسة السحر، ما يدفع العائلات لقتلهم أو يصار إلى إرغام الأمهات على تركهم.

واصطحب إيتوما مراسل CNN إلى إحدى القرى، محاولاً إقناع امرأة بإعادة أطفالها الثلاثة إلى المنزل الذي طردتهم منه منذ أن اتهمهم الكاهن بقتل طفلين في القرية باستخدام السحر الأسود، غير أن الأم الباكية لم تستجب لدموع أطفالها، وقالت إنها تخاف أن يقدموا على قتلها أيضاً.
وقال إيتوما لـCNN: "لو لم نكن هنا الآن لقام سكان القرية على الأرجح بطعن الأولاد بالخناجر أو بإلقائهم في النهر أو بدفنهم أحياء."

وعرض إيتوما قصة طفل آخر يدعى غودوين، ويبلغ من العمر خمسة أعوام، ويقول إنه بعد وفاة والدته اتهمه كاهن القرية بقتلها، ولما أنكر ذلك عمد السكان إلى ضربه وإرغامه على الاعتراف بممارسة السحر.

وبعد ذلك، جرى سجن غودين لمدة ثلاثة أسابيع في غرفة واحدة مع جثة أمه المتحللة، وظل في مكانه يتهدده الموت حتى اتصل أحد الجيران بالجمعية التي يعمل لديها إيتوما طالباً مساعدتها.

وبحسب إيتوما، فإن الكهنة يقنعون سكان القرى بأن أولئك الأطفال تسكنهم أرواح شريرة، وتمنحهم القدرة على التسبب بالوفاة والمرض، كما تسمح لهم بالتحول إلى قطط وخفافيش وأفاع وحشرات، وأشكال حيوانية أخرى، ويطلب منهم مبالغ قد تصل إلى ألفي دولار لقاء إخراج الأرواح منهم، وهو مبلغ كبير بالمقاييس المحلية.

ويشدد إيتوما على إيمان سكان القرى في نيجيريا بالسحر يعود إلى قرون بعيدة، غير أن ظاهرة استهداف الأطفال بهذه القضايا لم تظهر إلا في العقد المنصرم.
ويضم الملجأ الذي تديره "شبكة الحفاظ على حقوق الأطفال وإعادة تأهيلهم" عشرات الأطفال، وقد بدأ يضيق بساكنيه بحيث تعجز الجمعية عن مواكبة الأعداد الكبيرة للأطفال المطرودين لاتهامهم بالسحر.

من جهتها، تقول الحكومة في إقليم "أكوا أبوم" إن القضية مضخمة، وإن إيتوما يحاول من خلال إثارة هذا الملف إحراجها والتسبب بفضيحة دولية.