جوليا موجنبورج صاحبة ماركة «بيلماكس» .. الفن لغتي وطريقي للسعادة

«بيلماكس».. مجوهرات بخامات غريبة وتصميمات عجيبة
«بيلماكس».. مجوهرات بخامات غريبة وتصميمات عجيبة

تعتبر جوليا موجنبورغ، صاحبة ماركة «بيلماكس» واحدة من أهم مصممات المجوهرات الفنية والمبتكرة في الساحة اللندنية حاليا، مجوهراتها لحد الآن لا تتوفر سوى في مراكز معينة مثل «كوليت» بباريس، «بارنيز» بنيويورك، ومحلها الخاص جدا بماونت ستريت، وإن كانت تحضّر لافتتاح محل جديد هذه الأيام، في قلب لندن، وعلى بعد خطوات من فندق «كلاريدجز» الشهير يعكس شخصيتها وأسلوبها، بديكوره ومعروضاته وفلسفته.


مقابلة جوليا والحديث معها دائما متعة، فهي تتحمس لكل الأشياء، وتنتقل من موضوع إلى آخر بحماس طفل ودراية مثقف وفضول متتبع لأحداث العصر، مما يجعلك تستمتع بكل دقيقة تقضيها معها. كل ما في حياة جوليا يثير الفضول والإعجاب، فقد ولدت في ألمانيا، ودرست في لندن، وتزوجت رجلا سعوديا، رزقت منه بطفلين، وتعشق السفر، وتراه ضروريا لها كمصممة وفنانة تحتاج إلى مصادر إلهام متنوعة ومختلفة.

تصميماتك مميزة وخاصة جدا، هل ترين نفسك مؤثرة على اتجاهات الموضة؟
- أنا لا أفكر في هذا الأمر كثيرا، كل ما أعرفه أني أحب ما أقوم لأني أعشق الاستكشاف والبحث عن أي جديد له علاقة بالتزين والجمال والمجوهرات وحب الناس لهذه الاشياء. بيد أنه لدي رؤية واضحة لا أحيد عنها، إلى جانب رغبة قوية في تصميم قطع لافتة على كل المستويات، وأعتمد في هذا على الجمع بين خامات طبيعية ونظرتي للفن والجمال.

بماذا تصفين مجوهراتك؟
- كريمة، راقية وأنيقة، فأنا من خلالها.. تعبر عني وعن ميولي، وبالتالي أريد من خلالها إهداء المرأة نوعا من المتعة اليومية، أو بالأحرى حالة من النشوة النفسية. وهذا ما يسعدني جدا؛ أن أكون قادرة أن أمنح من يقتنيها ذلك الشعور بالتميز.

اسمك مرادف لقطع مجوهرات فنية تستعمل فيها خامات غريبة، مثل أنياب الفيلة العملاقة المنقرضة، والأخشاب وغيرها، ما هو نوع الزبائن الذين تتوجهين إليهم؟
- زبائن من نوع خاص يتوقون للتفرد، ويشعرون بنفس السعادة التي أشعر بها تجاه المجوهرات الجميلة. أحب أيضا عنصر المفاجأة، لهذا أستعمل خامات ومواد استثنائية ونادرة من كل أنحاء العالم، يتم تطويعها على يد حرفيين متمكنين في لندن.

لكن هذا لا يعني أني أتجاهل الكلاسيكي، فأنا أستعمله وأقدمه أيضا إلى جانب الخامات الغريبة، التي ذكرت منها المرجان المتوسطي العتيق، وأنياب الفيلة المنقرضة من سيبيريا، الماس المقطع بشكل خاص أو اللؤلؤ الباروكي، فكل مرة أكتشف شيئا جديدا يحفزني.

هل يمكننا القول إن الأحجار الكبيرة واللافتة هي علامتك الخاصة؟
- (مبتسمة) لمَ لا، على شرط أن تضيفي أنيقة أيضا. لقد تغيرت النظرة إلى المجوهرات في الوقت الحالي، لأننا عندما نشتري أي قطعة مجوهرات اليوم، فنحن نحرص على أن تكون مختلفة ومميزة من الناحية الجمالية ومحملة بالرقي والجرأة.

لكنها أيضا تميل إلى الفني، من أين تستمدين هذه الإيحاءات الفنية وهذه القدرة على تطويعها بالشكل الذي نراها عليه؟
- الفن لغتي ووسيلتي للاسترخاء وطريقي للسعادة، وبالتالي هو ملهمي الدائم، سواء تعلق الأمر بتناقض الألوان أو الأشكال. أدرك أهمية الفن وأتنفسه منذ طفولتي عندما كنت ألعب وأمرح في مسقط رأسي، ألمانيا، لهذا كنت ولا أزال أحاول أن أفهم الأسئلة التي يطرحها والأجوبة التي يقترحها، فالفنان هو أول من يلاحظ تغير اتجاه التيار، والفن المعاصر أيضا يمكنه أن يساعدنا على الغوص في ضمائرنا ويحدد اتجاه الأحداث.

من وجهة نظرك كامرأة أنيقة ومهتمة بالفن والمعمار، ماذا يعني لك شراء قطعة فنية وعلى أي أساس تختارينها؟
- هي مسألة لحظية بالنسبة لي، لا تقبل التردد، فبمجرد أن أرى قطعة وأقع في حبها من النظرة الأولى، أعرف أنها مناسبة لي. في بعض الأحيان أتلقى لوحات فنية كهدايا من أصدقاء فنانين، الأمر الذي أعتز به وأعتبره شرفا كبيرا، لأنها غالبا ما تكون رائعة وسابقة لأوانها. ذوقي في الفن غير محدد، ولا تدخل فيه الحسبة المادية، لأنه لغتي المفضلة.

ما هي القطعة الفنية التي اشتريتها وتشعرين بالفخر لأنك تمتلكينها؟
- صورة فوتوغرافية للفنان كريستوف شلينغنسيف، اشتريتها عندما كان لا يزال على قيد الحياة، لكنه مات شابا، لم يتعدَّ عمره الـ49 سنة، الأمر الذي يثير في نفسي عدة مشاعر متضاربة. ليس من السهل أن تعاصري شخصا لم يعد على قيد الحياة.. إنه أمر مؤثر للغاية. لقد كان فنانا ثوريا وقويا لا يخاف، أو على الأقل نجح في التعامل مع مخاوفه بشكل مباشر

أنت متزوجة من رجل أعمال سعودي، هل هذا الزواج ينعكس على طريقتك في التعامل مع صورتك، من أزياء وأيضا على تصميماتك؟
- الثقافة العربية ليست فقط من أقدم الحضارات في العالم، ولكنها أيضا من أكثرها إبهارا وعمقا، لهذا ليس غريبا أن تلمسني وأن تؤثر عليّ بشكل أو بآخر، فضلا عن أننا نسافر كثيرا، وهذا أيضا يؤثر عليّ. فهذه التناقضات والاختلاف تفتح الفرص للحوار الممتع والمثير.

وجودك أيضا في لندن، العاصمة المعروفة بالابتكار والجنون، هل لها أي تأثير على حياتك وعملك؟
- لندن عاصمة رائعة، تخفي بين جوانبها وأركانها الكثير والكثير. يمكنني أن أتحدث طويلا عنها وكيف تطورت، وما تقدمه من تسامح وثقافة تلخص لعدة ثقافات. أراها مدينة تنبض بالحياة والإنسانية وميدانا خصبا للإلهام من الجانب الإنساني والثقافي والإبداعي.

ماركة «بيلماكس» ظلت طويلا تخاطب النخبة وطبقة معينة أغلبها من المثقفات والمحبات للفن، هل سيتغير الأمر في المستقبل؟
- ما يمكن أن أؤكده أنها ستظل دائما خاصة، وكل ما في الأمر أنها ستكبر وتتطور، لكن ستحافظ على كل القيم التي قامت عليها أساسا وأؤمن بها؛ من فنية وتقديم الجديد والمترف لكن بطريقة خاصة ومن دون قيود.

هل سينعكس حبك للفن على محلك الجديد الذي ستفتتحينه في موقع استراتيجي بالقرب من فندق «كلاريدجز»؟
- مما لا شك فيه. فأنا سأكون في قمة السعادة لو نجحت في جعله مكانا يعكس الأشياء كما أراها بديكوره ومعروضاته. أريده أن يكون مكانا للاستكشاف، أو على شكل ملهى تجاري مثير ومليء بالمفاجآت والاتجاهات في الوقت ذاته.

هل تأملين أن يحقق لك موقعه الجديد الانتشار أكثر، وهل هذا شيء يروق لك ويدخل ضمن استراتيجياتك؟
- المجوهرات التي أقدمها تأتي باسم «بيلماكس»، وهذا كان اختياري الشخصي، فأنا التي اخترت الاسم، أما انتقالي للموقع الجديد، فكل ما في الأمر أنه سينتقل من ماونت ستريت، حيث كانت عملية البيع والشراء تتطلب حجز مواعيد، إلى ديفيز ستريت، حيث سيفتح أبوابه للكل وفي أي وقت. لقد وسعت نظرتي، وتطورت، وبالتالي فإن هذه الخطوة طبيعية جاءت في وقتها ومن دون تسرع.. يمكن اعتبارها بداية مرحلة جديدة لا أكثر ولا أقل.

كامرأة ومصممة، ما هي أهمية الموضة بالنسبة لك؟
- بلا شك مؤثرة ولها دلالات مهمة، فهي علامة على العصر الذي نعيش فيه، كما تعبر عما نريد أن نكون وكيف نريد أن يرانا الآخر ويفهمنا.

ما هي الأناقة بالنسبة لك؟
- إنها خليط من الرقي والجمال، مع بعض الغموض والتفرد.. إنها خاصة وشخصية جدا.

تعتبرين من أكثر النساء أناقة في لندن، هل يقتصر اهتمامك بمظهرك على أوقات وعند مقابلة الناس، أم في كل الأوقات؟
- أحب أن أكون أنيقة في كل الأوقات، ليس لأني مضطرة بل لأني أجد متعة متناهية في أن ألبس وأتزين.

ما هي القطع التي توجد بخزانتك وتعتزين بها؟
- قطع «فينتاج» من «ريف غوش إيف سان لوران» وتحتل نصف خزانتي تقريبا، كما أعتز بقطع من «باكان»، أليكسيس مابيل الذي يستعمل نفس أسلوب التفصيل في أزياء الرجال والنساء، كما قال لي في إحدى لقاءاتي به، وربما يكون لديّ نحو عشرين معطفا من عز الدين علايا، وبعض الجاكيتات الجلدية التي اشتريتها منذ 25 سنة ولا زلت أجدها رائعة. أحب كذلك تصميمات شباب من أمثال تود لين، حيدر أكرمان، ريك أوينز، دامير دومو أمزجها مع قطع «الفينتاج» من «إيف سان لوران».

لكن من هو مصممك المفضل في المجوهرات والأزياء؟
- كارل فابيرجيه وسوزان بيلبيرون بالنسبة للمجوهرات، وبول بواريه بالنسبة للأزياء، لأنه كان مستشرقا بكل معنى الكلمة.

ماذا عن قطع المجوهرات، هل هناك قطعة شعرت بعد تصميمها أنها لك وأبقيت عليها في صندوقك الخاص؟
- نعم هناك خاتم «ذي زيبيلين» Zeppelin XL من الذهب، وخاتم «ذي تشيس» بتصميمه اللافت والهادئ في الوقت ذاته، احتفظت أيضا بقلادات «سينيكا» وأقراط من اللؤلؤ، إلى جانب دبوس «بواريه» المصنوع من المرجان المتوسطي العتيق.

عندما لا تلبسين مجوهرات من «بيلماكس»، مَن المصمم أو الدار التي تلبسين لها؟
- أمزج قطع عتيقة من «فان كليف آند أربلز» أحيانا مع مجوهرات بدوية من «Arabia felix».

جوليا موغنبورغ لم تكتف بتصميم المجوهرات، بل تخوض غمار مستحضرات التجميل أيضا، هل ترين الأمر سهلا، وكيف ستستطيعين مواجهة كبريات شركات التجميل؟
- في عام 2007 بدأت أبيع منتجات التجميل التي تحمل اسم «بيلماكس»، وكانت النية في البداية تقديمها كهدايا للزبونات والصديقات فقط. كانت الفكرة وليدة رغبتي في أن أطرح شكلا من أشكال الجمال من منظوري الخاص، وفي الوقت ذاته أجد نقطة لقاء يتشارك فيها الكثير من الناس ويستمتعون بها من دون حدود.

رؤية واضحة لمصممة مجوهرات تتمثل في تقديم منتجات تدخل فيها مواد كريمة ومترفة، مثل اللؤلؤ والذهب، تماما كما كان يفعل القدامى، لهذا بدأت باللعب على التناقض بين الأرض والبحر، حيث أخذت من الأرض الذهب ومن المحيط والبحر اللؤلؤ.

ما هو روتينك اليومي فيما يخص العناية بجمالك؟
- استنشاق الهواء المنعش والنقي، أحب المشي، وتناول الكثير من الليمون، وشاي «أولونج» والتعطر بالعود، وممارسة البيلاتيس. وللمسة جمال أضيف ملمع الشفاه من «بيلماكس» الذي تدخل فيه ذرات من الذهب.

لا شك أنك مشغولة كثيرا ما بين أعمالك ومشاريعك والعائلة، كيف تعيشين يوما ممتعا في حياتك؟
- كل يوم هو مليء بالتشويق والمشاريع، فأنا محظوظة لأني أقابل أناسا مبدعين ورائعين في كل يوم، مما يجعل حياتي بعيدة عن الروتين، وهذا ما يحفزني ويسعدني في الوقت ذاته؟ والأهم من هذا يمكنني القول إنني على الرغم من كل التحديات، أحصل على نتائج في النهاية، وهذا بحد ذاته متعة.

لكن كيف توفقين بين كونك مصممة وكونك أما؟
- لقد ربيت ولدي على الاستقلالية، ولأن الحب لم ينقصهما، وهما يشعران به طوال الوقت، فهما كطفلين يتمتعان بالقدرة على العطاء، ويهتمان بمحيطهما وبيئتهما. يعرفان أن عملي جزء لا يتجزأ من عالمهما، ثم ليس هناك طفل لا يمكن أن يهتم بسحر الأحجار والمعادن.. أعتقد أنه يثيرهما ويبهرهما كثيرا.

هل تغير أسلوبك الشخصي وتعاملك مع الموضة بعد أن رزقت بولديك؟
- أغير أسلوبي دائما، لكن ليس بسبب أطفالي أو حياتي كأم. فحين أكون في أوروبا، يكون لي أسلوب، وحين أكون في الشرق الأوسط تتغير خزانة ملابسي، بسبب الطقس والبيئة والمجتمع. الحياة تتغير، ونحن دائما نتطور وننمي أذواقنا، لهذا من البديهي أن تتغير أزياؤنا وأسلوبنا، علما بأن السفر والتعرف على ثقافات أخرى يدفع إلى هذا التغيير.

هل تشعرين أن أسلوبك في التصميم تغير بفعل عامل السن أو النضج مثلا؟
- أنا لا أفكر في عامل السن، لأن التفكير فيه مضيعة للوقت. عندما أصمم، أشعر كما لو كنت طفلة في السابعة من عمري، أعيش في بيتنا بألمانيا محاطة بالورود والحشائش في يوم مشمس، والخيول تمشي متكاسلة على طول النهر. بعبارة أخرى أعيش حياة الطفولة الطليقة في مخيلتي.

ما هي نصيحتك لأي امرأة تريد اقتناء قطعة مجوهرات؟
- اتبعي دائما قلبك، وأطلقي العنان لحسك لكي يقودك، لأن الاختيار باللاشعور ومن دون تفكير طويل يكشف الكثير من جوانب الشخصية.

إذا كان هناك شيء تعلمته من الموضة، ما هو؟
- تجريب الأشياء وعدم الشعور بالضغط من إملاءاتها، لأن الأمر حينها سيعني إنكار الذات والهوية. من المهم الاستمتاع واللعب وفي الوقت ذاته التفكير في التوازن.