الباييلا .. أيقونة الأطباق الإسبانية .. من مائدة الخدم إلى العالم أجمع

لهذه المملكة التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من القارة الأوروبية تاريخها العريق الفريد من نوعه، الذي جعل من إسبانيا بصمة شرقية في معاقل الغرب، مفعمة بالجمال والتنوع والغنى في الجوانب كافة.


ولعل المطبخ الإسباني هو الشاهد الأبرز على هذه الخلال، حيث نجد غالبية الأطباق أصولها شرقية وعربية، مع إضافات غربية واضحة. وتشكل المأكولات البحرية فيه عنصرا أساسيا، إضافة إلى الزيتون وزيت الزيتون.

وعلى الرغم من أن هذا المطبخ تعايش مع ثقافات بلدان أخرى، مما أثر على طرائق طهيه، فإنه ظل يميل إلى الأسلوب الريفي، محافظا على أمانته وإخلاصه لكل منطقة، وجامعا بشكل واضح اللحوم والخضار في عدد كبير من أطباقه.

والمميز في هذا المطبخ أن طريقة الطهي تتم تقليديا، فاللحوم تحمر، مع إضافة القليل من المياه والمرق لمنع احتراقها، أما الخضراوات فتطبخ جيدا، مع إضافة كمية معقولة من الملح إليها. ومن أكثر الأطباق الإسبانية التي تعد خير معبر عن هذا المطبخ هي الباييلا.

يحب الإسبان بطبيعتهم الخضار والدجاج والأسماك البحرية، والباييلا تجمع بين العناصر الثلاثة، وهي طبق إسباني معروف وشائع جدا في تلك البلاد، غير أن أصله عربي أندلسي، اشتق من كلمة «بقايا» العربية التي تشير إلى فضلات الطعام، ويحكى أن أحد الحكام الأندلسيين دخل يوما إلى المطبخ، فوجد الخدم يتناولون طعامهم، فتذوقه ليجده لذيذا، وحينها سألهم عن اسم ما يأكلون، فأجابوه أنه مجرد بقية، أو بقايا الطعام التي تم مزجها في صحن واحد، ومنذ ذلك الوقت أصبح الحاكم الأندلسي يطلب من الطباخين أن يعدوا له الطبق نفسه، وهكذا أصبحت طعاما مستقلا في حد ذاتها، أساسها الأرز والخضراوات واللحوم البحرية. ويقال إن الشعب الأندلسي كان يعرف بحسن التدبير والاقتصاد المنزلي إلى درجة مذهلة، وبالتالي فإن هذه القصة على الأرجح صحيحة.

يعشقها الإسبان ويصنفونها تراثا
كما الكسكس عند الشعب المغربي، والكبسة عند السعوديين، والكبة عند اللبنانيين، والأرز والملوخية عند المصريين، هكذا هي الباييلا عند الشعب الإسباني الذي يستحيل ألا يتذوقها على الأقل مرة في الأسبوع، والتي يحضرونها في الغالب نهار الأحد من كل أسبوع في حديقة المنزل أو في أي مكان في الهواء الطلق، حيث يفضلون طهيها على الفحم أو الخشب في مقلاة دائرية مخصصة لهذا الطعام.

وعلى الرغم من أن إقليم بلنسية هو الأكثر شهرة في تحضيرها، فإنها تتميز هناك بأنواع كثيرة من ناحية شكلها ولونها ومذاقها وطريقة تحضيرها، كل هذا جعل هذا الطبق اللذيذ المتواضع ذا شهرة عالمية، ويستقطب أكثر من ستين مليون شخص بيـن سائح وإسباني سنويا، فالجميع يطلب التمتع بآخر ما توصل إليه فن الطبخ الإسباني من إبداع جديد، ويتسابق أمهر المهنيين على وضع لمساتهم الشخصية عليه.

وعكس ما يتصوره الكثيرون فتحضير الباييلا غير معقد، ولا يستغرق أكثر من ثلاثين دقيقة، بينما لا يتعدى طبخه نحو ثلثي الساعة، والأهم من كل هذا أنه يمكن تطويعه حسب الإمكانيات، حيث إن كل منطقة في إسبانيا تتميز بطريقتها الخاصة، واستعمالها المتوافر من الخضراوات والأسماك واللحوم.

أما أبرز أنواعها فهي باييلا بلنسية (paella valenciana)، المؤلفة من الأرز الأبيض واللحم والخضراوات والحلزون والفاصوليا والتوابل وزيت الزيتون والزعفران، والباييلا دي ماريسكو (paella de marisco) التي تحتوي فقط على الحيوانات البحرية والتوابل من دون الفاصوليا واللحم والخضراوات. والباييلا ميكستا (paella mixta) التي تعد مزيجا من الطبقين السابقين.

كيفية إعداد الباييلا
المكونات (الكمية لعشرة أشخاص):
- كوب مكعبات لحم دجاج - كوب من شرائح الكالاماري - كوب حبار - كوب أخطبوط - كوب محار بلح البحر - نصف كلغم من شرائح سمك اللقز أو سمك الهامور - نصف كلغم قريدس متوسط الحجم منظف وخال من العروق - 10 إلى 12 حبة قريدس جامبو مسلوقة وغير مقشرة - زيت زيتون - حبتان كبيرتان من الفليفلة الحمراء - حبة فليفلة خضراء مفرومة - 4 حبات بندورة مقشرة ومفرومة - نصف كوب بازلاء - نصف كوب جزر - بصلتان متوسطا الحجم مفرومتان - 6 فصوص ثوم مدقوقة - خيوط زعفران - كوبا أرز أميركي مغسول - كوبا أرز مصري مغسول - 6 أكواب مرق الدجاج لطهو الأرز - كوبان من مرق السمك أو الدجاج لتحضير الصلصة - نصف ملعقة طعام معجون بندورة - ملعقة صغيرة معجون فلفل حار - فلفل أسود - بضع قطرات من التباسكو

طريقة التحضير:
- يسخن نصف كوب من زيت الزيتون في مقلاة غير لاصقة، وتقلى فيه مكعبات الدجاج. ثم ترفع مكعبات الدجاج بواسطة ملعقة ذات ثقوب وتوضع جانبا في طبق.

- تقلى شرائح السمك في الزيت نفسه، ثم توضع جانبا.

- تصب كمية كافية من الماء في القدر، وتسلق فيها شرائح الكالاماري والحبار والأخطبوط، حين تنضج ترفع من الماء بواسطة ملعقة ذات ثقوب.

- يقلى الأخطبوط والكالاماري والحبار في الزيت نفسه، ثم توضع جانبا.

- يقلى القريدس المقشر في الزيت نفسه، ثم يوضع جانبا، مع إضافة المزيد من زيت الزيتون في حال قلت كميته أثناء القلي.

تحضير صلصة الباييلا:
- تستعمل المقلاة نفسها لقلي نصف كمية البصل و3 فصوص ثوم مدقوقة، وتضاف حبة فليفلة حمراء مفرومة، وحبتا بندورة مفرومتان، ونصف كوب من الجزر، وكوبان من مرقة السمك. يطهى الخليط حتى تنضج الخضراوات وتتكثف الصلصة، ويرش الملح والفلفل الأسود حسب الذوق.

- توضع الصلصة في خلاط وتخفق لتتحول إلى بوريه أو تترك كثيرة الكتل حسب الذوق، وتضاف إليها بضع قطرات من صلصة التباسكو لتعزيز نكهتها.

تحضير الأرز:
- يسخن نصف كوب من زيت الزيتون في قدر باييلا كبير، ويضاف إليه باقي الثوم والبصل، ويتابع القلي، وتضاف من ثم الحبتان المفرومتان المتبقيتان من البندورة، وحبة الفليفلة الخضراء، وحبة الفليفلة الحمراء المقطعتان إلى مكعبات.

- يضاف الأرز إلى قدر الباييلا ويتابع الطهي، مع إضافة المزيد من المرق كلما تم امتصاص الكمية الموجودة. ويجب تحريك الأرز دوما بعناية. وتضاف خيوط الزعفران إلى الأرز، ويطهى الأرز في قدر الباييلا من دون غطاء حتى يستوي. بعد ذلك تضاف البازلاء للحصول في النهاية على أرز أصفر مليء بالخضراوات الملونة.

- للتقديم،
تسكب الباييلا في طبق تقديم كبير وتصف فوقها ثمار البحر وقطع الدجاج المقلية والمحار وشرائح الليمون. أما الطريقة الثانية والأصليّة لتقديم الباييلا فتقضي بوضع كل ثمار البحر والمحار والقريدس في قدر الباييلا وتقديمها مع الصلصة المحضرة.