هل يعتبر الكمال مرضاً لا بد من مواجهته؟

نه لمن المدهش حقا أن تجد الناس حولك يصفونك بالكمال وأنك تقوم بعملك على الوجه المرضي،ولكني أعتقد أنه اضطراب كالوسواس القهري تماما لا يختلف أو ينحرف عنه
نه لمن المدهش حقا أن تجد الناس حولك يصفونك بالكمال وأنك تقوم بعملك على الوجه المرضي،ولكني أعتقد أنه اضطراب كالوسواس القهري تماما لا يختلف أو ينحرف عنه

 باديء ذي بدء يجب بل ويحتم علينا الأمر أن نقول بأن الكمال لله وحده، ولا ينبغي لأي شخص على وجه الأرض أن يُشار إليه بتلك الصفة مهما كانت أعماله أو إنجازاته.
 
فإنه من المدهش حقا أن تجد الناس حولك يصفونك بالكمال وأنك تقوم بعملك على الوجه المرضي، ولكني أعتقد أنه اضطراب كالوسواس القهري تماما لا يختلف أو ينحرف عنه.
 
وبينما يعتبر الناس مرض الوسواس القهري نوعا من الاضطرابات التي تنتاب الإنسان، فإن الكمال جزءاً لا يتجزء عنه، حيث إنه يصيبك أنت ومن حولك بالفوضي، وذلك لفقدان الكماليين المنظور الخاص بالانخراط والانغماس أكثر في تفاصيل الأمور.
 
ولكي نكون صرحاء علينا القول بأنه ليس هناك أحد يمكنه تحقيق الكمال، وللأسف فقد نجد العديد ممن يبذلون قصارى جهدهم من أجل الوصول إلى ذلك الهدف بعيد المنال، بل وينخرطون بجنون في تلك العملية.
 
ودعني أحدثك أن الكمال هو عمل خطير ومؤدٍ إلى الإحباط والاكتئاب، فأنا لا أمزح والدليل على ذلك هو اكتشاف Sydney Blatt _عالم النفس بجامعة يل_ أن الكماليين هم أكثر عرضة لقتل أنفسهم مقارنة بالأشخاص الأصحاء متوسطي الأداء.
وفيما يلي ثلاث خطوات لتفادي الوقوع في مصيدة الكمال:
 
1- اسمح لنفسك أن تكون مخطئاً أمام الآخرين:
حاول إبداء رأي خاطيء أو ذكر قصة تتصف بالغباء، وربما ارتداء ملابس غير مناسبة أو عدم الالتفات إلى ما يقوله الآخرون.
 
فالناس لن تنظر إليك على أنك شخص أحمق، بل سيتراءى لهم أنك تقضي معظم وقتك وطاقتك منهمكا في الأعمال الأخرى، وهي تلك التي تعني بالنسبة لك الكثير.
 
فلدينا جميعا العديد من الطلبات المتنافسة، ونحن لا نفترض أننا نعلم طلبات الآخرين، ولكننا على يقين من شيء واحد: وهو أن عملنا غالبا لا يكون أهم شيء في أجندة حياتنا.
 
أيضا سوف تلاحظ أن الناس ليسوا مكترثين بكونك على صواب بشأن ما تقوله أو تفعله، ولكنهم يريدون منك فقط أن تقوم بالأشياء على نحو جيد الأمر الذي يمكنهم من فعل ما يحتاجون إليه، وهذه هي عادة بعيدة كل البعد عن الكمال.
 
وهناك مشكلة أخرى جسيمة ترتبط بالكمال ألا وهي توقف الناس عن التعلم عندما يخافون من الخطأ، ولكننا نتعلم من خلال ارتكاب الأخطاء، وأن الطريق الوحيد لفهم أنفسنا هو اختبار حدودنا، أما إذا أردنا ألا يعلم أحد أننا نقوم بالأخطاء _وهو ما يقوم به الكماليون بالفعل_ فإننا نقوم حقا بإخفاء هويتنا الحقيقة.
 
2- كن عاملاً جيدا بدلا من أن تكون كمالياً:
ركز على أهدافك وكن صادقا مع نفسك بشأن ما إذا كانت تلك الأهداف تتطلب الكمالية من عدمه، والأهداف الحقيقية تحتاج دائما إلى قليل من الحظ والمساعدة، وهي تلك العوامل التي يميل الكمال إلى رفضها ونبذها.
 
3- استخدم طاقتك في جعل نفسك محببا من قبل الآخرين:
ذكر Tiziana Casciaro في تقريره الخاص بـمجلة Harvard Business أن الناس جميعهم لا يهتمون بما إذا كنت فائقا في عملك، بل يهتمون بكونهم يحبونك أم لا.
 
وقد اكتشف Tiziana أنه إذا كان هناك شخص لا يتقبل وجودك، فسوف يقرر أنك غير كفء سواء أكنت كذلك أم لم تكن.
 
فإذا كنت تؤدي عملك على مالا يرام ويحبك الآخرون، فستكون تلك الأخطاء غير ملحوظة بالنسبة لهم، وفي كثير من الأحيان يؤدي فريق العمل عمله على نحو جيد عندما يحب كل منهم الآخر، فلا تقلق بشأن القيام بعمل ممتاز، فيمكنك شغل وظيفة لائقة ولكن أعط لنفسك وقتاً كافياً لإدارة علاقاتك في العمل.
 
ومثال على ذلك المشاركة في أوقات الغداء أو وضع سياسات المكتب، وذلك لأن تلك السياسات تؤكد حقا على أن تكون لطيفا وذا كاريزما خاصة، والتي هي في الحقيقة أكثر صحة وبالتأكيد يمكن تحقيقها مقارنة بالسعي وراء الكمال.