بسبب الحنين الى الماضي .. الحمامات في أمريكا تصطبغ بالوردي

مامي أيزنهاور أدخلته البيت الأبيض .. والسلسلة التلفزيونية «ماد مين» أيقظت الحنين إليه
مامي أيزنهاور أدخلته البيت الأبيض .. والسلسلة التلفزيونية «ماد مين» أيقظت الحنين إليه

عندما انتقلت نانسي بيرنز وزوجها توماس قبل ثلاث سنوات إلى منزلهما الجديد المكون من طابقين في فيرفاكس بولاية فيرجينيا، الذي يعود بناؤه إلى عام 1959، قاما بعملية ترميم شاملة للمكان. فقد تخليا عن السجاد الرديء وأعادا تجديد طلاء كل الغرف ذات الألوان الداكنة باستثناء الحمام، الذي تنسجم بلاطاته الوردية مع حوض الاستحمام الوردي، الذي ظن وكيل عقاراتهما أنه سيعوق الصفقة.


تقول بيرنز (37 عاما) التي تعمل في مجال الحاسب: «كان لدينا رد فعل مخالف، فعندما رأينا مدى جمال اللون الوردي شعرنا بأننا عثرنا على المنزل الملائم».

كانت الحمامات ذات اللون الوردي شائعة في منتصف القرن الماضي في الولايات المتحدة، وبحلول سبعينات القرن الماضي أصبح مرادفا لمواد التحلية كأكياس السكر المحلي، ومن ثم تغيرت كل درجاته إلى جانب درجات التركواز والأخضر الفاتح التي كانت منتشرة في منتصف القرن الماضي إلى ألوان أكثر هدوءا مثل اللوز أو البيج، وتدرجت الألوان إلى أن ساد اللون الأبيض في نهاية الأمر.

غير أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت عودة اللون الوردي مرة أخرى، مع عودة المزيد من الأشخاص من أمثال بيرنز إلى تبينه في حماماتهم. علاوة على ذلك بدأ مهندسو الديكور مؤخرا يدافعون عنه وينصحون به لتجديد الحمامات القديمة أو عند تصميم الحمامات الجديدة، خصوصا أن مصنعي بلاط ومستلزمات الحمامات يقدمون حاليا الكثير من خيارات هذا اللون. عندما أدركت شركة «بانتون» هذا التوجه أعلنت أن اللون الوردي الداكن سيكون لون عام 2011.

وتعلق السيدة بيرنز التي زودت الدش بستارة من اللون الوردي الفاتح، وسيراميك من اللون الوردي الداكن ومنشفة أيضا بنفس اللون، فضلا عن مقاعد وطاولات بأن: «اللون الوردي يعطي إحساسا بالسعادة».

ورغم ظهوره كطلاء للحمامات في منتصف الثلاثينات، فإن الكثير من الأفراد يرجعون الفضل في انتشاره إلى مامي أيزنهاور في الخمسينات. فقد زينت به البيت الأبيض عندما تولى زوجها الرئاسة عام 1953، حتى أن العاملين في البيت الأبيض كانوا يشيرون إليه بالـ«القصر الوردي».

وسرعان ما أصبح الفاتح منه أو «لون مامي الوردي» نموذجا يحتذى به في الحمامات. وعلى الرغم من صعوبة الحصول على أدوات سباكة ذات لون مبهج اليوم، كان غالبية المصنعين مثل أميركان ستاندرد وكران وكوهلر ينتجون حمامات وأحواض استحمام وأحواض غسيل (ناهيك عن التدرجات اللونية المختلفة) من الوردي.

حمام استخدم فيه اللون الأبيض مع اللون القرنفلي لشركة «لوفين» يقول جون فينوب، مدير العمليات في شركة «دي إي إيه باثروم ماشينريز»، التي تبيع تجهيزات السباكة، ومقرها مدينة ميرفيز بولاية كاليفورنيا: «لقد خففت تشكيلة الألوان لسنوات والآن حانت لحظة عودة اللون الوردي مرة أخرى. إننا نقوم بشحن المنتجات التي تحمل هذا اللون إلى جميع أنحاء الولايات المتحدة».

لم يعرف بعد السبب في عودة تفكير البعض إلى استخدامه، لكن أحد العوامل وراء ذلك شعبية فيلم «ماد من» الذي كان فيه حمام أسرة دون درابر، مثلا ورديا، عدا عن ارتباطه بفترة الرخاء. وربما يبرز هنا عنصر الحنين إلى الأزمنة السالفة، على حسب قول بام كوبر، التي أنشأت مدونة »savethepinkbathrooms.com« في عام 2007، وأبدى عدد كبير من بين أكثر من 500 شخص قاموا بالتعليق على ما كتبته على الموقع، ولعهم الشديد بتذكر جداتهم وأسلافهم أو عماتهم أو خالاتهم اللاتي كن يمتلكن حمامات مطلية بهذا اللون.

تعيش كوبر في منزل بني على غرار مزرعة في مقاطعة لينوكس بولاية ماساتشوستس التي كانت ستضفي عليه اللون الوردي، لو أنها تمكنت من الحصول على البلاط المناسب عندما أعادت تجديد الحمام في عام 2003. لكنها عندما يئست من الحصول على ما أرادت تحولت إلى لون قريب من ذلك وهو اللون القرنفلي الضارب إلى الصفرة. وقالت: «أحد الأسباب التي جعلتني أنشئ المدونة، كانت مساعدة الأفراد في مشاركة المعلومات وتبادلها بشأن المصادر الخاصة بأدوات السباكة والبلاط الوردي».

أما بعض الأشخاص ممن يملكون حمامات بهذا اللون، ولم يدخلوا عليها أي تعديلات، فكان السبب ليس لأنهم يحملون حنينا أو ربما حبا إلى اللون، بل لأن إعادة تجديدها مكلفة للغاية. يقول مايكل هيتون (34 عاما) الذي عمل في بورصة الأسهم، مشيرا إلى الحمام ذي اللون الوردي في منزله المبني على شكل مزرعة ويعود بناؤه إلى عام 1964 في مقاطعة نورمان بولاية أوكلاهوما: «لم يكن هناك خطأ فيه عدا اللون، لكن بعد طلاء الجدران باللون الوردي الداكن وطلاء الأثاث باللون الأزرق، غير رأيه، ويعتبره الآن أفضل غرفة في المنزل».

السبب الآخر في عدم تغييره أن بلاط السيراميك الذي أنتج قبل السبعينات يتميز بجودة عالية، بحسب مهندسين معماريين ومؤرخي الإنشاءات الهندسية. والبلاطات ذاتها عادة ما كانت أكبر حجما وأقل عرضة للشروخ وكانت وسائل شحن هذا النوع من البلاط أكثر حذرا وعناية.

تقول جين باول، مستشارة الترميم في أوكلاند بمقاطعة كاليفورنيا ومؤلفة كتاب «بانغالو باثرومز»: «كان البلاط في تلك الفترة يثبت بموادمصممة الديكور الداخلي بروك جيانيتي طلت جدران حمام بيتها على شاطئ سانتا مونيكا بالوردي لأنه مريح للأعصاب أكثر من الأبيض إسمنتية، يعود إليها الفضل في استمرار بقاء الكثير من الحمامات الوردية حتى الوقت الحالي على أحسن حال، مما يجعل محاولة نزعها تحتاج للكثير من الوقت والمال».

لكن ذلك لم يمنع جانيس فريدمان (53 عاما)، المديرة القانونية التي تعيش في منزل بني في عام 1954 على شكل منازل المزارع في مقاطعة ويتشيا بولاية كنساس، من إزالة البلاط الذي تم تثبيته بالإسمنت في واحد من حماماتها، حتى تتمكن من استبداله بسيراميك وردي.

كانت البلاطات الأصلية في الحمام من اللون الأخضر الفاتح، لكنه كان مطليا بلون أصفر فاتح بشع للغاية من قبل المالك السابق. وعلى الرغم من الجهد الشاق في نزع هذه البلاطات، فإنها أصرت على ذلك، قائلة: «طلبت بلاطا بلون وردي، وقلت لزوجي إنه علينا التخلص من البلاط القديم مع حلول رأس السنة».

رغبة فريدمان تمثلت في أن تكسوه بلمسة كلاسيكية أميركية من منتصف القرن الماضي، وقطع سباكة من تصميم مصممين أوروبيين حديثين. وجاءت النتيجة بحمام يجمع بين اللونين الوردي الداكن والأبيض من شركة «لوفن» السويسرية وحمام معاصر لشركة صناعة السيراميك الإيطالية «بيساتزا» الذي استخدمت فيه بلاطات فسيفساء زجاجية.

سارة ماكونيل قامت بطلاء حمام شقتها في بروكلين بلون قرنفلي داكن وأعادت تجديده بصور عارضات أزياء وأغلفة ألبومات غناء وتتذكر أنها قرأت في «فوغ» أن اللون جعلها تبدو أفضل يقول سكوت كوك، مدير معرض «بيساتزا» في سوهو: «بدأت تصميمات الحمامات تميل إلى اللون الوردي خلال العامين الماضيين أو نحو ذلك، ووجدت أنه يبعث الدفء على المكان».

هذا الدفء هو ما حققته مصممة الديكور بروك جيانيتي (45 عاما)، وزوجها المهندس المعماري ستيف (45 عاما)، وبتكلفة بسيطة. فقد عمدا إلى طلاء حمام بيتهما المطل على شاطئ سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا باللون الوردي قبل عدة أشهر، بعد أن ظل لسنوات يحمل اللون الأبيض. وتقول جيانيتي: «إنك لا ترغب في أن تواجه هذا اللون الصارخ عندما تستيقظ في الصباح أو قبل الخلود إلى النوم. لكننا وجدنا أن الوردي أكثر هدوءا وشمولية».

هذا ويعتبر اللون الوردي لونا مجاملا أيضا، حسب قول تاميلين فينستين (50 عاما)، مصورة فوتوغرافية، قامت بطلاء حمامها في منزلها في ناشفيل بهذا اللون عام 2001. وكانت سعيدة بالصورة التي بدت عليها هناك، حيث استخدمت الحمام كخلفية لسلسلة من الصور الذاتية بلغت 365 صورة التقطتها لنفسها خلال السنوات القليلة الماضية.

وتعلق قائلة: «إنه لون يبعث على البهجة، إذ من الصعب أن تكون حزينا في حمام مطلي باللون الوردي».

وبالمثل قامت سارة ماكول، وهي كاتبه متفرغة، بطلاء حمام شقتها ببروكليو بدرجة قوية منه في العام الماضي. وتذكر أنها قرأت في مجلة «فوج» عندما كانت لا تزال مراهقة، أن الوردي يجعلك تبدين أفضل، لهذا زينت الحمام بملصقات لعارضات أزياء تعود إلى أربعينات وخمسينات القرن الماضي إلى جانب أغلفة ألبومات تحمل هذا اللون. وتتابع: «أعتقد أن المقال في (فوغ) قال: (إذا طليت حمامك باللون الوردي لن تندم أبدا، وهذا جد صحيح».