إدمان البنزين يحرق أطفال أنجولا

وهذا هو الاختيار المفضل للإدمان من جانب أطفال أفريقيا
وهذا هو الاختيار المفضل للإدمان من جانب أطفال أفريقيا

تنتشر حاويات البنزين بين يدي تجار السوق السوداء وداخل شوارع لواندا عاصمة أنجولا على الأرض.


صرحت مؤسسة (AFP) عن رؤيتها لطفل مدمن يتسكع على طول شارع مكتظ في العاصمة الأنجولية (لواندا) حاملا في يده زجاجة بلاستيكية تحتوي على البنزين وهو يستنشق ما بها من أبخرة، وهذا هو الاختيار المفضل للإدمان من جانب أطفال أفريقيا داخل أكبر دولة لإنتاج البترول على مستوى القارة الإفريقية.

غمر الذهب الأسود أنجولا بسرعة بدأت منذ ويلات الحرب حتى وصل لأقصى مستوى له مصاحبا للاقتصاد البارز بالمنطقة، لكنه أصبح المشتق الرئيسي بهذه العاصمة وبوابة المخدرات التي تجلب البؤس والدمار للمجتمعات الفقيرة.

وجعلت سهولة الوصول للبنزين، إمكانية بيعة من المنازل بشكل معتاد معبأ بزجاجات عصير الليمون، مما أدى إلى ارتفاع نسبة إدمانه بواسطة أطفال لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات في بلد تفتقر إلى الموارد الضرورية ومراكز إعادة التأهيل.

ومعظم هؤلاء المدمنين من الأطفال المشردين والجانحين من ذوي الأسر التي تحملت وطأة وويلات الحرب لمدة ثلاثة عقود من الحرب الأهلية حتى انتهت عام 2002.

حوار مع طفل مدمن يبلغ من العمر11عاما:
يقول الطفل أنه بدأ إدمان البنزين منذ شهرين مضت، وأنه أخذها لتشعره بالسعادة، وقد كان طفلا حافي القدمين رث الملابس يبلغ من العمر 11 عاما وهو الطفل (بنتنهو)، الذي قال أنه يحب المخدرات لأنها شيء يسهل الحصول عليه.

مواصفات من يدمنون البنزين:
وفقا للتقارير الطبية فإن مدمن هذا النوع من المخدرات وهو البنزين تظهر عليه أعراض معينة على المدى الطويل تتمثل في:

- طفح جلدي واحمرار حول منطقة الفم.

- عيون حمراء ذابلة.

- خطورة التعرض لتلف المخ.

إحصائية رابطة مكافحة المخدرات:
أقرت جمعية مكافحة المخدرات وسوء استخدامها أن حوالي 15% من متعاطي المخدرات هم من الأحداث وأن رحلتهم مع الإدمان بدأت بإدمان البنزين الذي مهد الطريق لإدمان الأنواع الأخرى من المخدرات الأكثر خطورة مثل الكوكايين وغيره.

وعلى الرغم من الكفاح الذي تقوم به تلك الرابطة للتصدي لهذا الخطر فإنها لا تملك الأموال اللازمة لتوفير برامج التأهيل ويقتصر عملها على نشر حملات التوعية على مستوى المدينة.

بداية ظهور هذا النوع من الإدمان:
يقول خبراء المخدرات:
"ظهر استخدام البنزين لأول مرة في أوائل التسعينيات عندما كان الفقر يخيم على أنجولا، لكن بدأ تدفق العمال إلى لواندا قبل الطفرة النفطية التي شهدت ارتفاعا في عدد المستخدمين".

ويبقى المدمنون الشباب الذين لا يمكنهم الحصول على مساعدة تحت سيطرة الإدمان لسنوات عديدة حتى يستطيعوا في نهاية المطاف التغلب على هذه العادة لكن بعد أن يكونوا قد ألحقوا الضرر بصحتهم.

يتجمع الأطفال المدمنون في مجموعات على طول الشوارع الترابية المليئة بالقاذورات بلواندا حول سلات القمامة، أو في أماكن مسح وغسيل السيارات وإصلاحها من أجل الحصول على المال حيث ينفقون 100 كوانزا أي ما يعادل دولار أمريكي واحد للحصول على 500 ملليلتر من البنزين في زجاجة.

وبناء على التقرير السنوي لمنظمة اليونيسيف عام 2009 أن أكثر من نصف سكان أنجولا البالغ عددهم 18.5 مليون نسمة هم من الأطفال تحت سن الثامنة عشر ومنهم 43,000 مازالوا مشردين ومنفصلين عن أسرهم.

وأضاف (فرانسيسكو تاندو) الناشط في مكافحة المخدرات بلواندا في حديثه لمؤسسة (AFP)، أن أطفال الشوارع الذين يدمنون البنزين وغيره من المخدرات شردوا وهاجر آخرون منهم بعيدا عن والديهم بعد نهاية الحرب هذا لعدم قدرة الأسر على تقديم الدعم لهم.

ويقول أن المشكلة تكمن في عدم وجود ضوابط صارمة على عملية بيع البنزين، مما يسهل على الأطفال شرائها.

ويعتبر مركز (ريمار) الذي يعتمد في توعيته على مباديء العقيدة هو أحد مراكز التأهيل القليلة جدا التي تحاول تقديم المساعدة للأطفال الذين يعانون مشاكل المخدرات، ومع ذلك فإنه لا يقدم سوى النصح والتدخلات المسيحية عن طريق الصلاة والتشجيع الديني لدفع المدمنين بعيدا عن المخدرات والكحول.

يقول الواعظ (لويز ماسيدو) ما يلي:
"هؤلاء الأطفال ليست لديهم أي فكرة عن المعنى الطبيعي والشعور السوي عن الحياة، وقد كانت الشوارع هي الملاذ الوحيد لهم لفترة طويلة".

ويتضاعف دور الجمعيات الخيرية حاليا لتصبح مأوى لهم حيث يتم استضافة ما يقرب من 100 شخص داخل ثلاث قاعات مليئة بالأسرة النموذجية للمبيت.

ويقول السيد (كوئين فانورميلنجن) رئيس منظمة اليونيسف في أنجولا أنه بالرغم من تحسن الحالة الاقتصادية للبلاد، إلا أن انتشار الفقر يمثل السبب الرئيسي لإدمان المخدرات بين الأطفال، ومع انخفاض مستويات الفقر إلا أن العديد من الأسر مازالت تعاني من الفقر ونتيجة لذلك يهرب أطفالها إلى المدن ويتعرضون للإدمان، كما يضيف أن ثلث السكان مازالوا يعيشون في حالة من الفقر الشديد.

وما يؤسف له هنا هو أن أنجولا قد أصبحت بلدا لعبور المخدرات، ويجري ضبط المزيد من المخدرات في موانيء الدخول والأطفال هم الأكثر عرضة لهذا الخطر.