حلم أفريقيا في التخلص من الالتهاب السحائي الوبائي مهدد بالإجهاض

غياب التمويل يهدد مشروع إنتاج لقاح مضاد للمرض
غياب التمويل يهدد مشروع إنتاج لقاح مضاد للمرض

يبدو أن الحلم الأفريقي الخاص بالتخلص من مرض الالتهاب السحائي الوبائي مهدد بالإجهاض، أو التأجيل إلى أجل غير مسمى على أحسن الفروض، إذ إن المشروع الخاص بإنتاج لقاح رخيص وفاعل مضاد للمرض على نطاق موسع أصبح يفتقر إلى التمويل الكافي.


ومرض الالتهاب السحائي الوبائي هو مرض مُعدٍ، غالبا عبر الجهاز التنفسي، يصيب الأغشية المحيطة بالدماغ والنخاع الشوكي. وهناك الكثير من الأنواع البكتيرية التي تتسبب في التهاب السحايا، أشهرها ما يسمى «Neisseria meningitidis group A»، إلى جانب بعض أصناف الفيروسات.

وتؤدي الإصابة بالمرض إلى حدوث الحمى، التي تدعى «الحمى الدماغية الشوكية»، مع صداع وتيبس بعضلات الرقبة وفقدان للتركيز، إلى جانب القيء وعدم تحمل التعرض للضوء أو سماع الأصوات العالية، وقد يصاحب المرض حدوث طفح جلدي في بعض الحالات. وفي كل الأحوال تظل الإصابة بالالتهاب السحائي الدماغي من قبيل الحالات الطبية الطارئة والخطرة التي تستدعي رعاية خاصة، نظرا لأثرها المباشر على الجهاز العصبي المركزي.

ونشط العلماء في محاولاتهم الدؤوبة من أجل البحث عن علاج ولقاح لمثل هذا المرض الخطير، الذي يودي بحياة الآلاف سنويا، وبخاصة في المناطق التي يستوطنها كغرب وجنوب أفريقيا، ومناطق جنوب آسيا، وكذلك القارة الأميركية الجنوبية.

مشروع جديد
وفي إطار تلك المحاولات خرج إلى النور مشروع لقاح جديد، بعث الأمل في القضاء تماما على المرض في القارة الأفريقية في غضون عدة سنوات.

ولكنّ القائمين على مشروع لقاح «MenAfriVac»، وهو مشروع مشترك بالتعاون بين منظمة الصحة العالمية وبرنامج الاستخدام التقني السليم في المجال الصحي، أكدوا أن المشروع الذي انطلقت أولى بوادر تطبيقه بالفعل في بوركينا فاسو في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي مهدد بالإجهاض.

والمشروع بدأ بتبرع مقداره 70 مليون دولار من مؤسسة «بيل وميليندا غيتس» في عام 2001، إثر توصيات منظمة الصحة العالمية في مؤتمرها الموسع الذي عقد بالقاهرة عام 2000، لبحث الحلول الممكنة وسبل القضاء على المرض.

ويهدف المشروع إلى إنتاج لقاح أقل سعرا وأكثر فاعلية من المتاح حاليا لمكافحة المرض، وهو ما توصل العلماء إليه بالفعل، إذ تمكنوا من تصنيع لقاح في شركة هندية يتكلف نصف دولار للجرعة الواحدة، ويحقق نسبة حماية أعلى من أي لقاح سبق إنتاجه.

وكانت المنظمات الدولية تعول على جهات متعددة لإنتاج اللقاح، بيد أنه من الواضح أن معوقات كبيرة تواجه المشروع، وأرجع البعض أغلب تلك المعوقات إلى تدخل شركات عالمية كبرى متخصصة في إنتاج اللقاح بهدف عرقلة المشروع من أجل الحصول على حقوق إنتاجه الحصرية.

إلى ذلك، يعاني الاتحاد العالمي للقاحات والأمصال (GAVI)، والمسؤول عن توفير جزء من التمويل اللازم للمشروع، من ضائقة مالية شديدة تهدد باستمرار التمويل، بحسب ما صرح به أحد مسؤوليه لموقع «SciDev» العلمي، إذ وفر الاتحاد بالفعل 30 مليون دولار، أتاحت البدء في تنفيذ المرحلة الأولى في دول غرب القارة الأفريقية، إلا أن مبلغا آخر يناهز 55 مليون دولار «ما زال في علم الغيب» لإتمام المرحلة الثانية من المشروع، الذي تبلغ كلفته الإجمالية نحو 550 مليون دولار.

ويمثل الالتهاب السحائي الوبائي أحد الأمراض الخطرة التي توجد في القارة الأفريقية بصورة متوطنة، وتثور جائحتها بين حين وآخر، وخلفت الجائحة التي أصابت إقليم جنوب الصحراء الكبرى الأفريقي بين عامي 1996 و1997 أكثر من 25 ألف ضحية ماتوا جراء الإصابة بالمرض من بين مجموع ربع مليون مصاب، في حين أن الجائحة الحالية، والمستمرة منذ مطلع عام 2009 حتى الآن في دول غرب القارة السمراء كنيجيريا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر، قد خلفت نحو 4 آلاف قتيل حتى اليوم من بين أكثر من 14 ألفا أصيبوا بالمرض، بحسب تقديرات لمنظمة الصحة العالمية وتقارير دولية أخرى.