هل تصلح الفيتامينات والأعشاب لعلاج نزلات البرد؟

أكثر من 200 فيروس مختلف يتسبب في حدوث عدواه
أكثر من 200 فيروس مختلف يتسبب في حدوث عدواه

لا يوجد أي علاج شاف من نزلة البرد، إلا أن هناك وسائل لجعل نزلاته الشائعة أقل انتشارا. ولعل أكثر الأحاديث تداولا في موسم البرد - بعد الأحاديث عن تغيرات الطقس - تنصب حول نزلات البرد.


وتختلف الإصابات بهذه النزلات بين إصابات مثل تلك التي تطبق بإحكام على المصاب لعدة أيام أو تلك التي تهد جسمه تماما بحيث يلجأ إلى الفراش. إلا أن نزلة البرد القياسية تكون خفيفة نسبيا ويمكنها أن تزول خلال أسبوع تقريبا من دون أي علاج مخصص لها.

تنجم نزلات البرد عن فيروسات تغزو الجهاز التنفسي العلوي (الذي يضم الفم، الأنف، والرغامي (القصبة الهوائية). ويوجد أكثر من 200 فيروس مختلف قادر على التسبب في حدوث عدوى البرد، وربما، فإن هذا هو أحد الأسباب التي تجعل نزلات البرد بمثل هذا الشيوع - وإنه يزيد من صعوبة إيجاد علاج لها.

ولأن عدوى البرد فيروسية، وليست بكتيرية، فإن المضادات الحيوية لا تفيد في علاجها. وقد تحدث عدوى بكتيرية بين حين وآخر إضافة إلى العدوى الفيروسية، إلا أن ذلك لا يحدث إلا في عدد صغير من الحالات.

ورغم وجود العشرات من الأدوية التي تسوق من دون وصفة طبية فإنها لا تؤدي إلا إلى تخفيف أعراض نزلات البرد، كما تطرح تساؤلات حول فاعليتها.

ولذا فإن البحث لا يزال جاريا للتوصل إلى مواد يمكنها الوقاية من نزلات البرد التي تسببها الفيروسات أو تؤدي إلى تسريع إخراج الفيروسات من الجسم. ونذكر هنا بعضا من تلك المواد.

- الفيتامينات
فيتامين «سي»: هو إحدى الوسائل التي اقترحها لاينوس بولنغ كأحد البدائل لمكافحة نزلات البرد الشائعة في كتابه المنشور عام 1970، إلا أن الأبحاث لم تدعم بشكل محقق ما عرضه بولنغ من وجوب تناول 1000 إلى 2000 ملليغرام من فيتامين «سي» للوقاية من البرد.

كما أن نتائج الأبحاث المستخلصة من عمليات العلاج لم تدعم تلك المقترحات. ولكن الباب لا يزال مفتوحا بشكل قليل، أما عشاق الرياضة الشديدة خصوصا أثناء ممارستهم لها في موسم البرد، فقد افترضت بعض الأبحاث أنه قد يمكن تجنب نزلات البرد بتناول فيتامين «سي».

فيتامينا «دي» و«سي»: وجد الباحثون رابطة بين مستوى فيتامين «دي» العالي في دم الإنسان وانخفاضا في الإصابات بالعدوى التنفسية. وقد أشار أحد الأبحاث تأثيرا خفيفا واقيا لفيتامين «إي» على مرضى دور الرعاية الصحية. إلا أنه لا توجد أدلة كافية للتوصية بتناول أي من هذين الفيتامينين بهدف مكافحة نزلات البرد.

- الأعشاب
عشبة «الإشيناسيا» Echinacea:
لم تكن نتائج تجارب الوقاية والعلاج بـ«الإشيناسيا» مشجعة جدا. وقد توصلت دراسة مراجعة موثوقة نشرت قبل عدة سنوات إلى استنتاج متميز يشير إلى أن بعض (وليس كل) الدلائل على أن تحضير أجزاء عشبة Echinacea purpurea (حيث يوجد عدد متنوع من عشبة الإشيناسيا) التي تنبت فوق الأرض، يمكن أن يكون فعالا في العلاج المبكر من نزلات البرد لدى البالغين.

وفي عام 2010 نشر مختبر «كونسيومرلاب. كوم» Consumerlab.com نتائج مراجعة لـ18 من منتجات «الإشيناسيا»، إلا أن اختبارات هذه الشركة لم تحدد ما إذا كانت كمية «الإشيناسيا» تتطابق مع ما هو موجود فعلا – كما هو مكتوب على ملصقات التعريف - في كل واحد من تلك المنتجات.

ومع هذا فإن هناك بعض الارتياح من نتيجة أشارت إلى أنه لا يوجد تركيز كبير غير مسموح به من المعادن الثقيلة، أو مبيدات الحشرات الكلوريدية، أو الملوثات الميكروبية، في أي من هذه المنتجات.

أعشاب مفيدة أخرى: وقد طرح الكثير من منتجات الأعشاب الأخرى للوقاية من نزلات البرد والعلاج منها مثل عشبة الجينسنج (ginseng) الصينية، ثمر الخمان (elderberry)، الثوم، وأوراق الزيتون، إلا أن الأبحاث حولها تظل محدودة ولم تظهر فاعليتها حتى الآن.

- معدن الزنك
الزنك:
بدأت مسيرة توظيف الزنك لمكافحة نزلات البرد بعد نشر تقرير للباحث جورج إيبي في تكساس عام 1984 الذي أعلن أن حبة من حبوب المص (lozenges) من الزنك، يمكنها تقليص فترة نزلة البرد سبعة أيام.

وقد أظهرت دراسات موثوقة منذ ذلك الحين أنه لا توجد أي فوائد من حبوب المص الحاوية على الزنك أو من بخاخات الأنف الحاوية للزنك، إلا أن المواد الهلامية (جل) من الزنك كانت أفضل، رغم أنه رافقتها أعراض فقدان حاسة الشم.

وفي مقالة نشرت عام 2010، جادل إيبي بأن كل منتجات الزنك لا تحتوي على شكل من هذا المعدن (هو أيون الزنك ذو الشحنة الموجبة) الذي يكافح نزلات البرد، ولذلك فإنها ليست فعالة.

- الرياضة
التمارين الرياضية:
الرياضة العنيفة تؤدي إلى إضعاف دفاعات جهاز المناعة، على الأقل بشكل مؤقت، إلا أن النشاط البدني المنتظم المعتدل يقوي تلك الدفاعات.

وقد أضافت دراسة نشرت عام 2010 في المجلة الطبية البريطانية دلائل جديدة على أن دوام النشاط البدني هو عامل واق. وشملت الدراسة 1000 من المتطوعين البالغين بين أعمار 18 و85 سنة أجابوا عن أسئلة استبيانات على مدى 3 أشهر حول ممارستهم الرياضية وإصابتهم بنزلات البرد.

وظهر أن المتطوعين الذين مارسوا الرياضة 5 أيام في الأسبوع قلت لديهم أعراض المشكلات التنفسية بنسبة 43 في المائة عن الذين مارسوا التمارين الرياضية ليوم واحد أو أقل في الأسبوع.

- التعاطف والنوم
التعاطف:
درب باحثون في جامعة وسكنسون موظفين صحيين في عيادتين طبيتين للرعاية الأولية على طرق إبداء تعاطف متفاوت للمرضى الذين يزورون العيادة بسبب إصابتهم بعدوى في الجهاز التنفسي. وقد طلب من المرضى الإجابة عن أسئلة استبيانات حول كيفية تعامل الموظفين الصحيين معهم، ثم العودة مرتين لفحص أعراضهم خلال 14 يوما.

ووفقا للنتائج المنشورة في مجلة الطب الأسري في عام 2009 فإن أولئك المرضى الذين وضعوا الموظفين الصحيين في مرتبة عليا من حيث تعاطفهم قي أول مرة زاروا العيادة فيها، قالوا إن أعراض نزلة البرد قد انحسرت لديهم قبل يوم - في المتوسط - مقارنة بباقي المرضى المشاركين في الدراسة. كما أظهر فحص سوائل الأنف أن إبداء التعاطف يبدو أنه يعزز الجهاز المناعي للإنسان.

النوم: لا تتسبب برودة الطقس في حدوث نزلات البرد كما لا تتسبب في حدوثها الجوارب المبللة أو مشي الناس وهم حاسري الرؤوس، إلا أن الآباء يبدون محقين في جانب معين: التمتع بقسط وافر من النوم يحافظ على الصحة وقد يساعد على إبعاد نزلة البرد.

وقد وظف باحثو جامعة يتسيورغ 150 من المتطوعين الأصحاء لتدوين ساعات نومهم لمدة أسبوعين. ثم أدخلوهم إلى مختبر تعرضوا فيه إلى فيروسات البرد، ثم خضعوا للمراقبة لمدة 5 أيام. وظهر أن الأشخاص الذين قالوا إنهم ناموا أقل من 7 ساعات ليلا كانوا أكثر تعرضا للعدوى مقارنة بالذين قالوا إنهم ناموا 8 ساعات أو أكثر.