الخلايا الجذعية الجنينية تفك شفرة الأمراض الوراثية

الخلايا الجذعية الجنينية هي "حجر رشيد" الأمراض الوراثية.. فللمرة الأولى أظهر باحثون فرنسيون أن الخلايا الجذعية الجنينية البشرية تتيح فهم آليات الأمراض الوراثية مثل مرض الضمور التأتري، مما يمثل خطوة هامة في الوقت الذي تجري فيه مناقشات حول البحوث بشأن هذه الخلايا.


وتلخص سيسيل مارتينا، التي شاركت في إجراء هذا العمل مع مارك بمعهد الخلايا الجذعية لمعالجة الأمراض ودراسة الأمراض أحادية الجين ((I-Stem/ Inserm)، أربع سنوات من البحث في جملتين: "نحن نواجه مرض الضمور التأتري الذي يتميز بعدم وجود اتصال بين العضلات والأعصاب، ولقد تمكنا من إنتاج هذا العيب في الخلايا الجذعية الجنينية البشرية والبحث عن السبب".

وتقول الباحثة أن هذه النتيجة مهمة لعدد كبير من الناس الذين يعانون من هذه الأمراض العصبية العضلية ولكن أيضا للباحثين الذين يعتمدون منذ عدة سنوات علي إمكانات الخلايا الجذعية الجنينية البشرية (hESC) في فك شفرات الأمراض الوراثية.
 
الاطلاع على تطور المرض:
وتوضح مارتينا أن هذه الخلايا المحفِزة تنتج جميع أنسجة الجسم، ومن ثم فهي تسمح بدراسة تطور المرض في الأنسجة أو الأجهزة المختلفة في المختبر.
 
وفي حالة الضمور التأتري الذي يتميز ببطء غير طبيعي في استرخاء العضلات بعد تحفيز الاعصاب، يعاني المرضى أيضا من اضطراب نظم القلب، والمشاكل الهرمونية، وضعف الإدراك.. إنه مرض متعدد الجوانب ينتشر مثل لعبة الدومينو، وبالكاد يتم رؤية هذا المرض عند الجد، ولكنه يتطور بشكل أكثر شدة عند الأب (أو الأم) وبشكل أكثر تفاقما عند الابن أو الابنة إذا ما أصيبوا به.
 
وتؤكد سيسيل مارتينا ومارك بيسانسكي أن الخلايا الجذعية الجنينية التي تم تشخيصها قبل الزرع، هي الاختبار الذي يسمح للآباء بتجنب نقل المرض للطفل من خلال تشخيصه قبل زرع النطفة.
 
تحديد سبب الشذوذ:
وتوضح مارتينا: "لقد أردنا أن نفهم لماذا يسبب الضمور التأتري سوء الفهم بين الخلايا العصبية الحركية في الحبل الشوكي والعضلات، لقد اكتشفنا أن الخلايا العصبية تبعث بملحقات شاذة تكافح من أجل تأسيس الاتصال مع العضلات، ثم بحثنا عن سبب هذا الخلل".
 
وأضافت الباحثة: "لقد وجدنا بعد ذلك أن هذا الشذوذ الوظيفي يحدث بسبب خطأ في التعبير لدي اثنين من جينات عائلة SLITRK، وهي العائلة المشاركة في تنفيذ تمديدات الأعصاب.. "في الخلية المريضة، الجينات لاتعبر عن نفسها جيدا". 
  
ملاحظة زيادة غير طبيعية في الملحقات العصبية: 
حيث نجد من اليسار الخلايا العصبية سليمة ومن اليمين الخلايا العصبية المتضررة. (جيم Martinat / INSERM) .
 
وتري سيسيل أنه بمجرد تحديد هذه العيوب الوظيفية، يمكن للباحثين المضي قدما إلى الخطوة التالية وهي العثور على العقاقير المناسبة.. "إننا ننظر في بضع عشرات الآلاف من الجزيئات التي يمكنها تصحيح الوضع الشاذ"، والخلايا الجذعية توفر إمدادات لا نهاية لها، والباحثين لديهم عدد كبير جدا من العينات التي تتيح اختبار الجزيئات المرشحة في المختبر".
 
نظام الإعفاء:
تقول عضوة فريق مارتينا أنه لا يزال هناك الكثير من البحوث العلمية التي يأمل العلماء الفرنسيون أن يواصلوا العمل بها سلميا.. حيث يتم الآن البحث علي الخلايا الجذعية الجنينية البشرية (hESC)  في فرنسا في ظل الإعفاءات الاستثنائية من الحظر، وتصدر التصاريح من قبل وكالة الطب الحيوي.
 
وتوضح  سيسيل مارتينا أنهم يعملون مع وكالة الطب الحيوي منذ خمس سنوات وأن الأمور تسير بشكل جيد جدا، غير أنهم  يأملون مواصلة العمل في إطار نظام منح التراخيص والعمل على الخلايا الجذعية والخلايا الجذعية الجنينية المتسببة في المرض على حد سواء، كما توضح العالمة.
 
وتجدر الإشارة إلي أن الخلايا الجذعية التي تم الحصول عليها لأول مرة في عام 1997 من قبل فريق البروفيسور (ياماناكا) في اليابان كانت مثيرة جدا، ولكن بينت دراسة حديثة أن "إعادة البرمجة" التي تسمح بالحصول على الخلايا الجذعية من خلايا بالغة تسبب طفرات غير طبيعية في هذه الخلايا، الأمر الذي يسمح بخلط نتائج دراسة مثل تلك التي أجريت للضمور التأتري بجامعة "Steinert".
 
إن تنقيح قانون بشأن أخلاقيات علوم الأحياء هوالآن محل مناقشة في مجلس الشيوخ بعد الانتخابات الأولي في الجمعية الوطنية التي خيبت آمال الباحثين.
 
وفي الواقع قرر النواب الإبقاء على الحظر المفروض على أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية البشرية، واختار أعضاء مجلس الشيوخ نظام الترخيص ضمن إطار.
 
وتؤكد مارتينا أنه بعد أربع سنوات من العمل، يأمل باحثو Inserm أن يحرك الدليل الذي يقدمونه على قيمة العمل في الخلايا الجذعية الجنينية البشرية الخطوط الجامدة على الجانب السياسي.