«شانيل» .. تغازل النساء العربيات بأفتتاح ثاني محل لها في الرياض

«إذا اخترتُ الماس، فذلك لأنه يمثل القيمة الأكبر في الحجم الأصغر» كوكو شانيل
«إذا اخترتُ الماس، فذلك لأنه يمثل القيمة الأكبر في الحجم الأصغر» كوكو شانيل

في عالم الموضة والمجوهرات، تبقى كوكو شانيل أسطورة تتداول الأجيال قصتها، كسندريلا عصامية من الزمن الحديث. فقد أودعها والدها ملجأ للأيتام، بعد وفاة والدتها وهي طفلة، ومنه خرجت لتصبح واحدة من أشهر نساء القرن العشرين وأكثرهن تأثيرا في عالم الموضة. وحتى بعد أن غيبها الموت منذ عدة سنوات، لا يزال اسمها رنانا وقويا في باريس كما في أميركا واليابان والشرق الأوسط والأقصى.


الفضل في هذا يعود إلى أنها خلفت إرثا قويا، من جهة، وإلى مصممين في مجال المجوهرات، وطبعا كارل لاغرفيلد في مجال الأزياء، من جهة ثانية، نجحوا في أن يترجموا إرثها بأسلوب عصري لا يقدر عليه غيرهم.

فقد عادوا في الكثير من تشكيلاتهم إلى عالمها الخاص ليستقوا منه أحيانا إيحاءات صينية وأحيانا أخرى بيزنطية أو من الطبيعة ليشكلوها بطرق تجعل نساء العالم يحلمن بالحصول عليها.

والطريف أن الآنسة كوكو شانيل لم تزر الكثير من البلدان التي طبعت تشكيلاتها، ومع ذلك غرفت من ألوانها ورسوماتها وثقافتها الكثير، مثل الشرق الأقصى الذي يطبع ديكورات شقتها كما تصاميم أزيائها وإكسسواراتها ومجوهراتها.

هذه الرحلات الخيالية هي التي عادت إليها الدار في آخر مجموعة مجوهرات عرضتها في باريس ثم في معرض بازل السويسري قبل أن تطرحها في الأسواق هذا الشهر.

مجوهرات مفعمة بالشاعرية والرقة وتحمل بصمات امرأة رحالة متمكنة من قدراتها وأدواتها، إلى حد أنها تعطي الانطباع بأن المصممة لم تمت بل فقط اختفت لفترة في تركيا أو بطرسبورغ، لتغرف من إرث الشرق الرومانسي والغني.

فالأشكال البيزنطية المأخوذة من قباب الكاتدرائيات والمساجد القديمة، والمخرمات التي تستحضر المشربيات التركية وغيرها تشد الأنفاس بتقنياتها وبريقها، الذي يكشف أسرار الشرق من خلال قطع مرصعة بشكل هندسي أقرب إلى الفسيفساء تتنافس فيها الأحجار الكريمة مع اللؤلؤ لاحتلال أكبر مساحة فيها.

في حديث خاص مع الشرق الأوسط قال بنجامين كومار، مدير قسم المجوهرات الراقية:
ان إرث كوكو شانيل غني ولا ينضب، الأمر الذي يعطي هذا الزخم من الإبداعات والتشكيلات، سواء في ما يتعلق بالأزياء أو الإكسسوارات أو المجوهرات.

في العام الماضي، مثلا، استقى قسم المجوهرات الراقية فكرة عشق كوكو للريش واستعملها في مجموعة قطع، منها دبوس أنيق مرصع بالماس يمكن استعماله كبروش أو تاج، وهذه السنة استقت فكرة سفرها الخيالي إلى أماكن بعيدة، وعلى وجه الخصوص الشرق، لتتحف المرأة بقصص رومانسية وأضاف أنه ما إن ولدت الفكرة حتى بدأت مهمة البحث عن الأحجار الكريمة وعن التقنيات المناسبة لخلق أشكال مخرمة ومتشابكة تبدو للبعض وكأنها مشربيات بيوت تركية، وللبعض الآخر وكأنها دانتيلا في نعومتها وأنوثتها، معترفا:

أحب هذا التلاقي بين المشربيات التركية والدانتيل، الذي يحاكي الـ(هوت كوتير)، لأنه يمكن رؤية القطعة من كل الجهات، وبالتالي فإنها جسر رائع بين عالمين، أو بالأحرى ثقافتين.

بالنسبة للتقنيات فقد اعتمدت كثيرا على الليزر، وكانت تحتاج إلى مهارة عالية لتأتي النتيجة خفيفة وكأن القطعة تتحرك أو كما قال بنجامين:
تجعل الماس يطير في الهواء ليس هذا فقط بل جمالها يكمن أيضا في شاعريتها، التي تتمثل في أنها قابلة للترجمة حسب هوى النفس وثقافة الشخص.

فما قد يراه البعض دانتيلا يمكن أن يراه البعض الآخر مشربيات بيوت تركية قديمة، بكل ما توحي به من غموض قصور الحريم ورومانسية الشرق، وهكذا، لا سيما أن الألوان التي ترقص عليها التشكيلة، متنوعة وتمت صياغتها على شكل لوحات فنية.

ما لا يختلف عليه اثنان أن الشرق، الأقصى والأوسط، يبادل هذا الاهتمام، بالنظر إلى أرقام المبيعات وحجم الإقبال، وهذا ما شجع الدار أن توسع خريطة أسفارها في السنوات الأخيرة نحو الشرق الأوسط.

لكن هذه المرة كأحد أهم أسواقها، إذ افتتحت فيه مجموعة من المحلات، شملت في العام الماضي محلا في مدينة الرياض على مساحة 150 مترا مربعا.

يتميز بطابع يستمد الأوجه المتعددة لشقة كوكو شانيل في شارع غامبون.

فهو يجمع الأسلوب الباروكي في الشاشات المنحوتة يدويا من اللك الصيني، والخطوط العصرية في مواده الطبيعية وألوانه الهادئة، بل وحتى في ثريات غوسنز (Goossens).

ولا تخفي الدار أنها تتوجه من خلاله إلى المرأة السعودية الذواقة، التي تعرف أنه ليس هناك أقوى من اسم يختزل معاني الترف والجمال في أحجار كريمة وتصاميم فريدة تحكي قصص حب ورومانسية تبقى معها للا بد.

يعلق بنجامين كومار أن منطقة الشرق الأوسط كانت دائما سوقا مهمة بالنسبة لـشانيل في ما يتعلق بالمجوهرات والساعات، على وجه الخصوص:
فقد افتتحنا محلات في دبي منذ 3 سنوات، ثم البحرين والآن ثاني محل في الرياض.

وعلى الرغم من قصر علاقتنا بهذه السوق التي تعود إلى 2005 فقط، فإننا نجحنا في تكوين علاقة وطيدة مبنية على الاحترام المتبادل، وشبكة زبائن أوفياء يعرفوننا، ونعرف ما يريدونه في الوقت ذاته.

فحتى في ذروة الأزمة الاقتصادية العالمية، لم نغير استراتيجيتنا ولم نحاول التقتير في الميزانية أو ما شابه من الأمور، وهذا كان واضحا لهم، وزاد من تمتين العلاقة بيننا. فكرتنا أنه إذا كنت تريد أن تقدم قطع مجوهرات راقية جدا، باعتبارها استثمارا، فلا بد لك أنت أيضا أن تستثمر في العلاقة وأن تتبنى استراتيجية بعيدة المدى. ولأن علاقتنا بهذه السوق جيدة منذ البداية، فإن أي فكرة تخرج عن تقديم الأفضل والأجمل لم تكن واردة.

ما يجعل هذه الاستراتيجية أساسية أيضا كون المرأة الخليجية عموما، والسعودية خصوصا، ليست جديدة على المجوهرات والأحجار الكريمة، فهي تفهمها وتقدرها بحكم علاقتها الطويلة بها.

فالمعادن النفيسة والأحجار الكريمة كانت دائما بالنسبة لها خزينة وزينة، ورغم أن ظروفها الاجتماعية والاقتصادية تغيرت، فإن نظرتها إلى هذه المعادن والأحجار لم تتغير كثيرا سوى في ما يتعلق بإدراكها أن التصميم بات هو الآخر يلعب دورا مهما.

أي، إذا تم جمع الفخامة والأناقة في قطعة واحدة، فهي لا تمانع، بل على العكس تماما، فهو عز الطلب. أمر تفهمه دار شانيل جيدا، ويعتبر جزءا من شخصيتها وجيناتها الوراثية، وكل ما قامت به في المواسم الأخيرة أنها بدأت تعود إلى أصولها المتجذرة في الـهوت كوتير والأناقة الراقية.

وهو ما يؤكده كومار بقوله:
مع بداية الألفية، تغيرت نظرتنا وتوجهاتنا من حيث إنها أصبحت تركز على الابتكار أكثر من ذي قبل، في عودة واضحة إلى جذورنا.</p> <p>نعم هناك مجموعات كلاسيكية من حقبة الثلاثينات، مثل (مجموعة 1932) التي كان أول ما قدمته الآنسة كوكو شانيل، ولا تزال تتكرر وتلقى إقبالا كبيرا من قبل الزبائن، كذلك الأمر بالنسبة للمجموعة التي طرحناها في 1983، ومنها خاتم (كوكو) وخاتم (الكاميليا).

وجدير بالذكر أن زهرة الكاميليا تعتبر ماركة الدار المسجلة سواء في الأزياء أو الإكسسوارات، لكنها تأخذ في المجوهرات بعدا أكبر، فهي تعود دائما بتقنيات جديدة ومعادن مختلفة، وإن كان الماس هو الأساس فيها غالبا، نظرا لعشق كوكو شانيل، لهذا الحجر الكريم، الذي قد تكون أول من آمن بأنه أعز صديق للمرأة، حتى قبل أن تصدح مارلين مونرو بأغنيتها الشهيرة.

لكن على الرغم من جمال هذه الزهرة وشعبيتها كوجه شانيل إن صح القول، فإنه لا يمكن الاعتماد على شكلها الأصلي وحده للتسويق وجذب شرائح جديدة من الزبائن، بل من الضروري تجديدها وإعادة ابتكارها في كل مرة.
وهذا ما قام به قسم المجوهرات في التشكيلة الأخيرة التي ركز فيها على التقنيات الحديثة لإضفاء المزيد من العصرية والنعومة عليها.</p>