الطبخ أو السجن .. برنامج تلفزيوني أسترالي يحاول إعادة المساجين إلى الحياة الطبيعية

لعل البرنامج التلفزيوني البديع (conviction kitchen - الإدانة) هو البرنامج الوحيد من نوعه في العالم، اليوم، الذي يسعى من خلال التلفزيون، إلى إعادة بعض الأشخاص المسجونين، والمدانين بجرائم السرقة والاحتيال وكل ما يتعلق بالمخدرات تعاطيا واتجارا، إلى جرائم قيادة السيارات الخطرة إلى الحياة الطبيعية داخل المجتمع، لكن كيف؟.


بدأ البرنامج بفكرة تقدم بها الطاهي يان كيرلي من بريسبن - كوينزلاند تعتمد على اختيار اثني عشر شخصا مدانين بهذا النوع من الجنح أو الجرائم، حيث يقضون فترة العقوبة في السجن المركزي أو في مراكز احتجاز الأحداث، ثم تدريبهم وتأهيلهم للعودة مجددا كمواطنين صالحين إلى الحياة العامة وإلى أسرهم مع تأمين مهنة تكفل لهم في النهاية العمل بشكل شرعي دون مشكلات أو معوقات.

حيث من المعروف، على مستوى عالمي، بأن أصحاب السوابق، حتى لو كانت هذه السوابق بسيطة مثل قيادة السيارة بعد تعاطي الكحول، أو القيادة المتهورة، أو حتى تعاطي المخدرات، أو الجرائم المالية البسيطة، وغيرها من الجرائم.

من الصعب عليهم إيجاد عمل محترم بسهولة بعد قضائهم فترة العقوبة. من الصعب حقا على هؤلاء البحث عن عمل أو حتى إيجاد عمل. ولذلك، فإن غالبية هؤلاء، يرتمون بين أحضان البطالة، التي، وإن صح القول، تجبرهم مرة ثانية على الدخول في عالم الجريمة، دون حتى أن يعطى الفرد منهم فرصة لإصلاح نفسه، أو حتى إمكانية التفكير في ذلك. يترك الأمر إلى نيات كل شخص وقدرته على تحمل الحياة بعد ارتكاب الخطيئة.

يعطي هذا البرنامج، الذي يعمل مع هؤلاء المدانين بجرائم مختلفة خمسة أيام في الأسبوع على مدار ستة أسابيع كاملة. بعدها، إما أن يثبت كل متدرب جدارته في التعلم والقدرة على الاندماج مجددا في المجتمع أو يعود إلى السجن لإكمال فترة عقوبته. فكرة البرنامج الجميلة، تستحق الإشادة بكل حال من الأحوال.

فصاحب الفكرة الطاهي الاسترالي المولود في بريطانيا يان كيرلي نفذ الفكرة التي حلم بها منذ زمن بعيد، حيث كان جزءا من هذا العالم. في سنوات مراهقته، وأثناء عمله مع واحدة من العصابات المحلية في بريطانيا تم القبض عليه وسجنه ستة أشهر في سجن للأحداث.

آنذاك وبعد خروجه لم يعط كيرلي أي فرصة أخرى للاندماج فقرر تعلم تقديم المأكولات في كلية هينلي للدراسات الفندقية. ثم تبعها بدراسات أخرى ورحل إلى لندن للعمل والدراسة، ليقضي في لندن عدة سنوات عاملا محترفا في مهنة الطبخ حتى ترقى ليصبح طاهيا من الدرجة الأولى ويتسلم مطاعم فندق حياة كارلتون تاور قبل أن يدير مطعم سوهو ساثرلاند الشهير.

والحق أن الفرصة التي أخذها كيرلي بإرادته في سنوات مراهقته وشبابه الأولى، تعتبر اليوم، فرصة، لكثيرين، من أصحاب السوابق لإصلاح أنفسهم، والعودة إلى المجتمع، الذي، وإن كان يظهر التسامح في أغلب الأوقات، فإنه يضمر عكسه تماما، حين يتعلق الأمر بإعطاء فرصة عمل أو فرصة حياة.

ولعل هذا البرنامج، هو أحد البرامج القليلة على مستوى العالم الذي يحمل فكرة نبيلة حقا تتعلق بخدمة المجتمع، على الرغم، من الضغوطات المتعلقة برأس المال، الذي وإن كان يجازف في كثير من الأحيان، فليس من أجل حفنة، من أصحاب السوابق. وبهذا فاللافت هو حجم الرعاية التي يحظى بهذا هذا البرنامج دون غيره من البرامج الأخرى المختصة بالمطبخ.

هذا هو الحلم. لكن، هل من السهل تحقيق هذا الأمر مع أناس محطمين بسبب أخطائهم الشخصية. إذ إن هؤلاء الناس، يصبحون أكثر حساسية في تعاطيهم مع المجتمع أو تعاطي المجتمع معهم.

يريدون فرصة، نعم. لكن دخول المعترك والتجربة أمر صعب للغاية. هذا ما تبينه الحلقات التي بدأت أمس على القناة السابعة الاسترالية. على أمل أن ينتشر هذا النوع من البرامج في كل العالم. حيث يوجد دائما أشخاص بحاجة لفرصة، فرصة واحدة فقط.