الهيكل العظمي .. ألغازه وعلاقته بالجنس ومرض السكري

العظام تلعب دورها في تنظيم سكر الدم وعملية الإنجاب
العظام تلعب دورها في تنظيم سكر الدم وعملية الإنجاب

اعتقد العلماء على مدار سنوات، أنهم يفهمون الهيكل العظمي، فقالوا إنه يعمل كدعم بنيوي للجسم، ويقوم بتخزين الكالسيوم والفوسفات ويساهم في تطوير خلايا الدم. وهو جزء لا يتجزأ من «التعاويذ» ضد الأمور المرعبة.


هيكل «جنسي» لكن اتضح أنه ربما يكون هناك العديد والعديد من الفوائد بالنسبة للعظام. فقبل بضع سنوات، اكتشف باحثون بالمركز الطبي بجامعة كولومبيا، ولدهشة الجميع، أن الهيكل العظمى يساعد في تنظيم سكر الدم.

ومؤخرا اكتشف فريق، يترأسه الدكتور جيرارد كارسينتي، الأخصائي بعلم الوراثة والغدد الصماء بجامعة كولومبيا، أن العظام تلعب دورا غير متوقع في عملية الإنجاب. ومن الممكن أن يساعد هذا العمل، حال تطوره، في تفسير بعض حالات قلة الخصوبة لدى الرجال.

وقال الدكتور ويليام كرولي بكلية هارفارد للطب، الذي لم يشارك في هذا البحث، في حديثه عن النتائج الجديدة بشأن الخصوبة «إن هذه النتائج تجذب الاهتمام بالتأكيد. وأعتقد أنها ستكون ملاحظة منوية». (يبدو أنه لم يتعمد اللعب بالألفاظ).

من المعروف أن هرمونات الأستروجين والتستوستيرون، التي ينتجها المبيض والخصية على التوالي، تساعد في تنظيم نمو العظام. وعندما تصل النساء إلى سن اليأس، يقل مستوى الأستروجين وكذلك كثافة العظام، مما يزيد من احتمال إصابتهن بهشاشة العظام. ومع تقدم الرجال في السن، ينخفض مستوى التستوستيرون والأستروجين أيضا. ويفقد الرجال عظاما لكن بصورة أكثر بطئا من النساء.

وقال كارسينتي «اعتقدنا أنه إذا ما تحدثت الأعضاء الجنسية للهيكل العظمي، فإن الهيكل العظمي يجب أن يتحدث إلى الأعضاء الجنسية أيضا». ويبدو أن هذا ما يحدث.

في بداية هذا العام، نشر فريق كارسينتي دراسة تشرح أن بروتين الأوستيوكالسين لدى الفئران وهو بروتين تنتجه الخلايا المكونة للعظام التي تسمى أوستيوبلاست، يرتبط بمستقبل عصبي معين في خلايا الخصية. وأنتجت ذكور الفئران التي كانت غير قادرة على عمل الأوستيوكالسين (نتيجة تلاعب جيني) كمية أقل من التستوستيرون وكانت أقل خصوبة. وعندما قامت بالتزاوج، كان لديها عدد أقل وأصغر من النسل.

ومن ناحية أخرى لم تتأثر الخصوبة لدى إناث الفئران بالأوستيوكالسين. فقد افتقدت خلايا مبايضها إلى مستقبلات عصبية يرتبط بها هرمون العظام.

وقال كارسينتي «لقد تفاجأنا بهذه النتيجة. كنا نعتقد أننا وجدنا هرمونا ينظم الخصوبة لدى كلا الجنسين». وأضاف، هناك مركب آخر، غير معروف، من الممكن أن يلعب دورا مماثلا لدى الإناث. ووجد كارسينتي أن خلايا الخصية البشرية تشتمل أيضا على مستقبلات عصبية لهرمون الأوستيكالسين.

وقال توماس كليمينز، باحث بجامعة جونز هوبكينز «لا أدري إذا ما كان هناك هرمون ذو دور لدى الفئران لكن لا دور له لدى البشر». ومن الممكن ألا تتماثل أهمية هذا التأثير لدى البشر مع أهميته لدى الفئران.

إن الهرمون الرئيسي الذي يعمل على تحفيز إنتاج التستوستيرون، لدى الفئران والرجال، هو هرمون اللوتيني، وهو بروتين يفرزه المخ. ويعد هرمون اللوتيني هو مفتاح التشغيل لهرمون التستوستيرون، على حد قول كرولي. ومن ناحية أخرى فإن هرمون الأوستيكالسين، يبدو أشبه بزر مُخفض الضوء الذي يضبط العملية.

دور العظام والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هي آلية حيوية أم نظام احتياطي؟ وهل يلعب الأوستيوكالسين دورا واسع النطاق في مشكلات مثل العدد القليل للحيوانات المنوية أو المعدل المنخفض للتستوستيرون أم أنه يلعب دورا ثانويا؟

ويخطط العلماء الآن لدراسة الرجال المصابين بتلك المشكلات وقياس مستويات الاوستيكالسين، بحسب كراولي. وربما يكون بعض هؤلاء الرجال مصابين بعيب في الأوستيكالسين أو المستقبل العصبي له يخفي خلفه هذه الحالات. لكنه قال «أشك في أن هذا سيتحول إلى أحد فصول هذا اللغز الشيق والمعقد».

وذكر كارسينتي أن العظام تلعب دورا رئيسيا في تنظيم فسيولوجية الجسم. وقال «إن الجسم ليس عبارة عن تجمع من الصوامع التي لا تتحدث إلى بعضها البعض لكنه مليء بأمثلة مدهشة عن الحديث المتبادل».

وفي عام 2007، أوضح أن العظام تساعد في تنظيم سكر الدم، وهي نتيجة أذهلت متخصصي الهرمونات. كما ذكر أن الأوستيكالسين يعزز من إنتاج الأنسولين في البنكرياس ويزيد من حساسية الأنسولين (أي يجعل الجسم أكثر استجابة للهرمون). ويعمل الأنسولين، بدوره على تقليل سكر الدم.

ومن الممكن أن يكون هذا العمل مرتبطا بالسكري، حيث لا ينتج الجسم كمية كافية من الأنسولين أو التوقف عن الاستجابة لتوجيهاته. وكنتيجة لذلك، يرتفع مستوى غلوكوز الدم بدرجة كبيرة.

ويأمل كارسينتي الآن أن يكشف الروابط المعقدة التي تربط بين الهيكل العظمي والسكر والجنس. وأشار إلى أن هشاشة العظام تنخفض مع تقدم السن كما هو الحال بالنسبة للتحكم في سكر الدم والخصوبة.

وذكر أن «هناك فكرة تشير إلى أن العظام لا تكون ضحية للتقدم في العمر بل ومساهمة أيضا في هذا الأمر».