حوار مع خبير في بجامعة هارفارد حول محاذير الأدوية وتأثيراتها

الدكتور جيري أفرون Dr. Jerry Avorn رئيس قسم علم الأدوية الوبائية واقتصاديات الدواء بمستشفى بريغهام، والنساء ببوسطن، والأستاذ في كلية هارفارد للطب.


وقد نشر أفرون وزملاؤه بحثا ساعد في التعرف على مخاطر التعرض لنوبة قلبية نتيجة تناول عقار روفيكوكسيب (فيوكس Vioxx). وهو مؤلف مقالات كثيرة وكتاب «بورفول ميديسينز» (أدوية قوية) الذي نشر عام 2004.

صناعة الأدوية

دائما ما كنت تنتقد صناعة الأدوية. هل أصبحت شركات الدواء اليوم أكثر مسؤولية؟

- لقد أصبحت الشركات أكثر حذرا نوعا ما، وذلك يرجع بصورة رئيسية إلى أن إدارة الغذاء والدواء (FDA) أصبحت أكثر انتباها. وقد أجبر القانون الذي فرض عام 2007 الإدارة على عمل نظام أفضل لمراقبة ودراسة تأثيرات الدواء بمجرد طرحه في الأسواق. وتشترك مجموعتنا في جمع وتحليل البيانات من خلال نظام للسيطرة والإشراف بعد طرح الدواء في الأسواق.

يتساءل الكثير من القراء بشأن الأدوية الجنيسة «جنريك» (generic) وما إذا كانت جيدة بنفس درجة الأدوية ذات الأسماء التجارية؟

- نعم إنها جيدة بنفس الدرجة. وغالبا ما تتم صناعة هذه الأدوية بواسطة نفس الشركة التي تقوم بصناعة العقاقير ذات الأسماء التجارية.

وإذا لم تُصنع من قبل نفس الشركة، فهي تصنع بواسطة شركات أخرى توازي تلك الشركات كفاءة، كما أن إدارة الغذاء والدواء تخضع هذه الشركات لنفس الدرجة من مراقبة الجودة مثل الشركات التي تقوم بصناعة الأدوية ذات الأسماء التجارية.

إننا ننفق مليارات الدولارات على الأدوية ذات الأسماء التجارية بينما يمكننا شراء أدوية «جنريك» مقابل 4 دولارات شهريا.

تأثيرات الأدوية

لقد جاءتنا أسئلة أيضا بشأن التأثيرات الجانبية لـ«مركبات الستاتين». هل تعتقد أنه تم تقليل أهميتها؟

- لقد لعبت «مركبات الستاتين» دورها في منع ظهور أعداد كبيرة من المرضى المصابين باعتلال الصحة، والموت نتيجة أمراض القلب، إنها عقاقير رائعة.

لكن من العدل أيضا أن نذكر أننا لسنا جيدين بالدرجة التي تؤهلنا إلى أن نقوم بدراسة تلك الأعراض الجانبية (لهذه الأدوية) التي لا تؤدي إلى إدخال الناس إلى المستشفى أو إلى قتلهم. أعتقد أننا نتحكم بدرجة مناسبة في «مركبات الستاتين» وعلاقتها بانحلال العضلات التي ربما يكون خطيرا للغاية.

لكنني لا أعتقد أننا درسنا بحرص كاف المجال الذي تسبب فيه «مركبات الستاتين» ألما للناس. وإذا ما تسببت في ألم ملايين من الأشخاص، فإن هذه الدراسة هي أمر ضروري.

هل استخدام الدواء في غير الغرض المخصص له أمر سيئ؟

- إن المشكلة لا تتمثل في استخدام الدواء في غير الغرض المخصص له، ولكن في عدم وجود دليل على أن استخدامه سيكون مفيدا. إنني أؤيد استخدام دواء يتم وصفه لحالة معينة ربما دون أن يحصل هذا الدواء على موافقة من إدارة الغذاء والدواء، ما دام أن هناك بيانات ثابتة تشير إلى أنه مناسب لهذه الحالة.

علاج السرطان

إن الأدوية التي تستخدم في علاج السرطان مكلفة للغاية، أليس كذلك؟

- نعم، فبينما توجد بعض الاكتشافات الجديدة المهمة، أشعر بالذعر من الغوغائية التي تصر على أن يتمكن كل مريض من الحصول على أي دواء يريده، حتى وإذا ثبت أن هذا الدواء لا جدوى منه.

علينا أن نؤمن ببيانات التجارب السريرية (الإكلينيكية)، وإذا ما أوضحت تلك البيانات أن هذا الدواء غير مجد، فإننا لا نستطيع أن نخدع المريض ونقول له «إننا نستطيع أن نقدم لك استثناء ونمنحك هذا الدواء».

وإذا ما كانت هناك بعض الطرق العلمية المقبولة التي تستطيع معرفة الأشخاص الذين سيساعدهم هذا العقار والأشخاص الذي يكون هذا العقار غير مجد بالنسبة لهم، فهذه مسألة مختلفة.

ويعد عقار الـ«هيرسيبتين» (Herceptin)، وهو عقار مستخدم في علاج سرطان الثدي، مثالا على العقاقير التي توجه للعلاج لوجود مؤشرات جينية خاصة بها. لكننا لم نجد بعد مؤشرات لأغلب العقاقير المستخدمة في علاج السرطان.

هل تعتقد أن العلاقة بين الطب الأكاديمي وصناعة الأدوية أصبحت أكثر حذرا؟

- إننا نتحسن في معرفة تضارب المصالح بين التعليم الطبي والبحث، لكنها مسألة مهمة. هنا في كلية هارفارد للطب، على سبيل المثال، ونظرا لجهود بعض التلاميذ، فإنه يتطلب من أعضاء الكلية الإفصاح في بداية الحديث عن الجهات المصنعة التي تدفع لهم.

أخشى أن تصبح العلاقات المتضاربة سمة أساسية ومقبولة. كما يؤمن الكثير من الباحثين الأكاديميين أن عليهم أن يشكلوا تحالفا مع شركات الدواء لأنهم لا يكونون متأكدين من تمويل المعاهد القومية للصحة.

كما أخشى أن يكون هناك في بعض الأحيان نقص في تقدير أن أهداف وقيم الشركة، التي تلبي احتياجات المساهمين، سوف تختلف كثيرا عن أهداف وقيم البحث الأكاديمي.

مستقبل الأدوية

هل أنت متفائل أو متشائم بشأن مستقبل الأدوية وقواعدها؟

- إنني متفائل. إن ما حدث مع «فيوكس» وغيره من الأدوية الأخرى محل الخلاف كان له تأثير كبير على طريقة فهمنا ودراستنا للأدوية التي تماثل التأثير الكبير لعقار «ثاليدوميد» على قانون الدواء الذي ظهر في الستينات من القرن الماضي.

الأمر الآخر الذي منحني أملا هو أننا بدأنا في توجيه المزيد من الاهتمام للطريقة التي يتم بها استخدام - وعدم استخدام - الأدوية الموجودة بالفعل. إن الأثر الأكثر وضوحا في أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم ربما لا يأتي من دواء شائع، لكن من فهم أفضل الطرق التي يمكننا بها أن نجعل الناس تتناول الأدوية الخاصة بهم ومساعدتهم في تحمل تكلفتها.

هل تهتم بمناقشة دواء تتناوله؟

- لا أفضل الخوض في تفاصيل. إنني أتناول الأدوية المعتادة منذ 63 عاما. لقد كان إلهاما بالنسبة لي أن أفكر في مدى توافقها وإدراك أعراضها الجانبية والأخطار والمزايا من الجانب الآخر من نشرة الدواء.

وهذا يذكرني بالوقت الذي أجريت فيه جراحة ثانوية للغاية عندما كنت طالبا في كلية الطب. وكانت هذه إحدى التجارب المفيدة للغاية التي حدثت لي عندما كنت في كلية الطب، وتساءلت ما هذا الشيء الذي يرقد بداخلي منتظرا الممرضة أن تأتي ومعها الدواء الذي يزيل الألم.

إذا ما تمكنا أن نقوم بذلك بصورة أخلاقية، أعتقد أن كل طبيب يجب أن يدخل المستشفى للعلاج من مرض ثانوي ومرض آخر مزمن يتطلب العلاج بصورة يومية، لأن حينها سنتفهم الكثير بشأن الأشياء التي يشعر بها المريض.