دراسات حديثة تؤكد أن تطعيم الإنفلونزا .. يقي من الالتهاب الرئوي

في أحدث التقارير الطبية الخاصة بالالتهاب الرئوي، أشارت الجمعية الأميركية للأمراض المعدية Infectious Diseases Society of America أو اختصارا (IDSA)، بالاشتراك مع جمعية الأمراض المعدية للأطفال Pediatric Infectious Diseases Society أو اختصارا (PIDS)، في تقاريرها إلى أن التطعيم ضد الإنفلونزا سنويا يمكن أن يكون الطريقة المثلى لحماية الأطفال من خطر الالتهاب الرئوي، حيث يعتبر مرض الالتهاب الرئوي pneumonia من الأمراض شديدة الخطورة ويهدد الحياة خاصة في الأطفال.


ويكفى أن نعرف أن الالتهاب الرئوي مسؤول عن نحو مليوني حالة وفاة للأطفال حول العالم في عمر 5 سنوات وأصغر؛ معظمهم في الدول النامية والفقيرة، حيث لا يتلقون العلاج الكافي لعلاج المرض، بجانب سوء الأحوال المعيشية، وكذلك سوء التغذية وعدم أخذ التطعيمات الكافية.

وفى بعض البلدان الأفريقية تمثل وفيات الأطفال بسبب الالتهاب الرئوي وحده تحت عمر 5 سنوات ما يقرب من 17% إلى 26%، وبالنسبة للعالم الأول، تمثل الإصابة ما يقرب من 3 إلى 4 حالات لكل 100 طفل.

ورغم أن معظم حالات الالتهاب الرئوي تكون نتيجة إصابة فيروسية ولا تحتاج للعلاج بالمضادات الحيوية، فإن الإصابة بالالتهاب الرئوي نتيجة للبكتيريا تكون شديدة الخطورة، ومن هنا، تأتى أهمية التشخيص الدقيق للالتهاب الرئوي ومعرفة سببه، وما إذا كان فيروسيا أو بكتيريًّا، حيث إنه من المعروف أن المضادات الحيوية تعالج البكتيريا فقط، وأن استخدام المضادات الحيوية بلا داع يجعل الميكروب يتمكن من تكوين مقاومة لعملها مستقبلا، وبناء على التشخيص يتم التعامل مع حالة الطفل.

ويتطلب أول قرار تحديد ما إذا كان العلاج في المنزل كافيا أو يجب إدخال الطفل المستشفى، حيث إن الإصابة الفيروسية في الأغلب تكون أقل حدة ويمكن علاجها بالمنزل.

الالتهاب الرئوي البكتيري

وغالبا ما يتبع الالتهاب الرئوي البكتيري إصابة بسيطة في الجهاز التنفسي مثل الإنفلونزا، بأيام قليلة، ويحدث ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة قد يصل إلى 40 درجة مئوية، وقد تحدث أحيانا بعض التشنجات الحرارية نتيجة للارتفاع الكبير في الحرارة، كما يعاني الطفل من صعوبة وسرعة في التنفس وألم في الصدر، وسعال جاف في البداية، ثم يتحول إلى سعال يحتوى على بلغم أصفر أو أخضر اللون نتيجة للالتهاب، ويمكن كذلك حدوث بعض الأعراض في الجهاز الهضمي مثل القيء والإسهال. وبالنسبة للإصابة الفيروسية، تكون درجة ارتفاع الحرارة أقل، وكذلك حدة الأعراض.

ومن المعروف أن بعض الأمراض الفيروسية مثل الإنفلونزا يمكن أن تتطور إلى التهاب رئوي بكتيري، ولذلك من الضروري إعطاء الأطفال من عمر 6 أشهر تطعيم الإنفلونزا كل عام مع الالتزام ببقية جدول التطعيمات المقررة، وفي مواعيدها المحددة، حيث تحمي الطفل من كثير من الأمراض البكتيرية. وبالنسبة للأطفال أقل من 6 أشهر يمكن للأبوين أخذ التطعيم بدلا منهم، لأنه لا يمكن للأطفال أن يأخذوا التطعيم.

وقد أظهرت نتائج التطعيمات ضد الإنفلونزا للأطفال في الولايات المتحدة نتائج إيجابية جدا في منع الإصابة بالالتهاب الرئوي البكتيري وإنقاذ العديد من الأطفال من الموت.

وقد حددت الجمعية الأميركية للأمراض المعدية 92 توصية تتعلق بتشخيص وعلاج الالتهاب الرئوي وأفضلية إجراء تشخيصي عن آخر أو عقار عن مثيله.

وتأتى أهمية هذه التوصيات من أنها تعتبر أول خارطة طريق لتشخيص وعلاج الالتهاب الرئوي في الأطفال نتيجة للعدوى البكتيرية، حيث إن طريقة العلاج تختلف من مستشفى لآخر وكذلك من طبيب لآخر.

التشخيص

يمكن تشخيص الالتهاب الرئوي البكتيري في البداية بالاعتماد على الحالة الإكلينيكية للمريض ولا يحبذ إجراء مزرعة الدم للبحث عن الميكروب، لأن مزرعة الدم في الأطفال لا تكون بدرجة الدقة نفسها كما هي الحال في البالغين، لكن يتم إجراؤها فقط في حالة عدم تحسن الطفل أو سوء حالته.

ويحبذ عدم تعريض الطفل للأشعة العادية (أشعه إكس) للتشخيص تجنبا لخطر الإشعاع، وبالنسبة لعمل صورة دم كاملة لا يحبذ إجراؤها بشكل روتيني لجميع حالات الالتهاب الرئوي البكتيري، ولكن يتم إجراؤها في حالات الأطفال الذين لا يظهرون تحسنا أو يعانون من أمراض أخرى، وكذلك يتم إجراء اختبارات دقيقة لتشخيص الإنفلونزا أو الأمراض الفيروسية الأخرى للجهاز التنفسي مما يساعد على عدم إعطاء مضادات حيوية وكذلك التقليل من الإجراءات التشخيصية الأخرى.

وبالنسبة للحجز في المستشفى، أشارت التوصيات إلى أن الأطفال من عمر 3 أشهر إلى 6 أشهر يحبذ حجزهم في المستشفى حتى قبل اختبار الدم، حيث إن اختبار الدم لا يكون بالدقة نفسها كما هي الحال في البالغين، وكذلك الأطفال الذين يعانون من صعوبة بالغة في التنفس وانخفاض مستوى الأكسجين في الدم، وأيضا بالنسبة لحالات الإصابة بنوع من أنواع البكتيريا المقاومة لعمل المضادات الحيوية تسمى الستافيلوكوسMethicillin-resistant Staphylococcus aureus.

وكذلك بالنسبة للحجز في غرفة العناية المركزة للصدر والقلب يجب حجز الأطفال بناء على الأعراض والتحاليل الطبية وكذلك الأشعة، ويتم فقط حجز الأطفال الذين يحتاجون إلى التنفس الصناعي عن طريق الأنبوبة الحنجرية endotracheal tube أو الأطفال الذين تحدث لديهم أعراض تدل على تغير الحالة العقلية للطفل نتيجة لنقص الأكسجين أو زيادة ثاني أكسيد الكربون في الدم.

العلاج وبالنسبة للعلاج، يستحسن عدم إعطاء الأطفال في سن ما قبل الدراسة مضادات حيوية، حيث تكون الإصابة في الأغلب نتيجة فيروس وليس بكتيريا.

وفى حالة الإصابة الخفيفة والمتوسطة من الالتهاب البكتيري، أوضحت التوصيات أن العلاج بعقار الأموكسسيلين amoxicillin (وهو مضاد حيوي واسع المجال) يجب أن يستخدم كخط دفاع أول لأنه يكون كافيا لتغطية معظم الميكروبات التي تسبب الالتهاب، ولا داعي لاستخدام مضادات حيوية أعنف، وكذلك يجب استخدام المضاد الحيوي لفترة قصيرة، ولكن كافية للعلاج بشكل مؤثر مما يساعد على عدم حدوث مقاومة للمضاد الحيوي مستقبلا، وفى الأغلب تكون 10 أيام فترة كافية، ويبدأ ظهور التحسن في الأعراض في الأغلب من يومين إلى ثلاثة أيام.

وبالنسبة للأطفال الذين لا يظهر عليهم التحسن في تلك الفترة، يجب عمل مزيد من الفحوصات لهم لمعرفة ما إذا كانوا في حاجة لمستوى رعاية أعلى مثل حجزهم في وحدة الرعاية المركزة للقلب والصدر.

وبالنسبة لخروج الطفل من المستشفى، فيتم بعد تحسن الأعراض الإكلينيكية وعودة الطفل إلى نشاطه الطبيعي وتحسن شهية الطفل وانخفاض درجة الحرارة قبل الخروج بـ24 ساعة، وكذلك عودة النبض وضربات القلب إلى حالتهما الطبيعية والتأكد من استكمال العلاج بالمضادات الحيوية في المنزل سواء عن طريق الحقن الوريدي أو بالفم.