السمنة المركزية .. تؤدي إلى أزمات تنفسية وهشاشة العظام

تراكم الشحوم في منطقة البطن أو ما يعرف باسم السمنة المركزية (Central obesity) أو السمنة ذات الشكل التفاحي (Apple shaped obesity)، يرتبط بالعديد من التداعيات الصحية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية والسكتة الدماغية وتشحم الكبد واضطرابات النوم وغيرها من المشاكل الخطيرة.
 
وقد تناول العديد من الدراسات العلاقة بين مخاطر الإصابة بالأزمات التنفسية والربو الشعبي، وبين مؤشر كتلة الجسم (BMI) (الوزن بالكيلوغرام مقسوما على مربع الطول بالمتر)، وهو مؤشر يعبر عن حالة السمنة وزيادة الوزن بشكل عام لكنها لم تتناول العلاقة المباشرة بين الشحوم المتمركزة في منطقة البطن ومخاطر الإصابة بالأمراض التنفسية ومنها الربو الشعبي.
 
أزمات تنفسية 
وعلى الرغم من أن الربو الشعبي مرض يمكن أن يصيب كافة البشر بمختلف أحجامهم، فإن دراسة، هي الأولى من نوعها، عرضت للمناقشة خلال المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية للأمراض التنفسية الذي عقد خلال شهر سبتمبر (أيلول) لعام 2011 في العاصمة الهولندية، تناولت العلاقة بين قياس محيط الخصر (Waist circumference) (وهو مؤشر يعبر عن حالة السمنة الموضعية في البطن) والتأثير المشترك للإصابة بالسمنة الكلية بالجسم، والسمنة المتمركزة في منطقة البطن وعلاقتها بزيادة مخاطر الإصابة بالأزمات التنفسية والربو الشعبي.
 
قام الباحثون في جامعة العلوم والتكنولوجيا بالنرويج، بمتابعة أكثر من 23 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 19 إلى 55 عاما، خضعوا جميعهم في بداية الدراسة لقياس مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر، كمؤشرات للسمنة الكلية في الجسم والسمنة المتمركزة في منطقة البطن على التوالي، وتمت متابعة حالتهم الصحية لمعرفة نسبة الإصابة بالربو الشعبي والأزمات التنفسية خلال مدة الدراسة التي استمرت لمدة 11 عاما.
 
وأشارت النتائج إلى أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة المتمركزة في منطقة البطن ولا يعانون من سمنة كلية في الجسم يكونون أكثر عرضة للإصابة بالربو العشبي بمقدار 1.5 مرة، وترتفع هذه النسبة إلى الضعف في حالة الإصابة بالسمنة الكلية والسمنة المركزية معا.
 
وحاول الباحثون تفسير النتائج باعتبار أن زيادة تراكم الشحوم في البطن ترتبط بزيادة مقاومة الجسم لهرمون الأنسولين، لكنهم أكدوا عزمهم على مواصلة البحث لتحديد العوامل الأخرى المسؤولة عن العلاقة بين دهون البطن والأزمات الربوية.
 
أمهات وأولاد 
وفي سياق متصل لدراسة العلاقة بين سمنة الأمهات أثناء الحمل ومخاطر إصابة أطفالهن بالأزمات التنفسية والربو الشعبي بعد الولادة وخلال سنوات المراهقة، أكدت دراسة فنلندية نشرت خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2011 في مجلة «Epidemiology and community medicine» أن أطفال الأمهات اللاتي كن يعانين من زيادة الوزن والسمنة المتراكمة بمنطقة البطن قبل وأثناء الحمل، أكثر عرضة للإصابة بضيق التنفس وأزمات الربو الشعبي بنسبة نحو 30 في المائة مقارنة بأطفال الأمهات اللائي كن يتمتعن بوزن مناسب أثناء الحمل.
 
ورجح الباحثون أن معاناة الأم من زيادة الوزن أو السمنة أثناء الحمل يؤثر على النمو الطبيعي للجنين، بالإضافة إلى حدوث اضطرابات هرمونية تزيد مخاطر إصابة الطفل في ما بعد الولادة، وفي مراحل عمره اللاحقة بالأزمات التنفسية والربو الشعبي.
 
وعلى مدار سنوات عديدة ساد اعتقاد بأن النساء البدينات أقل عرضة للإصابة بهشاشة العظام، وأن زيادة تراكم شحوم البطن تحميهن من فقدان الكتلة العظمية، إلا أن دراسة أجراها باحثون في جامعة هارفارد الأميركية تم مناقشتها خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010 في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لأطباء الأشعة، أكدت أن تراكم الشحوم حول الأعضاء الداخلية في منطقة البطن لها تأثيرات سلبية على صحة العظام، وترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بهشاشة العظام.
 
اعتمدت الدراسة على فحص الدهون في أجسام 50 امرأة لم يبلغن سن اليأس وذلك باستخدام تقنية «الرنين المغناطيسي الطيفي» (MR-Spectroscopy)، وأظهرت النتائج أن زيادة تراكم الدهون البيضاء الداخلية المحيطة بالأحشاء في منطقة البطن ترتبط بتدني مستوى تمعدن العظام وزيادة مخاطر الإصابة بهشاشة العظام.
 
دهون داخلية وقد أكد الباحثون أن الدهون الداخلية المختزنة حول الأحشاء وليست الدهون السطحية المختزنة تحت الجلد هي المسؤولة عن زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكري وهشاشة العظام، وقد رجح الباحثون احتمال إفراز خلايا هذه الدهون مادة (لم يجر تحديدها) تتسبب في حدوث تلك التأثيرات السلبية على الصحة.
 
وفي دراسة نشرت خلال شهر سبتمبر 2011 في مجلة الأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب أجراها باحثون في جامعة أوكلاند الأميركية على أكثر من 6 آلاف شخص تتراوح أعمارهم بين الـ 40 والـ 45، أكدت نتائج الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة تراكم الشحوم بالبطن خلال الأربعينات من العمر أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بعته الشيخوخة وتدهور الوظائف الإدراكية للمخ والإصابة بمرض ألزهايمر عند وصولهم إلى سن الـ 70، 3 أضعاف مخاطر إصابة الأشخاص الذين يتمتعون بالوزن المناسب وعدم تراكم الشحوم بالبطن في نفس المراحل العمرية.
 
وأكد الباحثون أن شحوم البطن تمثل عامل خطورة لا يجب الاستهانة به يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية والسكتة الدماغية، بالإضافة إلى الإصابة ببعض أنواع السرطان، وبخاصة سرطان الثدي لدى النساء، والبروستاتا لدى الرجال.