وسائل منع الحمل .. كيف تكون وسيلة فعالة لتنظيم النسل؟
12:00 م - الثلاثاء 21 فبراير 2012
تعددت وسائل منع الحمل على مر العصور، ابتداء من العزل والقذف الخارجي، إلى استغلال فترتي الأمان أو العد في الدورة الشهرية للمرأة، إلى الوسائل الحديثة التي تطورت بشكل كبير وأصبحت تحقق هدفها بنسبة تصل إلى مائة في المائة.
وقد ضاعف ازدياد الوعي والثقافة العامة لدى الأزواج والرغبة في تنظيم عملية الإنجاب من إقبال الأسرة على البحث عن أفضل وسائل منع الحمل واستخدامها، إما بعد الزواج مباشرة وإما لخلق فترة زمنية مناسبة بين كل إنجاب والذي يليه.
وفي هذا الموضوع سوف نركز حديثنا بالتفصيل على حبوب منع الحمل بشكل خاص، حيث إنها الوسيلة الأولى المختارة من قبل معظم الأطباء وأكثرها نجاحا في منع الحمل، وتدور حولها كثير من التساؤلات حول أكثرها أمانا وأقلها مضاعفاتٍ وأسهلها استخداما وأيضا بعض الشائعات حول أضرار بعضها وسحبها من الأسواق والتداول.
موانع الحمل:-
أولا موانع الحمل يمكن تقسيمها إلى موانع نهائية وموانع مؤقتة. فالموانع النهائية بالنسبة للمرأة تتمثل في إجراء جراحي، وهو ما يسمى بعملية ربط الأنابيب، وهي عملية تتم إما بفتح البطن وإما بالمنظار، وفيها يتم ربط قنوات فالوب على جانبي الرحم والتي توصل البويضة الملقحة إلى الرحم بعد حصول التلقيح، ويكون الربط إما باستخدام ما يسمى بالدباسة وإما بقطع قطعة من الأنبوب.
وفي كلتا الحالتين يكون المنع نهائيا ولا يمكن إعادة الأنبوب إلى حالته الأولى. وعلى الرغم من هذا فإن هناك نسبة أقل من 1 في 10000 لحصول فشل في العملية، وقد يحصل الحمل فيها.
أما بالنسبة للموانع المؤقتة فمن أشهرها ويأتي في مقدمتها حبوب منع الحمل، وسوف نتحدث عنها بالتفصيل من حيث قوتها وقدرتها على منع الحمل.
حبوب منع الحمل:-
تعتبر هذه الحبوب (Contraceptive pills) من أفضل أنواع منع الحمل، حيث تصل نسبة منعها للحمل إلى 100%، إذا ما استخدمت بالطريقة الصحيحة وعدم النسيان، أو أخذ أي أدوية قد تتعارض معها وتؤدي إلى ضعفها وبالتالي إلى فشلها.
تحتوي هذه الحبوب على هرمونين، هما هرمون الاستروجين على شكل «ethanyle estradiol»، وهو موجود في جميع أنواع حبوب منع الحمل الموجودة في السوق وتكون نسبته إما 20 وإما 30 وإما 35 وإما 50 ملغم حسب نوع الحبوب، وهرمون آخر هو هرمون البروجيسترون (progesterone) الذي يختلف من نوع لآخر من هذه الحبوب، وكل شركة تضع نوعا من هذا الهرمون ويكون تركيزه في أغلبها متساويا، وقد يكون التركيز مختلفا في الحبات الـ11 الأولى عن الحبات العشر الأخيرة في نفس العبوة.
وتصنف هذه المجموعة من حبوب منع الحمل بحبوب منع الحمل المركبة لأنها مركبة من نوعين من الهرمونات.
- طريقة العمل: تقوم هذه الحبوب بمنع الحمل بإحدى طريقتين، أولاهما تعتمد على هرمون الاستروجين الذي يقوم بإيقاف أو تقليل هرمون التبويض من الغدة النخامية، وهو هرمون «FSH» المسؤول عن تكبير البويضة في المبيض، وبالتالي فإن إيقاف إفرازه يؤدي إلى إيقاف نمو البويضة، وبالتالي إلى إيقاف التبويض.
أما الطريقة الثانية فتعتمد على ما يقوم به هرمون البروجيسترون الذي يؤدي إلى إيقاف إفراز هرمون «LH»، وهو الهرمون المسؤول عن انفجار كيس البويضة، وبالتالي فإن المحصلة النهائية هي منع أو إيقاف التبويض وبالتالي عدم حصول الحمل.
- استخداماتها: يطرح التساؤل أحيانا: هل يمكن لأي سيدة أن تستخدم هذه الحبوب؟ ويجيب عليه الدكتور انتصار الطيلوني بأن لا بد لأي سيدة تريد استخدام حبوب منع الحمل أن تراجع أولا طبيب النساء والولادة لإعطائها النصائح الخاصة باستخدام هذه الحبوب، حيث يفضل عدم استخدام هذه الحبوب مع النساء اللاتي تجاوز عمرهن 40 عاما أو اللاتي يعانين من زيادة في الوزن أو المدخنات أو من لديهن تاريخ مرضي لحصول جلطة سابقة وكذلك من لديهن مرض في الكبد أو ارتفاع في ضغط الدم والسكري. فكل هذه الحالات أو المشكلات الصحية قد تسوء في حالة استخدام حبوب منع الحمل السابق ذكرها، وفي هذه الحالات لا بد من وصف نوع آخر أو طريقة أخرى لمنع الحمل.
- طريقة استخدام حبوب منع الحمل: تبدأ المرأة بأخذ هذه الحبوب من اليوم الخامس من الدورة بغض النظر عما إذا كانت الدورة مستمرة لديها أم قد توقفت. تحتوي العبوة على 21 حبة، حيث تؤخذ في واحد وعشرين يوما، تنتظر المرأة بعدها حتى نزول الدورة التالية، ثم تبدأ استعمال عبوة جديدة من اليوم الخامس، وهكذا.
الآثار الجانبية:-
أهم الآثار الجانبية التي يمكن أن تحصل نتيجة استعمال حبوب منع الحمل في نزول بعض الدم في غير أيام الدورة، وتكون على شكل نقط من الدم، ويمكن التغلب على ذلك بوصف نوع من الحبوب التي تحتوي على تركيز أكبر من هرمون الاستروجين لمدة شهرين أو ثلاثة ثم العودة إلى التركيز السابق. وكذلك يمكن حدوث صداع خفيف واكتئاب خفيف.
أما الآثار الجانبية الخطيرة التي يمكن أن تحدث ولكن بنسبة ضئيلة جدا لا تزيد عن 10 إلى 20 في كل 100000 امرأة فتصاب بجلطات دموية في الساق أو الفخذ، وبالطبع تزيد هذه النسبة عند استخدام هذه الحبوب من قبل نساء لديهن عوامل خطر كزيادة الوزن، والتدخين، ومن تجاوز عمرها الـ35 عاما، أو تعرضت لجلطة سابقة.
هذا وقد ثبت أن المرأة تعود إلى الإخصاب بمجرد تركها للحبوب، وأن 50% يعدن إلى خصوبتهن في الشهور الستة الأولى بينما تعود الـ50% الأخريات خلال السنة الأولى.
«الحبوب الصغيرة»:-
«الحبوب الصغيرة» (mini pill) هي حبوب منع الحمل أحادية الهرمون. ويقول الدكتور الطيلوني إنها تحتوي على نوع واحد من الهرمون، وهو هرمون البروجيسترون، وتقوم بمنع الحمل عن طريق تأثير هذا الهرمون على عنق الرحم لتغير من بيئته، وبالتالي تمنع الحيوانات المنوية من اختراقه والوصول إلى البويضة. كما أن لها تأثيرا على بطانة الرحم وبالتالي تجعلها خفيفة جدا لا تسمح بقيام عملية التصاق الجنين بها.
ويفضل أخذ هذه الحبوب من قبل النساء المرضعات، حيث إنها تقوم بمنع الحمل دون التأثير على الرضاعة أو تقليل الحليب. وبالنسبة لمنع الحمل بهذه الطريقة فإنها لا تزيد عن 95% وهناك نسبة فشل قد تصل إلى 5%.
أما الآثار الجانبية لهذا النوع من الحبوب فهي حصول خلل وعدم انتظام في الدورة، ويمكن أن تسبب هذه الحبوب انقطاعا كاملا للدورة طيلة فترة استخدامها، وعلى كل فالآثار الجانبية هنا هي أقل بكثير من النوع الأول.
وفي نفس هذا النوع هناك الحقن الهرمونية التي تحتوي على هرمون واحد وهو البروجيسترون، ويمكن إعطاؤها كل 3 أو 6 أشهر حسب التركيز المطلوب، أما آثارها الجانبية فهي تماما مثل الحبوب لأن بها نفس الهرمون.
لولب منع الحمل:-
هناك نوعان من اللولب (intrautrine contraceptive devise) في الأسواق، هما النحاسي والهرموني.
واللولب النحاسي عبارة عن لولب من البلاستيك مغطى بمادة النحاس، يوضع داخل الرحم، يمكن تركه لمدة 3 إلى 5 سنوات حسب نوعه، يكون منعه للحمل بسبب مادة النحاس الموجودة فيه والتي تعمل على قتل الحيوانات المنوية وبالتالي منعها من الوصول إلى البويضة، كما أن وجود اللولب في الرحم كجسم غريب يجعل الرحم في حالة انقباضات متتالية، وبذلك فإن التصاق الجنين بالرحم في حالة حصول التلقيح يكون صعبا بسبب اضطراب وانقباضات الرحم، ومن جهة أخرى فإن وجود اللولب كجسم غريب في الرحم يؤدي إلى حدوث نوع من الالتهابات داخل الرحم والتي تعمل على منع الحمل أيضا.
أما اللولب الهرموني فهو نفس اللولب السابق مضافا إليه وجود جهاز صغير يقوم بإفراز هرمون البروجيسترون بصورة مستمرة طوال مدة وجود اللولب (3 سنوات). يقوم هذا اللولب بمنع الحمل بالطريقة التي ذكرناها سابقا بالإضافة إلى هرمون البروجيسترون الذي يمنع الحمل أيضا.
تصدر من وقت لآخر شائعات حول دواء ما بأن استعماله غير آمن وأنه سحب من الأسواق، وتتبعها بلبلة بين مستخدمي هذا الدواء وتنطلق تساؤلات حول البدائل المتاحة. وهذا ما حصل بالفعل عند صدور الشائعة الأخيرة ضد أحد حبوب منع الحمل المشهورة والأكثر وصفا طبيا من قبل أطباء النساء والولادة، وهي حبوب «ياسمين»، من أنها تسبب حدوث جلطة في الساق عند مستخدماتها.
ونحن بصفتنا أحد مراكز الإعلام الصحي تلقينا مجموعة من تلك التساؤلات وحتى لحظة تحرير هذا المقال، فكان لزاما علينا أن نتحرى صدق تلك الشائعة من عدمه، فأجرينا اتصالا مع الهيئة العامة للغذاء والدواء بالمملكة العربية السعودية، وطلبنا إيضاحا لتلك الشائعة.
شائعات حول عقار «الياسمين» هل هو متوفر أم أنه سحب من الأسواق؟
وأجابنا نائب رئيس الهيئة العامة للغذاء والدواء لشؤون الدواء الدكتور صالح عبد الله باوزير بأنها «شائعة كاذبة»، وأكد على أن حبوب «ياسمين» لم تسحب من الأسواق، وهي كما كانت لا تزال متوفرة وتصرف من الصيدليات. وأضاف أن ما أثير حولها من احتمالات حدوث مضاعفات مثل جلطة الساقين لا تخص هذه الحبوب وحدها، فهي من الآثار الجانبية لمجموعة الجيل الثالث من حبوب منع الحمل، والتي تحدث بنسبة محددة وضئيلة.
من جهته أفاد المستشار الإعلامي لشركة «باير هيلث كير» في السعودية السيد لطفي بأنه لم يتم سحب «الياسمين» من السوق السعودية حسب هيئة الغذاء والدواء السعودية ولا من أي من الأسواق المسجلة بها الدواء في العالم، وذكر أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) اجتمعت بحضور 26 عضوا من أعضائها بتاريخ 8 - 12 - 2011 بخصوص عقار «الياسمين» وصدرت التوصيات من اللجان الخاصة بالسلامة والأمان واللجان الخاصة بالصحة الإنجابية التابعة لهيئة الغذاء والدواء الأميركية بسلامة استخدام عقار الياسمين، وذلك بناء على كثير من الدراسات التي أفادت بسلامة عقار «الياسمين».
وأخيرا أكد د. انتصار الطيلوني بصفته استشاريا في النساء والولادة بأنه لم يتوقف عن وصف عقار «الياسمين»، حيث إنه الخيار الأول من بين الأدوية التي يصفها من أجل منع الحمل.