لماذا نشتهي الملح باستمرار وماذا نفعل تجاه ذلك؟

تُضفِي رشةٌ من المِلح على الطعام مذاقًا خاصًّا، بل كيف يكون طعامنا مستساغًا دون ذلك الملح؟ أملاح الطعام المُستخدَمة هي أملاح الصوديوم بالدرجة الأولى، ومِنْ ثَمَّ فإنَّ رغبتنا في تناول الملح من عدمه مُؤشِّر على كمية الصوديوم الدائرة في الدم، ومدى حاجة الجسم إليه.


يُؤدِّي هبوط مستويات الصوديوم في الدم إلى اشتهاء الملح، ربَّما باستمرار، وقد يكون ذلك بسبب الجفاف، فهو أحد أكثر الأسباب شيوعًا، أو التوتر المستمر، أو قلة النوم، أو حتى بسبب بعض الأمراض، مثل مرض أديسون الذي يصاحبه هبوط في مستويات الكورتيزول، والألدوستيرون.

ليس اشتهاء الملح المستمر دليلًا دائمًا على مرضٍ خطيرٍ، وإنَّما قد يكون ذلك بسبب عاداتٍ غير صحية، فما هي الأسباب وراء ذلك؟ وكم قدر الملح المُناسِب لتناوله يوميًّا؟

أسباب اشتهاء الملح

1- الجفاف

تحمل سوائل الجسم العديد من المعادن الحيوية التي تُحافِظ على وظائف الجسم المختلفة، ويُعدُّ الصوديوم أحد هذه المعادن المُتناوَلة مع ملح الطعام.

عندما يتعرَّض الرجل للجفاف تزداد مستويات الصوديوم في الدم بشدة، لكن في بعض الأحيان قد تنخفض مستوياته، ومِنْ ثَمَّ ففي تلك الحالة يبحث الرجل عن الأطعمة المالحة؛ لاستعادة مستويات الصوديوم في الدم لديه.

يصحب الجفاف أعراضًا أخرى غير اشتهاء الملح، مثل الصداع، قلة التبوُّل، والإحساس بالعطش.

2- التوتر المزمن

التوتر العابر شيء، والعيش مُتوترًا معظم الوقت شيء مختلفٌ تمامًا، إذ يُفرِز الجسم هرمون الكورتيزول؛ كاستجابة لهذا التوتر، ما يُؤثِّر على بعض وظائف الجسم الحيوية، مثل:

- ضغط الدم.

- مُعدَّل دقات القلب.

- استهلاك الغلوكوز.

وأشارت دراسة وفق مجلة علم الأعصاب إلى أنَّ الأفراد الذين لديهم كميات مرتفعة من الصوديوم «الأملاح» في الدم، يُفرِزون كمية أقل من هرمون الكورتيزول، وهذا ما قد يُفسِّر اشتهاء الملح أثناء فترات التوتر، والقلق، إذ تناول قدر كبير من الملح قد يكون الوسيلة التي يُحاوِل بها الجسم التعامل مع أعراض التوتر «زيادة صوديوم الدم تُقلِّل الكورتيزول، ومِنْ ثَمَّ أعراض التوتر».

3- قلة النوم

ذكرت مجلة النوم أنَّ الأفراد الذين لا ينامون بالقدر الكافي أقل قُدرة على مقاومة رغبتهم في تناول الأملاح، وقد يُسبِّب ذلك زيادة الوزن، إذ قد تُوفِّر بعض الأطعمة غير الصحية كمية الملح التي يحتاج إليها الجسم.

4- الصداع النصفي

يأتي الصداع النصفي مع أعراض مُتعدِّدة، فليس مقصورًا على الصداع فحسب، بل معه غثيان أحيانًا، وحساسية تجاه الضوء، أو الأصوات أحيانًا أخرى.

أظهر بحث أنَّ المُصابين بصداعٍ نصفيٍ قد يشتهون الأملاح، أو السُّكريات، إذ يُؤدِّي تناول أي من نوعي الطعام إلى تخفيف الألم بالنسبة إليهم.

كذلك أشار الباحثون إلى أنَّ البعض قد يُعانُون صداعًا نصفيًّا في صورة عَرَضٍ انسحابي في حالة زيادة قدر الطعام الصحي المُتناوِل، والحد من تناول الأطعمة المُصنَّعة التي تحتوي على كمية كبيرة من أملاح الصوديوم، والسُكريات على حدٍّ سواء.

يحدث ذلك؛ لأنَّ الجسم قد اعتاد دخول كميات كبيرة من الملح باستمرار مع تناول الأطعمة المُصنَّعة، ومِنْ ثَمَّ فالتغيير إلى عادةٍ غذائية أفضل ذو فوائد على المدى البعيد، لكن مع ضريبة قريبة مُحتمَلة وهي الصداع النصفي كعَرَضٍ انسحابي.

يتضح مما سبق وجود ارتباطٍ وثيقٍ بين الصداع النصفي، واشتهاء الملح، ومِنْ ثَمَّ يُفضَّل استشارة الطبيب؛ للحصول على علاجٍ مناسب لهذا الصداع.

5- الملل

عندما يُعانِي البعض مللًا خلال اليوم، فإنَّهم يميلون إلى تناول الطعام، ولتحديد ما إذا كان اشتهاء الملح نابعًا من الملل، أو الإحساس بالجوع، فإنَّ الجوع الحقيقي يكون ناتجًا عن عدم تناول الطعام لساعات عِدَّة، أو يصحب ذلك علامات أخرى، مثل:

- تذمر المعدة.

- الرغبة في تناول أي نوع من الطعام.

- زيادة الرغبة في تناول الطعام بمرور الوقت.

أمَّا سوى ذلك، فقد يكون الشخص راغبًا في تناول أطعمةٍ مالحةٍ، أو غيرها؛ للتغلُّب على الملل.

إِنْ راودتك رغبة في تناول الطعام نتيجة الملل، فمن الأفضل الميل إلى الطعام الصحي، مثل الفواكه، والخضراوات.

6- نظام غذائي مقيد

يُفضِّل البعض اتِّباع حمية غذائية قليلة الكربوهيدرات؛ لخسارة الوزن الزائد، وقد يصحب ذلك أحيانًا تناول كميات قليلة جدًّا من الأملاح، ومِنْ ثَمَّ تزداد رغبة الرجل في تناول الأطعمة المالحة.

أسباب مرضية

قد تُسبِّب بعض الأمراض زيادة شهية الإنسان تجاه الملح، وذلك مثل:

1- مرض أديسون

مرض أديسون، أو قصور الغدة الكظرية مرض نادر ينتج عنه هبوط في مستويات هرموني الكورتيزول، والألدوستيرون، ومع انخفاض مستوياتهما، تتراجع مستويات أملاح الصوديوم في الدم كذلك.

بالتأكيد ليس كل مَنْ يشتهي الملح مُصابًا بمرض أديسون، إذ تضمُّ أعراضه ما يلي:

- التعب والإرهاق.

- الدوخة.

-هبوط ضغط الدم.

- فقد الشهية.

- خسارة الوزن دون سببٍ واضح.

- الإسهال المستمر.

- بقع داكنة في البشرة.

2- متلازمة بارتر

تشيع هذه المتلازمة لدى الأطفال أكثر من البالغين، وهي ناتجة عن عدم قدرة الجسم على إعادة امتصاص الصوديوم إلى الدم، ما يُؤدِّي إلى اللهفة المستمرة للملح؛ لتعويض نقص مستوى الصوديوم.

تظهر أعراضٌ أخرى لمتلازمة «بارتر» على الطفل المُصاب بها، مثل:

- ضعف العضلات.

- بطء النمو.

- الإمساك.

- العطش الشديد.

- كثرة التبوُّل خاصةً بالليل.

كم تتناول من الملح يوميًّا؟

أملاح الصوديوم مهمة للغاية؛ لضمان قيام خلايا الجسم بوظائفها على أكمل وجه، ومِنْ ثَمَّ فالانقطاع عن الأملاح مُضرٌّ كما الإفراط في تناولها.

لا يُوصَى بتجاوز أكثر من 2300 مغم من أملاح الصوديوم يوميًا، لكن فضَّلت جمعية القلب الأمريكية عدم تخطِّي 1500 مغم في اليوم الواحد، إذ يُعدُّ ذلك مثاليًا.

ماذا تأكل عند اشتهاء الملح؟

نحصل على ما يقرب من 70% من حاجتنا اليومية من الأملاح عبر تناول الأطعمة المُصنَّعة، أو الوجبات الجاهزة، إذ قد تحتوي وجبة سريعة واحدة على كل احتياج الجسم اليومي من الصوديوم، فكيف لو أضفنا إلى ذلك وجبات أخرى خلال اليوم؟

إذا اشتهيت الملح باستمرار، فليس من المُفضَّل التجاوب مع رغبات الجسم، إذ الإفراط في تناول الملح مُنذِر بالإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وقد تُناسِبك قائمة الأطعمة الآتية في حال الرغبة في تناول الأملاح:

- الوجبات الخفيفة المُملحة، مثل: المكسرات، أو الفشار.

- الأسماك المالحة.

- الزيتون، والمخللات.

- الجبن.

- الصلصات.

هل يُمكِن الاستغناء عن الملح تمامًا؟

ربَّما ليس ذلك مثاليًّا، إذ الجسم بحاجةٍ إلى الأملاح، لكن إِنْ نصحك الطبيب بالحد من الأملاح، فهناك بدائل مساعدة على تناول الطعام دون فقد نكهته، مثل:

1- الفلفل الأسود

يُضفِي الفلفل الأسود مذاقًا خاصًا على الطعام، ومِنْ ثَمَّ فقد يكون بديلًا مناسبًا للأملاح، ولو مُؤقتًا.

2- الثوم

على الرغم من أنَّ البعض لا يُحبِّذ رائحة الثوم، لكنه ذو قدرة مُميَّزة على تحسين مذاق الطعام، وفي حال الخوف من رائحة الثوم، فإنَّ طبخه مُخفِّف لرائحته بدرجة كبيرة.

3- الخل

يتميَّز الخل بكمية قليلة من الصوديوم، إذ يُوفِّر لك مذاق الملح مع عدم الحصول على كمية كبيرة من الصوديوم.

الوقاية

ليس كل أسباب اشتهاء الملح يُمكِن منعها، ولكن تُوفِّر النصائح الآتية أفضل طرق الوقاية المطروحة:

- شُرب كميات مناسبة من السوائل يوميًّا، إذ الجفاف من أبرز أسباب اشتهاء الملح.

- تناول وجبات غذائية متوازنة.

- الحصول على مشروب الإلكتروليت، وليس الماء فقط بعد فقد كمية كبيرة من سوائل الجسم.

- النوم عدد كاف من الساعات «7 ساعات على سبيل المثال».

- الحد من التوتر، والقلق.

- التواصل مع الطبيب عند ظهور أي أعراضٍ جديدة.