الأنوثة القادمة شعارها الأكمام العالية أو المنفوخة وأكتاف الكبيرة

مستوحاة من الثمانينات .. لكن بخطوط أجمل وأنعم
مستوحاة من الثمانينات .. لكن بخطوط أجمل وأنعم

في الموسمين الحالي والقادم، لا تقلقي بشأن بروز بطنك أو ضمور صدرك، لأن العيون ستكون منصبة على أكتافك بالدرجة الأولى.


 فبعد انتهاء موسم باريس لموسمي الخريف والشتاء (2009 - 2010) في الشهر الماضي، تأكد لنا أن ما بدأته نيويورك وتناولته لندن وميلانو بنهم، رسخته عاصمة النور والجمال، وهو أن الأكتاف القوية والواضحة الملامح، سواء كانت على شكل قبب أو أقواس أو مثلثات، ستدخل خزانات ملابسنا، سواء تعلق الأمر بالمناسبات العادية، أو مناسبات المساء والسهرة.

فحتى جون غاليانو، الذي قدم تشكيلة مستوحاة من الشرق وحرير طشقند وسمرقند وبخارة في تشكيلته لدار «ديور»، وكان من المفروض أن يغلب عليه سحر الشرق بانسيابيته ورومانسيته، ركز على هذا الجزء في العديد من القطع الموجهة للمرأة العاملة والواثقة، طبعا إلى جانب قطع منسابة وتنورات مطرزة أطلق فيها العنان لخياله، لكنه خيال وُضع عليه قيد ورقيب، فكل شيء محسوب في وقت لا يقبل الشطحات والعنتريات التي لا تبيع. القوة كانت أيضا حاضرة في عرض جون بول غوتييه لدار «هيرميس».

صحيح أن الجلد، بكل ما يعنيه من جدية وصرامة، هو الذي غلب عليها، وصحيح أيضا أنها استوحت ملامحها من أول قائدة طيران أميليا إيرهارت في العشرينات، إلا أنها أخذت نصيبها من الأكمام البارزة التي تحدد الأكتاف، لكون المصمم قرر التوقف فيها قليلا عند حقبة الأربعينات من القرن الماضي، الأمر الذي ترجمه في ياقات واسعة عند الصدر، وتفصيل رائع عند الخصر، بل حتى الرومانسي إيلي صعب كانت له جولة موفقة جدا في هذا المجال في أول تشكيلة له من نوعها.

 تشكيلة خصصها للمرأة العاملة، أو بالأحرى العصرية التي تعيش في الألفية وتتفاعل معها، من خلال فساتين للنهار رائعة في تفصيلها وتفاصيلها، تغطي الركبة، وتلعب على الأكمام.

فهذه الأخيرة جاءت شبه مستديرة أحيانا، وبطيَّات فنية على شكل بليسيهات خفيفة أحيانا أخرى، وكأن هذا المصمم ـ الذي لا يتوقف عن نظم قصائد غزل من حرير وأورغنزا وشيفون، وعن تقديم هدايا سخية للمرأة في كل موسم تزيدها جمالا وترضي غرورها الأنثوي ـ أرادها هو الآخر أن تكون مواكبة لعصرها، لكن من دون أن تفقد نعومتها ورقتها.

 ومن هنا جاءت الأكتاف في تشكيلته محددة وواضحة، لكن بانسيابية لا توافقه عليها المرأة فحسب، بل حتى المعمارية زها حديد.

ويبدو أن هذه الأخيرة أثرت أيضا على المخضرم كارل لاغرفيلد، ولو في اللاوعي، بحكم علاقته بها، وتعاونهما معا في تصميم معرض «شانيل» المتنقل.

 الأكمام التي اقترحها في تشكيلته لدار «شانيل» تميزت أيضا بالفنية، ترتفع أحيانا بشكل خفيف، وتطوى إلى أعلى أحيانا، وكأنه ساحر يلعب لعبة طي الورق، ليؤكد مثل إيلي صعب وجون بول غوتييه وغيرهما، أن المصمم يمكن أن يعود إلى حقبة زمنية معينة ليقتبس منها ويضيف إليها جماليات عصرية، من دون أن يقع في مطب نقلها بحذافيرها.

وهذا ما كانت تتخوف منه أية امرأة تناهى إلى سمعها أن اتجاه الموضة المستقبلي قد عاد إلى الثمانينات، الحقبة التي تريد العديدات منا تناسيها.

فنحن لا نستطيع مسحها من الذاكرة تماما، لكننا نحاول ـ قدر الإمكان ـ عدم الحديث عنها بإخفاء صور فوتوغرافية، نظهر فيها بشعر منفوخ وكتافيات صارمة وألوان صارخة وأكسسوارات مزيفة.

بعبارة أخرى، فهي حقبة تسبب للعديد من النساء الحرج والخجل، لأن كل من عاشت تلك الفترة، كمراهقة أو شابة أو امرأة ناضجة، وقعت بشكل أو بآخر ضحية لها ولموضتها البراقة.. موضة رسخت تأثيراتها مسلسلات تلفزيونية، نذكر منها «دالاس»، و«ديناستي»، وأفلام مثل «ووركينغ غيرل»، أي (فتاة عاملة)، الذي لعبت بطولته ميلاني غريفيث، أو «9 تو 5» الذي لعبت بطولته المغنية دولي بارتون، وغيرها من الأعمال الفنية، بما فيها فيديوهات الأغاني المصورة لكل من مايكل جاكسون، ودايانا روس، وهلم جرا.

وليس ببعيد أن تكون في خزانة ملابسك قطعة تعود إلى تلك الفترة أو أكسسوارات منها، على شكل سلاسل ضخمة وأقراط أذن كبيرة، وغيرها.

لكن الأهم من كل هذا أن غالبية من عاشت الثمانينات تتذكر الكتافيات الكبيرة التي تجعل الواحدة منا تبدو الآن وكأنها مصارعة ثيران في فيلم كارتون، أو لعبة فيديو.

لكل هذه الأسباب، كان لا بد لنا أن نتنفس الصعداء ونحن نرى أن ما طرحه لنا المصممون للموسم القادم لا يريدون منه الانتقام منا بالعودة إلى حقبة غلبت عليها موضة «الكثير قليل»، بقدر ما يريدون منه رد الاعتبار للمرأة العصرية التي أصبحت تحتاج إلى الثقة وإلى قوة من نوع جديد.

وما يزيد من تقبلنا لهذه الموضة، أنها جاءت بعدة ترجمات، كل واحدة تحمل رؤية المصمم وأسلوبه، مما يجعلها تخاطب كل الأذواق والأعمار، بدليل أنها، حتى في أسبوع لندن الأخير، وهو كما نعرف الأسبوع الذي تنطلق منه شرارة الموضة الشبابية إلى كل أنحاء العالم، أكدت أنها اتجاه يمكن أن يروق للصغير والكبير على حد سواء.

ففي عرض هنري هولاند، مثلا، كانت أول عارضة تطل علينا هي عارضة العام، الشابة أجينيس دين، بسترة بأكتاف مبالغ فيها، إلى حد أنك ستحتاجين إلى أن تمشين بشكل جانبي كلما اقتربت من جمع، أو حاولت ولوج باب، إذا ما سولت لك نفسك ارتداءها، لتتوالى المبالغات في قطع أخرى، وإنْ كان لا بأس من الإشارة هنا إلى أن المبالغات غير المعقولة تقتصر على منصات عروض الأزياء، لأنه يتم التخفيف منها كثيرا في المحلات.

ماركة «بيتر بيلوتو» التي يشرف على تصميمها كل من بيتر بيلوتو وكريستوفر دي فوس، أيضا قدمت مجموعة تلعب على قوة الأكمام والأكتاف.

وفي حالتهما لم يكن إبرازها وتحديدها كافيا، فقد أضافا إليها أحجارا من الكريستال. البعض فسر عودة المصممين إلى فترة لم تكن يوما، في رأي العديد منا، من أخصب ولا أجمل ما قدمه المصممون في مجال الأناقة، إلى الكساد الاقتصادي الذي عم كل مجالات حياتنا، بل واجتهد البعض بالتحليل بأنها موضة من شأنها أن تمنح المرأة الثقة والقوة اللتين تحتاجهما للصمود في هذا الوقت العصيب، خصوصا أن هناك تشابها كبيرا بين الأزمة الحالية والأزمة التي شهدها العالم في بداية الثمانينات؛ وأثرت بشكل خاص على الشركات والمؤسسات الصغيرة.

همسة
لكنك إذا كنت صغيرة الحجم، فإنها قد تكون في صالحك، لأنها ستضفي على مظهرك جاذبية، وتشد زيك إلى أعلى، وهذا يعني أنك قد لا تحتاجين إلى تقصير الأكمام، أما إذا كانت أكتافك عريضة أصلا، فأنت فعلا ستبدين فيها مثل مصارِعة.