تصفيفة الشعر الناعم .. هل تكون على حساب صحة المرأة؟

مواد كيميائية ضارة في المنتجات المستخدمة لتصفيفه
مواد كيميائية ضارة في المنتجات المستخدمة لتصفيفه

عندما زارت أديليا فارغا البرازيل قبل أربعة أعوام، جربت هناك أحد منتجات تنعيم الشعر، ولم تصدق كيف أدى ذلك إلى تنعيم شعرها الخشن المجعد.
 
وكان أن عادت به إلى صالون «روكفيل» الذي تعمل فيه وتستخدمه بصورة منتظمة لشعرها ولزبائنها.
 
وتقول فارغا (38 عاما): «يبدو شعري صحيا للغاية. عادة ما يكون شعري مجعدا، ولكنه الآن مثل الحرير»! 
 تنعيم الشعر
ويقول مسؤولون صحيون إن منتجات التنعيم هذه، التي تعرف بالعلاجات البرازيلية، ربما تطرح مخاطر أمام مصففي الشعر والمستخدمين على السواء.
 
ويرجع ذلك إلى أن معظمها تحتوي على الفورمالدهيد formaldehyde أو مواد كيمائية تفرز الفورمالدهيد، الذي قيل إنه قد يؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان.
 
وفي تقريره السنوي عن المواد المسرطنة، أعاد البرنامج الوطني للمواد السامة العام الحالي تصنيف الفورمالدهيد من مادة مسرطنة محتملة إلى مادة معروفة بأنها تتسبب في السرطان.
 
ويجري تحقيق بشأن العديد من الشركات التي تطرح منتجات تنعيم شعر تعتمد على الفورمالدهيد، وبعضها ذكرته إدارة الصحة والأمن المهني أو إدارة الغذاء والدواء على أنه روج إعلانات زائفة حول منتجاته وأنه يعرض العمال للفورمالدهيد بمعدلات أعلى من المعدلات المسموح بها.
 
وذكرت لجنة مراجعة محتويات مواد التجميل، وهي لجنة تحصل على تمويل من قطاع مواد التجميل ودعم من إدارة الغذاء والدواء، أنه «في الممارسات الحالية للاستخدام والتركيز .. تعد منتجات تنعيم الشعر المحتوية على الفورمالدهيد والميثيلين غلوكول methylene glycol غير آمنة».
 
وكانت المشكلات الملاحظة هنا هي وجود تركيز عال للمادة الكيميائية واستخدام مبالغ فيه لمنتج الشعر وعدم وجود تهوية كافية خلال الاستخدام.
 
ومادة الفورمالدهيد مادة عديمة اللون، وهي مادة كيميائية لها رائحة قوية وهي مستخدمة منذ ما يصل إلى 70 عاما تقريبا مادة حافظة. وقد تكون مادة الفورمالدهيد سببا في التوتر، وإثارة الحساسية.
 
وتدمع أعين البعض وترشح أنوفهم بسبب هذه المادة. ويعاني البعض من ردود فعل أشد، مثل الكحة وسماع صوت عند التنفس أو حتى أعراض شبيهة بأعراض الربو. وتوجد حالات يعاني فيها الشخص من سقوط شعر الرأس والتقيؤ من منتجات بها معدلات مرتفعة من الفورمالدهيد.
 
تحذيرات صحية
ونتيجة لذلك، كما يقول ديفيد أندروز، الباحث بمجموعة العمل البيئية: «تحظر منتجات (الشعر) هذه في أوروبا وكندا وأستراليا». ولا تقوم إدارة الصحة والسلامة المهنية بتنظيم كمية الفورمالدهيد الموجودة في منتجات الشعر المستخدمة في صالونات الحلاقة.
 
ولكنها تنص على أن لا يكون في جو صالونات تصفيف الشعر أكثر من 0.75 جزء من الفورمالدهيد لكل مليون جزء من الهواء خلال نوبة عمل مدتها ثماني ساعات، وأقل من جزأين لكل مليون جزء خلال أي 15 دقيقة. وتنتشر مادة الفورمالدهيد في الهواء عندما يقوم مصفف الشعر بتجفيف شعر زبون باستخدام مجفف الشعر أو كي الشعر.
 
ويقول المسؤول البارز بإدارة الصحة والسلامة المهنية ديفيد مايكلز: «تنصب مسؤوليتنا على ضمان أن مكان العمل خال من المخاطر».
 
ويقدر أنه يوجد 75.000 صالون تصفيف شعر داخل الولايات المتحدة ونحو 500.000 شخص يعملون داخلها. ولا تحدد الإدارة عدد الصالونات التي تستخدم منعمات شعر تعتمد على مادة الفورمالدهيد.
 
ويقول جون بيلي، المسؤول السابق بإدارة الغذاء والدواء والعالم البارز في مجلس منتجات الرعاية الشخصية، وهي مؤسسة نقابية: «تعمل مواد تنعيم الشعر من خلال فك الروابط المكونة من خلال بروتين الكيراتين».
 
والقيام بذلك يساعد مصفف الشعر على إعادة تسريح الشعر ويظل «ثابتا في أشكال مختلفة». وبعد ذلك تقوم مادة الفورمالدهيد بجمع الكيراتين أو البروتين، في جدر الشعر وحمايته من فقدان الأثر.
 
وقد أرسلت إدارة الغذاء والدواء تحذيرا إلى الشركة التي تصنع منتج «بلو أوت» البرازيلي، قائلة إنها تروج للمنتج بصورة غير صحيحة؛ حيث تصفه بأنه خال من الفورمالدهيد على الرغم من أنه يحتوي على «الميثيلين غليكول»، وهو شكل سائل من مادة الفورمالدهيد التي قد تضر المستخدمين في ظل الشروط الموجودة على ملصق الاستخدام.
 
وقال مايكل برادي، المسؤول التنفيذي لشركة «بلو أوت» إنه لا يعتقد أن الميثيلين غليكول الفورمالدين، حيث أوضح: «أقول لكل عالم يزعم أن الميثيلين غليكول مثل الفورمالدين، إن لدينا علماء يقولون أمرا مختلفا».
 
ويوافق على أن المنتج الذي يقدمه سوف ينتج مادة أخرى عند تعرضه لسخونة مجفف الشعر أو المكواة الحديدية، لكنه يشير إلى أنها لا تضر بحسب معايير إدارة الصحة والأمن المهني.
 
وتبيع الشركة أيضا «بلو أوت زيرو» الذي يستخدم مواد طبيعية ولا ينتج أي نسبة من مادة الفورمالدهيد سواء أثناء فرد الشعر أو بعده، حسب ما نشر على الموقع الإلكتروني للشركة.
 
وبدأت تحقيقات إدارة الغذاء والدواء وإدارة الصحة والأمن المهني منذ عام بعد تلقي شكوى من مصففة شعر في بورتلاند استخدمت «بلو أوت» البرازيلي وعانت من أعراض مثل الصداع ونزف الأنف واستمرت الأعراض مع استمرار التعرض لمادة الفورمالدهيد على حد قول ميلاني ميساروس من إدارة الصحة والأمن المهني.
 
وأضافت: «لقد أخذنا عينات من المنتج الأصلي .. وقد تم العثور على مادة الفورمالدهيد في المنتجات. من جهة إدارة الصحة والأمن المهني، ميثيلين غليكول والفورمالدهيد مادة واحدة، وعليك اتباع القواعد نفسها الخاصة بالتعرض للاثنين».
 
عمليات تفتيش
منذ ذلك الحين، تقوم إدارة الصحة والأمن المهني وشركاؤها بعمليات تفتيش على نحو 24 مركز تجميل تستخدم منتجات تنعيم الشعر من 8 شركات مصنعة وموزعة على أساس شكاوى من مختلف أنحاء البلاد. وتلقت الإدارة أيضا 300 طلب مساعدة من مصففي شعر وعاملين في مراكز تجميل.
 
وقد أعلنت الإدارة عن أسماء صالونات تصفيف الشعر في نيويورك ونيوجيرسي وأربع شركات مصنعة وموزعة في فلوريدا لفشلها في حماية العاملين لديها من التعرض لمادة الفورمالدهيد وتعريف مستخدمي المنتجات مثل صالونات تصفيف الشعر ومصففي الشعر بمخاطر التعرض لهذه المادة، بحسب ما جاء في بيان صحافي لإدارة الصحة والأمن المهني. وقالت إنها وجدت «مستوى خطيرا من مادة الفورمالدهيد» في الهواء في بعض صالونات تصفيف الشعر.
 
بدائل أخرى
في صالون «ديفيد بيوتيفول بيبول» في روكفيل، حيث تعمل فارغا مصففة، يقول صاحب الصالون ديفيد إنه أمر باستخدام العلاجات البرازيلية مرتين يوميا حتى لا تملأ الجو بمادة الفورمالدهيد.
 
وكذلك فإنه يشغل نظام التهوية ومنقي الجو طوال الوقت. ويقول ديفيد: «لقد امتنعت عن تحديد مواعيد للحصول على المواد البرازيلية على شبكة الإنترنت». مع ذلك، لا يزال عملاؤه يحتجون على المنتجات التي يتراوح سعرها بين 160 دولارا، وهي المواد الخفيفة التي لا تحتوي على الفورمالدهيد التي يستمر مفعولها لمدة تصل إلى ستة أسابيع، و450 دولارا وهي التي تحتوي على تلك المادة والتي يستمر مفعولها لمدة تصل إلى ستة أسابيع.
 
وقال إن «المركبات الخالية من الفورمالدهيد ليست جيدة مثل مركبات تنعيم الشعر التي تحتوي على مادة الفورمالدهيد المنعمة» رغم «أنها تصلح لتكون بديلا جيدا ما دام العميل والمصفف يدركان الفرق بين الاثنين». وقال إنه متأكد من استمرار إقبال العملاء على المركبات التي تحتوي على تلك المادة ما لم تمنع الحكومة بيعها.
 
يقول كوهين: «إنها رائعة. نحن نقوم بصبغ الشعر، ثم نضع عليه المنتج ويحافظ ذلك على اللون كما هو وكأنه يغلف الشعر». وتقر فارغا بأنها قلقة من عواقب استخدام هذه المادة على المدى الطويل، حيث قالت: «أضع قناعا على وجهي عندما أضع المستحضر على شعر العملاء».
 
ويمكن أن تكون الرغبة في تنعيم وفرد الشعر قوية، حيث تقول لوري بيمرتون، من سكان واشنطن العاصمة وتبلغ من العمر 43 عاما وهي تتذكر هيدروكسيد الصوديوم الذي وضعته على شعرها عندما كانت صغيرة: «لا يمكنك تخيل المرات التي احترقت فيها فروة رأسي».
 
وجربت لوري خلال الصيف الحالي مستحضرا لتنعيم الشعر يتكون في الأساس من مادة الفورمالدهيد للمرة الأولى، وقالت: «أفضله في أي يوم. يبدو أنه أسهل كثيرا، فشعري أصبح أكثر لمعانا وبات تصفيفه أسهل. أستيقظ في الخامسة صباحا ولا أجد شعري مجعدا، بل ناعما».
 
ولم يمنع القلق من مادة الفورمالدهيد لوري تيلور البالغة من 37 عاما وهي منسقة في شركة محاماة في واشنطن العاصمة، من استخدامها. وكانت تقضي أكثر من 45 دقيقة يوميا في تجفيف شعرها ولفه في بكرات الشعر، ثم فرده بمكواة الشعر الحديدية القديمة.
 
وتقول: «ليس علي الآن القيام بكل هذه الخطوات، فأنا أستيقظ وأغسله وألفه على هيئة كعكة بتموج خفيف». ولكنها تجيب عند سؤالها عن المواد المسرطنة: «هناك كثير من الأشياء السيئة في الحياة. أنا أستمتع بشعري هكذا، ولا أفكر كثيرا في الأمر».