الدليل الكامل لأعراض وعلاج الحمى القرمزية

سميت الحمى القرمزية (Scarlet Fever) بهذا الاسم نتيجة لتميزها بطفح جلدي يتسبب في احمرار الوجه. وتبدأ الإصابة في الأغلب بالتهاب للحلق مع وجود صديد، وارتفاع في درجة الحرارة.
ولكن يمكن أيضا أن تبدأ الإصابة في الجروح السطحية على الجلد التي يتم تلوثها بعدوى بكتيرية أو الجروح بعد إجراء جراحة معينة، وتتسبب في الإصابة بها السموم الناتجة من مجموعة البكتيريا المكورة العنقودية، التي تتسبب في تكسير كريات الدم من المجموعة «إيه» Group A Streptococcal Infections.
إصابات معدية 
وتتم الإصابة بها في أغلب الأحيان عن طريق الرذاذ المتناثر من الطفل المصاب، خاصة في أماكن التجمعات المزدحمة، مثل المدارس، وفى أحيان نادرة جدا يمكن حدوث الإصابة عن طريق الطعام الملوث كما حدث في الصين منذ عدة سنوات مضت.
من المعروف أن ما يقرب من 10 في المائة من الإصابات البكتيرية في العالم تتم نتيجة الإصابة بالميكروبات المكورة العنقودية المجموعة «إيه». وتكون نسبة الإصابة بالحمى القرمزية نحو 10 في المائة من مجموع الإصابات.
وتاريخيا كانت الإصابة بهذه الأمراض تحمل خطورة طبية كبيرة نتيجة لحدوث المضاعفات. وبالنسبة لمرض مثل الحمى القرمزية فإنه كان يتسبب في نسبة وفيات تصل من 15 إلى 20 في المائة من المصابين.
ولكن مع بدايات القرن العشرين وبعد اكتشاف المضادات الحيوية لم تعد هذه الإصابات تسبب خطرا يهدد الصحة، خاصة إذا تم علاجها مبكرا، وبالشكل الملائم مما يجنب المريض حدوث المضاعفات الطبية شديدة الخطورة.
ويمكن أن تحدث الإصابة في أي وقت من العام، ولكن فرص الإصابة تزيد في فترات الشتاء والربيع وتصيب الأطفال في الفئة العمرية من 5 أعوام إلى 15 عاما، وفى الأغلب يكون نحو 80 في المائة من الأطفال في سن العاشرة قد حدثت لهم الإصابة.
ونتيجة للإصابة يتم اكتساب مناعة تستمر مع الطفل بقية حياته، ويندر أن يصاب طفل بالمرض قبل عمر عامين، حيث إن الأجسام المضادة التي تنتقل إلي من آلام توفر له الحماية من الإصابة، وتحدث الإصابة للأطفال الذكور والإناث بالتساوي.
أعراض المرض 
أهم الأعراض الارتفاع في درجة الحرارة. وتبدأ الأعراض بشكل مفاجئ بعد فترة حضانة قصيرة تبدأ من 12 ساعة ولا تتعدى الأسبوع، ويكون المرض معديا في حالة التعب الشديد والحاد وفى الفترة التي تسبق ظهور الأعراض.
وتصل درجة الحرارة إلى 40 درجة مئوية في بعض الأحيان، وتصل إلى ذروة ارتفاعها في اليوم الثاني، خاصة إذا لم يتم العلاج مبكرا بالمضادات الحيوية وتبدأ في الانخفاض تدريجيا وتعود إلى معدلاتها الطبيعية في خلال من 3 إلى 5 أيام.
وأثناء ارتفاع درجة الحرارة تكون هناك زيادة بسيطة في ضربات القلب، ويمكن حدوث تضخم والتهاب في الغدد الليمفاوية العنقية الأمامية (anterior cervical lymphadenopathy) وتسبب آلاما للطفل في حالة لمسها.
ومن الأعراض العامة، ظهور قيء وصداع واحتقان شديد بالحلق واحمرار للغشاء المخاطي، و إحساس بقشعريرة وتوعك وآلام بالبطن وآلام بالعضلات.
- شكل اللسان:
في اليوم الأول أو الثاني يظهر غشاء أبيض يغلف اللسان كما تظهر بعض البروزات الحمراء على اللسان أيضا، مما يتسبب في ظهور اللسان بشكل مميز للمرض يشبه ثمرة فراولة مغلفة بغلاف أبيض وبها بذور حمراء (white strawberry tongue) وفى اليوم الرابع أو الخامس يتلاشى الغشاء الأبيض ويظهر اللسان محتقنا وشديد الاحمرار ولامعا.
وأيضا تكون هناك البروزات الحمراء، مما يجعله أيضا يشبه ثمرة فراولة شديدة الاحمرار (red strawberry tongue) وبجانب اللسان يكون هناك تورم واحتقان في اللوزتين.
- الطفح الجلدي:
يبدأ الطفح الجلدي في الظهور بعد الحرارة بنحو من 12 إلى 48 ساعة وفى البداية يكون عبارة عن بقع حمراء، ويبدو الخدان شديدي الاحمرار، بينما تبدو المنطقة المحيطة بالفم شاحبة اللون.
ويبدأ ظهور هذا الطفح في البداية تحت الأذن ثم يمتد إلى الصدر ثم العنق ثم البطن تحت الإبطين وأخيرا إلى الذراعين والساقين، ويحدث ذلك في خلال 24 ساعة.
ويستمر هذا الطفح فترة تتراوح بين 4 و5 أيام ثم يبدأ في الاختفاء وبعد نهاية الأسبوع الأول يبدأ الجلد في التماثل للشفاء وظهور ما يشبه التقشير الخفيف (desquamation) وهى علامة مميزة للحمى القرمزية وتستمر فترة تصل إلى أسبوع على حسب مقدار شدة وانتشار الطفح.
مضاعفات الحمى القرمزية 
لم تعد الحمى القرمزية الآن مرضا خطيرا كما في السابق، نتيجة للعلاج المبكر بالمضادات الحيوية التي تكون فعالة تماما في القضاء على البكتيريا، ولكن في بعض الأحيان خاصة في الأماكن التي تفتقر لوجود عناية صحية جيدة يمكن حدوث انتشار العدوى البكتيرية التي تسبب التهاب الغدد اللمفاوية العنقية أو التهاب الجيوب الأنفية أو التهاب الأذن الوسطى.
وكذلك يمكن حدوث التهاب رئوي والتهاب الغشاء المخاطي للمخ أو التهاب بكتيري في المفاصل، وكذلك التهاب كبدي وبائي، وفي أحيان نادرة يمكن حدوث التهاب لعضلة القلب، وهو مرض شديد الخطورة ويمكن أن يهدد الحياة.
وبعد الشفاء من الإصابة بفترة يمكن في بعض الأحيان حدوث أمراض نتيجة للإصابة بالميكروب العنقودي من المجموعة «إيه» مثل الحمى الروماتيزمية أو التهاب الكلى المناعي الذي يمكن أن يتسبب بدوره في حدوث فشل كلوي حاد.
التشخيص والعلاج 
يجب عرض الطفل على الطبيب حيث إن أعراض المرض من ارتفاع في الحرارة والطفح الجلدي تتشابه مع بعض الأمراض الأخرى، مثل الحصبة، والحصبة الألمانية أوالحساسية الجلدية الناتجة عن تناول أدوية معينة.
ويمكن أيضا إجراء بعض الفحوصات وأخذ عينة من إفرازات الحلق وعمل مزرعة لها والتي تظهر الميكروب، وعند إجراء صورة كاملة للدم يظهر ارتفاع في كرات الدم البيضاء نتيجة للعدوى، ويمكن أيضا إجراء لقياس نسبة الأجسام المضادة لعدوى الميكروب العنقودي ASOT)) وفى الأغلب تكون النسبة مرتفعة مما يؤكد التشخيص.
و يتم العلاج بالمنزل، ويكون بالمضادات الحيوية وهى العلاج الأمثل للحمى القرمزية حيث تقضى على الميكروب وتقلل فترة المرض وتمنع انتشار الميكروب للأنسجة المجاورة للحلق مثل التهاب الغدد اللمفاوية العنقية، والتهاب اللوزتين، والأذن الوسطى كما أنها تعمل على تلافي أخطار المضاعفات التي تحدث مستقبلا، وأهمها الحمى الروماتيزمية والتهاب الكلى المناعي.
يعتبر البنسيلين المضاد الحيوي الأمثل لعلاج الحمى القرمزية حتى الآن، ويمكن تناوله عن طريق الفم أو عن طريق الحقن في العضل، وبالنسبة للأطفال الذين يعانون من حساسية البنسيلين، يمكن استخدام عقار «الإريثروميسين Erythromycin» أوعقار «السيفالوسوبرين cephalosporin» من الجيل الأول، ويعتبران من البدائل الجيدة والفعالة في علاج المرض.
يجب أن يلتزم الطفل بالراحة التامة أثناء المرض ويستمر العلاج بالمضادات الحيوية حتى 10 أيام حتى إذا ظهر تحسن على الطفل.
يمكن إعطاء مخفض للحرارة ليساعد على إعادة حرارة الجسم للمعدل الطبيعي، وينصح بتناول كميات كافية من السوائل. وفى حالة حدوث مضاعفات يتم أخذ العلاج الخاص بكل مشكلة طبية على حدة.