بدون وعي يتسبب الوالدان في الفشل الدراسي لأبنائهم .. كيف؟

بالطبع يتمنى كل الآباء النجاح والتفوق الدراسي لأبنائهم، ولكن إلى أي مدى يجب أن ندفعهم للعمل بدون أن نبالغ في ذلك وخاصة عندما يتعلق الأمر بالعقاب من أجل تحقيق أفضل مستوى؟
مهما كانت حالتك الاقتصادية الاجتماعية، وكآباء يرغبون في أن يحيا أبنائهم في ظروف أفضل، لكن بدلا من تقديم جيل من الأشخاص السعداء الذين يتقدمون للنجاح، يتسبب الآباء ذوو التركيز والضغط المبالغ به على كل شيء صحيح ينتجون أطفالاً يعانون من التوتر والضغط النفسي، مع الاحتراق الداخلي والاكتئاب.
لذلك وفقا للطبيبة النفسية والكاتبة "مادلين ليفين" حيث تخبرنا بما يلي:
" صورة النجاح التي نراها حاليا ليست إلا الفشل بعينه".
وقد ذكرت في كتابها الجديد كيف تعلم أبناءك بطريقة جيدة للحصول على نجاح حقيقي، وتضيف أن الوالدين ينشغلان مسبقا بفكرة ضيقة قصيرة النظر عن النجاح ويعتمدان على أبنائهما لتزويدهما بمكانة اجتماعية ومعنى لحياتهم.
وبالطبع لهذا الاتجاه أضرار خطيرة جدا على تكوين ومستقبل المسيرة الحياتية للأطفال؛ حيث يتسبب في مشكلات أساسية مدمرة تشمل ما يلي:
- المعاناة من التوتر والضغط النفسي.
- الإنهاك.
- الاكتئاب.
- القلق.
- ضعف مهارات التأقلم.
- الاعتماد على الغير بشكل غير صحي أو طبيعي للحصول على دعمهم وتوجيهاتهم.
- انخفاض الإدراك النفسي أو الشعور بالضعف الذاتي.
ونبهت قائلة:
"علينا محاولة تعليمهم المرونة والاستقلالية إذا كنا نريد حقا تحقيق النجاح في الحياة، والدليل أننا عندما نضغط على الآباء لاكتشاف الطريق الصحيح بطريقة مبالغ بها فسيثبتون وجودهم جسديا فقط بينما يصابون بالانسحاب العاطفي".
عندما يزداد ضغط الآباء على أبنائهم من أجل اتباع الصحيح تنمو بداخلهم مشاعر سلبية تشمل الآتي:
- ينظرون إلى آبائهم على أنهم أشخاص مملون.
- متغطرسون.
- آباء غافلون عن الاحتياجات الحقيقية لأبنائهم.
ليس من الضروري لينجح الأطفال في الحياة الارتباط بجهود والديهم حسنة النية، ويسعى الآباء لتحفيز أبنائهم والكفاح من أجل حماية عقولهم من أن تصاب بالضرر بسبب التلفزيون وألعاب الفيديو، لكن يفضل التشجيع بدلا من الضغط على النجاح الأكاديمي.
ومع وصول الطفل إلى مرحلة البلوغ، لا تظهر ثمرة الجهد العملي للوالدين، فالأطفال الذين ينمون في بيوت ثرية ليسوا أكثر ذكاءً من الذين ينمون في بيوت متوسطة الحال.
نتيجة عكسية:
عندما يدفع الآباء أطفالهم إلى النجاح بمحاولات قوية جدا لحمايتهم من الفشل تكون النتيجة أن الأطفال يتشبعون بالتوتر ويصلون لدرجة أنهم لا يتمكنون من تحقيق أي شيء بدون استشارة ومساعدة والديهم.
وباسم الحب نتسبب نحن الأباء في تدمير حس الأطفال بالاعتماد على الذات والاستقلال، فحتى إذا جرينا أمام أبنائنا لإزالة أي عقبة تقف في طريقهم أو غمرهم بقوة من التعزيز الإيجابي إذا تعثروا، بالتأكيد سيشعرون بالأمان والحماية والحب على المدى القصير،  لكنهم سيفشلون في مواجهة أي فشل قد يقعون به خلال فترة الطفولة، وعندما يكبرون يصبحون مثل بيت بني من الورق لا يقدر على شيء مهدد بالانهيار.
وتكون النهاية:
تواجد جيل من الأطفال أو البالغين الذين يخشون الفشل، يشتركون في سلوك خطير لكي يتواءموا مع التوتر الذي اكتسبوه وهم لا يفهمونه ولا يعرفون كيف يواجهون الحياة بدون توجيه من والديهم.
الثمن الذي يدفعه الأبناء:
يدفع الأطفال نتيجة لأسلوب الدفع والضغط من والديهم ثمنا كبيرا فيتحولون إلى أجيال لا علاقة لها بالواقع مجردة من أي شخصية وضحايا للصدمات الحياتية.
وينخرطون في الأحداث التي مرت بالفعل لتسيطر عليهم أفكار مقلقة عن الفرص الضائعة التي أصابتهم بالقلق والاكتئاب، وغالبا يكون الدواء الذي يلجأون إليه للتخلص من تلك الأفكار هو إما إدمان المخدرات أو الكحوليات، كما يعانون من صعوبات في النوم، ويتوهون في ضباب من الإنهاك، هذا بالإضافة إلى إضعاف هويتهم ورفض التفاعل مع الغير من الأطفال في نفس العمر حتى اللعب يرفضونه.
الحل الواجب على الوالدين القيام به؟
- على الآباء عمل خطوة للوراء لإعادة تقييم ما هو مهم بالنسبة لهم.
- خلق مفهوم جديد للنجاح والتعرف على الجوهر الصحيح له.
- التركيز على تعزيز وتقوية جانب المرونة لدى أطفالهما ليتمكنوا من التكيف مع الظروف المتغيرة.
- التأكيد على فكرة التجربة والمحاولة، فكيف تعرف أنك قادر على القيام بشيء ما أو غير قادر إذا لم يكن لديك الفرصة للمحاولة والفشل مع النهوض بنفسك مرة أخرى.
- يجب على الآباء الذين يريدون تنشئة أطفال ناجحين بحياتهم أن يركزوا في تعليمهم على المهارات الحياتية.
ماهي أهم المهارات الحياتية التي على الآباء تعليمها لأبنائهم؟
1- البراعة والحيلة:
وهذا من خلال تعليم الأطفال كيف يهيئون أنفسهم وتزويدها بالمعرفة بأن هناك العديد من الطرق لحل المشكلة الواحدة، كما نعودهم على البحث عن حلول خارج نطاق رغباتهم إذا اضطروا لذلك للوصول إلى أقصى المحاولات مع المواقف التي يجدون أنفسهم بها، وفي المقابل مساعدتهم على النجاح بغض النظر عن الطريق الذي سيسلكونه في الحياة لتحقيق ذلك.
ويجب على الوالدين الصبر خاصة مع الأطفال ذوي القدرات المحدودة حيث يستغرقون وقتاً أكبر لتحديد ما عليهم فعله.
2- الحماس:
فبدون الحماس يؤدي الأطفال المهام وكأنها حركات مملة، لكن عندما يأخذون الهدف بطريقة حماسية يعجبون بها، وبدلا من دفع أطفالك نحو أهدافك الخاصة، عليك مراقبة مصالحهم وتطلعاتهم والتذكر أنها ليست من الضرورة أن تكون هي نفسها ما ترغب أنت فيه.
3- الإبداعية:
رغم أن التفوق الأكاديمي شيء جيد، لكنه لا يمثل كل شيء بالحياة، فالمهارات التي يتعلمونها من التجارب الإبداعية يمكن أن تساعدهم على تعلم كيفية التفكير بعيدا عن النطاق المحدود لحل المشاكل والنجاح في إعدادات غير أكاديمية.
مثل القيام بأنشطة بنهاية مفتوحة مثل القراءة، بناء المكعبات مع تقديم الكثير من الدعم الإيجابي.
4- أخلاقيات العمل القوية:
بالإضافة إلى التركيز على الجهد المستمر والانضباط يجب التأكيد على العناصر الأخرى كأخلاقيات العمل مثل النزاهة، التعاون والقدرة على التواصل.
5- الكفاءة الذاتية:
يجب أن يكون لدى الأطفال قدر من السيطرة على ما نقوم به في حياتنا جنبا إلى جنب مع توفير حسن تقدير الذات وضبط النفس والكفاءة الذاتية وهذا شيء هام وحاسم لتحقيق النجاح.
ولا تظهر ما لديك من قلق وطفلك يتحرك للأمام، لأن ذلك يمنعه من التغلب على معوقات الماضي وتجربة شيء جديد، كما يتسبب في تفتيت قدرتهم على حل المشكلات بانفسهم.
ولا يجب أن نضع أنفسنا للاختيار بين نجاح أبنائنا والعيش بحالة نفسية جيدة؛ لأن كليهما هام ويتم تطويرهما عندما يؤخذ الطفل بالإرشاد الهادف والتشجيع لبناء هويته الداخلية، لأنهم أطفالنا الذين يمرون بالحكم على نجاحهم أو تقصيرهم في الحياة.