الدليل الكامل لفوائد التطعيم الواقي من الالتهاب الرئوي

على الرغم من أن تطعيم الالتهاب الرئوي البكتيري ليس إجباريا للأطفال في الكثير من الدول ومنها مصر، فإن اللقاح أثبت فاعلية كبيرة في خفض حالات الإصابة وتقليل المضاعفات.
ويبدو أن فوائد التطعيم بالنسبة للأطفال لا تقتصر على منع الإصابة بالأمراض فقط، ولكنها تمتد لتشمل منع انتشار العدوى بين الآخرين وخصوصا كبار السن، وذلك حسب الدراسة الحديثة التي نشرت في مجلة «نيوإنغلاند» الطبية (the New England Journal of Medicine) في شهر يوليو من العام الحالي.
وأشارت الدراسة إلى أن إدراج التطعيم الواقي من مرض الالتهاب الرئوي، نتيجة للإصابة بالبكتيريا المكورة الرئوية للأطفال (pneumococcal bacteria) في جدول التطعيمات في عام 2000 ساهم في خفض عدد الحالات التي يتم حجزها في المستشفيات جراء الالتهاب الرئوي بنحو 10% على مستوى الولايات المتحدة، وكانت أهم فئة عمرية تأثرت بالانخفاض هم الأطفال وكبار السن.

الالتهاب الرئوي

ومن المعروف أن الالتهاب الرئوي يعتبر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الحجز بالمستشفى في الولايات المتحدة، حيث يقدر عدد الحالات التي يتم حجزها في المستشفيات سنويا بنحو ربع مليون حالة، ويتسبب في مضاعفات مثل الالتهاب السحائي الذي يصل إلى آلاف الحالات، ويأتي في المركز الثامن كواحد من أهم أسباب الوفاة في الولايات المتحدة. 
وكانت الدراسة التي قام بتمويلها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها قد أشارت إلى أن هناك نسبة ملحوظة من كبار السن الذين لم يتناولوا التطعيم، ولكن استفادوا من الأطفال الذين تم تطعيمهم. 
ويعتبر هذا من أهم طرق الوقاية غير المباشرة مما يزيد من المناعة بشكل عام لعدد كبير من الناس، في ظاهرة يطلق عليها «مناعة المجموعة أو القطيع» (herd immunity)، بل وأشارت الدراسة إلى أن هذه الطريقة من الوقاية قد تكون أفضل على المدى البعيد من عملية تناول كبار السن للتطعيم الواقي من الالتهاب الرئوي الذي يستخدم للبالغين، التي تم العمل بها منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، خصوصا أن نسبة الوفيات جراء الالتهاب الرئوي في المرضى فوق عمر 65 سنة تبلغ من 5 إلى 12%، وهي نسبة كبيرة بالطبع.

فوائد ملموسة

الدراسة جمعت بيانات عن المرضى المحجوزين في المستشفيات جراء الالتهاب الرئوي منذ عام 1997 وحتى عام 2009. وأظهرت البيانات أن معدل الحجز انخفض بشكل ملحوظ بعد إدراج اللقاح المضاد للالتهاب الرئوي (PCV7) إلى جدول تطعيمات الأطفال في عام 2000، وكانت أكبر الفئات استفادة من هذا التطعيم الأطفال أقل من عمر سنتين، حيث انخفضت نسبة الحجز بالمستشفيات إلى نحو 40% وكذلك بالنسبة للمرضى فوق عمر 65 عاما، حيث بدأ التناقص في نسبة الحجز بطيئا نسبيا في عام 2000، ثم ازداد معدل التناقص في العقد المنصرم، وفي عام 2009 تناقصت النسبة لتصل إلى 50% في كل الولايات، وقل عدد المرضى المحجوزين فوق عمر 85 عاما بنحو 70 مريضا كل عام، وأشارت الدراسة أيضا إلى أنه على الرغم من أن تأثير اللقاح كان أقل على الأطفال الأكبر سنا والبالغين، فإن النتائج تعتبر مبشرة.

عدوى بكترية

والمعروف أن البكتيريا المكورة التي تسبب الالتهاب الرئوي ليس لها عائل آخر بخلاف الإنسان، ويمكن أن توجد في الغشاء المخاطي المبطن للأنف والحلق للشخص السليم، وخصوصا الأطفال الصغار.
وحينما تتزايد أعداد هذه البكتيريا يمكن أن تسبب العدوى وتنتقل إلى الأشخاص المحيطين بالطفل، وخصوصا الأكبر سنا، وتؤثر عليهم ويمكن أن تسبب أيضا التهابا في الأذن وبقية الجهاز التنفسي والجيوب الأنفية. 
وعلى الرغم من أن المضادات الحيوية يمكن أن تتغلب على الميكروب، فإن هناك مقاومة للمضادات الحيوية تصل إلى نسبة 50% من الفصائل المتعددة للميكروب. وعند بداية استخدام اللقاح كان يغطي سبعة أنواع من الفصائل (serotype)، وفي السنوات الأولى لاستخدامه ساهم في خفض الالتهاب الرئوي بنسبة 30% وخفض الإصابة بالتهاب الأذن بنسبة 20%.
وتأتي أهمية هذه الدراسات لمعرفة إذا كان أثر اللقاح سوف يستمر من عدمه، حيث إن من الممكن أن تتسبب فصائل لم تكن معروفة من قبل أو لم يتضمنها اللقاح في الإصابة بالمرض، وهو ما حدث بالفعل بعد بدء استخدام التطعيم الحالي (PCV7)، حيث بدء في الظهور فصيل آخر يمكن أن يسبب الالتهاب الرئوي، وهو الأمر الذي جعل العلماء يضعون في اعتبارهم أن تكون النسخ الحديثة من اللقاح تتضمن النوع الجديد، وذلك بداية من عام 2010، حيث أصبح اللقاح يغطي 13 نوعا من الفصائل المختلفة وليس 7 فقط عند بداية استخدامه حتى يضمنوا أن يغطي اللقاح معظم الفصائل، التي يمكن أن تسبب المرض. 
ويأمل الباحثون بعد التطوير الذي حدث للقاح أن يساهم في خفض نسبة الحجز بالمستشفيات بمقدار 10% زيادة على النسبة الأصلية التي يوفرها في الأعوام المقبلة.