أبنة رئيس أوزبكستان «جلنارا كريموفا» .. سيدة أعمال وفنانة وكاتبة .. ومتهمة بالرشوى

ليس هناك ما يثير الانتباه في التحقيق الذي تقوم به النيابة الفرنسية، حاليا، حول عصابة منظمة لتبييض الأموال سوى ظهور اسم مواطنة أجنبية هي غولنارا كريموفا بين الشخصيات المشتبه في علاقتها بالقضية. إن هذه السيدة الحسناء التي تبلغ من العمر 40 عاما هي ابنة إسلام كريموف، رئيس أوزبكستان.
وغولنارا ليست وجها عابرا بل تحمل شهادة من جامعة «هارفارد» العريقة، وهي سيدة أعمال لها شركاتها الخاصة في ميادين الأزياء والمجوهرات ومستحضرات التجميل، كما تشرف على مشاريع ذات نفع خيري وثقافي، وهي فوق هذا شاعرة وكاتبة قصص تاريخية ومغنية تستخدم اسما فنيا هو غوغوشا. وقد اعتادت ارتياد الأوساط الفنية ومخالطة مشاهير الممثلين وظهرت، قبل فترة، إلى جانب النجم التركي خالد آرغنش، الذي حقق شهرة كبيرة بعد قيامه بدور السلطان سليمان القانوني في مسلسل «حريم السلطان». كما انتهزت فرصة انتقال النجم الفرنسي جيرار ديبارديو إلى روسيا وشكلت معه ثنائيا فنيا.
ما حكاية الجميلة الأوزبكية مع سلطات باريس؟ الحقيقة هي أن النيابة فتحت، قبل أشهر، تحقيقا ضد مجهول في قضايا تتعلق بتبييض أموال ورشاوى يمارسها وكيل أجنبي. ومر الخبر مرور الكرام في فبراير (شباط) الماضي، إلى أن عادت صحيفة «الفيغارو» وأكدت في عددها الصادر أمس أن المقصود بالتحقيق، بالدرجة الأولى، هو كريمة الرئيس كريموف.
جاء في التفاصيل أن فرنسا تلقت طلبا للتعاون من السلطات السويسرية التي تحقق، أيضا، حول نشاطات غولنارا كرموفا وعدد من المحيطين بها. وتتشابك خيوط التحقيق لتمتد شمالا إلى السويد. فقد نشر موقع أخباري فرنسي بارز تقريرا عن عمولات مفترضة، غير قانونية، دفعتها شركة الاتصالات السويدية «تيلياسونيرا» مقابل الفوز بصفقة للعمل في أوزبكستان، عام 2007. وبلغ حجم العمولات 320 مليون يورو.
أما دور غولنارا في العملية فيتلخص في أنها سحبت مبلغ 600 مليون فرنك سويسري من حسابها، في تلك الفترة، الأمر الذي أثار شبهات السلطات السويدية التي اكتشفت الأمر في العام الماضي وبدأت تحقيقاتها لإجلاء غموض الملايين العابرة للحدود. وصدر في حينه أمر إلى عدد من مصارف سويسرا بتجميد مئات الملايين من الفرنكات المودعة في حسابات المتهمة المفترضة.
لليوم، لم يجر إقلاق راحة غولنارا كريموفا، بشكل رسمي، أو استدعاؤها لسين وجيم أمام القضاء الفيدرالي السويسري، لكن الصحف هناك تابعت خضوع أربعة من العاملين معها للتحقيق، بينهم مساعدها الخاص. كما سحبت الحصانة الدبلوماسية التي تتمتع بها ابنة رئيس أوزبكستان في سويسرا، خصوصا أنها غادرت منصبها كسفيرة لبلدها في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
في فرنسا، وبناء على طلب سلطات بيرن، داهمت الشرطة عدة منازل للمتهمة، مؤخرا. وبناء عليه، قررت النيابة الباريسية فتح تحقيق حول الخيوط التي تخص فرنسا من القضية. ويسعى المحققون لتتبع المنافع المالية غير المصرح عنها لعدد من الشركات وما تمتلكه من عقارات، ومنها «فيللا» تقع على مقربة من منتجع «سان تروبيه»، على الساحل الجنوبي، يشتبه في أنها تعود لغولنارا كريموفا.
لم يبدر عن المشتبه فيها أي رد فعل على ما تتداوله الصحف. وفي مقابلة نادرة أدلت بها كريموفا لصحيفة «لو بيلان» السويسرية، قالت إن «أعداءها زجوا باسمها في هذه القضية». ويبدو أن للمعنية أعداء كثرا مهمتهم الإساءة إلى سمعتها وتشويه صورتها كفنانة وناشطة في العمل الخيري. فقد نشر موقع «ويكيليكس» تقارير لدبلوماسيين أميركيين يصفون فيها ابنة الرئيس كريموف بأنها من «بارونات السرقة». كما تحدث أحدهم عن حملة إعلانية مدفوعة لتجميل صورتها في الإعلام الغربي، وأضاف أن هذه الدعاية لن تخدمها كثيرا لأنها تبقى أكثر شخصية يكرهها مواطنو بلدها.
وعلى الرغم من كل الشائعات فإن هناك من يعتقد أن غولنارا يمكن أن تلعب دورا مهما في مستقبل بلدها ويكمن أن تكون مرشحة لخلافة والدها في الرئاسة. وتشير التوقعات إلى أن صعودها السياسي سيتضح في الانتخابات النيابية المقبلة، رغم أن المغنية المثقفة ما زالت تنكر أي طموح في الحكم.