«تودز» .. تسرق الأضواء في أسبوع ميلانو

أليساندرا فاتشينيتي تتفوق على نفسها ودوناتيلا فرساتشي تقدم تشكيلة بطعم مقبول
أليساندرا فاتشينيتي تتفوق على نفسها ودوناتيلا فرساتشي تقدم تشكيلة بطعم مقبول

اليوم، يتسارع إيقاع أسبوع باريس لموضة خريف وشتاء 2014، بعروض مثل «لانفان»، «نينا ريتشي» «كارفن»، ريك أوينز، وغيرهم، ما يعني أن وسائل الإعلام وصناع الموضة قد حطوا الرحال في العاصمة الفرنسية أمس أو أول من أمس، بعد نيويورك، لندن ثم ميلانو.
 
ورغم كثافة الفعاليات والحفلات والأحداث، هناك عروض تبقى راسخة في الذاكرة، تخلف صدى لا ينتهي بانتهاء دورة الموضة، بحيث يتكرر الحديث عنها بإيجابية في كل مناسبة وفي كل عاصمة، وليس أدل على هذا من عرض دار «تودز» الأخير الذي أكدت فيه المصممة أليساندرا فاتشينيتي أنها وجدت بيتها أخيرا بعد طول بحث وتجارب. 
 
«تودز» من جهتها وجدت في أليساندرا ضالتها، لأنها، وإلى عهد قريب، كانت تشتهر أكثر بإكسسواراتها الجلدية وتحديدا الأحذية المريحة التي تضج بالراحة والأناقة ثم حقائب اليد العملية، ورغم دخولها مجال الأزياء منذ سنوات، لم تنجح في أن تخلق التوازن بين الجانبين، لأنها كانت تحتاج إلى مصمم يفهم إرثها من جهة، وتطلعاتها من جهة ثانية. 
 
جاءت أليساندرا في الموسم الماضي، وتوسم الكل فيها خيرا، وفي تشكيلتها الثانية، التي قدمتها يوم الجمعة الماضي، برهنت أن اختيار الملياردير دييغو ديلا فالي لها كان في محله. فقد قفزت بالدار عدة مراحل إلى الأمام وقدمت تشكيلة قوية اختزلت فيها خبرة سنوات طويلة قضتها في «غوتشي»، «فالنتينو» «بينكو» وغيرها من بيوت الأزياء العالمية.
 
ولا ننسى هنا أيضا رغبة محمومة في إثبات الذات وترسيخ مكانتها كمصممة لها إمكانيات عالية كانت تحتاج فقط إلى من يؤمن بها ويتيح لها الفرصة لكي تنطلق وتحلق. سوزي منكيس، ناقدة الأزياء في صحيفة «نيويورك تايمز»، التي ينتظر الكل حكمها، قارنتها بفيبي فيلو مصممة «سيلين»، وهو ما يعتبره متابعو الموضة الشهادة لها بالنجاح. 
 
ورغم أن هناك نقاط تشابه بين المصممتين، إلا أنها تقتصر على تصاميمهما التي تعتمد على الخطوط الواضحة والبسيطة والهندسية الناعمة، لأن أليساندرا فاتشينيتي أكدت يوم الجمعة الماضي أنها لا تريد أن تبتكر توجهات موضة جديدة، بل أن تخلق أسلوب حياة متكاملا.
 
أسلوبا إيطاليا راقيا يحترم جينات «تودز» أولا ويستغل إمكانياتها الكبيرة، فيما يتعلق بتوفرها على أجود أنواع الجلود، ثانيا. 
 
«تودز» منذ البداية تصرح بأنها تتبنى الأسلوب الإيطالي وتريد أن تسوقه للعالم، من خلال الإكسسوارات.
 
ويبدو أن الوقت قد حان الآن ليشمل هذا الأسلوب الأزياء، وهو ما ترجمته أليساندرا في كل قطعة تقريبا، مركزة على التنوع، سواء في التصاميم أو في الأقمشة والخامات أو الإكسسوارات، حتى تجد كل امرأة بغيتها.
 
فالإكسسوارات، شملت مثلا، قبعات يمكن استعمالها كمضاد لأشعة الشمس في المنتجعات الصيفية وعلى اليخوت، أو كإكسسوار موضة يضفي على أي زي مهما كان بسيطا أناقة عالية تحملك إلى أجواء الريفيرا أو كابري وغيرهما. 
 
شملت أيضا أوشحة من الفرو وأحزمة وغيرها. كان مهما بالنسبة للمصممة أن تشرح وجهة نظرها والإيحاءات التي استلهمت منها، لهذا كانت بطاقة الدعوة مصحوبة بكتيب تشرح فيه كل التفاصيل، من الألوان والأقمشة التي اختارتها إلى الإكسسوارات، من دون أن تنسى أن تشرح الديكور، مما خلق الانطباع بأنها تدعونا إلى بيتها الخاص وليس لعرض أزياء عام.
 
كان هذا البيت يقع بشارع «باليسترو»، وما إن تدخله حتى تشعر بحميميته حيث غطيت الأرضية بسجاد تداخلت فيه ألوان الرمادي والبنفسجي بشكل هندسي وتدلت من السقف ثريات عصرية بينما تناثرت في أركانه كنبات، تبين أنها كانت مخصصة للعارضات اللواتي جلسن عليها بعد نهاية مهمتهن، رغم أنهن لم يحتجن إلى الجلوس.
 
فلو سألت أي واحدة منهن لردت بأن هذا كان أسهل عرض قامت به في الآونة الأخيرة بفضل الأحذية المريحة التي كن يلبسنها. 
 
منذ أول إطلالة تأكدت صورة «البيت» الإيطالي، التي أرادتها أليساندار مريحة ودافئة في الوقت ذاته، من خلال معطف أسود من الجلد البراق يتمتع بياقة عالية تغطي نصف الأذن يتسع من الخلف بشكل مبالغ فيه بعض الشيء.
 
تلته إطلالة أخرى مكونة من بنطلون مستقيم ووشاح طويل ومعطف واسع، كلها باللون الأبيض المطبوع بمربعات باللون الأسود، ثم إطلالة مكونة من تنورة وتوب من الجلد بجيوب خارجية مبتكرة على شكل مربع يتدلى من الأمام. 
 
هذه العناصر الثلاثة: الجلد، والتفاصيل المبتكرة والتنورات المتباينة الطول، تكررت في معظم التشكيلة التي ضمت 33 قطعة.
 
كان الفرو مهما حيث استعمل في الإكسسوارات وحواشي بعض القطع، لكن ما لا يختلف عليه اثنان أنه لم يكن بقوة الجلد، الذي طغى على نصف التشكيلة تقريبا.
 
وهو أمر بديهي إذا أخذنا بعين الاعتبار أن «تودز» متخصصة في الجلود، وبالتالي تعرف كيف تحولها إلى خامة بنعومة الحرير وملمسه وجمال الدانتيل بفضل حرفييها. 
 
وهذا ما جعله يظهر بأشكال متعددة، أحيانا في معاطف واسعة بلمعة جريئة، أو في تنورات استعملت فيها تقنيات الليزر لتبدو من بعيد وكأنها دانتيل، كما في قمصان بألوان هادئة مثل الأبيض السكري أو السماوي المائل إلى الرمادي أو الأرجواني. في كل الحالات، كان واضحا أن المصممة تعاملت معه كأي قماش آخر، واستغلته في تصاميم هندسية ومنحوتة خففت من صرامتها بطرحها بأطوال مختلفة ومتباينة في القطعة الواحدة، مستعينة أحيانا بألوان متوهجة مثل البنفسجي، وأحيانا أخرى بألوان هادئة مثل الفضي أو السكري وما شابه من ألوان، ما أكسب كل إطلالة نعومة وأناقة، قد تبدو لا مبالية لكنها تصرخ بالرقي وذلك الأسلوب الإيطالي البعيد عن التكلف والبهرجة.
 
في مساء نفس اليوم قدمت دوناتيلا فرساتشي عرضا، قد يكون من أجمل ما قدمته لحد الآن.
 
لم تكن فيه أي مفاجآت تذكر، أو مبتكر بالمعنى الجديد بقدر ما ركزت فيه المصممة على قديمها وعلى وصفتها المعتادة بأسلوب يخاطب مناسبات النهار أكثر، حسب رأيها.
 
فقد اقتصرت فساتين السهرة والمساء في هذه التشكيلة على أربع قطع فقط، ربما لأنها شعرت بأنها قدمت ما يكفي منها في شهر يناير الماضي، خلال أسبوع «الهوت كوتير» بباريس.
 
وطبعا تميزت هذه الفساتين الأربع بنفس الأسلوب الـ «فرساتشي» المعروف، مثل الفتحات العالية والتصاميم الضيقة التي تلعب على مفهوم الأنوثة والإثارة. 
 
ما عدا ذلك ضمت باقي التشكيلة أزياء مناسبة للنهار تضم جاكيتات قصيرة ومعاطف من الفرو وغيرها من القطع المنفصلة، إلى جانب حقائب اليد والأحذية العالية الرقبة التي كانت مكملا مناسبا للفساتين والـ«شورتات» القصيرة جدا.
 
كل رموز الدار القديمة كانت حاضرة في هذه التشكيلة، بدءا من الفساتين الخاصة بالنهار، التي جاءت إما قصيرة أو بفتحات جانبية، إلى أخرى تقطر ذهبا أو ضيقة من حرير الساتان.
 
وكأن هذه لم تكن كافية، قدمت دوناتيلا الكثير من الإكسسوارات التي لا تعترف بالحل الوسط، سواء من حيث الحجم أو الألوان، الأمر الذي منحها طعما مقبولا بحكم أنه يتودد إلى شريحة الشابات.
 
لقطات
- المخضرم جيورجيو أرماني قدم واحدة من أجمل تشكيلاته وأكثرها حيوية، مما يؤكد أنه لا علاقة للإبداع بالسن.
 
فالمصمم الذي يبلغ من العمر 79 عاما، لا يزال يفهم ما تريده المرأة، سواء كانت في العشرينات أو الثمانينات من العمر. في هذه التشكيلة مزج التفصيل الذي لا يعلى عليه ويعتبر ماركته المسجلة بالألوان المتوهجة التي من شأنها أن تنعش الصوف والفرو في فصل الشتاء.

- مصممة دار «غوتشي» فريدا جيانيني، أتحفتنا بألوان ناعمة وهادئة ذكرتنا بأن المصممة أم جديدة، وبالتالي فإن ألوان الطفولة وأيضا ما تتطلبه الأمومة من أزياء عملية كانت على بالها وهي تصمم لخريف وشتاء 2014 - ماركة «ديسكوارد» قدمت تشكيلة مختلفة عما قدمته في المواسم الماضية، من ناحية أنها تعبق بالأنوثة بعد أن كانت تلعب في الماضي على مفهوم الذكورة والأنوثة.
 
- «مارني» أيضا غيرت دفة اتجاهها، فبعد أن كانت تركز على النقوشات والفرو في السابق، اختارت هذه المرة أن تركز على الخطوط الواضحة والألوان الأحادية، ما كان له تأثير أكبر.
 
- الاعتصامات والمظاهرات التي قام بها المدافعون عن حقوق الحيوانات والمناهضون لاستعمال جلودها خلال عرض روبرتو كافالي، لم تجعل كارل لاغرفيلد يعزف عن استعمال الفرو في تشكيلته لدار «فندي»، بالعكس، فقد استعمله بسخاء خصوصا وأنه يدخل في صلب جيناتها.