انتهاء أسابيع الموضة .. يعني بداية عمل المقلدين

تعتبر اسابيع الموضة العالمية الفرصة الثمينة التي يتصيدها المشترون من مختلف محلات شوارع الموضة، وحتى السوبرماركت، لفحص ومعاينة أعمال مئات المصممين واختيار ما يريد المستهلك ارتداءه في المواسم المقبلة وطرحه له بسرعة. سيما آناند واحدة من هؤلاء الذين سيتابعون ما يعرض على المنصات لطرحه في السوق للمستهلك العادي، وإن كانت متابعتها ستكون من خلال الصور التي ترسل مباشرة على الانترنت.


سيما آناند مصممة لا يعرفها كثيرون، على الرغم من وفرة انتاجها من التصميمات مقارنة بباقي المصممين. تقول انها اذا رأت تصميما في موقع "ستايل دوت كوم"، فإن كل ما ستفعله هو انها سترسل الصورة مرفقة مع بريد الكتروني الى مصنعها وتطلب شيئا مشابها. المصنع المقصود كائن في جايبور بالهند، ويمكن ان يوفر لمتاجر الأزياء كميات كبيرة قبل شهور من ظهور نسخة المصمم المبدع. وتقارن سيما رداء ذهبي اللون صممته بصورة شبه مطابقة لرداء من عمل المصمم توري بيرش، وتقول ان محلات بلومينغديل طلبت منها إعداد عدة مئات من الفساتين لماركتها الخاصة "أكوا". وفي الوقت الذي يباع فيه فستان توني بيرش بـ 750 دولارا، فإن فستان سيما لن يتعدى الـ260 دولار.

شركة سيما (سيمونيا فاشونز) واحدة من مئات الشركات التي تنتج ملابس قصاتها مشابهة للتصميمات التي يعدها مصممو الأزياء لمحال مثل "فوريفر 21" و"مسيسز" و"بلومينغديل". ويدور الآن جدل في قطاع الموضة في الولايات المتحدة بشأن هذه التصميمات، أو بالأحرى التقليد، وهي ظاهرة ظلت موجودة باستمرار في قطاع الأزياء، لكنها اصبحت منتشرة في عصر الانترنت الى درجة انه اصبح في صدارة اولويات "مجلس مصممي الموضة في الولايات المتحدة، الذي يحاول حمل الكونغرس على توسيع قوانين حماية الحقوق لتشمل الملابس. وقد تم مؤخرا تقديم قانون لدعم المصممين. ويقدر خبير يعمل مع مجموعة المصممين التجارية ان الملابس المقلدة من النسخ الأصلية تمثل ما لا يقل عن خمسة في المائة من السوق الأميركية التي تبلغ قيمتها 181 مليار دولار.

سيما اناند تقوم بتصميم فستان في محل «بلو برنت»ويعتبر حظرها معركة كبرى بالتأكيد ما دام كثير من المتسوقين لا يرون خطأ في الملابس المقلدة، خصوصا ان أسعار سلع المصممين يرتفع بشكل كبير جدا. بل ان نقاد المصممين يجادلون بأن عملية النسخ، او الاستنساخ، جيدة للأزياء لأنها تشجع المصممين على الابتكار المستمر للسلع الجديدة حتى يبقوا في طليعة المتنافسين. بينما يرد المصممون ان ذلك نمط تفكير قديم سابق للانترنت.

وقالت أنّا سوي، وهي واحدة من أكثر من 20 مصمما رفعوا قضايا ضد فوريفر 21، وهي واحدة من شركات الملابس الأسرع نموا في البلاد لبيعها ما يزعمون انه نسخ من منتجاتهم، قالت "بالنسبة لي المسألة ليست مسألة استنساخ فقط، بل ترتبط أيضا بالتوقيت. فهذه النسخ تنزل الى الأسواق قبل النسخ الأصلية".

ويسعى المصممون الى حظر الملابس التي تبدو شبيهة جدا بملابسهم الأصلية ولكنها تباع تحت ماركة شخص آخر، ويريدون توسيع القوانين التي تحظر في الوقت الحالي الحقائب اليدوية والنظارات المزورة التي تحمل رموز المصممين والتي تشكل، حسب التقارير، ما يصل الى 12 مليارا من المبيعات. ولا يمكن تقدير النسخ المقلدة بشكل دقيق يعتمد عليه، لأن المصممين وباعة التجزئة يختلفون على قضية، ما هي الملابس المزورة وما هي الملابس الأصلية المبتكرة؟.

ووافقت أناند على تقديم نظرة نادرة على جانب من الأزياء يوجد موازيا للمصممين المشاهير في سيفنث أفنيو، على الرغم من أنه غير معروف بالنسبة للجمهور على نطاق واسع. كما تكشف مقابلات مع المديرين التنفيذيين في عدد من الشركات المتخصصة في الماركات الخاصة في المتاجر عن شبكة من المصانع المتنافسة على نحو شديد، والتي تستخدم آخر التكنولوجيا لاعادة انتاج أزياء المصممين بإتقان وسرعة المكوك، وفي الوقت ذاته، لا تنتهك القانون القائم و لا تدخلهم في متاهاته. وقالت اناند «هذه هي متطلبات السوق. وإذا قدم إلينا مشتر وقال: هذا ما أحتاج إليه، فإننا نلبي طلبه... فهذا عملنا».

وكانت الأم شاشي أناند هي التي اسست شركة «أزياء سيمونيا» عام 1980 وبعد 5 سنوات انتقلت إلى نيويورك من نيودلهي. وفازت شاشي اناند بجوائز عديدة باعتبارها امرأة أعمال آسيوية بما فيها تلك التي قدمت لها عام 1998 من قبل بيل وهيلاري كلينتون شخصيا، ولا تزال صورها مؤطرة على جدار المكتب.

محل «بلو برنت» حيث تباع الملابس المقلدةوتبلغ مبيعات الشركة التي تضم 10 عمال، 20 مليون دولار سنويا وتبيع 80% من الملابس تحت ماركات خاصة تعود لمخازن بارزة مثل بلومينغديل وماسي، والشركات ذات الفروع الكثيرة «فوريفر 21» ورامبج وأوربان آوتفيترز. كذلك لشركة أزياء سيمونيا تصميماتها الخاصة بها. وأكثر تصميماتها أصلية أو مستوحاة من الاتجاهات العامة للسوق كما تقول بعض النساء، لكن بعضا منها تبدو نسخا طبق الأصل، وبعضها مصنوع بناء على طلب أصحاب المحلات أنفسهم.

وفي المصنع الواقع بجايبور تتعاقد الشركة مع 2000 عامل من المتخصصين في صنع الزخارف والتصميم والخياطة ومجهزين ببرامج كومبيوترية تسهل خياطة الملابس مباشرة من صفحة على الموقع الالكتروني. ويستطيع المصنع أن يعيد النماذج الكاملة خلال 14 يوما وأحيانا تكون النتائج سيئة وأحيانا تبدو رائعة إلى حد يجعلك تنبهر، لأنهم أحيانا يقومون بعمل أفضل من المصمم نفسه، حسبما قالت اناند.

عروض موسمي الربيع والصيف، التي جرت الأسبوع الماضي في نيويورك لن تجد طريقها إلى مخازن المحلات قبل فبراير المقبل، وهذا ما يتيح الفرصة للتقليد، خصوصا وان شاشات التلفزيونات ومواقع الانترنت أصبحت توفر كل شيء بشكل أكبر. لذلك أصبح مصنع أناند قادرا على شحن المنتجات الجديدة من الأزياء مباشرة حال انتهاء عرض الأزياء إلى المخازن خلال فترة لا تزيد على ستة أسابيع.

وقالت بورش التي ستقدم مجموعتها في 11 سبتمبر انه كانت على علم بأن تصميماتها تحظى باهتمام سارقي التصميمات. ففي شهر مارس رفعت قضية ضد عدد من المحلات، بما فيها محلات ستروبري لبيع احذية باليرينا تحمل شعارا تعتقد انه قريب للغاية من شعارها. أما بالنسبة للفستان المطرز الذي صنعته اناند لمحلات بلومينغديل، الذي يشبه تصميم بورش، نفى فرانك دوروف وهو نائب مدير تنفيذي في المحلات، معرفته بالامر. واوضح «ان سياستنا تركز على عدم التخلص من مواردنا الحالية»، مشيرا الى ان محلات بلومينغديل تقدم مجموعة توري بورش. وتساءل «هل يحدث ذلك بعض الاحيان؟ اعتقد انه يحدث، ولكن ليست هذه هي طريقة اجراء الاعمال».

وطبقا للقوانين الحالية لا يمكن تقليد قصة او تفاصيل القماش، وإن كان يمكن حماية اللوغو والطباعة الاصلية. وقد سبق للمصممة انا سوي ان رفعت قضية ضد21 FOREVER الذي يملك اكثر من 400 فرع وتصل مبيعاته الى اكثر من مليار دولار، متهمة المحلات بانتهاكها القانون ونسخ تصميماتها 26 مرة.

واوضحت ماريا لين يي وهي محامية سوي «يبدو ان طريقتهم في العمل تعتمد على البحث عن تصميمات شعبية في السوق من مصممين اخرين وتقليدها". ورفض المتحدث بإسم «فوريفر 21» مجهان بريان التعليق على القضية مكتفيا بالقول: "عند التعامل مع قاعدة مبيعات ضخمة وشراء مئات من الاشياء، يصعب التأكد من اصل كل مادة".

وبالنسبة للعديد من المشترين الذين استطلعت وجهات نظرهم خارج محلات «فوريفر21» في مانهاتن، لم يذكر احد منهم ان معرفتهم المسبقة بأن التصميم مقلد سيمنعهم من الشراء. ويرد المصممون على ذلك بأنه اذا ما استمر انتشار البضاعة المقلدة، فإن اعمالهم ستتعطل. فيما قالت اناند ان منتجاتها المقلدة لتصميمات كبار المصممين متغيرة بدرجة تعني انها لا تنتهك الملكية الفكرية، مؤكدة:"نحن لا ننسخ كل شيء..بل نتلاعب به، ونشعر بالالهام قبل التصميم».