في الموضة .. لون واحد يمكن ان يتألق !!

كما تعمد المرأة إلى تغيير لون شعرها كلما أرادت الخروج من حالة الملل كذلك ستعمد إلى الألوان المتوهجة في أزيائها اليومية.


إنها لعبة الألوان أو في رأي البعض تلاعب المصممين بنا
لكن سواء كانت هذا أو ذاك فالنتيجة أنها لعبة ممتعة تنجح دائما في إخراجنا من حالة الجمود أو الملل التي تلم بنا بين الحين والآخر. فالملاحظ أن المصممين ما إن يلمحوا لنا بعودة اللون الأسود، أو الألوان الغامقة أو الترابية، حتى ينهالوا علينا بشلال من الألوان الصارخة والمتضاربة ويصيبونا بالحيرة. فمنذ سنتين تقريبا كانت كل المؤشرات تقول بأن الأسود والدرجات الغامقة عموما، ستسود، خصوصا وأن ميوتشا برادا هي التي بعثت هذه الرسالة العلنية على منصات ميلانو.
 
ولا شك ان هذه الرسالة لقيت ترحيبا كبيرا من قبل المرأة، التي تحن دائما للأسود:
الصديق المخلص الذي لا يخذلها في كل المناسبات، وفي أغلب الحالات بما فيها تلك التي تعاني منها من اختزان الماء والانتفاخ.
 
والدليل على هذه العلاقة الحميمة ما خلصت له دراسة أجريت في بريطانيا كانت نتيجتها أن الأسود يشكل 41% من خزانة أية واحدة منا. لكن فرحة المرأة بهذه الرسالة لم تطل، إذ سرعان ما فاجأنا جون غاليانو، مصمم دار كريستيان ديور، برسالة مختلفة تماما.

رسالته تقول بأن الألوان الزاهية التي تحتفي بالطبيعة في أجمل حلتها، سيكون لها مكانة بارزة في ساحة الموضة. فقد ارسل عارضاته في الوان زاهية من رأسهن إلى أخمص قدمهن، أما الجديد هنا فهو أن كل عارضة تخايلت بلون واحد متوهج من رأسها إلى أخمص قدمها عكس باقي المصممين الذي يميلون إلى تنسيق درجات الوان مختلفة إلى حد التضارب مع بعضها.

إنها لعبة الألوان أو في رأي البعض تلاعب المصممين بنا

المثير في عرض غاليانو ان المرأة، مهما أحبت الأسود وبادلته الإخلاص، إلا انها لا بد وأن تقع في حب ما طرحه، أو على الأصح فكرة المظهر الذي اقترحه.
 
فاكتفاء غاليانو بلون واحد في الزي وعدم زحمه بالألوان المتضاربة كان ضربة معلم، رغم انها قد تصيب البعض الآخر ببعض التوجس والخوف، كونها فكرة لم تكن تخطر على البال من قبل ولم تكن يوما موفقة، بل وانتقدت ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، كثيرا لهذا السبب بالذات، لكنه، وهنا تكمن عبقريته، اكسبها صبغة عصرية لا يمكن تجاهلها.
 
فهي تختلف عن أسلوب الثمانينات، مثلا، حيث شاعت موضة التنسيق بين حقيبة اليد والحذاء، وإن لم يكن الأمر حينها من باب التنسيق بقدر ما كان من باب التباهي والقول بأن صاحبتها لها الإمكانيات لكي تشتري اكسسوارات غالية ومن نفس الماركة واللون والخامة.
 
فتلك الحقبة لخصت مفهوم:
إذا كنت تمتلك ثروة وإمكانيات فاستعرضها ولا تخجل. كما تختلف عن أسلوب التسعينات حيث شاعت موضة «القليل كثير».

فالألوان الترابية والحيادية كانت هي الرائجة، وساد حينها ما يشبه الرعب من المبالغة في أي شيء، الأمر الذي كاد يودي بمستقبل بعض المصممين الذين كانوا يعتمدون على «اللوغو» أو اسم ماركتهم مطرزا بالبنط العريض على الصدر أو عند الجوانب.

فالكل كان يتجنب تنسيق الألوان مع بعض، ولم يتوهج حينها شيء سوى نجم المصمم جيورجيو ارماني الذي ارتبط باللون البيج والألوان الترابية عموما طوال العقد. لكن وكما العادة، فإن كل شيء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده، وعندما يطول يصيب بالتخمة، وربما هذا ما ولَد موضة الألوان والقطع المتضاربة، أو مفهوم التناقض المتناغم، الذي انتعش بصورة كبيرة منذ بداية الألفية.

وما دامت الثقافة العامة تشجعه وتقبله، فإن العين ايضا تبدأ في التعود عليه، بل وتفضيله، وبالتالي فإن رسالة غاليانو التي تعتمد على لون واحد لكنه صارخ، كانت درامية ومثيرة للدهشة، لكنها لم تفاجئ البعض ممن كانوا يتوقعونها، خصوصا بعد ظهور العارضة البريطانية كايت موس، بما لها من تأثير على عالم الموضة، بفستان وحذاء من «لانفان» لم يكونا فقط بلون صارخ، بل كانا منقوشين بألوان الغاب، حيث بدت فيهما مثل النمرة، وبالتدريج بدأت دور الأزياء العالمية التي تخاطب الشابات مثل «كلوي» و«ميو ميو» تركز على لعبة الألوان المتناسقة فيما يخص الاكسسوارات على الأقل.

لهذا فإن موضة الألوان كما طرحها غاليانو للموسم القادم، فضلا عن مصممين آخرين مثل فالنتينو على سبيل المثال لا الحصر، ستعرف قبولا وإقبالا من قبل المرأة، سواء لما تمنحه لها هذه الألوان من سعادة نفسية أو إشراق على المحيا، أو لما تمنحه لها من تغيير. فكما تعمد أية واحدة منا إلى تغيير لون شعرها كلما أرادت الخروج من حالة الملل والجمود في حياتها أو مظهرها، كذلك ستعمد إلى هذه الألوان في أزيائها اليومية، خصوصا وأن المصممين يطرحونها بشكل رائع ومغر.

وكما رأينا في السنوات الأخيرة فإن الأسود، رغم كل ما نكنه له من حب وود، لم يعد سيد السهرات والليالي الملاح بعد ان نافسته الألوان المعدنية والهادئة من الساتان والدانتيل والشيفون، وما علينا إلا الرجوع إلى صور النجمات وهن يختلن على السجاد الأحمر في المناسبات الكبيرة لنرى أن عدد الفساتين السوداء اقل بكثير من فساتين بألوان الأحمر والبيج والذهبي والسماوي وغيرها.

ما سينعش هذه الموضة أيضا، الجرأة التي باتت العديدات منا يتحلين بها وكذلك فهمهن للموضة، فقد ولى الزمن الذي كن فيه يتخوفن من تجربة بعض درجات الألوان أو يتبعن فيه إملاءات الموضة بحذافيرها من دون فهم لمعانيها ومضامينها. وكما تقول كارمن هايد، المسؤولة في مكتب تومي هيلفيغر بلندن: «اصبحت المرأة تفهم أن لكل لون معنى ودورا.

فحتى تحسّن مزاجها تتجه إلى لون، ولتحصل على الطاقة تتجه إلى آخر وكذلك الأمر إذا أرادت التعبير عن السعادة».

وتضيف: «الأمر لم يعد يقتصر على الأزياء فحسب، بل حتى على الديكور المنزلي. فإذا دخلت لبيت أي واحد متابع للموضة، ستجدين ان المناشف في الحمام بلون واحد، والشراشف واكسسوارات غرفة النوم ايضا بلون أحادي، سواء كان هادئا او صارخا.. نها حالة تعبر عن مزاج خاص».

وهذا بالضبط ما أصبحت الموضة والأناقة على العموم، تعنيانه:
حالة نفسية في المقام الأول اكثر منها حالة للتباهي او الاستعراض، وليس أدل على هذا التحول من أن درسا أو محاضرة في ألوان الموضة في السابق كانت تعنى بتنسيقها حتى لا يكون المظهر نشازا للغير وحتى يتناسب مع لون البشرة، بينما الآن فهو لا يتجاهل الحالة النفسية، بل العكس، يركز عليها.
 
ولا شك انك تتذكرين شركة «كولور مي بيوتيفول» وترجمتها «لوِني بالجمال»، فقد خبا نجمها وظهرت محلها شركة اخرى هي «كولور مي كونفيدانت» أو (لوني بالثقة) وهذا بحد ذاته يلخص التحول الجاري في عالم الموضة. تقول فيرونيك هاندرسون، المديرة الفنية للشركة الأخيرة: «هناك أشياء كثيرة يمكن الحصول عليها بفضل الألوان ومن الخطأ تقسيمها إلى خانات حتى تناسب المرأة.
 
في وقتنا الحالي لا يمكن ان تقول للمرأة أن بشرتها باردة أو دافئة (ربيع أو شتاء) فلا أحد يريد ان يوضع في خانة، فهذا الأمر انتهى منذ خمس سنوات تقريبا.. الموضة والمرأة تغيرا، بدليل انه منذ عشرين عاما مثلا لم يكن بالإمكان الحصول على حذاء بألوان متنوعة».

وتضيف: «نحن لسنا محللين نفسانيين، لكننا ندرك اهمية الألوان وقوة تأثيرها، وسواء كانت الجلسة بغرض مواكبة الموضة أو لأغراض أخرى، فإن الألوان يمكن ان تكون جد مؤثرة في النفس وفي الآخر، تمنح الثقة وتشعر بالراحة والتميز».

لذلك ليس غريبا أن مستشاري الألوان حاليا ينظمون جلسات للتعرف على الإنسان قبل ان يتبرعوا بآرائهم أو يدلوا بمقترحاتهم فيما يناسب من درجات أو لا يناسب، إلى جانب حرصهم على فهم الإشارات التي يريد الزبون إرسالها للآخر: القوة مثلا أو النعومة وغيرهما.

بيد أن هاندرسون تعلق على مظهر اللون الواحد من الرأس إلى أخمص القدمين بأنه لا يناسب الشخص الخجول أو الذي لا يريد لفت الانظار. لكن المؤكد ان طريقة غاليانو في ترجمة اللون الواحد والمتوهج، وكما طرحها على منصات عروض الأزياء، فيها الكثير من المرح والأناقة على حد سواء، حتى وإن لم تكن مناسبة للشخصية الخجولة. فالمرأة الآن تريد ان تلبس ألوانا تعكس شخصيتها ومزاجها ولا تقبل على الوان فقط لأنها مضمونة، وانعكاس هذا التوجه واضح ايضا في اختيارها لمجوهراتها واكسسواراتها.

إذا كنت جريئة، أو فقط أصابتك حالة من الملل تريدين الخروج منها أو التمرد عليها، اختاري لونا قويا يناسبك، عدا الأسود طبعا، وطبقي هذه الفكرة فقد تتفاجئين بالنتيجة وما عليك إلا ان تتذكري انه عندما نسق إيف سان لوران في السبعينات اللونين الوردي والأحمر مع بعض في فستان واحد لم يكن الأمر معروفا من قبل وكان مفاجأة مرحب بها إلى الآن.

لكن قبل ان تخوضي التجربة انتبهي إلى بعض القواعد الذهبية:
1- تذكري ان غاليانو طرحها بشكل قوي لا مجال فيها للتردد أو الخجل، ولهذا كان تأثيرها دراميا ورائعا، ولو كان طرحها بنفس الطريقة لكن بألوان ترابية أو حيادية مثل البيج أو الأزرق النيلي مثلا لما أعطت نفس التأثير.

2 - في المقابل حاولي التنويع في خامة القماش للتخفيف من قوة اللون الواحد.

3 - لا تحاولي الغش باختيار الوان مثل الأسود أو البيج، بل اختاري لونا متوهجا وحاولي تنسيقه بدرجات متقاربة.

4 - تجنبي التصميمات المستديرة والكبيرة وحاولي ان يكون مظهرك بسيطا و«نظيفا» من حيث القصات.

5 - لا تضعي نفسك تحت ضغط كبير لتنسيق كل أزيائك واكسسواراتك بنفس اللون، فدرجات متقاربة من نفس اللون تكفي، لكن فكري في أن يكون لون شعرك وماكياجك متناقضان مع زيك لخلق بعض الدراما.