الهدية المناسبة بين اقتراحات خبراء الإيتيكيت وعلماء الفلك

تثير فينا مشاعر متباينة، تتنوع ما بين الإعجاب البسيط، والفرحة الغامرة، منا من ينتظرها ويحب الحصول عليها بمناسبة أو بدون، ومنا من يبدي بعض التحفظ نحوها ويفضلها بمواعيد، وأيا كان رأينا فيها، تبقى الهدية ولحظة تلقيها حالة تؤكد لنا وجود من يهتم بإدخال الفرحة على قلوبنا.


وما لا يختلف عليه اثنان أنها مفتاح المحبة بين البشر، لأنها لا تدخل السعادة فقط على من يحصل عليها، ولكن مردودها سواء كان ابتسامة رقيقة أو كلمة شكر بسيطة، أو قبلة محبة، تمنح مهديها حالة هي مزيج من الرضا والارتياح لأنه نجح في إسعاد من قدم له الهدية.

ولهذا فمخطئ من يظن أن مردود الهدية يعود على متلقيها فقط، بل انه وكما يؤكد الدكتور هاني السبكي استشاري الطب النفسي، أن هناك أشخاصاً يدمنون العطاء ومن بين مظاهر هذا العطاء شراء الهدايا لمن يقعون في دائرة اهتمامهم سواء وجدت المناسبة أم لا، وجزء من إدمانهم هذا هو الرغبة في الحصول على تلك السعادة التي تلي منحهم الهدية لمن يحبون.

وهي حالة إن زادت عن حدها قد تكون تعبيراً عن نقص الإحساس بالأمان والرغبة في الحصول على دعم وتأييد المحيطين بنا من خلال شراء مشاعرهم بالهدية، ولكن إن ظلت في إطارها الطبيعي تظل معبرة عن حالة العطاء اللامتناهي التي يتمتع بها البعض منا وبخاصة الأمهات.

وهناك العكس فيمن يتلقى الهدية، فإذا كان هناك من يدمن العطاء فهناك من يدمن الأخذ، ويعشقه من دون مقابل، ونجدهم حريصين على تلقي الهدايا من دون مراعاة ردها أو التعبير بالامتنان لمهديها، وهؤلاء بحاجة إلى المساعدة النفسية.

في عالم الهدايا نجد أن هناك من يجيد اختيار الهدية ويجهد نفسه بالبحث عنها قبل شرائها ليقدم في النهاية هدية تعبر عنه بدقة وتناسب من يقدمها له، وهناك من يشتري الهدية دون التفكير في الشخص الذي سيحصل عليها، فيشتري الهدية من وجهة نظره هو وبما يحب أن يهدى له.

أما النوع الثالث في عالم الهدايا فهو من يشتري أي هدية دون الاهتمام بمدى ملاءمتها للشخص الذي ستقدم له، كأن يشتري مثلاً كتابا لشخص لا يقرأ. إلا أن خبراء العلاقات الإنسانية في العالم يؤكدون على أن الهدية فن وتقديمها هو الآخر فن، من شأنهما إدخال الكثير من السعادة على القلوب فقط، خصوصا إذا نحن أجدنا التحدث بلغتيهما.

ومن هؤلاء الخبراء، بيجي بوست خبيرة الإتيكيت الأمريكية، التي ترى أنه يجب علينا أن ندرك من البداية طبيعة الشخص الذي نقدم له الهدية وعمره ومركزه الاجتماعي والمناسبة التي نهديه فيه هديتنا، فإذا كان الشخص المهدى له من المقربين فيمكننا التعرف على احتياجاته والأشياء التي تدخل السرور على قلبه، أما إذا لم نكن نعرف ذلك فمن الممكن تكوين فكرة عامة عن شخصيته من خلال مقتنياته لنعرف طبيعة الأشياء التي يفضلها. المناسبة أيضاً كما تقول بيجي تحدد نوع الهدية، فإذا كانت المناسبة على سبيل المثال هي حفل زفاف‏، فمن الواجب تقديم هدية للعروسين طالما وجهت لنا الدعوة لحضور الحفل، ‏سواء حضرناه أم لا.

أما نوعية الهدية فتتحدد حسب درجة القرب من العروسين. فإما أن نقوم بشراء هدية بسيطة لهما تعبر عن سعادتنا بفرحهما، أو نكون على علم بالأشياء التي تنقص منزلهما فنقوم بشرائها لهما. وأيا كان الاختيار فعلينا أن نعلم أن أسلوب تقديم الهدية هو الأهم في مثل هذه المناسبات، من حيث طريقة تغليفها وحرصنا على إظهار سعادتنا بالمساهمة معهما في بدء حياة جديدة.

ومن المناسبات المهمة في عالم الهدايا، أعياد الميلاد، وهي مناسبة يجب علينا فيها مراعاة عدم التكرار والابتكار في ذات الوقت ومراعاة اهتمام وميول الشخص المهدى له. والسبب أن احتفال الإنسان بيوم مولده يمثل في حياته مناسبة خاصة جداً، يودع فيها سنة، ويفتتح به سنة جديدة في مسيرة حياته، ولهذا يجب أن تكون الهدية معبرة عنه، ومكملة لشيء يحتاجه أو يحبه. وتختلف هدايا أعياد الميلاد باختلاف السن والنوع والميول.

أما أصعب الهدايا كما تقول بيجي خبيرة الإتيكيت الأمريكية، فهي الهدايا التي نتبادلها في العمل، فلو كانت بين الزملاء فلا مشكلة، ولكن لو كانت مهداة لرئيس العمل فيجب مراعاة عدم المبالغة فيها، حتى لا تفسر على أنها نوع من النفاق، وتفقد قيمتها، إلا إذا كان هذا هو الهدف منها. وتضع بيجي بعض القواعد التي علينا مراعاتها عند شراء الهدية من بينها:

- أن لا نهدي شخصا ما هدية تفوق إمكانياته في حال أراد ردها

- أن لا نفكر في العطور كهدايا إلا في حال تأكدنا من نوع العطر الذي يفضله الشخص المهدى إليه العطر

- إرسال الهدية في مناسبتها يظل الأفضل لأنها تترك ذكرى جميلة في النفس يضاف إلى معناها

- وأخيرا وليس آخرا علينا أن نتأكد من طريقة تغليف الهدية ونزع ثمنها من عليها قبل تقديمها.

وبعيداً عن عالم بروتوكول وآراء خبراء الإتيكيت في تقديم الهدايا، فإن عالم الفلك بدوره رسم لنا بعض الملامح التي قد تساعدنا في اختيار الهدية، في حال عرفنا صفات البرج الفلكي الذي ينتمي اليه الشخص المهدى إليه:

أصحاب برج الحمل على سبيل المثال، تناسبهم الأجهزة التي تختصر الوقت والجهد، كالأجهزة المنزلية الحديثة، أو دعوتهم لقضاء يومهم في مكان مفتوح على شاطئ البحر أو متنزه، وذلك لما يتسمون به من ثقة بالنفس، وحزم، ورغبة في الانطلاق وإنهاء ما يوكل إليهم من مهام بسرعة.

أصحاب برج السرطان يتسمون بحساسية مشاعرهم وعشقهم لمنازلهم التي تمنحهم الإحساس بالأمان، ولهذا تناسبهم الهدايا التي تزيد من متعتهم داخل البيت، وتزيد من تأنقه في عيونهم كالوسائد، وقطع السجاد. أصحاب برج الجوزاء يتمتعون بخيال واسع ويعشقون التنوع والابتكار ولهذا تناسبهم هدايا مثل الدمى الخفيفة، والهواتف الجوالة.

أما أصحاب برج الأسد الراغبين دائما في أن يكونوا محط الأنظار والاهتمام، فتناسبهم الساعات والهدايا الذهبية الأنيقة. وعلى عكسهم يكون أصحاب برج العذراء الذين يميل معظمهم الى عدم الاختلاط بالحياة العامة كثيراً ولهذا يسعدون بهدايا تمنحهم القدرة على الاختلاء بأنفسهم كالكتب والأجهزة الرياضية.

أصحاب برج الثور يستمتعون بالحياة بكل أشكالها، لذا نجد أن الشوكولاته هدية مناسبة لهم، أما الهدايا العصرية التي تتماشى وخطوط الموضه العالمية فتناسب أصحاب برج الميزان، الذي يتسم أصحابه، بحب الأناقة والحس الجمالي العالي. بينما تناسب حافظات الأوراق والحقائب أصحاب برج العقرب لما يتسمون به من طموح ورغبة في القيادة، ويفضل أصحاب برج القوس الهدايا الغريبة النادرة، كناب لفيل افريقي، أو طبق صيني مميز، أو إطار صورة غير تقليدي وهكذا، وهم على عكس أصحاب برج الجدي الذين يفضلون الهدايا الكلاسيكية كالتحف والأنتيكات.

أما أصحاب برج الدلو فيفضلون الهدية التي يشعرون أن صاحبها أضناه العثور عليها أو تصميمها كالمنسوجات المطرزة، والأعمال المصنوعة يدوياً.

ولا يبقى سوى أصحاب برج الحوت الذين يعجبون بأي شيء يهدى لهم أيا كان نوعه وذلك لما يتسمون به من مرونة. وإذا كان من يمنحنا الهدية يرغب في الغالب في إدخال السرور على قلوبنا فمن الأجدى أن نمنحه بعضا مما أراد، عبر إشعاره بامتناننا له ولهديته وشكره على اهتمامه بنا وإنفاقه الوقت والجهد والمال لإسعادنا، حتى لو لم تتوافق الهدية مع ما نريد. ولتبقى في آذاننا نصيحة الرسول الكريم «تهادوا تحابوا».