العطور العربية .. بين أسماء المباني وأسماء الأغاني

لا يشترط أن تذهب إلى قلب الرياض لتشاهد برج المملكة الذي يعد أحد أهم المعالم السعودية، فالآن بإمكانك رؤيته في إحدى الدول الخليجية، أو ربما ينتقل البرج الذي يرتفع عن سطح الأرض 300 متر إلى سطح مكتبك أو داخل حقيبة سفرك .. على هيئة زجاجة عطر ابتكرها أحد خبراء صناعة العطور الشرقية، طرحت مؤخراً في الأسواق الخليجية.


وقال عبد العزيز العسكر، خبير عطور كويتي، ان تصميم قنينة أحد العطور على شكل برج المملكة جاء تعبيراً عن إعجابه بهذا المعلم البارز على مستوى الشرق الأوسط، مضيفاً "عطري هذا هو الأصعب طيلة سنوات خبرتي التي تجاوزت 19 عاماً، حيث استغرق إعداده أربع سنوات، وكان اختيار برج المملكة بصفته أبرز معلم حضاري في المنطقة العربية، وللإيحاء بمعاني الرفاهية والثراء".

ويرى العسكر أن المظهر الخارجي لقنينة العطر يؤثر كثيراً في القدرة على جذب المستهلك، بقوله "من المهم عدم الاكتفاء فقط بجودة ورائحة العطر والبحث عن الأفكار المبتكرة لتقديمه، فالعين تعشق كل جميل"، مؤكداً بأن هذا الخطوة ستكون بداية لمرحلة حافلة بالابتكارات، حيث يفكر الآن بتصميم قنينةعطر يدوية الصنع (هاند ميد)، ولا يستبعد أن يكون عطره القادم مستوحى من تصميم برج العرب أو أبراج الكويت!

إلى ذلك، اختلفت طريقة تقديم العطور الشرقية في السنوات الأخيرة بصفتها أحد أبرز الهدايا التي يسعد الخليجيون بتبادلها، خاصة في المناسبات والأعياد، فلم تعد مقتصرة على الصناديق الخشبية وقطيفة المخمل، بل أصبحت محال العطور الشرقية تتفنن بتصميم العلب الكرستالية الفاخرة، المطعمة بالفيروز والأحجار الكريمة والمزينة ببعض الكتابات والنقوشات الخاصة، حسب طلب العميل، للتأكيد على تميّز العطر الهدية ومناسبته.

وفي حين اشتدت المنافسة بين النجمات العالميات إلى ساحة العطور الغربية التي أصبحت محالها أشبه بالواجهات السينمائية المزينة بصورهن وأسمائهن، تحوّلت ساحة العطور الشرقية إلى ديوان للشعر الشعبي، بعد أن اعتمد صُنـّاعه آخر القصائد المغناة كأسماء للعطور الحديثة، ولا غرو أن يحطم الفنان محمد عبده الرقم القياسي بهذا الشأن، حيث تحولت أشهر أغانيه إلى أسماء رائجة للعطور في الخليج، ومن أبرزها "بنت النور" و"مذهلة" و"وردة العشاق" و"الأماكن" وغيرها.

ولا تخفى العلاقة الحميمة التي تربط بين المرأة الخليجية والعطور الشرقية، والتي تصل في أحيان كثيرة إلى حد "الهوس"، مع البحث عن تركيبات العطور الخاصة المستخلصة من الصندل والورد، والغنية بالمسك والعنبر، التي تصل أسعارها لأرقام مرتفعة. فيما تشير آخر الاحصاءات الى أن حجم ما تنفقه المرأة الخليجية على العطور وأدوات التجميل يصل الى سبعة مليارات ريال سعودي سنوياً (1.87 مليار دولار)، تبلغ حصة العود والبخور منها نحو ملياري ريال سعودي.

تجدر الإشارة إلى أن خبراء صناعة العطور قدروا نسبة النمو السنوي لصفقات استيراد العطور ومستحضرات التجميل في السعودية بنحو 10 إلى 15 في المائة، علماً بأن معدلات إنفاق المواطن السعودي على العطور ومستحضرات التجميل تفوق مثيلاتها في الدول الغربية بنسبة كبيرة، وتعدّ الأعلى في منطقة الشرق الأوسط، حيث تضم السعودية أكثر من 70 شركة متخصصة بتصنيع العطور الشرقية، في حين أن نسبة القوة الشرائية تميل لصالح النساء بواقع 70 في المائة مقابل 30 في المائة للرجال.