صناعة الدواء في الجزائر .. الي أين ؟!

أبدى عدد من المنتجين الجزائريين، توجسات من حول مستقبل الصناعة الصيدلة في الجزائر، ولاحت مخاوف كبيرة بفعل تنامي واردات الجزائر من الأدوية خلال العام الماضي، وارتفاع تكلفتها بواقع 6 مرات خلال 4 سنوات، وخيبة دعوات جمهور المنتجين ومطالبتهم السلطات بتشجيع إنتاج الأدوية محليا عوض اللجوء إلى الاستيراد، كما زاد حجم المخاوف لدى متعاملي القطاع على مستقبل الصناعة المحلية، إثر شروع الجزائر في بيع 248 وكالة صيدلانية، وإعلان الحكومة هناك، أنّ لائحة أخرى من مصانع الدواء ستحال على التخصيص.
 
وقال "عمار زياد" رئيس الإتحاد الجزائري لمتعاملي الصيدلة، إنّ الوضع الراهن يفرض فتح نقاش حول مستقبل الصناعة الصيدلانية في الجزائر، وألّح زياد في تصريح له "على أنّ منظومة الأدوية باتت "مهددة" بخطر انفتاح السوق على المنافسة الأجنبية"، ولاحظ المتحدث باسم الهيئة المذكورة، إنّ الجزائر صارت اليوم أمام سوق مفتوحة على الإستيراد دون أي إجراء تحفيزي للصناعة المحلية، وأضاف رئيس الإتحاد الجزائري لمتعاملي الصيدلة:"نحن نتوفر حاليا على قدرات تمكننا من تغطية جزء كبير من السوق الجزائرية، لكن ليس هناك أمل في تطوير الصناعة المحلية أمام ترجيح كفة المنافسة الدولية".


من جهته، يعيب "فتحي بوكرسي" وهو منتج خاص للدواء في الجزائر، ما سماه "تجاهل" السلطات لواجبها تجاه المنتجين المشتغلين بالقطاع، وكشف بوكرسي إنّ الصناعة الصيدلانية في الجزائر لم "تتلق أي دعم منذ سنة 2004"، وربط محدثنا سلوك الحكومة الجزائرية بما يلف مسار انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة، وتفضيلها منح الأولوية لمتعاملين خارجيين، تبعا لاشتراط عرّابي منظمة التجارة على الجزائر "حتمية تحرير تجارتها الخارجية"، ما فسح المجال لغزو أجنبي مكثف لسوق الدواء الجزائرية، في صورة 70 متعاملا من 42 دولة أهمها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية ومصر والإمارات والأردن، ويأتي على رأس المختبرات الأجنبية: (نوفورديسك) و(بيوفارم) و(أل بي) و(يوميديال) و(بروفيدال) و(رون بولانك رورير) و(أفانتيس)و(مجموعة سيجما المصرية).

وتتقاسم المجموعات المذكورة ما يربو عن 70 بالمائة من حصص سوق الدواء في الجزائر، مع الإشارة أنّ غالبية الواردات الدوائية تأتي من أوروبا، سيما فرنسا التي تستحوذ لوحدها على ثلاثة أرباع الحجم العام.

ويتهم منتجو الدواء في الجزائر السلطات بإعطاء الأفضلية للموردين على حسابهم، إذ لا تتجاوز تغطيتهم حدود الـ23 بالمئة، رغم حديث السلطات عن اجتهادها لضمان 80 بالمئة من حاجياتها من الأدوية في الصناعة المحلية، ويستدل المنتجون في تبرير انتقادهم للسلطات، الارتفاع المحسوس الذي شهدته فاتورة استيراد الدواء في الجزائر، خلال العامين الماضيين، فبعدما ظلت تٌقدر في حدود نصف مليون دولار سنويا قبل عام 2005، تجاوزت سقف 1.24 مليار يورو تكفلت الخزانة العامة بسدادها العام الماضي.

وينظر الجزائريون بعين الريبة إلى تخلي بلادهم عن 248 وكالة صيدلانية تابعة للقطاع العام، واستعدادها للتنازل أيضا عن أكثر من مائتي وكالة صيدلانية أخرى، ويتساءل "سليم لعجايلية" المتابع لسوق الدواء في الجزائر، عن خلفية تسريع بيع وكالات مملوكة للحكومة، قابلة لإعادة التأهيل والمحافظة عليها كإرث محلي، في وقت ترهق السلطات كاهل الخزانة بما يزيد عن المليار يورو لتغطية واردات، تبيّن أنّ بعضها "أدوية منتهية صلاحية" تمّ صرف 12 مليون دولار على اقتناءها، بسبب الإفراط في الاستيراد بنسق يفوق نسبة الطلب المحلي.

كما يطرح مراقبون استفهامات عن العراقيل التي يواجهها مجمع "صيدال" الأكبر من نوعه في صناعة الدواء بالجزائر، واعتراف مسؤولية بمعاناتهم من مضايقات تسببت في عرقلة مشاريع المجمع المذكور الذي بإمكانه تحقيق اكتفاء الجزائر من الأدوية، علما إنّ إدارته تراهن على ضمان 80% من متطلبات السوق الجزائرية، كما تسعى إلى تطوير وتوسيع استعمال الأدوية الجنسية بمفردها وبالشراكة.