الملكة إليزابيث .. أناقة تتحدي نزعات الموضة المتغيرة

دائما نفس الابتسامة والنظرة والمظهر رغم سنواتها الثمانين.. مظهر لا يفرضه البروتوكول البريطاني بقدر ما تفرضه هي على البروتوكول واصبح ماركتها المسجلة في كل المحافل. فهو مثل ساعة «بيغ بين»، إن صح التشبيه، قوي لا يغيره الزمن ولا إملاءات الموضة.


ومع الوقت، ورغم الكثير من التعليقات الساخرة والانتقادات اللاذعة، اكد انه اسلوب ناجح لامرأة تعرف ماذا تريد وإلا لما استطاعت ان تمسك زمام الامور بيديها وتحافظ على شعبيتها حتى في الأيام العصيبة، التي تأثر فيها اغلبية افراد الاسرة المالكة.

إنها ببساطة الملكة إليزابيث الثانية، التي لم يكن يخطر على بال أحد ان تتحول في يوم من الايام إلى ايقونة موضة على غرار نجمات السينما وعارضات الأزياء، لكنها أدهشتنا عندما اختارتها مجلة «فوغ» البريطانية واحدة من بين أكثر 50 النساء اناقة في العالم إلى جانب عارضات أزياء وممثلات في نهاية العام الماضي، انطلاقا من قناعتها بأن «التميز يقاس بكيفية ارتداء المرء لملابسه وليس بما يرتديه، فلا يمكن لشخص ان يشتري تميز المظهر وتألقه ولا أن يفتعلهما». فالأناقة لا علاقة لها بالموضة، كما لا علاقة لها بسن.

صحيح ان الزمن قد نال منها، بعد ان رسمت التجاعيد أخاديدها على وجهها، لكن بالنظر إلى بشرتها المخملية، فإن الواحد منا يشعر بأنها ليست تجاعيد شيخوخة بقدر ما هي خطوط تجارب وحكمة، كذلك الامر بالنسبة لقوامها الممتلئ بعض الشيء الآن، والذي قد ينسي الجيل الصاعد انها كانت في شبابها تتمتع بقوام متناسق وخصر نحيل، حسبما تؤكد الصور التي التقطت لها آنذاك.

بعد صدور المجلة، علق متحدث باسم قصر باكنغهام لوكالة رويترز بقوله، إن الملكة «تتعامل مع أزيائها بطريقة عملية وتراعي المناسبات عند اختيارها لها» وهو القول الذي يلخص اسلوبها تماما، ولا شك فلسفتها أيضا في التعاطي مع الأمور. ولأن مجلة «فوغ» لها كلمتها التي لا تناقش، فإن حتى الذين لم يكونوا يرون الملكة كامرأة أنيقة، غيروا رأيهم. في الولايات المتحدة الأميركية، مثلا، التي كانت تتعرض فيها باستمرار لحملات ساخرة وانتقادات لاذعة بسبب مظهرها خصوصا في الثمانينات، في عز شعبية الراحلة دايانا، تغير الوضع تماما بعد ان نشرت المجلة قرارها.

وخلال زيارتها الأخيرة لها، نالت أزياؤها تغطية غلب عليها المديح على اساس انها كلاسيكية وانيقة، وهو ما لا يمكن ان يقال دوما على من هن في سن أحفادها وحفيداتها، مثل بريتني سبيرز أو كورتني لاف، بل وحتى الستينية هيلاري كلينتون، التي تعرضت لسيل من الانتقادات، فقط لأنها ظهرت خلال حملتها الانتخابية بقميص مفتوح عند الصدر بشكل أوحى للبعض انها تستعمل انوثتها للتأثير على الناخبين.

هذا الأمر لا يمكن ان يقال عن الملكة ولا يمكن ان تتعرض له بأي شكل من الاشكال، لأنه إذا كانت للأزياء «اصول» فلن نستغرب ان اكتشفنا ان بعضها ولد على يديها، أو على الأقل هي التي غذتها وشجعتها. فالياقة دائما عالية والتنورة دائما تغطي الركبة والجاكيت يغطي الأرداف، اما بالنسبة للفساتين فهي مفصلة لكن لا تعترف كثيرا بمنطقة الخصر، بحيث تمر عليها مرور الكرام ومن بعيد، وكأن المقص يخجل من الاقتراب منها. لكن إذا كانت الألوان المتوهجة والتصميمات الرزينة عنوانها الغالب، فإن الاكسسوارات هي التي تثير الانتباه إليها اكثر، بدءا من القبعات التي ظهرت بها منذ شبابها إلى الآن، والتي أخذت كل الأشكال، إلى الأحذية المريحة والحقيبة التي لا تغادر يدها إلا إذا اضطرت إلى حمل باقة الورد، مرورا بالمجوهرات سواء كانت بروشا أو عقدا من اللؤلؤ أو اقراط اذن أو تاجا، في المناسبات الكبيرة، او الإيشارب في مناسبات نهاية الاسبوع.

الذين لم يقنعهم اختيار «فوغ» لها ضمن قائمة الخمسين انيقة في العالم، قد يأخذون عليها انها لا تساير التغيير وأنها تجمدت في فترة زمنية محددة، لكن من ناحية اخرى يمكن لمؤيديها ان يردوا بأن هذا ليس تجمدا بل ربما يعكس شخصية مخلصة وتعرف ما تريد ايضا. لكن عموما يحسب لها حرصها على ان يكون مظهرها متكاملا في كل المناسبات والأوقات، صحيح انها تبالغ احيانا في التنسيق بين ألوان ازيائها واكسسواراتها، لكنه يبقى اسلوبها الخاص الذي تتقنه جيدا، بحيث لو قلدته اية امرأة اخرى لبدا غريبا ومفتعلا.

كذلك الأمر بالنسبة للالوان التي تفضلها بدرجات متوهجة تمثل الازرق والوردي والاحمر وما شابهها، لأنها تؤكد في كل مناسبة تظهر فيها وفي أي صورة تلتقط لها، مقولة إيدنا وول تشايس، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» ما بين عامي 1914-1952 بأن الموضة أمر عام، بينما الأناقة أمر شخصي.